دور المرأة المسلمة في الحركة المهدوية
لا شك ان للمراة دورا في حركة الامام المهدي (ع) كما ان للرجل دورا فيها، بل ربما يكون دورها في ذلك ليس دورا عاديا بل دورا اساسيا وقياديا والسبب في ذلك :
اولا:انَّ حركة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هي حركة شاملة تستهدف تغيير العالم واصلاحه، وهي بحاجة الى كل الطاقات والفئات في المجتمع ولا بد للرجال والنساء أن يشاركوا فيها كل بحسب موقعه وامكاناته.
ثانيا: انَّ حركة الإمام (عجّل الله فرجه) هي امتداد لحركة الانبياء والاوصياء وقد قامت المرأة عبر التاريخ الى جانبهم بأدوار مهمة على صعيد الدعوة الى الله والدفاع عن القيم الالهية، لا سيما في التاريخ الاسلامي حيث ان النساء ساهمن في صناعة هذا التاريخ كما ساهم الرجال فيه، فقد قام الاسلام بأموال خديجة بنت خويلد كما قام بجهاد وسيف علي بن ابي طالب(ع)، وادت فاطمة بنت محمد(ع) وابنتها زينب(ع) دورا اساسيا في بقاء الاسلام والدفاع عنه كما فعل علي وولداه الحسن والحسين (عليهم السلام) ذلك، وحركة الامام المهدي(ع) لا تختلف عن حركة الانبياء والاوصياء في الحضورالمؤثر للمرأة المسلمة للمساهمة الى جانب الرجل في نصرة الامام وانجاز مهمته الالهية.
ثالثا: ان المرأة كالرجل في التكاليف العامة، والاحكام والمسؤوليات العامة كالاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها الموجهة للرجل موجهة للمرأة ايضا، ومن بين التكاليف والمسؤوليات المشتركة والكبيرة هي مسؤولية التمهيد للظهور المبارك للامام، ونصرته عند ظهوره والمساهمة معه في تحقيق انجازاته واهدافه .
رابعا: هناك العديد من الروايات دلت على وجود دور خاص للمرأة في حركة الامام(ع) لا سيما بعد ظهوره حيث تحدثت الروايات عن حضور ملفت لاعداد من النساء في صفوف جيش الامام، بل يظهر من بعض الروايات وجود خمسين امرأة من خلص اصحاب الامام في عداد الثلاثمائة وثلاثة عشر الذين ربما يمثلون قادة الحركة المهدوية في العالم، مما يعني بان المرأة المسلمة في عصر الظهور ينتظرها دور اساسي وقيادي في حركة الامام(ع).
فقد ورد عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر (ع) يقول: ”ويجتمع له بمكة ثلاثمائة وبضعة عشر كعدة أصحاب بدر، وفيهم خمسون أمرأة من غير ميعاد يجتمعون قزعاً كقزع الخريف فيبايعونه.
فالخمسون أمرأة هن من خلص أصحاب الامام(ع) وخواص انصاره لأن الثلاثمائة والثلاثة عشر هم بمثابة وزراءه ، واقطاب حكومته، التي يحكم من خلالهم العالم.
وعن المفضل ابن عمر عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: «يكن مع القائم (عجّل الله فرجه) ثلاث عشرة امرأة»، قلت: وما يصنع بهن؟ قال: «يداوين الجرحى ويقمن على المرضى كما كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)».
فهذه الرواية تدل على ان عددا من النساء يمارسن دورا لوجستيا وطبيا في حركة الامام، لكن ذلك لا يعني انحصار دورهن في هذا المجال وعدم وجود دور اخر لهن في مجالات اخرى اكثر اهمية، اذ قد يكون ذكر الأعمال الطبية من باب التمثيل لا الحصر، خصوصا وان الروايات الاخرى دلت على ان لهن دوراً قيادياً وريادياً في مرحلة الظهور كما تقدم.
