أصدرت مؤسسة القدس الدولية تقرير حال القدس الثالث لعام 2016 وهو يرصد تطوّرات مشروع التهويد في القدس من آب/أغسطس إلى أيلول/سبتمبر، بالإضافة إلى تطورات الموقف السياسي المرتبط بالقدس. ويسلط التقرير الضوء على المسجد الأقصى وما تعرض له من اعتداءات خلال أشهر الرصد، لا سيما استمرار الاحتلال في استهداف المرابطين والمرابطات وتصعيد استهدافه موظفي الأوقاف وحراس المسجد. ويشير التقرير إلى قرار أصدرته محكمة الاحتلال بتجريم ثلاثة فلسطينيين اعتقلوا في آذار/مارس الماضي على خلفية الرباط في الأقصى، بما يحدد شكل التعامل مع المتهمين بالرباط؛ وقرار آخر يقول بعدم تجريم صلاة المستوطنين في الحي الإسلامي، الأمر الذي يدفع إلى توقّع تزايد محاولات المستوطنين الصلاة في الحي، أي عند أبواب المسجد وفي قبالته. ويشير التقرير إلى حالات الاعتقال والاستدعاء إلى التحقيق التي طالت عددًا من موظفي الأوقاف والحراس وقرارات إبعادهم عن المسجد، وهو ما يعد اعتداء على الأوقاف وعلى الوصاية الأردنية واستمرارًا في تغيير الوضع القائم التاريخي.
وعلى مستوى التهويد الديموغرافي، يبين الاحتلال تطورات الاستيطان والهدم خلال أشهر الرصد حيث يعمل الاحتلال على تطوير المستوطنات القائمة وتحويلها لمدن مع تقديم التسهيلات المالية لسكن المستوطنين، وعلى هدم منازل الفلسطينيين لحرمانهم من حق السكن مع التضييق المستمر في قدرتهم على إعادة بناء ما هُدم. وعلى جانب آخر يكشف التقرير عن جانب آخر من التهويد، عبر محاولات الاحتلال أسرلة وتهويد مناهج التعليم في القدس، وآليات الضغط التي تمارسها أذرع الاحتلال لتطبيق مناهجه في المدارس المقدسية وأثر ذلك على النشء الفلسطيني وصياغة وعيهم في القدس. كما يتطرق إلى سياسات الاحتلال في تهويد وأسرلة التعليم في القدس حيث يجبر المدارس الفلسطينية على تطبيق المناهج الإسرائيلية، في مقابل “المعونات” المالية التي يقدمها لها، بالتوازي مع نقص في الصفوف المدرسية في شرق القدس يصل إلى 1000 صف، الأمر الذي ينعكس على جودة العملية التعليمية، وعلى استيعاب هذه المدارس لطلاب جدد.
ويتناول التقرير انتفاضة القدس التي أتمّت عامها الأول في ظل محاولات مستمرة من الاحتلال للقضاء عليها، ويبين التقرير أنّ الطبيعة الفردية للعمليات وغياب القيادة الفصائلية كانت من نقاط القوة التي ساعدت على استمرار العمليات، في حين أنّ الافتقار إلى إطار تنظيمي قادر على تحديد الخاصرة اللينة للاحتلال، واستمرار الانقسام الفلسطيني ساعدا، ضمن عوامل أخرى، على عدم تحول الحراك إلى انتفاضة شاملة. وبين نقاط القوة والضعف، يرجح التقرير استمرار العمليات بصرف النظر عن وتيرتها، وذلك بناء على استمرار الاحتلال وسياساته، وكذلك حالة العجز على المستوى الرسمي الفلسطيني وغياب القدرة والإرادة على مواجهة الاحتلال.
ويسلط التقرير الضوء كذلك على مواقف مرشحي الرئاسة للحزبين الديموقراطي والجمهوري وانحيازهما إلى دولة الاحتلال، بالإضافة إلى التعهد بنقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى القدس في حال الفوز بالرئاسة. ويعتبر التقرير أنّه وإن كان نقل السفارة مستبعدًا إلا أنّ النظر إلى القدس على أنّها أصوات في بورصة الانتخابات هو أمر لا يمكن الاستخفاف به في الوقت الذي يعمل الاحتلال فيه معول التهويد والاستيطان والتهجير بحق المقدسيين ويستمر في اعتداءاته على المسجد الأقصى على الرغم من مخالفة ذلك كله للقانون والقرارات الدّولية.
المصدر: موقع مدينة القدس