ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 3 آب 2021 على موقف الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد رابع اجتماع له برئيس الجمهورية ميشال عون وقوله إن المهلة «غير مفتوحة».
الاخبار
ميقاتي يلوّح بالإعتذار؟
ميقاتي: لا مداورة في الحقائب السيادية ولا وزراء سابقين
«ضغوط لا حدود لها» يمارسها سلامة لتوزير يوسف خليل
قول الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد رابع اجتماعاته برئيس الجمهورية ميشال عون ان المهلة «غير مفتوحة»، لا يعني بالضرورة أن تأليف الحكومة وشيك، خلال اسبوعين على نحو توقّعه بداية. الخيارات البديلة مفتوحة، وربما اكثر.
بعض ما تكشّف عن اجتماع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية ميشال عون، في الاجتماع الرابع البارحة، أظهر ان ما بين الرجلين اكثر بكثير من «تباين». بحسب معلومات متصلة بالاجتماع، حمل ميقاتي الى قصر بعبدا اسماء وزراء وتوزيعاً للحقائب. قابلها عون بتحفّظ. في ضوء حوارهما، لم يتردّد الرئيس المكلف في القول ان عدم تجاوب رئيس الجمهورية معه قد يحمله على الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة. فردّ عون بأن مقاربته لتأليف الحكومة لا تنطوي على مشاركة، مكرّراً عليه ما كان قاله في الاشهر المنصرمة للرئيس المكلف السلف سعد الحريري: «حقي كامل في المشاركة في اسماء الوزراء جميعهم. أما الاعتذار فهو قرارك».
لا يحجب التطور السلبي المفاجىء في تفاوض الرئيسين امس، مواصفات اولى كان حدّدها الرئيس المكلف لتأليف حكومته، من غير الحزبيين تنسجم مع المبادرة الفرنسية. الا ان ثمّة مواصفات اضافية ألحقها بها: لا مداورة في الحقائب وتحديداً السيادية الاربع، ولا وزراء سابقين يدخلون اليها.
فُهِم من الشرط الثاني بعض الاسماء كان تردّد في الايام الاخيرة انها طرحت عليه مباشرة او بالواسطة. اما الشرط الاول، فلم يعنِ على نحو اساسي سوى حقيبة الداخلية كي تبقى في الطائفة السنّية. رمى ذلك الى الاعتقاد بأن تفاوض الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية – المنطلق خلافاً للاوهام التي احاط سلفه نفسه بها وهي ان لا شريك له – يبدأ الآن من الاعتراف المتبادل بدور كل منهما في التأليف. لكن الاهم، انه يبدأ من حيث انتهى النزاع مع الحريري.
تصاعد خلاف عون والحريري على حقيبتي الداخلية والعدل منذ اجتماعاتهما الاولى، طوال اكثر من ثمانية اشهر، وانتهى الامر بالاعتذار. عُزي سببه الى خلاف الرجلين على الحقائب. بيد ان ثمّة مَن عزاه الى ان الرئيس المكلف ذاك لم يكن بالفعل يريد تأليف الحكومة، او في احسن الاحوال يخشاه.
في جوهر «التباين» الحالي بين عون وميقاتي على حقيبتي الداخلية والعدل، دونما اي تشنّج يحرص الرئيسان على تفادي الظهور في مظهره او افتعاله حتى، انطواؤه على الاسباب نفسها لاخفاق التكليف السابق. هو ان المسؤولين الكبار المعنيين على نحو مباشر او غير مباشر، في العلن والسرّ، بتأليف الحكومة، وخصوصاً رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، يقاربون المشكلة على ان السلطة الاجرائية الجديدة هي حكومة انتخابات، لا حكومة اصلاحات لم يعد الوقت كافياً للخوض فيها، ولا التفاوض مع صندوق النقد الدولي عليها، ولا تنظيف الدولة من أدرانها ولمّ الاوساخ من تحت سجادها. لم يتبقَ امام موعد الذهاب الى صناديق الاقتراع سوى ثمانية اشهر، يُختصر منها شهران حداً اقصى لتحضير اجراءاتها.
بذلك انقضى الوقت المتاح لـ«حكومة مهمة» طمح اليها الحريري، ولم يوحِ ميقاتي بعد بأنه يضفي الصفة نفسها عليها، ما يجعل المبادرة الفرنسية خارج سياق ما يُعدّ للمستقبل القريب.
يُنسب تباين الرئيسين الى بضعة معطيات:
اولها، ان الحكومة الجديدة ليست على صورة حكومة انتخابات، كالتي جرّبها ميقاتي عام 2005 سوى في الظاهر. ليس فيها حزبيون، ولا مرشحون مفترضون لهذا الاستحقاق، ما خلا استثناءً وحيداً لكنه جوهري، هو ان رئيسها – نائب طرابلس حالياً – مرشح للانتخابات، رافضاً اي تعهّد بالاحجام عن الترشح على نحو ما فعل عامذاك. في ظاهرها حكومة مجرّدة من نيّات مبيّتة. لكن باطنها مختلف تماماً إن لم يكن معاكساً.
بحكومة كهذه، سيخوض الافرقاء حروب انتخاباتهم على نحو غير مباشر. لم يعدّ مهماً بالنسبة الى العائلات السياسية الست، مجازاً على الاقل، التي تحكم لبنان حالياً، ان يكون مرشحوها داخل حكومة الانتخابات. اهم ما يعنيهم – جميعاً على قدم المساواة كأسنان المشط – من هذا الاستحقاق ان يُدار من خلالهم، وان يحافظوا على الغالبية النيابية التي يتشكلون جميعهم منها، ما خلا فروقاً بسيطة. يحتاجون الى الانتخابات النيابية لتنظيف السمعة الاخلاقية والسياسية الرديئة التي باتوا عليها امام المجتمع الدولي، ما يحملهم على طلب تأكيد شرعياتهم الشعبية في صناديق الاقتراع. من اجل ذلك، لا مفرّ من ان يسمّوا هم الوزراء غير الحزبيين، المكفولين، ويستنفروا – على غرار التكليف السابق – كل ضغوطهم في سبيل الوصول الى الحقائب الثمينة. هو مغزى مقاربة حقيبتي الداخلية والعدل على انهما حصتان ليس الا.
