نحن لا نتناول موضوع بواخر الوقود الإيرانية من الجانب السياسي اللبناني، وتكفي قراءة الواقع الإنساني المعيشي للشعب اللبناني، من على مَتن مُطلق باخرة قادمة لتأمين بديهيات الحياة، لشريحة صامدة صابرة تُشكل الغالبية الساحقة على امتداد الخارطة اللبنانية، ونقرأ بهدوء، طالما أن هذه الباخرة
دخلت في وضح النهار الى سوريا، وأُدخِلت صهاريج حمولتها الى لبنان تحت الشمس، مترافقة مع إعلامٍ وإعلان عن الجهات المُستفيدة من الوقود كهِبات مجانية لها، والجهات التي سوف تُوزَّع عليها المادة بأقل من سعر الكلفة والسوق.
ولعلّ أكثر ما تناوله “المُصطادون”، بعدما أذهلهم التنظيم في التوزيع دون استثناء أية منطقة في لبنان وفق معايير واحدة، أن الوقود الإيراني تم إفراغه على الشاطىء السوري، وإدخاله الى لبنان، وأغفلوا أن حزب الله تحاشى إحراج الدولة اللبنانية في كل ما يرتبط بما يُسمُّونه قانون قيصر الأميركي، وأن الجهة التي استقدمت الوقود من إيران وهبت ما وهبت وباعت بأقل من سعر الكلفة بل بخسارة، والهدف انقاذ شعب من ازمة حياتية يومية في كل المرافق الحيوية جراء شح الوقود.
كان يتوجب على كل القوى السياسية التحرُّك العملي لخدمة الناس، بدل التنظير غير العِلمي بمآسي الناس وبما يفرضه التضييق والحصار وآثار الفساد على لبنان.
هذه هي باختصار قراءتنا، ولن نقرأ سواها كما يفعل البعض على أبواب الإنتخابات النيابية، حيث افتتاح مواسم صيد الخصوم، بالتصويب العشوائي عليهم، لأن الناس لم يعُد لديها ترف انتظار الحكي السياسي لكسب الشارع الإنتخابي، وكل الكلام لا يضاهي أهمية ازمة المال او الدواء او شح المحروقات الذي أدَّى الى شلل كل قطاعات العيش البديهي للشعب اللبناني.
بإسم كل غرفة عمليات في مستشفى، وكل قارورة أوكسيجين في غرفة عناية فائقة، وكل حاجة لمولِّد سواء في مؤسسة صناعية أو تجارية أو فرن، وبإسم كل نورٍ أضاء منزلاً ساهمت باخرة الوقود الإيرانية في تشغيله، نحن نقرأ، لا بل نحجِب أبصارنا عن أية قراءات أخرى، سواء في السياسة أو في الإنتخابات، ولم تبحث المقاومة يوماً الحلول مكان أحد، لكنها تملأ الشواغر حيث تحصل، سواء في ردّ أي عدوان على الحدود، أو في مواجهة حصار لم يعرفه لبنان منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى، تحت وطأة القاسم المشترك الذي هو الحصار والتجويع، وقدرنا المواجهة في كل زمان لنحيا بكرامة..
المصدر: موقع المنار