مشهد لا يتسع للكثير من الكلام، مجرد ان تكون امامه يمنحك انطباعاً بالتأمل، التأمّلُ هنا لتاريخ طويل من الحرب، حربٌ تصفها المباني والشوارع بهيئتها الحالية، وتلال الرمل والتراب التي كانت متاريس للمسلحين، وقتٌ مر بصعوبة بين أزقة الرصاص والقذائف والاستباكات. إنها درعا البلد، واحدة من أشهر مناطق العالم على نشرات الأخبار في عام 2011 إنما شُهرتها كانت بصورة مشتعلة.

بدأنا التنقل بين أحياء المنطقة المنتشرة على مساحة درعا البلد والتي تتوسط المحافظة الجنوبية لسورية، فيها ساحةٌ بقي منها أثر المعالم، تسمى ساحة المصري، بالقرب منها مبانٍ صغيرة، هي غرف اتخذها الجيش السوري بعد انتشاره في المحافظة نقاط تمركز وانتشار.

دراجات نارية تتحرك بكل حرية في الشوارع، يقودها شبّان من مختلف الاعمار. يلفت النظر علمان يرفرفان للدولة السورية وللضامن الروسي للاتفاق، مع مرور منتظم لدوريات الشرطة العسكرية الروسية، ولسيارات الجيش السوري. الجنود السوريون هناك يقفون ويجولون بكل ثقة.

وُقّعت أوراق أكثر من 1500 شخص لتسوية اوضاعهم، فالشبان يدخلون المراكز دون أي إجراءات أمنية مشددة كما كنا نتخيل، ويُجرُون العمل الروتيني على أوراق التسوية ثم يبصمون على الرجوع للدولة دون شروط منهم.

وسط كل المشاهد القاسية عن صورة المدينة، إلا أنه ثمة أشجار وبساتين محيطة، وبعض ما يبشر بعودة الحياة الطبيعية بعد حين ليس بعيد، فثمة محال تجارية دخلها أصحابها وشرعوا بتنظيفها، وإزالة الركام منها.

ليست كل المناطق في درعا كما جاء في المشاهد السابقة، إنما هناك مدن وقرى وبلدات ما زالت تحافظ على حالها، إنما مركز انطلاق الحرب من درعا البلد شهد ما كان أمراً يحدث في الحروب، من خراب ودمار، ناتج عن افعال المتمردين بسلاحهم على الدولة، وجيشها.

الناس هناك وكانهم لا يصدقون أن الحرب قد انتهت، فالدهشة ما زالت تحكي أن ذاكرتهم يملأها صوت الاشتباكات، تلك الاشتباكات التي لطالما تمنوا انتهاءها بعد تعب طال انتظار زواله، وجاء أخيرا مع التسوية التي أعلنت نهاية الحرب في نقطة بدايتها.

المصدر: موقع المنار