ثانيها، ليس الخلاف على حقيبتي الداخلية والعدل سوى لارتباطهما بالانتخابات النيابية المقبلة بصفة اختصاصهما حيالها. في الظاهر تبدوان كأنهما مشكلة واحدة، فيما الواقع ان المشكلة تدور من حول حقيبة الداخلية وحدها. يريدها رئيس الجمهورية في حصته، بوزير مسيحي، للسبب نفسه الذي يريدها الرئيس المكلف في حصته بوزير السنّي، على غرار سلفه نظراً الى اهمية دورها في ادارة الانتخابات، وتوظيف قوى الامن الداخلي في سبيلها، والتلاعب بصناديق الاقتراع، اضف التأثير على التحالفات. ليس ادلّ على ذلك سوى ان وزير الداخلية، منذ الحقبة السورية الى ما بعدها الى الامس القريب، هو الاكثر نفوذاً في توجيه مسار الانتخابات، ما خلا التجربة الايجابية الوحيدة مذذاك للوزير زياد بارود عام 2009، مقدار ما استطاع.
ثالثها، مؤدّى ذلك ان لا تلازم في الحلّ يقتضيه الاتفاق على حقيبتي الداخلية والعدل في آن. التفاهم على الاولى يفضي حكماً الى التفاهم على الثانية. لن تكونا معاً في عهدة عون بمفرده، او ميقاتي بمفرده. الفائز بالداخلية يتيح منح العدل الى الآخر. هو لبّ المشكلة وعقبتها الكأداء. على ان التفاوض الحالي يسلك مساراً معاكساً من اجل ان يتوقف اخيراً عند محطة تقاسمهما.
رابعها، رغم توجيه الاهتمام الى الحقيبتين، الا ان ثمّة صراعاً خفيّاً وضغوطاً تحاط بحقيبة المال، رغم المحسوم فيها انها لشيعي، وليست مشكلة وزارة المال الطائفة التي تشغلها، وقد سلّم بها ميقاتي بعدما كان الحريري سبقه الى تكريسها لها مرتين: اولى ابان تكليف السفير مصطفى اديب تأليف الحكومة فقفز من فوقه ليقول انه يريدها في حصة الثنائي الشيعي، ثم ثانية بعد تكليفه هو تأليف الحكومة.
المعلوم الآن ان الاسم المرجّح لها هو يوسف خليل، مدير العمليات في مصرف لبنان واحد اقرب المقربين الى حاكمه رياض سلامة. ذُكر انه الوزير المؤكد في الحكومة التي لم تبصر النور للحريري. قيل حينذاك انه مرشح الثنائي الشيعي، وبدرجة اولى رئيس المجلس الذي يتولاها حزبه منذ عام 2014. كان قد ذُكر اخيراً بالتوازي، على ذمّة بعض المعلومات، ان الفرنسيين طرحوا مرشحين لتوزير احدهما في حقيبة المال دونما اخراجها من الطائفة الشيعية، هما صائب الزين ولمياء مبيّض مديرة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي. ثانية الاسمين تدرّبت على يد الرئيس فؤاد السنيورة ووثيقة الصلة به، ما يشير في آن الى ان توزيرها يصيب ثلاثة عصافير بحجر واحد: تبقى الحقيبة شيعية، وترضي السنيورة ومن خلاله نادي رؤساء الحكومات السابقين، ثم الفرنسيين.
اما المعلوم الآخر مع عودة طرح اسم يوسف خليل للحقيبة، فهو المعلومات المتحدّثة عن «ضغوط غير منطقية لا حدود لها» يمارسها الحاكم رياض سلامة ـ اكثر المتحمّسين لتوزير مساعده ـ على الحريري، ومن خلاله على ميقاتي، آخذاً في الاعتبار موقف برّي، من اجل فرض توزير خليل، الى حدّ حَمَلَه على ربط تأليف الحكومة وابصارها النور بوجوده فيها.
اللواء
ميقاتي يكظم غيظه.. ومؤتمر المساعدات غداً لجمع 350 مليون دولار
مهلة التأليف تحتضر وبعبدا على عنادها.. ومخاوف ترافق تحركات 4 آب
خرج الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من قصر بعبدا بعد الاجتماع المدرج مع الرئيس ميشال عون حانقاً على ما وصفه التباطؤ في «وتيرة تشكيل الحكومة» التي كان يتمنى ان تكون «أسرع مما هو حاصل».
وعزا الرئيس ميقاتي، تأخير عقد الاجتماع الخامس إلى الخميس، بارتباطات اليوم، في إطار التهيئة لمؤتمر الدول المانحة في الرابع من آب، «الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت» وسط مؤشرات ومخاوف من تطورات قد تتصل بالتحركات المعترضة على ملفات متعددة، منها التأخر برفع الحصانات.
وعلى هذا الصعيد، يحظى المؤتمر الدولي الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة غداً تحت عنوان «الاستجابة لاحتياجات الشعب اللبناني»، بالتزامن مع الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت.
الاهتمام الواسع
ووفقاً ما اعلنته الرئاسة الفرنسية «مع تدهور الوضع (..)، تقدّر الأمم المتحدة بأكثر من 350 مليون دولار الحاجات الجديدة التي يتيعن الاستجابة لها في مجالات عدة تحديداً الغذاء والتعليم والصحة وتنقية المياه»، فيما يغرق لبنان في انهيار اقتصادي غير مسبوق، تتراجع معه قدرة المرافق العامة تدريجاً على تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وأضافت «يتعلّق الأمر بتقديم المساعدة مجدداً الى شعب لبنان»، الذي صنّف البنك الدولي أزمته الاقتصادية من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
ويُنظم المؤتمر عبر تقنية الفيديو، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ويحضره إلى جانب الرئيس عون، ممثلون عن قرابة أربعين دولة ومنظمة دولية، أبرزهم الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يلقي كلمة عبر الفيديو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبدالله الثاني.
كذلك، تشارك في المؤتمر المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسا حكومتي اليونان والعراق، إضافة الى وزير خارجية كل من ألمانيا والنمسا وايطاليا وإسبانيا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا وكرواتيا وفنلندا. كما يحضر الاجتماع ممثلون عن السعودية وقطر والإمارات.
