هل بِتنا في زمنٍ وصلت فيه الشفافيةُ والمهنيةُ الى اعلى مستوياتِها ؟ ام انها الشعبويةُ والمزايداتُ السياسيةُ والاعلاميةُ التي وصلت الى كل شيء؟ وهل كلُّ شيءٍ مريبٌ في بلدِنا حتى أخذُ لَقاحِ كورونا؟ ام انه التسييسُ والمحسوبياتُ التي طالت كلَّ شيءٍ حتى هذا اللقاح ؟
نوابٌ تلقَوا اللقاحَ في مجلسِ النواب، قالَ البعضُ اِنها مخالفةٌ وهددَ رئيسُ لجنةِ اللقاحِ بالاستقالة، وقالَت الامانةُ العامةُ لمجلسِ النوابِ اِنها عمليةٌ طبيعيةٌ ضمنَ الاطرِ القانونية، وان اسماءَهُم كانت مُسجلةً على المنصةِ وفقَ الاصول .
فما سمِعَ احدٌ أحداً ، ونَسِيَ الجميعُ الشعبَ المسكينَ، والوباءَ والبلاءَ وكلَّ اشكالِ الازمات، بل نسُوا انقطاعَ الكهرباءِ والمياهِ وغلاءَ البانزينِ والطحينِ، وباتَت القضيَّةُ معرفةَ اِن كانَ النوابُ الستةَ عشرَ يستحقونَ هذا اللقاحَ، ام انها مخالفةٌ للبروتوكولِ المعمولِ به من وزارةِ الصحة ؟ ولم يُجب أحدٌ من المعنيين في الوزارةِ او من لجنةِ اللقاحِ اِن كانَ ما جرى مخالفةً ام لا، فيما كادت على المقلبِ الآخرِ اَن تُعقَدَ المؤتمراتُ ويطالِبَ البعضُ بتدويلِ المسألة وتدخلِ مجلسِ الامنِ تحتَ الفصلِ السابع ..
انه بلدُ العجائبِ الذي يستقيلُ سياسيُوهُ من مهامِهم وتَحكمُه منصاتُ النفخِ الاعلامي والذبابِ الالكتروني، وكأنهم جميعُهم يرقصونَ على اجسادِ اللبنانيينَ واوجاعِهم – سياسيينَ واعلاميينَ ومُجتمعاً يُسمى مدنياً – وشخصياتٍ تُسمى مثقفةً – ونواباً مستقيلينَ وحاليينَ ، مُستثمرينَ في كلِّ شيءٍ حتى بهذهِ القضيةِ التي يُمكِنُ ان تخضعَ لتدقيقٍ تقني .
أما الفقيرُ فكادَ أن يقول: خُذوا كلَّ اللقاحاتِ واَعطُونا رغيفَ خبزٍ أو قليلاً من الرزِّ والسكر، او اللحمِ المفقودِ او الدواءِ المسروقِ او الحليبِ المقطوع .. خذوا كلَّ اللقاحاتِ واَعطونا اموالَنا المسروقةَ في البنوكِ بامرِ حاكمِ المالِ وتجارِ السياسةِ والاقتصادِ والاعمال .. لقد باتت ازمتُ وطننا اخلاقيةً يا سادة، حتى فَسَدَت السياسةُ وفسَدَ الاقتصادُ والاجتماع، وبِتنا عصاةً على كلِّ لقاح ..
المصدر: قناة المنار