اُخمدت حرائقُ طرابلس ، وتلاشى دخانُها الاسودُ ليكشفَ عن مشهدٍ مأساويٍ في غايةِ التعقيدِ في المدينةِ الاكثرِ حرماناً على شاطىءِ المتوسط. فقراءُ يعترضونَ على حرمانٍ لعقود ، وافراد يَعيثونَ خراباً ودماراً في عاصمةِ الشَمال، وسياسيونَ يقتاتونَ على آلامِ الناسِ وأوجاعِهم، يستنكرونَ اتخاذَ المدينةِ منصةً لتوجيهِ رسائلَ سياسية ، فمن يا ترى يوجهُ رسالةً الى من؟ ولماذا الرسائلُ عبرَ ما تبقَّى من بشرٍ وحجرٍ في بلدٍ لعلَ كورونا باتَ فيه أرحمَ الاعداءِ أمامَ طبقةٍ لم تُبقِ ولم تَذَر شيئاً للمواطنِ المترنحِ من اثرِ كدماتٍ ولكماتٍ تنهالُ عليه من كلِّ حَدَبٍ وصوبٍ بقفازاتٍ سياسية. البلدُ في موتٍ سريريٍ وافلاسٍ واضمحلالٍ وحدَه النكدُ السياسيُ يَزدهر.
فما بينَ الثمانيةَ عشرَ والعشرين، الحكومةُ الموعودةُ في أسفلِ الاسفلين، والهوةُ تكبُرُ بينَ المعنيين ، ولم يَنجح السعاةُ المحليونَ في التقريبِ بينَ الطرفين ، ليدخلَ الفرنسيُ مجدداً على خطِ الوساطةِ مستعيناً بصديق، هي احدى الدولِ العربيةِ التي قد تدخلُ وفقَ مصادرَ للمنارِ على الخط.
فهل تنجحُ المحاولةُ الجديدةُ بوصلِ ما انقطعَ بينَ بعبدا وبيتِ الوسط ، انقطاعٌ اشتدَ معهُ التراشقُ عن بعدٍ باندلاعِ حربِ البيانات . لا شيءَ محسوماً تؤكدُ مصادرُ المنارِ حولَ قدرةِ الوساطةِ على تحقيقِ خرقٍ ما برغمِ جِديتِها ، الا انَ الوقتَ لم يعد في مصلحةِ احدٍ خاصةً بعدَ أن دخلت بورصةُ الشارعِ على الخط. وسواءٌ أكانَ التحركُ عربياً او غربياً ، فما يهمُّ المواطنَ هو حكومةٌ ترأفُ بحالِه وتديرُ أحوالَه ، لا سلطةَ فيها للسارقين ، وهنا محاسنُ التوجهِ شرقاً ولو على سبيلِ القدوة.
التلفزيونُ الرسميُ الصينيُ اوردَ اليومَ خبراً فيه عِبَر، اعدامُ مسؤولٍ مصرفيٍ كبيرٍ أدينَ بتهمِ فسادٍ وتلقي رُشىً بمئاتِ ملايينِ الدولارات. وبما أنَ القانونَ في لبنانَ يمنعُ الاعدام ، لِيَكُنِ السَّجْنُ لامثالِه في بلدِنا او الاقالةُ او على الاقلِ الابعادُ ولو الى منتجعاتِ سويسرا عسى أن يتخلصَ اللبنانيونَ من سطوةِ المتحكمينَ بالمالِ العام .
المصدر: قناة المنار