وهذا المؤتمر هو الثالث الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية منذ انفجار المرفأ المروّع الذي أودى قبل عام بحياة أكثر من مئتي شخص ودمّر أجزاء كاملة من العاصمة وفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والانقسام السياسي الحاد في البلاد. وجمع المؤتمر الأول في التاسع من آب، بعد أيام من انفجار المرفأ مساعدات بقيمة 280 مليون يورو.
وشددت أمس الرئاسة الفرنسية على أنّ المؤتمر سيشكل «مناسبة» جديدة «لتوجيه رسالة سياسية واضحة للغاية: رغم التزام مختلف القادة السياسيين اللبنانيين، ما زال لبنان بلا حكومة».
وأوضحت أنّ المشاركين «سيؤكدون على ضرورة تشكيل حكومة بشكل سريع قادرة على تنفيذ اصلاحات هيكلية ينتظرها اللبنانيون والمجتمع الدولي، وتسمح بتقديم دعم» لا يقتصر على الاستجابة للحاجات الطارئة.
وافادت المعلومات ان هدف المؤتمر مساعدة الشعب اللبناني، وان هناك مبلغ 250 مليون دولار مسجلة من مشاركين ، وان مساهمة فرنسا قد تصل الى 80 مليون اورو ما عدا مبلغ 150 مليون اورو قيد الانفاق على مشاريع تنفذها مؤسسات المجتمع المدني في القطاع التربوي والصحي والاستشفائي والثقافي والمستشفيات والجامعات والمدارس.مع توقعات بإزذياد ارقام الدعم من دول عربية وغربية.
وينعقد المؤتمر وسط علامات استفهام راحت تتجمع في سماء المحاولة الجارية الآن لتأليف الحكومة، بعدما اعرب الرئيس ميقاتي عن استيائه لعدم إمكان تأليف الحكومة قبل عقد المؤتمر.
ولاحظت مصادر دبلوماسية أوروبية ان الضغوط لم تنجح على الطبقة السياسية لتسريع ولادة الحكومة، التي يشترط المجتمع الدولي ان تضم اخصائيين، وتنفيذ إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي.
وحسب هؤلاء، فالمساعدات التي تقدّم لا تمر بالمؤسسات الرسمية، رغم تكرار السلطات المناشدة للجهات المانحة عدم ربط المساعدات بتأليف الحكومة.
وفيما بدأت البلاد بإحياء ذكرى كارثة إنفجار المرفأ، دخلت عملية تشكيل الحكومة في بازار الحصص مجدداً بعد تعذر توصل الرئيسين عون وميقاتي في اللقاء الرابع بينهما امس، الى مقاربة مشتركة لتوزيع الحقائب السيادية الاربع لا سيما الداخلية منها اضافة الى حقيبة العدل. حيث اقترح ميقاتي الإبقاء على توزيع الحقائب السيادية كما هي في توزيعة حكومة حسان دياب اي الداخلية للسنّة والعدل للمسيحيين لكن عون رفض. وكان الملفت للإنتباه ان الرئيس المكلف لوّح بعدم وجود مهلة مفتوحة للتشكيل قائلاً: «بالنسبة لي المهلة غير مفتوحة، وليفهم من يريد ان يفهم».
وبعد اللقاء الذي لم يدم اكثر من 25 دقيقة، قال ميقاتي الذي بدا غير مرتاح: في اجتماعنا أخذ موضوع الحوادث الامنية التي حصلت بالأمس حيزا مهما، وهي حوادث مؤسفة، ونتمنى ان يكون قد تم وضع حد نهائي لها بفضل جهد الجيش والقوى الامنية. الجيش، وفي يوم عيده، قدم للبنانيين هدية بحفظ الأمن ووأد الفتنة، وهو يؤكد يوما بعد يوم أنه حامي هذا الوطن. شكرا لقيادة الجيش وللضباط وللافراد ونحن نعلم كم يعانون.
أضاف: في ما يتعلق بالحكومة، فبكل صراحة كنت أتمنى ان تكون وتيرة تشكيل الحكومة أسرع مما هو حاصل، وان نكون انجزنا الحكومة لنزفها للبنانيين قبل 4 آب، هذا التاريخ الذي شكل نكبة كبيرة في لبنان اصابت جميع اللبنانيين، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. علينا ان نجعل المواطن يشعر، بعد سنة من غياب الدولة والحكومة، انه باتت هناك حكومة ودولة. اليوم لا يمكننا ان نعتب على الاهالي والمتضررين، لأنه على مدى سنة، لم يكن هناك وجود للدولة، وكان واجبنا ودورنا ان نكون الى جانبهم في ذكرى 4 آب.
وردا على سؤال، أجاب الرئيس ميقاتي:بكل صراحة المواطن اللبناني مل كلام المحاصصة، وهذه الحقيبة لفلان او فلان، وكأننا نتحدث عن شقق مفروشة يريد كل شخص الحصول عليها. البلد يحتاج الى انقاذ، فإما ان نتعالى جميعا فوق كل الاعتبارات، وإلّا سنبقى جميعا في اماكننا. ولكي أتفادى ان نحرك «وكر الدبابير»، ونبدأ بالاختلافات، انطلقت في مهمتي من مبدأ الحفاظ على نفس التوزيع المذهبي والطوائفي الذي كان معتمدا في الحكومة السابقة، تفاديا لأي خلاف جديد، ولم أنطلق، لا من مبدأ طائفي او مذهبي، لأن اللبناني لم يعد يريد ان يسمع لا بمحاصصة او بطائف او بدستور، بل يريد حكومة تشكل رافعة له، ولا تتسبب بإحباط إضافي له.
وختم ردا على سؤال: «بالنسبة لي المهلة غير مفتوحة، وليفهم من يريد ان يفهم».
وافادت بعض المعلومات من مصادر مقربة لبعبدا «ان هناك نية لدى الطرفين واستعداداً لتشكيل حكومة على امل ان يدور ميقاتي الزوايا ولاسيما في ما خص حقيبتي الداخلية والعدل كي لا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة»، فيما ذكرت مصادر اخرى ان الجو بين الرئيسين كان متشنجاً ولم يحصل اي توافق ما يؤخر تشكيل الحكومة ربما الى فترة اطول من المتوقع، لذلك فالرئيس ميقاتي يضع مهلة 10 ايام لاتخاذ القرار بشأن التشكيل. وهو تواصل مع الفرنسيين في الايام الماضية وابلغهم بوجود عُقّدٍ حكومية.
