الأزمة التي حصلت في الأردن مؤخراً، لها تداعياتها الأبعد من حدود الكيان الأردني، وليس موضوعنا بحث كيفية معالجتها لكن يمكن أن نتوقَّف عند تصريح وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم، بأن ما حصل في الأردن محاولة إنقلابية مُخطط لها خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بهدف تمرير صفقة القرن فوق الأجواء الأردنية وداخل أراضي غور الأردن، ومعارضة الملك عبدالله الثاني لهذه الصفقة، كونها تُقوِّض السيادة الأردنية على الأرض وتُهدِّد الكيان السياسي والمجتمعي لبلدٍ مطروح كوطن بديل للفلسطينيين البالغة نسبتهم 80% من سكان الأردن، هو السبب الرئيس لما حصل مؤخرا.
الأيادي الصهيونية تعبث بكل حدث، فكيف بالحري، متى كانت صفقة القرن من “الإنجازات” التي يتباهى بها بنيامين نتانياهو، وتحققت وَرَقياً في زمن حليفه المهزوم دونالد ترامب، لكن اللافت في تداعيات تسويق هذه الصفقة مؤخراً، أنها سقطت حتى إسرائيلياً، نتيجة خوف المستوطنين من تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية رفضاً لهذه الصفقة، سيما وأنها صفقة بيع لفلسطين تحت مسمَّى حلّ الدولتين لتحقيق السلام على الطريقتين الأميركية والإسرائيلية مع تواطؤ خليجي مُهين.
خلال مناظرة ضمن الحفل السنوي لمركز دراسات الشرق الأوسط – الأردن، بتاريخ 11 آذار الماضي، قال رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري، أن الدول العربية لا تعي خطورة “الحلم اليهودي” وأن الأردن هو ثاني دولة مُستهدفة بعد فلسطين. ودعا الى “ضرورة ترتيب البيت الأردني والسير في مسيرة الإصلاح المُتدرِّج، ليكون المجتمع متماسكاً في مواجهة التحديات”، وبالفعل بعد نحو 25 يوماً من هذا الحفل حصل في الأردن ما حذَّر منه المصري.
ومسألة مواجهة التطبيع – على المستوى الشعبي – لا تُفرِّق بين أوائل المُطبِّعين مع العدو الإسرائيلي مثل نظامي الأردن ومصر، وآخر المُطبِّعين مثل انظمة الإمارات والبحرين والسودان، لكن القضية الخطيرة أن التطبيعات الأخيرة تُعلن عنها بلا خجل، وتُبرِم إتفاقيات ومعاهدات حتى في مجالات الدفاع والأمن والتسلُّح، وإذا كانت هذه الدول كفريق تطبيع تعتبر نفسها محايدة عن الصراع التاريخي مع العدو لا بل باتت حليفته، فهي مهما ارتهنت فلن ترهن شعوبها الرافضة باغلبها للتطبيع كما لن تنفع اسرائيل في احياء صفقة القرن..