بسم الله الرحمن الرحيم
كسب المال بين الحلال والحرام
رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة التي القاها من على منبر مجمع السيدة زينب في حارة حريك: ان بعض الشركات وموزعي المحروقات وتجار السوق السوداء باتوا يعتبرون الدعم الذي تقدمه الدولة فرصة لدر الارباح الطائلة ، معتبرا ان العديد من الشركات والتجار والناس العاديين باتوا شركاء في لعبة رفع الاسعار وتجارة السوق السوداء وايضا في لعبة الدولار، خصوصا في ظل غياب الدولة وآليات المتابعة والرقابة.
ولفت الى ان بعض شركات استيراد الادوية والمستلزمات الطبية والتجار وشركات المحروقات تستغل الازمة وتخزن المواد بهدف رفع الاسعار وجني الارباح غير المشروعة ، معتبرا ان هؤلاء قتلة ومجرمون ، وعلى القضاء ان يتحرك ويقوم بإستدعائهم والتحقيق معهم لان استغلال الشركات للازمة واحتكار الادوية والمستلزمات والمحروقات والمواد الغذائية الاساسية هو جريمة بحق الشعب اللبناني ، ومن واجب الاجهزة والقضاء ملاحقة المجرمين.
وطالب الشيخ دعموش: الوزارات المعنية والبلديات القيام بواجباتها لجهة متابعة التعاونيات والمحال التجارية والشركات التي تحصل على مواد مدعومة واصحاب الاشتراكات لمراقبة الاسعار وضبط ارتفاعها، واتخاذ الاجراءات المناسبة بحق المخالفين، لان البديل عن ذلك هو اتاحة الفرصة للمحتكرين والجشعين لسرقة الناس ونهبهم وزيادة معاناتهم وافقارهم.
وشدد على انه لا يمكن تفعيل عمل الوزرات وانتظام عمل المؤسسات ومعالجة الازمات وتداعياتها الا بوجود حكومة فاعلة وقادرة على ايجاد الحلول واتخاذ الاجراءات التي من شأنها وقف الفوضى والانهيار المتدحرج، والا فان المسار الانحداري قد يوصل البلد الى حالة الفوضى الشاملة.
وقال يجب ان تتسارع وتيرة الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة وان لا تتوقف باي حال من الاحوال، وعلى المعنيين إبداء المرونة وعدم التصلب وتقديم التنازلات المتبادلة، فان التنازلات المتبادلة ضرورة تفرضها مصلحة البلد العامة وليست منقصة لاحد، بينما التصلب والتوقف عند الحسابات الخاصة والضيقة سيؤدي الى تعقيد الامور وتعطيل الحلول واضاعة الفرص على اللبنانيين.
نص الخطبة
المال حاجة ضرورية للانسان وهو عصب الحياة ولا يستطيع أي انسان ان يكفي نفسه وعياله ويحسين ظروفه المعيشية الا بالمال،كما لا يستطيع اي مجتمع أن يحقق أي تقدم إلا إذا توافرت له الأموال لينفقها على التطوير، تطوير التعليم والصحة والزراعة والصناعة وغير ذلك.
وقد يكوّن الانسان انطباعا سلبيا عن المال من خلال الآيات والأحاديث التي تحدثت عن حب المال وذم المال او حثت الإنسان على الإنفاق والصدقات وحرمت الربا، فان هذه الآيات والاحاديث قد تعطي انطباعا أن جمع المال بنظر الاسلام من الأمور المكروهة والمذمومة، وأن الإسلام لا يعطي أهمية لجمع المال والحفاظ عليه، إلا أن الواقع عكس ذلك، فكما حث الإسلام المسلمين على الإنفاق في طريق الخير طالبهم في نفس الوقت بالحفاظ على ااموالهم، فنهاهم عن الإسراف والتبذير وهدر الاموال بلا طائل، وامرهم أن يكتبوا الدين ويوثقوه من اجل الحفاظ على أموالهم وحقوقهم وعدم ضياعها، كما امرهم بالحفاظ على اموال الأيتام.
اذن المال ضرورة لاستمرار الحياة وتحسين ظروف المعيشة (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) وجمعه وحبه والسعي وراء تحصيله غريزة في النفس الانسانية وليس مبغوضا او مذموما بحد ذاته، وإنما المبغوض والمذموم أمران: سوء جمعه، وسوء أنفاقه.
اما سوء جمعه فمعناه ان يدفع حب المال بالانسان الى كسبه وجمعه بالطرق المحرمة أو الطرق غير المشروعة ، فإن حب المال يدفع كثيراً من الناس اليوم إلى تحصيله بكل وسيلة شرعية أو شيطانية، فالمهم عنده الحصول على مال كثير وارباح كثيرة باي طريقة .
الله سبحانه وتعالى شرع لتحصيل المال طرقاً معينة مبنية على الانصاف والعدل بين الناس والصدق في معاملتهم، شرع الحصول على المال من خلال التجارة الطيبة والبيع والشراء الحلال والوظائف الشريفة والاعمال والمعاملات الحلال، بحيث يكسب الإنسان المال والارباح بالطرق الطيبة الحلال التي لا ظلم فيها لاحد ولا طمع ولا جشع ولا عدوان ولا ابتزاز ولا استغلال.
