على هامش مشهدية وصول مسبار الأمل الإماراتي الى مدار المرِّيخ ليل الثلاثاء الماضي، نستذكر تصريحاً لديبلوماسية أميركية عمِلت لفترة في منطقة الشرق الأوسط، قالت فيه: التعليم في معظم الدول العربية يُفرِز الطلاب الى ثلاث فئات:
المُتفوِّقون منهم يتَّجهون الى الحقول العلمية وخاصة الهندسة، والأقل تفوُّقاً نحو إدارة الأعمال، والفئة الثالثة هم الفاشلون الذين يدخلون عالم السياسة للتحكُّم بمقدرات الفئتين الأولى والثانية.
الرسالة التي أوصلتها الإمارات الى المريخ تزامنت تقريباً مع رسالتين أميركيتين، بغض النظر عن اهدافهما الاساسية، الأولى فور دخول الرئيس جو بايدن البيت الأبيض، وقراره تجميد بيع أية أسلحة الى الإمارات والسعودية بهدف وقف الحرب على اليمن – وفق تصريح بايدن-، والرسالة الثانية مُفادها أن على الإمارات وقف التدخُّل في الشأن الليبي.
وصول المسبار الإماراتي الى المريخ، لن يغيِّر في المسار السياسي حرفاً من التاريخ، وتفكُّك دول مجلس التعاون الخليجي نتيجة تورُّط بعضها في الإرهاب وتمويل الحروب، سبق وانعكس على أرض الواقع في قِمَّة “العُلا” السعودية التي عُقِدت مؤخراً لمصالحة قطر، بغياب رئيس الإمارات وسلطان عُمان وملك البحرين، الذين أوفدوا مَن يُمثِّلهم، وكان غياب بن زايد مُلفتاً ربما لأنه لا يرغب بلقاء أمير قطر على خلفية العلاقة المتينة بين قطر وتركيا، والعداء “الأخواني” بين الإمارات وتركيا.
ومع التصريحات المتتالية لوزير الخارجية القطري، يدعو فيها الى حوار خليجي مع إيران، والتي ذهب فيها الى درجة إبداء رغبة قطر بلعب دور الوسيط بين إيران والإدارة الأميركية الجديدة، تتَّجِه الإنقسامات الخليجية الى مزيد من الشروخ، إذ بعد مشاركة السعودية والإمارات والبحرين في مناورة “سيف العرب” في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، الى جانب الأردن ومصر والسودان، على الأراضي المصرية، جاءت مشاركة الدول الخليجية نفسها (السعودية والإمارات والبحرين) في “مُنتدى الصداقة” الذي عُقِد الأربعاء في أثينا، بمشاركة مصر وقبرص إضافة الى اليونان، تحت عنوان: ” بناء الصداقة والسلام والإزدهار من البحر المتوسط الى الخليج”، في رسالةٍ الى تركيا بالدرجة الأولى نتيجة الصراعات معها على الكثير من الملفات، ولو كان ظاهرها التنازُع على الحقول النفطية في مياه المتوسط، مع قبرص واليونان ومصر.
مؤتمرات وأحلاف ومناورات تُشرذِم دول الخليج عند كل استحقاق، وقُدوم بايدن الى البيت الأبيض لا يعني أنه يحمل غصن الزيتون وحمامة السلام للشرق الأوسط، لكن ربما يأخذ بعض العبر من فشل سلفه في وقت متزامن مع انحدار المسار السياسي الخليجي نحو اليأس.