لفت رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، إلى “أنّني طبعًا لست مرتاحًا، وأنا ذهبت إلى رئيس الجمهوريّة ميشال عون بكلّ انفتاح وقدّمت تشكيلةً حكوميّةً لدراستها، وتمنّيت إذا أمكن أن نلتقي اليوم لأخذ قرار بها، واليوم قلت له “إذا بدّك 24 ساعة جديدة فأنا مستعد”، وهذا لا يعني أنّني أفرض شروطًا عليه وإنّما هم أخذوها على هذا النحو”.
وأوضح، في حديث تلفزيوني، “أنّني رشّحت نفسي في الأساس لا للقيام بمشكلة سياسيّة، بل لنجد حلولًا لوضع البلد ولنتعاون ونعمل معًا وفق المبادرة الفرنسية”، مذكّرًا بـ”أنّنا اتّفقنا جميعنا في قصر الصنوبر، أنّ الطريقة الّتي كانت تُشكَّل بها الحكومات في السابق، لا يمكن أن تنجح الآن”، معلنًا “أنّني اليوم اعتذرت عن حكومة الرئيس عون، لأنّه لا يريد حكومة”.
وأشار الحريري إلى أنّ “ما كان عالقًا في مبادرة رئيس مجلس النوّاب نبيه بري بقي على حاله، والمشكلة الأساسيّة أنّ الرئيس عون يريد الثلث المعطل، ومبادرة بري “ما مشيت”، مبيّنًا أنّ “عون ردّ بالجواب نفسه عن نقطتَي الثقة والوزراء المسيحيّين، وقد أضعنا 8 أشهر بالتفاوض على حصّة رئيس الجمهوريّة، فكيف يمكن لفريق تسمية وزراء والدخول إلى الحكومة وفي الوقت نفسه عدم إعطائها الثقة؟. المشكلة أنّ الرئيس عون يريد السير بمبادرة بري وألّا يعطي الثقة وأن يسمّي كلّ الوزراء، أي أنّه يريد الثلث المعطّل”.
وكشف “أنّني سألت الرئيس عون اليوم عن منح الثقة للحكومة من قِبل تكتّل لبنان القوي، ورّدد لي الجواب نفسه انّ لا ثقة من التكتّل كاملًا بل من نائبين أو 3″، مركّزًا على أنّ “بري والفرنسيّين تمّنوا عليّ التوجّه من حكومة من 18 إلى حكومة من 24 وزيرًا لإنجاح المبادرة، ولكن الأبواب كانت مقفلة وفي كلّ مرّة تتمّ الموافقة على حقيبة تُخرب ثانية، ووجدت اليوم الحديث نفسه مع عون، وقدّمت تشكيلةً فيها اختلافات بالوزارات السياديّة ولكنّي أعطيت الرئيس حصّته وقمت بواجبي”.
وأكّد أنّ “أساس اعتذاري عن التشكيل هو أنّه إذا لم يتمكّن الحريري من التشكيل فالبلد بحاجة إلى حكومة ويجب تشكيلها، ورئيس الجمهوريّة يحمل “السلم بالعرض” بمسألة تشكيل حكومة برئاستي”، موضحًا “أنّني قلت إنّه إذا كان الاعتراض على اسم واثنين وضعتهما، فأنا مستعدّ للنقاش، وأنا صبرت كثيرًا حتّى جئت في النهاية إلى عون وقلت له هذه تشكيلتي وإذا أردت التغيير باسم أو 2 فأنا جاهز، لكن سعد الحريري لن يمشي بحكومة ميشال عون أو سواه، لأنّه بهذه الطريقة لا قدرة لإيجاد حلول في البلد”.
وفسّر الحريري “أنّني استقلت عام 2019 على أساس أنّني أريد فعلًا تشكيل حكومة اختصاصيّين، وقلت إنّني لن أنفعكم إذا لم تقبلوا بحكومة الاختصاصيّين الّذين أريدهم، ولن أقبل بحكومة ميشال عون”، ورأى أنّ “هناك فريقًا قرّر أن يعذّب البلد ويأخده إلى جهنّم وألّا يعمل مع الحريري، وكلّ العقبات الّتي واجهتني هي بسببه”. وشدّد على أنّ “سعر صرف الليرة اللبنانية يتغيّر بحسب الاستقرار السياسي، وأنّ الحلّ هو بأن تتشكّل حكومة بأسرع وقت ممكن، وعليها أن تعمل على برنامج “صندوق النقد الدولي” والانتخابات النيابية المقبلة”.
