أعلن السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسيبكين أن هناك تغيرات في الموقف التركي فيما يتعلق بالأزمة السورية، ما يتح المجال للتعاون معها في مكافحة الإرهاب، التي تعتبر أولويات أنقرة بعد إدراكها أن الحكومة السورية لا تشكل لها تهديدا.
وقال زاسيبكين في مقابلة مع ,وكالة “سبوتنيك”، ” في ما يتعلق بتركيا، أرى أن ثمة تغيّراً في الموقف من الأزمة السورية، ما يشكل فرصة للتواصل في مجال الحرب على الإرهاب، الذي بات أولوية بالنسبة إلى تركيا، التي تدرك جيداً أن النظام السوري لا يهددها، كما هي في حال “داعش”. وشدد أنه ” حين تم إسقاط الطائرة الروسية، كانت تركيا تسعى إلى مقارعة التدخل الروسي في سوريا، ثم اتضح للقيادة التركية أن لديها أولويات أخرى، مثل محاولة الانقلاب، والتطورات الخاصة بالقضية الكردية. كل ذلك انعكس تعديلاً في النهج السياسي التركي، حتى في ما يخص التسوية في سوريا”.
وأشار السفير إلى أنه ” الآن حتى الأميركيون اتضح لهم أن ثمة حاجة إلى اتخاذ قرارات مغايرة أو على الأقل تعديل السياسات القائمة ولو ضمن الاستراتيجية نفسها”، كما رأى أن هناك تطورا واضحا في العلاقات مع بين موسكو والقاهرة ، انعكس أيضاً، على موقف مصر من الأزمة السورية وتصويتها لصالح مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي، وقال بهذا الصدد: “هناك تطور واضح وملموس، وهو مريح بالنسبة إلى روسيا. تطوير العلاقات الروسية-المصرية هو جزء من النهج العام لروسيا في الشرق الأوسط، والمبني على ضرورة تعميق العلاقات مع كافة دول المنطقة”.
ويرى مراقبون، أنه بالرغم من المنافسة الشديدة من قبل بلدان الغرب، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، تنتهج روسيا حالياً بقيادتها الحالية سياسة حكيمة ترمي إلى بناء علاقات متنوعة مع بلدان الشرق الأوسط، مبنية على احترام وحدة أراضي الدول وحق شعوب المنطقة في العيش بكرامة وتقرير مصيرها بحرية تامة، بعيدة عن الإملاء وتنفيذ أجندات الغير.
روسيا ثابتة بموقفها تجاه أزمات الشرق الأوسط بترك الحرية للشعوب لتحديد مصيرها
صرح السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسيبكين، اليوم الجمعة، بأن موقف روسيا ثابت إزاء الأزمات التي تشهدها بلدان الشرق الأوسط، وهو ترك الحرية للشعوب في تقرير مستقبلها، على أن يقتصر دور المجتمع الدولي على تقديم المساعدة لتحقيق هذا الهدف.
وقال زاسيبكين إن “الوضع الراهن، يعود إلى عدّة سنوات، أو ربما إلى عدّة عقود، فما نشهده اليوم في منطقة الشرق الأوسط “نتائج لتطورات حدثت خلال فترة طويلة جداً”، وثمة تطوّر كبير طرأ على المشهد الإقليمي، الذي شهد انتقالاً من مرحلة الاستقرار الداخلي، إلى مرحلة أخرى رأينا فيها “افتعالاً للنزاعات في الكثير من الدول”. وأضاف متابعا: “على ضوء تلك التطورات الخطيرة، بقي الموقف الروسي ثابتاً، فنحن نريد إيجاد حلول سياسية سلمية في كل الدول التي تشهد نزاعات، وذلك عبر التفاوض السياسي. هذا أمر مبدئي في السياسة الروسية، التي ترى أن من حق كل شعب أن يشارك، بكل مكوّناته، في بلورة مستقبله”، مؤكدا على أن دور المجتمع الدولي ” يجب أن يقتصر على مساعدة الشعوب في حل المشاكل، وليس التدخل المباشر في شؤونها”.