وليس من باب المصادفة طبعاً، ان سعر الدولار ارتفع بعد تصريح ميقاتي نحوالف ليرة فتجاوز العشرين الفاً بعدما كان صباحا بسعر 19150 ليرة.
وافادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الرئيس عون وميقاتي درسا توزيع الحقائب وقالت أنه بفعل تعديلات في الحقائب حصل تبدل في التوزيع مشيرة إلى موضوع الوزارات السيادية لا يزال يستدعي متابعة أي أنه لم يحسم بعد.
وفهم من المصادر إنه حتى الساعة التأليف لا يزال عالقا عند حقيبة الداخلية في الوقت الذي لم يحسم فيه مبدأ المداورة.
وكشفت مصادر متابعة ان مسار تشكيل الحكومة، شهد تباينا واضحا بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية الذي يصر على اعتماد مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية الاربعة الداخلية،والخارجية والمالية والدفاع، في التشكيلة الوزارية المرتقبة، بينما يرفض ميقاتي التجاوب مع مطلب عون هذا، ويفضل الاستمرار باعتماد صيغة الوزارة المستقيلة.واشارت المصادر الى ان ميقاتي ابلغ رئيس الجمهورية باستثناء الوزارات الاربع من المداورة وتعميمها على باقي الوزارات بالتشكيلة الوزارية التي يعدها،الا ان عون ما يزال يرفض،ويطالب أيضا، بتعيين مستشاره سليم جريصاتي للعدل،والعميد المتقاعد جان سلوم للداخلية،الا ان ميقاتي يرفض هذا الطلب. وتوقعت المصادر ان يكون موضوع البت بالوزارات الاربع موضع الخلاف في لقاء الخميس المقبل في بعبدا، حيث توقف البحث بالتشكيلة الوزارية عند هذه المشكلة امس الاثنين، فيما ترجح المصادر نفسها تحقيق أي تقدم ايجابي باتجاه عملية تشكيل الحكومة الجديدة قريباً.
ولفتت إلى أن الرئيس ميقاتي قدم امس مسودة حكومية وإن زيه الرسمي والمجلد الاسود اوحيا بذلك موضحة ان لقاءهما المرتقب الخميس سيبحث في ما تبقى من نقاط وقد يقدم رئيس الحكومة المكلف صيغة شبه مكتملة في توزيع الحقائب. ونفت المصادر إن تكون الأبواب غير مقفلة بدليل أن هناك اجتماعا آخر سيعقد بينهما.
واذ كررت القول أن هناك تقدما في موضوع توزيع بعض الحقائب الأساسية لفتت إلى أن النقاش سيستكمل حول الوزارات السيادية معلنة أن موضوع التشكيل في لبنان يخضع دائما للأ خذ والرد.
وقالت إن ما ذكره الرئيس ميقاتي عن البطء في التأليف لا يتوجه به نحو أحد وإن موضوع المهلة اتى ردا على بعض وسائل الإعلام التي حددت للرئيس ميقاتي توقيتا معينا له.
إلى ذلك أعربت أوساط مراقبة عن اعتقادها أن الكلام بدأ يسود عن تعثر التفاوض نظرا إلى التشبث بالمواقف ورفض مبدأ المداورة في الحقائب السيادية. ولفتت إلى أن هناك رغبة لدى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في الإسراع بتأليف الحكومة.
وفي السياق، لفتت مصادر متابعة عبر اللواء الى ان تمسك بعض الاطراف بحقائب وزارية محددة من دون اخرى، يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها جميع الاطراف بعد طرحها من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والتي تدعو في احد ابرز نقاطها الى اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية. ورأت هذه المصادر ان تجاهل مسألة المداورة خلق اشكاليات في مسار تشكيل الحكومة ما يسبب في تأخير ولادتها.
وذكّرت المصادر ان الصيغة الاولى للتشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس سعد الحريري، اعتمدت مبدأ المداورة في الحقائب ما عدا حقيبة المالية، فاعطى وزارة الخارجية لدرزي، والداخلية للروم الارثوذكس، واقترح وزيرا ارمنيا للدفاع، اضافة الى تغيير في وزارات اخرى. الا ان الامر تغير في الصيغة الثانية للحكومة التي كان قدمها قبل ان يعتذر.
واعتبرت المصادر نفسها ان التزام المبادرة الفرنسية من قبل الاطراف السياسيين، يفترض بالتالي احترام بنودها وفي مقدمها مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الذي يشكل حلا طبيعيا للاشكالية القائمة حول تأخير ولادة الحكومة نتيجة التمسك بحقائب معينة وعدم اعتماد المداورة فيها.
مهلة الأهالي
وفي سياق متصل، أمهل المتحدث باسم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت ابراهيم حطيط، المسؤولين «30 ساعة ليروا ماذا يريدون أن يفعلوا في مسألة الحصانات والأذونات»، وقال: أتمنى أن تفكروا بشكل صحيح لمرة واحدة.
وحذر من أن زمن التحركات السلمية الروتينية انتهى والتوجه اليوم نحو تحركات «كسر عظم».
وأضاف حطيط في مؤتمر صحافي عقده امس: أن هناك غياباً، لا بل غيبوبة تامة عن كل ما ألمّ بنا من مصاب خلال العام الماضي. وسأل: أين نحن اليوم بعد مرور عام من الصبر على الوجع والآلام أملا بإحقاق العدالة وظهور الحقيقة.
أضاف: ذهبوا بنا إلى ما سموه «الارتياب المشروع» ليطيحوا بالمحقق العدلي السابق فادي صوان لمجرد انه مسّ ببعض الأصنام السياسية، فتكالبوا عليه لحماية بعضهم البعض، واليوم تتكرر فصول هذه المسرحية بشكل آخر عنوانه الحصانات».
وتحدث ويليام نون شقيق الضحية جو نون قائلا: سنقوم بمسيرة يوم الأربعاء في 4 آب للمطالبة الشعبية بالعدالة والتأكيد على ثقتنا بالقضاء والقاضي طارق بيطار.
ومواكبة لإحياء ذكرى 4 آب، عقد إجتماع لمجلس الامن الداخلي المركزي، برئاسة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي، حضره المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، وقادة الاجهزة الامنية ومحافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، وخصص البحث لمناقشة الاوضاع الامنية في البلاد والاجراءات المتخذة لحفظ الأمن في الرابع من آب.
