لا تحمل كلمة سيادة أكثر من معنى، ولا تحتمل التأويل متى كانت تعني حصراً كرامة الأرض والشعب، وحتى لو اختلف على تفسيرها اللبنانيون لأسباب سياسية كيدية، فلا سيادة لوطن أرضه مُحتلة أو شعبه مُهان، ولسنا بوارد الدخول أكثر في التأويلات لمفهوم السيادة بينما الشعب اللبناني يسكن الطوابير، لأن التنظير خارج أرض الواقع لا يُجدي نفعاً، و”روما من فوق هي غير روما من تحت”، وكان من واجب القوى السياسية والإقتصادية، أن تُبادر الى تحرير السوق من براثن الوكالات الحصرية وقمع غيلان الإحتكار، بدل التهجُّم المجاني على مَن انتفض لرفع الذلّ عن الشعب اللبناني على امتداد خارطة الوطن، والمؤسف أن هذا التهجُّم من طرف الذين يحتكرون الوقود والدواء والغذاء ويَدَّعُون السيادة!
على أية حال، الحقائق باتت أمام اللبنانيين، وهي التي أنهت اللغط الحاصل حول مفهوم السيادة، لأن أموال الدولة التي يُقال عنها في علم السياسة سيادية، هي المطلوب الكشف عنها وبالأرقام، ووفق الملفات التي كان حزب الله سبَّاقاً في إنجازها وإيداعها لدى القضاء، وبات نواب الحزب مع بعض زملاء لهم في الكتل الأخرى، فريق عملٍ واحد، لطرح مشاريع القوانين التي تُسهِّل على القضاء الوصول الى خاتمة مقبولة ولو جزئياً، في كشف مصير الأموال السيادية المنهوبة، فيما البعض الآخر يجعل من باخرة مازوت قميص عثمان، وهي التي وُهِبَت من الجهة التي استوردتها الى مؤسسات حكومية سيادية، أو بِيعَت بأقل من سعر الكلفة لمؤسسات حياتية إنقاذاً لكرامة الناس من أنياب محتكرين بعضهم فار من وجه العدالة.
تكفي ردود فعل المؤسسات الحكومية والإنسانية والجمعيات الأهلية والبلديات، على الهِبات التي تمّ توزيعها من النفط الإيراني لإعادة تشغيل قطاعات الإستشفاء والتمريض، وعلى الأسعار المُتهاوِدة التي خُصِّصت للمطاحن والأفران، ولمولدات الكهرباء لإنارة المنازل أو ريّ المزروعات، في لفتة كريمة مشتركة إيرانية – سورية لإنقاذ لبنان من ظلم الحصار وقيود ما يُسمى “قانون قيصر”.
الكلام السيادي الحقيقي، هو في محاكاة الواقع المعيشي للناس، وقد كرر سماحة السيد حسن نصرالله مراراً، أن المقاومة لن تسمح بإذلال الشعب اللبناني، وترجمة الخطابات تنطلق من هموم الناس، ورفض كل أشكال القمع الحياتي تحت ستار الوكالات الحصرية، والإحتكار المُجرم الى حدود إخفاء الدواء والغذاء والوقود لبيعها في السوق السوداء أو تهريبها الى الخارج.
أما وأن البلد دخل في مرحلة الإنتخابات النيابية، فإن الكلام من غير أفعال يُترجم في صناديق الإقتراع خيبات، وليخفف بعض دُعاة السيادة من الكلام فيها، لأنها ليست نظريات ولا مادة استهلاكية لشراء الضمائر، بل هي عمل على الأرض وبين الناس، وهي عينٌ على الحدود وعينٌ على معاناة الشعب، وأيادٍ تمتدّ على مدى اللحظة للقيام بالواجب الوطني، ونَعَم كل يوم لكرامة اللبنانيين عبر إنقاذهم من الطوابير، ولا للوكالات الحصرية والإحتكار، ولا أحد يمتلك أرواح الناس سوى خالقها…
المصدر: خاص