وتأسيسا على تقدم، وبما ان المرأة كالرجل في التكاليف والمسؤوليات العامة، فإن من بين التكاليف والمسؤوليات المشتركة والكبيرة هي مسؤولية التمهيد للظهور المبارك، فان مسؤولية التمهيد تكليف عام يشمل الجميع رجالاً ونساءاً، وبالتالي فكما ان للرجل دورا في حركة التمهيد للامام الحجة (ع) فان للمرأة دورا فيها ايضا ، وعليها أن تتعرف على دورها ومسؤولياتها ووظيفتها في حركة التمهيد في عصر الغيبة لتقوم بها على أكمل وجه، ولعل من اهم الوظائف الملقاة عاتق المرأة في هذه المرحلة:
اولا: بناء شخصيتها الممهدة بناءا عقائديا وفكريا وثقافيا، وتعميق التزامها الديني وارتباطها بالله سبحانه وتعالى، ومعرفة الامام (ع) معرفة حقيقيته، ومعرفة مقامه ومنزلته ومكانته، وان طاعته طاعة الله وطاعة رسوله، وتعزيز الارتباط به والتسليم له في كل الامور، والالتزام باقواله وتوجيهاته واوامره.
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام ) ” يا فضيل أعرف إمامك فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الأمر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه قال: وقال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
وفي حديث اخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دل على ضرورة تعميق الايمان بالامام خصوصا في عصر الغيبة، بسبب كثرة الشبهات والتشكيكات التي تطرح من قبل الأعداء حول فكرة المهدي، قال(ص): ” والذي بعثني بالحق بشيراً ليغيبن القائم من ولدي بعهد معهود إليه مني حتى يقول أكثر الناس ما لله في آل محمد حاجة ويشك آخرون في ولادته، فمن أدرك زمانه فليتمسك بدينه ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا يشككه فيزيله عن ملتي ويخرجه من ديني “.
ثانيا: العمل على إصلاح الآخرين والمجتمع، واعداد جيل رسالي مؤمن راسخ العقيدة والالتزام، ويكون على اهبة الاستعداد لنصرة الامام والتضحية بين يديه، وذلك من خلال تربية الأطفال منذ الصغر على الانتظار العملي للامام(ع)، وتنشأتهم نشأة صالحة، لا ليكونوا صالحين فقط بل ومصلحين أيضاً، ودعوة الاخرين ولو الدائرة القريبة من المرأة الى الله والهداية والاستقامة والصلاح، بالحكمة والموعظة الحسنة ،وبذلك يمكن للمرأة ان تساهم بشكل اساسي في التمهيد للظهور المبارك.
ثالثاً: حث النساء المؤمنات وتحفيزهن على التطور والتقدم علمياً وثقافياً وعملياً، وتسلم الوظائف التي تناسب المرأة في مختلف الاختصاصات؛ لتتسلم هذه الوظائف المهمة والتي تؤثر على المجتمع بصورة مباشرة كالتعليم والتطبيب وغيرها، وحث النساء اللائي تتوفر فيهن القدرة على التوجه بهذا الاتجاه ، لان ذلك يساعد في بناء قاعدة صلبة منكلالفئات ترتكز عليها حركة الامام ان هذه الادوار وغيرها مطلوبة من المرأة الممهدة في عصر ما قبل الظهور، اما في عصر الظهور فينتظرها دور قيادي كما قلنا، ويجب ان تتجهز وتستعد له، وهو دور اساسي في نهضة الامام وحركته نحو التغيير الشامل، واذا عرفنا المواصفات التي ذكرتها الروايات للنخبة من اصحاب الامام وخواصه والتي يشكل النساء جزءا منها(فيهم خمسون امرأة) ندرك اهمية وحجم الدور الملقاة على عاتق المرأة في مرحلة الظهور.
فقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) في بيان صفات الثلاثمائة وثلاثة عشر الذين فيهم خمسون امراءة قال: «أَمَا لَوْ كَمُلَتِ الْعِدَّةُ المَوْصُوفَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ كَانَ الَّذِي تُرِيدُونَ وَلَكِنْ شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَلَا شَحْنَاؤُهُ بَدَنَهُ وَلَا يَمْدَحُ بِنَا مُعْلِناً وَلَا يُخَاصِمُ بِنَا قَالِياً وَلَا يُجَالِسُ لَنَا عَائِباً وَلَا يُحْدِثُ لَنَا ثَالِباًوَلَا يُحِبُّ لَنَا مُبْغِضاً وَلَا يُبْغِضُ لَنَا مُحِبّاً» فَقُلْتُ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الشِّيعَةِ المُخْتَلِفَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يَتَشَيَّعُونَ؟ فَقَالَ: «فِيهِمُ التَّمْيِيزُ وَفِيهِمُ التَّمْحِيصُ وَفِيهِمُ التَّبْدِيلُ يَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ وَسَيْفٌ يَقْتُلُهُمْ وَاخْتِلَافٌ يُبَدِّدُهُمْ إِنَّمَا شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ وَلَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ بِكَفِّهِ وَإِنْ مَاتَ جُوعاً» قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ: فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ المَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؟ فَقَالَ: «اطْلُبْهُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ أُولَئِكَ الْخَفِيضُ عَيْشُهُمُ المُنْتَقِلَةُ دَارُهُمْ الَّذِينَ إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا وَإِنْ خَطَبُوا لَمْ يُزَوَّجُوا وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا أُولَئِكَ الَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ يَتَوَاسَوْنَ وَفِي قُبُورِهِمْ يَتَزَاوَرُونَ وَلَا تَخْتَلِفُ أَهْوَاؤُهُمْ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ بِهِمُ الْبُلْدَانُ.
وهذه الرواية تبيِّن الصفات الخاصة للنخبة من أصحاب الإمام (عجّل الله فرجه) الذين لهم دور أساسي في مرحلة الظهور وفي دولة الامام من دون وصفهم بالرجال والنساء، وإطلاقها شامل للطرفين.
وفي حديث اخر: «يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ عَدَدُ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَقَاصِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ قَوْلُ الله عزّ وجل:﴿أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً إِنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ لَهُ هَذِهِ الْعِدَّةُ مِنْ أَهْلِ الْإِخْلَاصِ أَظْهَرَ أَمْرَهُ فَإِذَا أُكْمِلَ لَهُ الْعَقْدُ وَهِيَ عَشَرَةُ آلَافِ رَجُلٍ خَرَجَ بِإِذْنِ الله فَلَا يَزَالُ يَقْتُلُ أَعْدَاءَ الله حَتَّى يَرْضَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى»
ونقرأ في رواية ثالثة: «يَجْمَعُ الله (عزّ وجل) لَهُ مِنْ أَقَاصِي الْبِلَادِ عَلَى عَدَدِ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مَعَهُ صَحِيفَةٌ مَخْتُومَةٌ فِيهَا عَدَدُ أَصْحَابِهِ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ وَصَنَائِعِهِمْ وَكَلَامِهِمْ وَكُنَاهُمْ كَرَّارُونَ مُجِدُّونَ فِي طَاعَتِه».
فاصحاب الامام مجاهدون ومجدون في طاعة الله تعالى وطاعة أولي الأمر.
وفي رواية رابعة: «إِذَا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ الْقَائِمِ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَيُّهَا النَّاسُ قُطِعَ عَنْكُمْ مُدَّةُ الْجَبَّارِينَ وَوُلِّيَ الْأَمْرَ خَيْرُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَالْحَقُوا بِمَكَّةَ فَيَخْرُجُ النُّجَبَاءُ مِنْ مِصْرَ وَالْأَبْدَالُ مِنَ الشَّامِ وَعَصَائِبُ الْعِرَاقِ رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ لُيُوثٌ بِالنَّهَارِ كَأَنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ فُيَبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَام .
فان كل هذه الاحاديث تشير بوضوح إلى الصفات الجليلة التي يتحلى بها اصحاب الامام(ع) ومنهم نساء صالحات مجاهدات، وهو ما يحتاج الى اعداد مركز يمكّن المرأة من ممارسة هذا الدور العظيم في حركة الامام المهدي(ع) ودولته العالمية المباركة.
المصدر: موقع قناة المنار