وتطرق المجتمعون الى الاحداث الاخيرة التي حصلت في خلدة، وطلب الى الجيش تكثيف انتشاره حماية للمواطنين والسلم الاهلي، والى الاجهزة الامنية تنفيذ دهم لتوقيف المتورطين بافتعال الاشكال.
وأكد فهمي «اهمية التنسيق بين الاجهزة الامنية والعسكرية كافة»، مشددا على وجوب حماية المتظاهرين والاملاك العامة والخاصة على حد سواء. مشيراً الى أن القوى العسكرية والامنية ستعمل على منع الاخلال بالأمن».
جيش وهدوء في خلدة
الى ذلك وفي المجال الامني، خيم الهدوء امس على منطقة خلدة وشهد الاوتوستراد حركة سير طبيعية وحركة تجارية عادية، واعلنت قيادة الجيش ـــ مديرية التوجيه ان دورية من مديرية المخابرات دهمت منازل عدد من المطلوبين في منطقة خلدة، وأوقفت المدعو (أ. ش) وهو أحد المتورطين في إطلاق النار الذي حصل باتجاه موكب تشييع المواطن علي شبلي وأدى إلى سقوط عدد من الضحايا والجرحى. وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص وتجري المتابعة لتوقيف باقي المتورطين.
وحسب المعلومات، فقد تسلمت مخابرات الجيش ملف أحداث خلدة بهدف كشف كل المتورطين وذلك بطلب من النائب العام غسان عويدات.
وأصدر آل المغدور علي شبلي بيانا عصر امس، اكدوا فيه تعرض موكب التشييع لكمين مسلح محكم وقالوا: إننا في السياق، نؤكد أن ابننا الشهيد علي ليس قاتلاً، وما أشيع على لسان قاتليه وبعض محركيهم لا يمت إلى الحقيقة وما هو إلا ادعاء مفترى لا يستند إلى أي دليل قضائي ولا حسي. إننا إذ نعبر عن مظلوميتنا مؤكدين أننا لسنا ممن يتغاضون عن سفك دمائهم ولا يخضعون لعصابات القتلة المرتهنين لأجهزة مشبوهة وعدوة، نطالب الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة بالمسارعة لتوقيف القتلة وإنزال العقوبة العادلة في حقهم دون أي تلكؤ، وبعيدا عن أي حسابات مهما كانت، تفاديا لتفلت الأمور وبلوغ ما لا يحسن عقباه.
المازوت: انفراج
حياتياً، تحدثت بعض المصادر من ان قطاع المحروقات والنفط قد يشهد انتعاشاً اضافياً لأنه من الممكن ان تصل باخرة محملة بالمازوت في الأيام المقبلة.
555934 إصابة
صحياً، اعلنت الصحة العامة عن تسجيل 3 وفيات و597 إصابة جديدة بفايروس كورونا، في الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 555934 حالة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
البناء
حزب الله ينتصر بالصبر والبصيرة ويجنّب لبنان الأسوأ… بإنتظار كشف المستور في 4 آب
الجيش يداهم ويلاحق المطلوبين… وتوقيف عمر غصن… ولوائح بعشرات المطلوبين
لقاء عون وميقاتي بين الإثنين والخميس…مراوحة حكومية عند المداورة والداخلية
كتب المحرر السياسي
مرّ اليوم الثالث لبدء مسلسل الدم المسفوك في خلدة على سلام، بعدما نجح حزب الله بضبط شارعه ومناصريه والتزمت أسر الشهداء الأربعة الذين سقطوا بقرار الحزب بوضع الأمر في عهدة الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والقضائية، وأشادت قيادات سياسية وروحية بما أظهره حزب الله قيادة وقواعد من مناقبية وانضباط ووطنية، كان يصعب وجود مثلها لو كان غيره المستهدف بما جرى ووضع أمام ذات الاختبار، وقالت مصادر تتابع أداء الحزب خلال الأيام الماضية أنّ نجاح الحزب لم يكن وليد اللحظة فهو ثمرة تعبئة دأب عليها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ بدأت الاستفزازات بقطع طريق الساحل بين بيروت والجنوب تتحوّل الى مصدر للاعتداء على العابرين، وكثيراً ما كرّس السيد نصرالله خطاباته للدعوة للصبر والتمتع بالبصيرة لرؤية ما يدبّر، وكيف يُراد للحزب والمقاومة وجمهور المقاومة تضييع مسار الانتصارات ومن خلاله دماء الشهداء بالتورّط في زواريب اشتباكات داخلية، تريد إظهاره أسوة بآخرين مجرد ميليشيا محلية ونزع صفة المقاومة عنه، بينما يحرص الحزب ألا يشهر سلاحه في الداخل الا عندما يستشعر ان هناك مؤامرة بحجم جدي تستهدف سلاحه، كما حدث في مرات نادرة، وقالت المصادر إنّ لبنان قد تجنب الأسوأ بكلّ تأكيد، فلو ترك الأمر لردود الفعل لكنا اليوم نشيّع العشرات، وربما كانت بداية فتنة لا يعرف أحد نهاياتها، ولو قام حزب الله بضبط شارعه ليتولى تنفيذ عملية أمنية عسكرية جراحية تمنع وقوع فتنة، فسيكون قد وقع في مخاطرة لعب دور مؤسسات الدولة وقام هو بتهميشها، خلافاً لقراره بعدم تولي مهام الدولة الا مرغماً عندما تتاح أمامها الفرص وتتهرّب من مسؤولياتها.
