هي أشبه بحربٍ للفتاوى تتراشق بها أبرز الفصائل المسلحة في سوريا وفقاً لمصالح كل فصيل بعد النكسات الأخيرة التي أصابتهم جنوب حلب، لا سيما “حركة أحرار الشام” و “جبهة النصرة”، فالسيطرة على جرابلس شمال حلب لم تمحُ صورة التناحر بين هذه الفصائل وحجم الخسائر في الكليات العسكرية جنوب حلب.
وبعد الوعود التي أطلقها السعودي “عبد الله المحيسني” بفك الحصار عن مسلحي أحياء حلب الشرقية وصولاً إلى وعده بالسيطرة الكاملة على مدينة حلب، وبعد إنهاك ما يسمى “جيش الفتح” في معارك الكليات العسكرية جنوب المدينة وتكبيده خسائر فادحة وازدياد الضغط على أحياء حلب الشرقية، والتراشق بالتهم بين الفصائل المسلحة ، خرج ما يسمى “تجمع أهل العلم في الشام” بفتوى تنص على جواز بقاء ما اسماها “الفصائل الصادقة” في ريف حلب الشمالي بشرط عدم التنسيق مع الفصائل المدعومة من اميركا مثل “فرقة الحمزة والقوة 51 ولواء المعتصم”. ودعت هذه الفصائل لأن تحل نفسها وإلا سيتم اعتبارها في الصف المعادي.
هذه الفتوى لم تعجب جبهة النصرة التي بادرت لاصدار بيان تحرم فيه القتال تحت مظلة أي طرفٍ إقليمي أو تحالف دولي سواءً مع تركيا أو أمريكا، خصوصاً بعد توجه معظم الفصائل المسلحة التابعة “للجيش الحر” لجبهات القتال في ريف حلب الشمالي وتركها الجبهات جنوب حلب وحماه بحسب ما أشارت في بيانها.
وبين الفتويين ، كان لـ”حركة أحرار الشام” المحسوبة على تركيا فتواها المناقضة لفتوى “النصرة” إذ أوجبت القتال الى جانب الجيش التركي بما يتماشى مع مصالح الطرفين.
هذه الفوضى في الفتاوى والبيانات كان لها حضورها البارز على مواقع التواصل الاجتماعي للناشطين الموالين للجماعات المسلحة، إذ تناولت حسابات مقربة من حركة نور الدين الزنكي بسخرية فتوى ما يسمى “تجمع أهل العلم في بلاد الشام” ، وعلق ناشطون بالقول ” مشايخ العلم تركوا حصار حلب وبدأوا بإصدار فتاوى بحرمة القتال في الريف الشمالي”.
يذكر أن “تجمع أهل العلم في بلاد الشام” يُشكله عددٌ من “القضاة والمنظرين” من بينهم السعودي الإرهابي “عبد الله المحيسني”، ويبدو أن مسلسل الفتاوى المتضاربة مرشح للاستمرار والتفاعل، وجديده لما يمسى “المجلس الشرعي” في محافظة حلب الذي رأى بأنّ مشاركة الفصائل المسلحة في معركة “درع الفرات” مع تركيا هو “جهاد شرعي” وليس فيه أي محظور. وقال المجلس في بيان إنّ “جهاد” فصائل ريف حلب الشمالي مستمر منذ سنتين بدعم وتشجيع تركي، والجديد هو مشاركة تركيا بالجنود والعتاد بشكل مباشر.
وإزاء هذه الانقسامات والتنافس بين الفصائل المسلحة في اصدار الفتاوى التي تتماشى مع مشاريعها وتوجيهات مشغليها في الخارج، تحدثت تنسيقيات المسلحين عن توجيهات تركية أرسلت لقيادة “حركة أحرار الشام” بالابتعاد عن جبهة النصرة وطي صفحة مشروع الاندماج على خلفية بيان “النصرة” الذي يُحرم الاستعانة والتنسيق مع الجيش التركي. وربط ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي نكسة المجموعات المسلحة في مخيم حندرات باستجابة بعض الفصائل للتوجيهات الخارجية وخصوصاً التركية منها عبر الانسحاب من المعركة وترك جبهة النصرة وحيدة في المواجهة .