أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن استمرار “اسرائيل” في احتلالها للجولان السوري واستغلالها الموارد الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتدخلها المباشر في تأجيج الأزمة في سورية وإطالة أمدها عبر تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية في منطقة فصل القوات في الجولان المحتل تقوض اتفاقية فض الاشتباك وتهدد جديا الاستقرار والأمن والتنمية في المنطقة.
وشدد الجعفري في جلسة المناقشة العامة للجنة الثانية الاقتصادية خلال الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة على أن السبيل لتحقيق التنمية المستدامة بالنسبة للعديد من الشعوب والمجتمعات يعتمد أولاً على الشراكة وعلى العمل من أجل مجتمعات تنعم بالسلام وتخلو من العنف والتطرف بعيداً عن التسييس والازدواجية وفي إطار احترام سيادة الدول وخصوصية وثقافة مجتمعاتها.
وقال الجعفري.. “إن الاحتلال الإسرائيلي يستمر باستغلال الموارد الطبيعية في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي الجولان السوري المحتل والإضرار بها أو التسبب في ضياعها أو استنفادها وتعريضها للخطر” لافتا إلى أن التدخل الإسرائيلي المباشر في تأجيج الأزمة في سورية وإطالة أمدها عبر دعم التنظيمات الإرهابية سيقوض اتفاقية فض الاشتباك ويهدد شكل جدي الاستقرار والتنمية والسلم والأمن في المنطقة.
وأوضح الجعفري أن الإرهاب والتطرف الذي تعاني منه منطقتنا وخاصة سورية يشكلان العائق الأكبر في وجه تحقيق التنمية مؤكدا أن الإرهاب والتطرف يقومان على فكر إلغاء الآخر ويهددان جوهر العيش المشترك الذي كان وما زال يشكل ثقافة لا غنى عنها في المحافظة على هوية سورية الحضارية والقدرة على إعادة بنائها.
وقال الجعفري.. إنه “وبهذا المعنى يتعدى الإرهاب حدود التهديد الأمني للمجتمعات واستقرارها ليصبح نموذجاً للحكم وليشكل تهديدا اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا وفكريا يتجسد من خلال سرقة الموارد الطبيعية وتخريب البنى التحتية والمؤسسات وتدمير التراث الثقافي واستهداف هياكل التنمية وتدمير عرى النسيج الاجتماعي ويفرض على جميع الدول التعامل بالجدية المطلوبة مع الالتزامات التي أقرتها قرارات مجلس الأمن الدولي المعنية بمكافحة تمويل الإرهابيين والمنظمات الارهابية بشكل مباشر أو غير مباشر والعمل المشترك النزيه لإضعاف الإرهابيين وعزلهم وشل حركتهم ومنعهم من الحصول على عائدات تمول إرهابهم من خلال الإتجار بالنفط أو الآثار أو دفع الفدية”.
وأوضح الجعفري أن استمرار الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب ضد بعض دول منطقتنا كأداة ضغط سياسي على حكوماتها وشعوبها قد آثر سلبا على العديد من القطاعات الحيوية وقال.. “إن هذه الإجراءات التي تفرضها على الشعب السوري الجهات نفسها التي تدعي زوراً الحرص على مصلحته قد أثرت سلباً على العديد من القطاعات الحيوية وقد كشف تقرير للأمم المتحدة صدر قبل أيام بالتعاون بين مكتب الممثل المقيم للأمم المتحدة في سورية والأسكوا أن الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سورية تؤثر على كل شرائح المواطنين السوريين وتؤدي إلى عواقب تشمل نقص الغذاء وتدهور قطاع الرعاية الصحية بالإضافة إلى أنها تشل أعمال الإغاثة وتقديم المساعدات الإنمائية”.
وأشار الجعفري إلى أنه ووفق هذه المعطيات فإن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في خطة 2030 يتطلب أولاً رفض الإجراءات الاقتصادية الأحادية والدعوة إلى إنهائها بشكل فوري.
ودعا الجعفري إلى مواجهة التحديات عبر وضع رؤية لتحقيق التنمية المستدامة وقال.. إن “كل هذه التحديات تحتم على منظمتنا الانتقال من مرحلة وضع رؤية إلى تحقيق التنمية المستدامة وإلى إعداد استراتيجيات وحلول تحقق التضامن الدولي والشراكة الفعلية من كل البلدان وجميع أصحاب المصلحة وجميع الشعوب وإلا فإن هدف ألا يتخلف عن الركب أحد سيبقى مجرد عنوان ساذج ومضلل بالنسبة للكثير من المجتمعات”.
ولفت الجعفري إلى أن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 واتفاق باريس بشأن المناخ يعكس تحولاً في الاستراتيجيات الإنمائية ويظهر السعي الدولي لوضع خارطة طريق تحقق تكامل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة موضحا أنه ورغم أن “الأهداف السبعة عشر لخطة التنمية المستدامة تتعامل مع المشاكل الرئيسية مثل الفقر والجوع والتعليم والصحة وتوفير المياه والطاقة والعمل اللائق والهياكل الأساسية والمساواة والعدل والمؤسسات إلا أنها لن تحقق النجاح ما لم تعتمد على الشراكة والعمل من أجل مجتمعات تنعم بالسلام وتخلو من التطرف بعيدا عن التسيس والازادوجية في إطار احترام سيادة الدول وخصوصية وثقافة مجتمعاتها”.
وجدد الجعفري التأكيد على أنه قد يكون من الصعب وربما من المستحيل أن تتعامل اللجنة مع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 بمعزل عن التطورات السياسية والأمنية ولا سيما في ظل ما يشهده عالمنا اليوم من تزايد مخاطر الإرهاب والتطرف وعدم الاستقرار الذي ينتج عن بؤر النزاع والتدخل الخارجي واستمرار الاحتلال والتدابير الاقتصادية الأحادية الجانب. وقال الجعفري.. “يحتاج الانتقال من الرؤية إلى الواقع للتعامل مع التحديات الأكثر إلحاحاً لتتمكن المجتمعات من الانتقال بدورها إلى وضع أسس التنمية والعمل من أجل تنفيذ أهداف الخطة ومضمونها”.
وأضاف الجعفري.. “تواجه كل دولة بما فيها بلادي سورية تحديات خاصة بها في سعيها إلى تحقيق التنمية المستدامة ولا يمكن اعتماد نهج واحد في مقاربة هذه التحديات ولكن في الوقت ذاته لا بد من إدراج التحديات التي تواجه بعض البلدان والاعتراف بها خلال تنفيذ خطة التنمية لعام 2030 ولا سيما تلك التي أدت إلى تدهور في مؤشرات التنمية بعد أن كانت العديد من هذه الدول ومن بينها بلادي على وشك تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
المصدر: وكالة سانا