حتى الآن منع حدوث الأسوأ، لكن لا يزال أمامنا استحقاقان وفقا للمصادر، الاستحقاق الأول هو ما ستكشفه التحريات والتحقيقات حول حقيقة ما كان مخططاً ومن هم المتورّطون، والمخططون، وما هو دور الذين استثمروا في الأحداث لتعظيمها وتوسيع نطاقها وواكبوها في السياسة والأمن والإعلام، وما هي علاقة بعض الجماعات التي بشرت بحدث كبير يرافق ذكرى تفجير المرفأ، وما هو المستور الذي تم كشفه في هذا الصدد، أما الاستحقاق الثاني فهو نجاح المؤسسات القضائية والأمنية بإنهاء الوضع الشاذ في خلدة وتأمين أمن مستقر للسكان الذين هجر بعضهم المنطقة التي تركت للجماعات المسلحة، والأهم ضمان منع أي محاولة لقطع الطريق الساحلي مستقبلاً، وفي قلب كلّ هذا ان يشعر اهالي الشهداء بأنّ دماء أبنائهم لم تذهب هدراً، وأنه قد جرى الاقتصاص من القتلة، وقالت المصادر إنّ ما جرى حتى الآن لا يتيح إصدار الأحكام، رغم تأكيد المعنيين في القوى العسكرية والأمنية على عزمهم المضيّ حتى النهاية في إجراءات فرض الأمن وملاحقة عشرات المطلوبين وفقاً للوائح الموجودة بحوزة الأجهزة الأمنية، وتأكيد المراجع القضائية على السير بالتحقيقات بحزم حتى كشف كل المتورطين وسوقهم، مشيرة الى توقيف أحد زعماء الجماعات المسلحة عمر غصن بعدما لجأ إلى المسجد للاحتماء وتم إخراجه منه وسوقه امام التحقيق.
سياسياً عاد الشأن الحكومي الى الواجهة، وانعقد اللقاء المرتقب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، وانتهى دون تحقيق تقدم، كما توقعت «البناء»، وانتقل البحث الى جلسة مقبلة يوم الخميس، وقالت المصادر المواكبة للمسار الحكومي انّ ثنائية الإثنين والخميس بين الرئيسين قد تتكرر قبل الوصول الى التفاهم، وربما يكون تشبيهها بثنائية اللوتو اللبناني التي تختصرها عبارة «اذا مش التنين الخميس» معبراً، لأن اللبنانيين يشعرون بأنّ النجاح في المسار الحكومي أشبه بضربة حظ تعادل ربح ورقة اللوتو.
العقد الحكومية هي ذاتها، المداورة او الخروج الكامل من المداورة، والا فالعودة بالقديم على قدمه، فتصير العقدة بوزارة الداخلية، وهكذا ثنائيات تلاحقها ثنائيات، واللبنانيون عالقون بين ثنائية الفراغ والانهيار.
تبدّدت الأجواء الإيجابية بقرب ولادة الحكومة وسيطرت الضبابية على المشهد الحكومي بعد اللقاء الرابع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي يوم أمس في بعبدا، على أن تكون الأيام العشرة المقبلة حاسمة بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» فإما حكومة أو ندخل في مفترق لا أحد يعرف إلى أين يقودنا في ظلّ الأحداث الأمنية المفاجئة التي استجدّت في خلدة وتلك المنتظرة في ذكرى تفجير مرفأ بيروت.
اللقاء الذي لم يستمرّ لأكثر من25 دقيقة، خرج بعده ميقاتي بتصريح أوحى بأنّ الأمور أقرب إلى السلبية وأشبه بنصف اعتذار، وقال: «كنت أتمنى أن تكون الوتيرة أسرع في تشكيل الحكومة وكنت أتمنى أن تشكل قبل 4 آب الذي هو نكبة كبيرة للبنان، والرئيس عون لديه ارتباطات يوم غد (اليوم) ولهذا السبب سنجتمع يوم الخميس المقبل». ولفت رداً على سؤال: «المهلة غير مفتوحة و»يفهم يلي بدو يفهم»، مضيفاً: تفادياً للإشكالات أنا منطلِق من المحافظة على الحقائب للمذاهب كما هي».
ورداً على سؤال، قال ميقاتي: «انطلقت في مهمتي من مبدأ الحفاظ على نفس التوزيع المذهبي والطوائفي الذي كان معتمداً في الحكومة السابقة، تفاديا لأيّ خلاف جديد، ولم أنطلق، لا من مبدأ طائفي او مذهبي، لأنّ اللبناني لم يعد يريد أن يسمع لا بمحاصصة او بطائف او بدستور، بل يريد حكومة تشكل رافعة له، ولا تتسبّب بإحباط إضافي له». وعن الفارق بينه وبين الحريري لفت ميقاتي إلى أن «لكلّ إنسان طبعاً وشخصية ومنطلقات معينة في ايّ مقاربة يجريها. انا نجيب ميقاتي، وهناك مسائل أتوافق بشأنها مع الرئيس الحريري، وهناك مسائل قد نختلف عليها، ولكن ما يجمعنا هو الوطنية وحب البلد».
ورأى مصدر مطلع على موقف بعبدا لـ «البناء» في تصريح ميقاتي بعد اللقاء «مؤشر سلبي على تعقيدات التأليف»، مشيرة إلى «أن الرئيس عون منفتح على الحلول التي تتلاءم والمعايير الدستورية والميثاقية كما أنه سيبدي كل التعاون مع الطروحات التي سيطرحها الرئيس المكلف الخميس المقبل»، لكن المصادر تساءلت: هل فعلاً المشكلة داخلية وتتعلق بحقيبتي الداخلية والعدل أم لا تزال العقد الخارجية الخفية متحكمة بالمسار الحكومي برمته وتحول دون خرق جدار الأزمة منذ عام كامل؟»
وأوضحت أوساط مطلعة على لقاء عون – ميقاتي لـ «البناء» إلى أنّ «النقاش لا يزال يدور حول توزيع الحقائب بشكل عام، والسيادية إضافة إلى وزارة العدل بشكلٍ خاص»، لافتةً إلى أنّ «الرئيس المكلف وكما تحدث في تصريحه يرغب بإبقاء التوزيع الطائفي للوزارات السيادية الأربع كما هي، في حين أنّ رئيس الجمهورية يفضل إجراء عمليات تبديل في هذا الإطار». وكشفت الأوساط عن وجود تفاهمٍ مبدئي على الحقائب العادية والخدماتية، إلا أنه يمكن أن يطرأ تعديلات على عملية التوزيع، لأنّ أيّ تغيير في حقيبة يمكن أن ينعكس على الحقائب الأخرى». وأضافت الأوساط أن «الجانب الفرنسي لا يزال يضغط باتجاه الإسراع في عملية تأليف الحكومة، وهو يحاول المساعدة في إيجاد مخارج لحل أزمة التشكيل».