هناك الكثير من التجار والشركات واصحاب المصالح، لا يخافون الله ولا يرأفون بالناس ولا يراعون الظروف الصعبة والضائقة المعيشية التي يمر بها الناس، وبدل ان يخففوا عن الناس في هذه الازمة المرة التي يعيشها الناس يستغلون الازمة ويستغلون فقدان المحروقات والادوية وبعض المواد الغذائية ويبعونها باسعار مرتفعة فيمتصون دماء الناس ويزيدون من معاناتهم ، هناك من التجار واصحاب المصالح من فقد الحس الانساني والاخلاقي والرحمة فاصبح همه في هذه الازمة ان يكتسب المال من أي طريق أتيح له من حلال، أو حرام ، بعدل أو ظلم، لا يبالي كيف يجني الارباح ، فالحلال عنده ما حل بيده ووصل الى يده.
هناك أناس صار المال أكبر همهم، وشغلهم الشاغل ، ولا يفكرون سوى بالمال ولا شيء نصب اعينهم إلا المال، إن قاموا يفكرون فيه، وإن قعدوا يفكرون فيه، وإن ناموا يحلمون فيه، وان تحدثوا لا يتحدثون الا به، المال ملء حياتهم وقلوبهم وابصارهم واسماعهم، وشغلهم عن كل شيء اخر، شغلهم حتى عن عباداتهم وواجباتهم ، فترى البعض حتى في صلاته او اثناء قرائته للقران او للدعاء يفكر في المال وكيفية الحصول على المال ، ومن شدة تعلق البعض بالمال أصبح المال بالنسبة اليه هو الغاية والوسيلة، بينما هو عند المؤمنين مجرد وسيلة للاستعانة به على شراء الحاجات والحفاظ على عزة النفس والاستغناء عن الناس، ووسيلة ايضا لاكتساب الحسنات واعانة الفقراء والمحتاجين من خلال التصدق به عليهم، وانفاقه في وجوه البر والخير والاحسان.
اذن عندما يتحول المال ليكون الهدف والغاية والشغل الشاغل للانسان فيجمعه الانسان بالطرق غير المشروعة، بالسرقة، بالظلم، بالطمع، بالجشع، بغير وجه حق،بالربا والمعاملات الربوية، بالفساد، يصبح حب المال وجمع المال مذموما ومكروها ومنبوذا، ويتحول المال الى شاهد يوم القيامة يشهد على ظلم صاحبه وعلى عدوانه وطمعه وجشعه .
فقد ورد عن النبي (ص) وهو يتحدث عن المال: (مَنْ أخذَهُ بِحَقِّهِ ؛ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ المعونَةُ هُو ، وَمَنْ أَخَذَهُ بغيرِ حقِّهِ ، كان كالذي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ ، ويكونُ عليه شهيدًا يومَ القيامَةِ).
الانسان سيُسئل بين يدي الله يوم القيامة، من اين جمع ماله؟ هل جمعه من حلال ام من حرام؟ هل اخذه من الناس عن طيب خاطر ام غصبا واستغلالا وابتزازا ؟.
فقد ورد عن النبي الاعظم (ص): (لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه).
حب جمع المالُ جعل كثيراً من الناس اليوم لا يبالون من اين يجمعونه وكيف يجمعونه وعن اي طريق يجمعونه وباي وسيلة، المهم لديهم ان يحصلوا على الارباح ولا يهم ان كان عن طريق الاحتكار او التهريب او المتاجرة بالممنوعات او عن طريق استغلال الازمة القائمة بموضوع البنزين والمازوت والكهرباء والماء وحاجة الناس لهذه الامور وعدم استغنائهم عنها، حيث نجد اليوم كيف ان بعض اصحاب محطات المحروقات واصحاب المولدات واصحاب شاحنات نقل المياه وبعض تجار المواد الغذائية وبعض اصحاب الصيدليات ايضا يستغلون الناس ويبتزونهم ويرفعون الاسعار، بحيث اصبحت تنكة المازوت بالسوق السوداء باكثر من ثلاثمائة الف والاشتراك الشهري لخمسة انبير باكثر من مليون، واسعار بعض الادوية صارت خمسة اضعاف واكثر، وكذلك بعض المؤجرين طمعوا وصاروا يطلبون من المستأجرين اما القبول بزيادة الايجار اضعافا، او اخلاء المنزل! والبعض ما عاد يقبل اجار الا بالدولار! هذا طمع وشجع وحرام، المال الذي يؤخذ بهذه الطرق والطرق الشبيهة اليوم اوعن طريق التهريب والغش والاحتيال والرفع الفاحش لاسعار السلع هو مال حرام هو مال سحت، وعلى الشركات والتجار والمؤجرين واصحاب الاشتراكات وموزعي المحروقات ومياه الخدمة ان يتقوا الله ويخافوا الله ويرأفوا بالناس ويرحموا الناس، ان يكون لديهم ضمير وحس انساني واخلاقي ليشعروا بمعاناة الناس بدل ان يزيدوا من اوجاعهم والامهم.