كما تساءل: “هل كان يجب الاستمرار بالمفاوضات وأنا أعرف أنّهم لن يسمحوا بتشكيل حكومة إلى أن يرتفع سعر الصرف أكثر؟”، مشيرًا إلى “أنّني لا أستطيع أن أقدّم تشكيلة حكوميةً ورئيس الجمهوريّة لا يريد إعطاء الثقة بل يريد الثلث المعطّل، وكلّكم تعرفون أن هذه ليست طريقة لتشكيل الحكومة”. وبيّن “أنّني لو تمكّنت من تشكيل حكومة، لكنت وقّعت برنامجًا مع “صندوق النقد” وربمّا الليرة “هديت”، وقمنا بالانتخابات والإصلاحات الممكنة، لكن لا يمكن مثلًا أن نتوقّع أن تعود الكهرباء غدًا، لأنّهم “خلّصوا الدعم كلّه ما شاء الله”.
ولفت إلى أنّ “على رئيس الحكومة مساعدة الوزير، ولكن الوزير يجب أن يكون مطّلعًا على ملفّه، ولكنّهم يعيّشون البلد اليوم في كذبة أنّه لا يمكن الخروج من المأزق، ويخترعون أمورًا جديدةً كحقوق المسيحيّين”، جازمًا أنّ “مشكلة البلد اليوم أنّه لا إدارة صحيحة فيه، وليس حقوق طائفة معينّة”. وكشف أنّ “لا تواصل مع حزب الله، وسأترك الناس تحكم إذا كان قد سهّل وساعد في تشكيل الحكومة”، مشدّدًا على “أنّني لن أقبل أن أكون جزءًا من الفراغ الّذي يستمتع به الرئيس عون، وإذا كان قراره بقاء الفراغ في عهده فهذا قراره هو ولا علاقة لي بهذا الأمر، وللأسف لا أحد يريد التضحية؛ ونحنأمنّا النصاب يوم لم يتمكّن عون من تأمينه لحكومة حسان دياب”.
وذكر الحريري أنّه “عندما يعلن الرئيس عون موعد الاستشارات النيابية المقبلة، سنتشاور مع كلّ الأفرقاء من كتل نيابية ورؤساء الوزراء السابقين، و”نحنا مش رح نسمّي ولكن مش رح نعطّل البلد أو نوقفه”.عندما تحصل الاستشارات سيكون لدى كتلة المستقبل واجبًا تقوم به”، مفيدًا بأنّهم “إذا أرادوا أن يشكّل رئيس الجمهوريّة الحكومة، فليغيّروا الدستور”.
وشدّد على أنّ “عون لا يريد التعاون معي، ولم أكن أريد ثقة “التيار الوطني الحر” لكن مشكلتي كانت أنّه كيف أعطي رئيس الجمهوريّة 8 وزراء، وتُحجب ثقة فريقه عن حكومتي؟”، منوّهًا إلى أنّ “موعدنا مع كلّ الناس الّتي تمشي ضدّ المبادرة الفرنسية في الانتخابات المقبلة”. وأكّد أنّ “الدولة أثبتت اليوم أنّها فشلت بإدارة كلّ القطاعات، بينما القطاع الخاص نجح كما في كل الدول،وأنّ حكومات الوحدة الوطنية فشلت بالكامل، ولا يمكن للحكومة أن تنجح وكلّ فريق له أجندته داخلها”، متوجّهًا بالشكر إلى بري على “كلّ مواقفه معي في هذه المرحلة، وهو كان يريد التشكيل”، ومذكّرًا بأنّ “رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لديه قراره بعدم إعطاء الثقة والمشاركة في الحكومة،وحاولت معه مرّة ومرتين ولم يتجاوب”.
إلى ذلك، أشار إلى أنّ “حزب الله يقول إنّه ضغط على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لكنّني لم أراه ولا أحد يصدّق. الحزب لم يبذل الجهد الكافي لتشكيل الحكومة”، معلنًا “أنّني مستعدّ للتضحية بأيّ حليف من أجل البلد، واليوم أنا ضحّيت بنفسي”. ولفت إلى أنّ “اجتماعي مع باسيل لا يحلّ المشكلة، فمشكلتهم هي سعد الحريري، وأخطأت عندما اعتبرت أنّ هناك حسن نيّة في مكان ما. التعنّب بعدم إعطاء الثقة والتمسّك بالثلث المعطّل، هو ما أوصلنا إلى هنا”.