في المقابل أفادت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا بحسب قناة «أو تي في» إلى أنه «لم يعد بالإمكان الاستمرار بحكومة مستقيلة بالفعل ولن نؤسّس لأعراف جديدة بالدستور لكننا نستمع لحاجات الناس وضرورة الاسراع بالتأليف». وأضافت: «هناك نية لدى الطرفين واستعداد لتشكيل حكومة على امل ان يدور ميقاتي الزوايا لا سيما في ما خص حقيبتي الداخلية والعدل كي لا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة». وفي هذا السياق، تردّد أنّ «ميقاتي سيحمل معه الى بعبدا أكثر من طرح حول حقيبتي الداخلية والعدل لمناقشته مع رئيس الجمهورية».
وبحسب معلومات «البناء» فإنّ الرئيس ميقاتي لن يقبل بتكرار تجربة الحريري وأن يبقى رئيساً مكلفاً لمدة طويلة، لذلك فهو يضع مهلة 10 أيام لاتخاذ القرار بشأن التشكيل وتواصل مع الفرنسيين خلال الايام الماضية وأبلغهم بوجود عقد حكومية. ولفتت إلى أنّ رئيس الجمهورية متمسك بحقيبة الداخلية لأسباب عدة تتعلق بالموقع السياسي للتيار الوطني الحر في المراحل المقبلة لا سيما بعد نهاية العهد الرئاسي الحالي الذي يشكل غطاءً ومصدر قوة للتيار ورئيسه جبران باسيل فضلاً عن أهمية الداخلية بالاستحقاق الانتخابي المرتقب بعد أشهر قليلة وبالتالي رفض عون خلال لقائه ميقاتي أمس التنازل عن الداخلية مع انفتاحه على أسماء وسطية مستقلة تحظى بقبول الرئيسين، ويجري التداول بأسماء عدة لكن لم يتمّ التوافق على أسماء معينة للداخلية والعدل.
أما مصادر كتلة التنمية والتحرير فلفتت لـ «البناء» إلى أن «الأيام القادمة مفصلية لتحديد التوجهات النهائية لملف تشكيل الحكومة وما ستنتهي اليه اللقاءات وما ستسفر عنه الاتصالات والمشاورات التي تسير على أكثر من خط وقناة لبلورة تفاهم مشترك لهيكلية حكومة الانقاذ والتي حدّدت ملامحها مبادرة الرئيس نبيه بري تأكيداً على المبادرة الفرنسية، لأنّ دقة المرحلة تتطلب الإسراع بوجود حكومة قادرة على مواكبة كلّ متطلبات عملية الإنقاذ شكلاً ومضموناً». وفضلت المصادر إبقاء القديم على قدمه لجهة التركيبة والتوزيعة الوزارية والطائفية للحكومة الماضية الماضية. ورسمت علامات استفهام حول نوايا البعض حيال تأليف الحكومة انطلاقاً من تصريح بعض المقربين من بعبدا تجاه الرئيس ميقاتي.
في المواقف الدولية وعشية المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي ترعاه فرنسا اعلنت الرئاسة الفرنسية في بيان، ان «المؤتمر الدولي الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة الأربعاء دعما للبنان، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، يهدف إلى جمع 350 مليون دولار للاستجابة لحاجات السكان».
واشارت الى انه «مع تدهور الوضع تقدر الأمم المتحدة بأكثر من 350 مليون دولار، الحاجات الجديدة التي يتعيّن الاستجابة لها».
في غضون ذلك، بقيت ذيول حوادث خلدة الأمنية في واجهة المشهد الداخلي وسط توقعات تظهر تداعياتها خلال وقت قريب في ظل عدم المعالجة الامنية والقضائية بالشكل المطلوب وهذا ما اوحى به بيان عائلة المغدور علي شبلي.
وأمس خيّم الهدوء على منطقة خلدة، بعد تدخل الجيش اللبناني لضبط الوضع حيث أحكم السيطرة على المنطقة ومداخلها ومخارجها.
وأعلنت قيادة الجيش أنّ «دورية من مديرية المخابرات دهمت منازل عدد من المطلوبين في منطقة خلدة، وأوقفت المدعو (أ. ش) وهو أحد المتورّطين في إطلاق النار الذي حصل باتجاه موكب تشييع المواطن علي شبلي وأدى إلى سقوط عدد من الضحايا والجرحى. وبوشر التحقيق مع الموقوف بإشراف القضاء المختص وتجري المتابعة لتوقيف باقي المتورطين. وتمكنت مخابرات الجيش من توقيف المدعو عمر غصن ونجله، لتورّطه بكمين خلدة، والمسؤوليّة عن قطع الطرقات على خطّ الساحل، وذلك بعدما طوقت المسجد الذي لجأ اليه المطلوب لإقناعه بالخروج وتسليم نفسه.
على المستوى القضائي، كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي، مخابرات الجيش إجراء التحقيقات الأولية والتحريات والاستقصاءات اللازمة، لتوقيف المتورّطين في أحداث خلدة، بدءاً من قتل المواطن علي شبلي، وصولاً الى الاشتباكات التي حصلت مساء الأحد، وتحديد هويات المسلحين الذين اشتركوا في الاشتباكات التي أسفرت عن سقوط ضحايا وتوقيفهم، وأمر بإجراء مسح ميداني لمسرح الاشتباكات. وطلب من قوى الأمن الداخلي إيداعه المحاضر التي أعدّتها بخصوص هذه الأحداث. وكان القاضي عقيقي باشر تحقيقات الأولية، بإشراف مباشر من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، الذي أعطى توجيهاته اللازمة بذلك.
كما حضرت أحداث خلدة في الاجتماع الذي ترأسه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي، لمجلس الامن الداخلي المركزي، حضره المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان والقادة الامنيون والعسكريون. وطلب الى الجيش تكثيف انتشاره حماية للمواطنين والسلم الاهلي، والى الاجهزة الامنية تنفيذ دهم لتوقيف المتورطين بافتعال الاشكال. وخصص البحث لمناقشة الاوضاع الامنية في البلاد والاجراءات المتخذة لحفظ الأمن في الرابع من آب. وأكد فهمي «اهمية التنسيق بين الاجهزة الامنية والعسكرية كافة»، مشدداً على «وجوب حماية المتظاهرين والاملاك العامة والخاصة على حد سواء». ولفت الى أن «القوى العسكرية والامنية ستعمل على منع الاخلال بالأمن».