المال الذي يُكتسب من طريق الحرام او يؤخذ بغير وجه حق فإن الله لا يبارك فيه، وإن تصدق به صاحبه لا يقبل منه، وإن تركه لمن بعده من ورثته كان لهم مغنما وعليه مغرما وكان زاده الى النار كما في بعض الاحاديث.
وورد عن (ص): لا يدخل الجنّة من نبت لحمه من السحت ، النار أولى به.
وعن الإمام الصادق (ع): من كَسَبَ مالاً من غير حلِّه سُلِّط عليه البناء والطين والماء.
البعض مع الاسف يدعي الايمان والتدين ويصلي ويصوم ويبكي على الحسين(ع) ولكنه يستغل الناس ولا يرحم ولا يقنع بالقليل من الربح، بل يرفع الاسعار وايجارات البيوت ورسوم الاشتركات ويحتكر ويخزن المواد الاساسية بهدف رفع اسعارها ويساهم بزيادة معاناة الناس.
ما يحصل في هذه القطاعات وفي هذه المجالات هو جريمة بحق الناس، هناك اناس بسبب حب المال والجشع والطمع قست قلوبهم فلم يعد فيها رحمة ولا رأفة ولم يعد لديهم انسانية ولا اخلاق ولا ضمير يردعهم عن استغلال الناس وابتزازهم وسرقتهم، بحيث بدأنا نشعر بان الناس باتت تاكل بعضها البعض.
كل هذه الموارد وما شاكلها هي من موارد سوء جمع المال، اما سوء انفاق المال: فمعناه انفاقه في غير محله مثل الانسان المسرف والمبذر الذي يصرف امواله في غير محلها ينفقها في المقاهي والملاهي وعلى القمار او على النسوان ، وكذلك سوء انفاقه ان يمتنع عن دفع حق الله وحق عباده من امواله كالانسان الذي يمتنع عن دفع الحقوق الشرعية، يمتنع عن دفع الخمس والزكاة، او يمتنع عن النفقة على عياله واولاده او على مطلقته اثناء العدة او يمتنع عن دفع المهر المتوجب عليه لزوجته، او ما شاكل من النفقات الواجبة.
اليوم بعض الشركات وموزعي المحروقات وتجار السوق السوداء باتوا يعتبرون الدعم الذي تقدمه الدولة لا سيما للمحروقات فرصة لدر الارباح الطائلة ، والعديد من الشركات والتجار والناس العاديين اليوم باتوا شركاء في لعبة رفع الاسعار وتجارة السوق السوداء وايضا في لعبة الدولار، خصوصا في ظل غياب الدولة وآليات المتابعة والرقابة.
اليوم بعض شركات استيراد المستلزمات والمعدات الطبية والادوية وشركات المحروقات تستغل الازمة وتخزن مواد بهدف رفع الاسعار وجني الارباح غير المشروعة ، هؤلاء يحتكرون ليبتزوا المواطنين وينهبوا اموالهم، هؤلاء مجرمون وقتلة، وعلى القضاء ان يتحرك ويقوم بإستدعائهم والتحقيق معهم لان استغلال الشركات للازمة واحتكار الادوية والمستلزمات والمحروقات والمواد الغذائية والضرورية هو جريمة بحق الشعب اللبناني ، ومن واجب الاجهزة والقضاء ملاحقة المجرمين.
وعلى الوزارات المعنية والبلديات القيام بواجباتها ايضا لجهة متابعة التعاونيات والمحال التجارية والشركات التي تحصل على مواد مدعومة واصحاب الاشتراكات لمراقبة الاسعار وضبط ارتفاعها، واتخاذ الاجراءات المناسبة بحق المخالفين، لان البديل عن ذلك هو اتاحة الفرصة للمحتكرين والجشعين لسرقة الناس ونهبهم وزيادة معاناتهم وافقارهم.
واليوم لا يمكن تفعيل عمل الوزرات وانتظام عمل المؤسسات ومعالجة الازمات وتداعياتها الا بوجود حكومة فاعلة وقادرة على ايجاد الحلول واتخاذ الاجراءات التي من شأنها وقف الفوضى والانهيار المتدحرج، والا فان المسار الانحداري قد يوصل البلد الى حالة الفوضى الشاملة.
ولذلك يجب ان تتسارع وتيرة الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة وان لا تتوقف باي حال من الاحوال، وعلى المعنيين إبداء المرونة وعدم التصلب وتقديم التنازلات المتبادلة، فان التنازلات المتبادلة ضرورة تفرضها مصلحة البلد العامة وليست منقصة لاحد، بينما التصلب والتوقف عند الحسابات الخاصة والضيقة سيؤدي الى تعقيد الامور وتعطيل الحلول واضاعة الفرص على اللبنانيين.
المصدر: موقع المنار