وبرر الحريري عدم زيارته الى السعودية، بالقول “أنا أذهب إليها متى أريد، لكنّني لا أزورها خلال هذه الفترة بسبب جائحة كورونا”. وتعليقًا على أنّ الرئيس عون اعتبره ببداية عهده مثل ابنه، قال: “وأنا جبتو رئيس جمهورية، وهيدي مرحلة قطعت”.
وكاشف الحريري أنه لن “يصوّت مرّة أخرى لجعجع لرئاسة الجمهورية، وهو من أتى بعون رئيسًا ومن ثمّ حمّلني المسؤوليّة، و”البلوك من عنده مش من عندي”.
ورأى أنّ “المشكل الأساسي في البلد اليوم هو ميشال عون وتحالفه مع حزب الله، والأخير منذ التسعينيّات وحتّى اليوم ضدّ كلّ الأمور الإصلاحيّة”، مبيّنًا “أنّني دفعت أثمانًا لأنّني أتواصل مع الحزب، ولكنّني مؤمن بضرورة الحوار معه ولا أريد أيّ إشكال سنّي- شيعي في البلد، ولا أحد يستفيد من هذا الصراع في الداخل، وأرى أنّ حماية لبنان هي الأساس”. وأفاد بـ”أنّني دفعت ثمنًا في الانتخابات السابقة، ودفعت ثمن انقسامات داخل “تيار المستقبل” لأنّني لم أقف مع طائفتي ولأنّني وقفت مع كلّ اللبنانيين، فبالنسبة لي إذا كان المسيحي بخير، يكون المسلم بخير ولبنان كلّه بخير، والعكس صحيح”.
كما كشف “أنّني ذهبت إلى مصر لاستجرار الغاز المصري عبر سوريا، وقد استطاع الأردنيّون إقناع الأميركيّين بهذا الأمر، وأناناقشت مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ملف الغاز لتخفيض فاتورة الكهرباء عبر الحكومة الجديدة، رغم أنّني لست رئيسها”، جازمًا أنّ “السيسي حريص على تشكيل الحكومة، ولم يكن هناك نقاش في موضوع الاعتذار، والكلام الّذي حصل حول ذلك غير دقيق”. وذكر “أنّني كنت خارج البلد، لكنّني كنت مستعدًّا للمجيء بسرعة لو كان هناك أيّ تطوّر، واتّهامي أنّني أضيّع الوقت في الخارج كان بهدف الاستثمار السياسي”.
وأكّد الحريري أنّ “السابقة التاريخيّة هي إرسال رئيس الجمهوريّة رسالةً إلى مجلس النواب، لسحب التكليف من الحريري، وهذا لم يحصل لا قبل “اتفاق الطائف” ولا بعده”.
واعتبر الحريري “أنّنا إذا كنّا فعلًا نريد الوصول إلى حقيقة في قضيّة انفجار مرفأ بيروت، فعلينا الذهاب إلى تحقيق دولي”. وردًّا على سؤال عمّا إذا كان سيمثل في حال استدعاه التحقيق الدولي، قال: “إيه بروح”. وركّز على أنّه “ان شاء الله ينحبس مين ما ينحبس في قضيّة المرفأ”، ولكن هل هذا هو فعليًّا سبب الانفجار؟ ما أريده هو معرفة من جاء بنيترات الأمونيوم إلى المرفأ”.
وأعلن الحريري “أنّني خسرت الكثير من المال في لبنان، وأنا كنت مليارديرًا ولم أعد كذلك بسبب لبنان”، مشدّدًا على “أنّني أريد تدقيقًا جنائيًّا في “مصرف لبنان” وفي الوزارات والمجالس، ولا أريد أن أحمي أحدًا، والمرتكب “ستين عمره ما يرجع”. وأشار إلى “أنّنا سنردّ في الانتخابات النيابية ضدّ كلّ الموبقات الّتي ارتُكبت بحقّ “تيار المستقبل”. أنا ضدّ قطع الطرقات، ومع أن نصبّ كلّ الغضب والاستياء في صناديق الاقتراع”، مؤكّدًا “أنّني لم أفتعل الاستقالة للذهاب إلى الانتخابات، وإذا شكّلتُ حكومةً فأنا قادر على تثبيت سعر الدولار والتفاوض مع “صندوق النقد” وواثق من الفوز في الانتخابات النيابية”.
المصدر: مواقع اخبارية