وحذرت مصادر سياسية في فريق المقاومة من تداعيات الاحداث الامنية التي شهدتها منطقة خلدة خلال الأيام الماضية والتي جاءت بتوقيت مريب سياسي وأمني تشهده البلاد لا سيما محاولة جديدة لتأليف الحكومة واحياء ذكرى تفجير مرفأ بيروت وما يواكبها من تحريض واثارة اعلامية وسياسية، مؤكدة لـ»البناء» أن «الجميع طالب القضاء والقوى الامنية باتخاذ كل الإجراءات لوضع حد لكل العابثين بالأمن ومحاولاتهم اثارة الفتنة»، مرجحة أن «تكون الحوادث مدبّرة من جهات خارجية وتواطؤ داخلي لزعزعة الأمن وايقاظ فتنة سنية شيعية لاستغلالها لإدخال البلد في حالة الفوضى». وحذرت المصادر من أنّ «البلد أصبح مفتوحاً على الاحتمالات والسيناريوات الامنية اذا لم تقم الأجهزة الامنية والقضائية بواجباتها».
وكانت عائلة شبلي تحدثت «عن كمين مدبّر وحصار تعرّض له موكب التشييع والجنازة»، مؤكدة في بيان أن «ابننا الشهيد علي ليس قاتلاً، وما أشيع على لسان قاتليه وبعض محركيهم لا يمتّ إلى الحقيقة وما هو إلا ادّعاء مفترٍ لا يستند إلى أيّ دليل قضائي ولا حسي». وطالبت «الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة بالمسارعة لتوقيف القتلة وإنزال العقوبة العادلة في حقهم دون أي تلكؤ، وبعيداً عن أي حسابات مهما كانت، تفاديا لتفلت الأمور وبلوغ ما لا يحسن عقباه».
وشيّع حزب الله وأهالي بلدة كونين الجنوبية في موكب مهيب جثمان الشهيد علي شبلي، والشهيدين علي حوري في بلدة اللبوة في البقاع الشمالي والدكتور محمد أيوب وهو صهر علي شبلي في بلدة بوداي.
بدوره، توقف المكتب السياسي لحركة امل أمام القطوع الأمني الكبير والخطير الذي هزّ الاستقرار في منطقة خلدة. واعتبر في بيان أن «هذا الارباك الأمني المشبوه في لحظة وطنية حساسة يصب في خدمة مشاريع تستهدف أمن البلد وتسهم في توتير الأجواء بما يهدد الإستقرار». وطلب المكتب وضع طريق الجنوب بعهدة الجيش والقوى الأمنية والإسراع في القبض على المرتكبين وإحالتهم أمام القضاء المختص».
من جهته، اكد قائد الجيش العماد جوزيف عون، ان «المؤسسة العسكرية ماضية في الدفاع عن أمن الوطن واستقراره مهما غلت التضحيات، ومستمرة في حماية شعبها وتحصين السلم الأهلي، ولا نأبه ببعض الأصوات الشاذة التي تحاول حرف الجيش عن مساره، ولا بانتقادات او اشاعات، بتنا نعرف خلفياتها».
على صعيد آخر، وفيما يستعدّ لبنان لإحياء الذكرى الاولى لتفجير مرفأ بيروت، رفع أهالي الضحايا سقف تصعيدهم، فقد أمهل المتحدث باسمهم ابراهيم حطيط، المسؤولين «30 ساعة ليروا ماذا يريدون أن يفعلوا في مسألة الحصانات والأذونات»، وحذر «من أنّ زمن التحركات السلمية الروتينية انتهى والتوجه اليوم نحو تحركات «كسر عظم».
ولم يمثل مدير المخابرات الأسبق العميد كميل ضاهر وقائد الجيش السابق جان قهوجي أمام القاضي البيطار إنّما مثل وكيليهما وتمّ ارجاء الجلسة الى 23 آب، ولفت وكيل ضاهر الى انّ «ضاهر تقدم للبيطار بدفوع شكلية تبيّن أنه قام بواجباته وأبلغ قيادة الجيش بوجود مادة نيترات الامونيوم في المرفأ».
ودعا النائب جبران باسيل، في مؤتمر صحافي عقده في ميرنا الشالوحي، رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى عقد جلسة لرفع الحصانات يوم 4 آب المقبل. وقال: «انفجار المرفأ هو عمل أمني ولا يقتصر على إهمال وظيفي وهو يختصر الإهمال والفساد والتفلت الأمني في البلد». وأكد باسيل ان «علينا كنواب اعطاء كامل الصلاحية للقضاء وعليه اثبات صحة عمله وعدم الاستنسابية»، وقال «على المحقق العدلي ان يثبت عدالته وشفافيته وندعوه الى إصدار التقرير اللازم لشركات التأمين والى تطمين الجميع انه لن يوقف احد قبل الاستماع اليهم». واعتبر ان «رئيس الجمهورية أعطى مثالاً وكان القدوة في إبداء استعداده للإدلاء بإفادته امام المحقق العدلي». ورأى باسيل انّ «الشعب اللبناني بكلّ فئاته وطوائفه واع، ونظرية الفتنة تستعمل لتمرير صفقات سياسية». وشدّد باسيل على ان «سوء الإدارة هي السبب المباشر للانفجار والإدارة الموقتة كانت تحظى بدعم وغطاء سياسي»، لافتاً الى انّ «الكلّ متهم من وزارة اشغال ومالية وجمارك وأجهزة امنية».
وردت مصادر نيابية عبر «البناء» على باسيل بالقول: «إثارة قضية المرفأ من بعض القوى من باب المزايدات والاستثمار الشعبوي ولا أحد يزايد علينا، فمنذ اللحظة الاولى لقرار المحقق العدلي أصدر النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر بيناناً أبديا استعدادهما للمثول أمام المحقق العدلي بحصانة او بدونها، وهذا إقرار صريح برفع حصانتهما، فلماذا لم يتمّ استدعاءهما؟» أما في موضوع العريضة النيابية الاتهامية بحسب المصادر «فهو واجب دستوري على المجلس القيام به ولا يحجب رفع الحصانات ولا يحجب دور القضاء العدلي الذي يستمرّ القيام بدوره».
المصدر: صحف