كما دعا السفير الروسي جميع الأطراف الفعالة في الصراع السوري إلى الاستفادة من الهدنة الإنسانية في حلب التي أعلنتها روسيا من طرف واحد، للدخول في عملية سياسية تنهي الأزمة في البلاد، وقال: “ثمة جهود تُبذل للانتقال من حالة الصدام العسكري، إلى العملية السياسية، وذلك بمشاركة جميع القوى المؤهلة للدخول في التفاوض السلمي، والمقصود هنا كافة القوى السورية، باستثناء الإرهابيين”.
وأردف :”نحن اليوم في مرحلة حساسة جداً، نسعى فيها إلى التأكيد على أهمية الحل السلمي، والدليل على ذلك هو إعلان الهدنة الإنسانية من طرف واحد والتي تهدف إلى تأمين خروج المسلحين من الجزء الشرقي من مدينة حلب، وتأمين ملاذ آمن للمدنيين الأبرياء”، ومضى قائلا: “نحن نطالب، على ضوء ذلك، بفرض الإجراءات الكفيلة بتسهيل الحل السياسي، بما في ذلك الفصل بين الإرهابيين وما يسمى بالمعتدلين”، مؤكدا أن “الهدنة الأخيرة هي فرصة لتطبيق هذا الأمر”.
وأكد زاسيبكين على ضرورة إيجاد حل سريع للصراع في سوريا، مشيرا إلى أن “المماطلة ستفاقم الأوضاع المأساوية وارتفاع عدد الضحايا المدنيين”، وإلى رغبة واشنطن في استغلال هذه الحالة. وقال في هذا الصدد: “طلبنا من الأميركيين وأطراف أخرى أن تضغط على المجموعات المسلحة للقبول بنظام الهدنة، أو الانسحاب من الجزء الشرقي لمدينة حلب. لا بد من حلّ سريع للصراع، فالمماطلة ستفاقم الأوضاع المأساوية، وستؤدي إلى مزيد من إراقة الدماء، وارتفاع حصيلة الضحايا في صفوف المدنيين”.
ولفت السفير الروسي إلى أن واشنطن وحلفاءها يستغلون هذا الوضع الإنساني لاعتبارات سياسية أخرى، وقال: “نحن ندرك تبعات استمرار هذا الوضع، ولكن يبدو أن الأميركيين وحلفاءهم، الذين يتحدثون كثيراً عن الأبرياء، لا يريدون العمل من أجل إنقاذهم، ما يعكس رغبة في استغلال الوضع من أجل الاستمرار في اتهام الجيش السوري بالقتل وارتكاب الجرائم. هذا موقف سخيف فعلاً، فالاعتبارات الإنسانية يجب أن تسمو فوق أي اعتبارات أخرى”.
على صعيد آخر نفى زاسيبكين، وجود ربط بين معركتي الموصل في العراق وحلب في سوريا، والمزاعم بوجود معادلة جديدة هي “الموصل مقابل حلب”، وأنه لا يرى علاقة بينهما، مؤكدا أن ما يجري في هاتين المدينتين هي عمليات لمكافحة الإرهاب.
وقال : “أنا لا أرى الوضع من هذه الزاوية. وعملية مكافحة الإرهاب تجري في كل الأماكن، وتنظيم “داعش” موجود في العراق وسوريا”، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن تجري عمليات مكافحة الإرهاب في هاتين الدولتين.
وأضاف موضحا: “نحن نقوم بواجبنا في سوريا، والأمر بالنسبة إلينا لا يقتصر على “داعش”، وإنما يشمل “جبهة النصرة”، والمجموعات المشابهة. في الموصل ثمة تحرك لـ”التحالف الدولي” والقوى المحلية المتواجدة على أرض العراق….لا أرى ترابطاً مباشراً بين الموصل وحلب”.
يذكر، أن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أعلن ليلة 16 على 17 تشرين الأول/أكتوبر، انطلاق العملية العسكرية لتحرير الموصل من قبضة تنظيم “داعش” الذي استولى على المدينة في حزيران/يونيو عام 2014.
ويرى الخبراء أن تحرير الموصل من أيدي مسلحي “داعش” سيفرض على الأرض، في العراق، تغيرات جذرية بما في ذلك وعلى الساحة السياسية في هذا البلد، وقد يمس هذا التغيير منطقة الشرق الأوسط ككل وتحالفات الدول الإقليمية فيها، ما يمكن أن يؤدي إلى إعادة هيكلة لعملية الصراع مع الإرهاب في المنطقة وفي العالم أجمع.
المصدر: وكالة سبوتنيك