ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 18 تشرين الثاني 2020، على الجمود الحاصل في تشكيل الحكومة اللبنانية والمرتبط بالتعنت الاميركي والمتشدد بعدم ضم الحكومة افرقاء مشمولة بالعقوبات الاميركية…
الاخبار
موسكو للحريري: تشاوَرْ مع باسـيل
مشاورات التأليف وصلت إلى طريق مسدود. وبدلاً من البحث عن التوافق، يرفع الرئيس المكلّف تأليف الحكومة، سعد الحريري، من منسوب شروطه، في انعكاس لتشدّد الولايات المتحدة الأميركية الرافضة مشاركة حزب الله في الحكومة. في المقابل، تسعى موسكو إلى إقناع الحريري «بالتشاور مع الجميع»، ومن بينهم جبران باسيل
مفاوضات تأليف الحكومة معطّلة، بعد انقلاب الرئيس سعد الحريري على جميع تعهداته السابقة لمختلف شركاء التأليف. انقلاب الحريري، بحسب عارفيه ومطّلعين على المشاورات، ليس ذاتياً. بل هو ناتج من التشدد الأميركي الذي وصل إلى الذروة بقرار العقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، معطوفاً على ما تبلّغه الحريري من السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، لجهة رفض بلادها أي مشاركة لحزب الله في الحكومة، سواء عبر حزبيين أو بواسطة «اختصاصيين» يسمّيهم الحزب. وبحسب مصادر معنية، فإن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فوجئ بالسلبية التي استجدّت في مواقف الحريري، وظهرت على شكل شروط جديدة على آلية توزيع الحقائب على الكتل، كما على أسماء الوزراء الذين سيتولّون هذه الحقائب.
وزادت السفيرة الأميركية أمس من مستوى ضغوطها على الحريري، بقولها إن بلادها «تريد تحاشي فشل الدولة في لبنان، ويجب أن تكون لهذا الأمر الأولوية القصوى، لكن لا يمكن أن نرغب في ذلك فعلاً أكثر من رغبتهم هم فيه». وأكدت في الوقت عينه، بحسب ما نقلت عنها وكالة «رويترز»، أنه «لا خطط إنقاذ للبنان من دون إصلاحات»، مضيفة: «اكتسبنا حنكة. وسيكون هناك نهج تدريجي خطوة خطوة، ولا شيء مجانياً». وقالت شيا إن على المانحين التشبث بموقفهم، وإلا فإن النخبة السياسية لن تأخذهم على محمل الجد. وأضافت «إذا لم يشعروا بأهمية عنصر الوقت لتأليف حكومة، فكيف نواصل الضغط عليهم؟ هم ينظرون إلينا ولسان حالهم يقول «حاولوا أن تجعلونا ننفّذ الإصلاح، سيكون من الممتع مشاهدتكم تحاولون ذلك».
كلام شيا يبدو تكراراً لموقف وزير خارجيتها، مايك بومبيو، الذي أعلنه في زيارته لبنان في آذار 2019، ووضع لها هدفاً وحيداً، وهو الهجوم على حزب الله وعزله. ومنذ ذلك الحين، يموّه الأميركيون هدف إخراج حزب الله من الحكومة، بعبارة «إصلاحات». وكرر بومبيو ذلك أكثر من مرة طوال العام الجاري.
ويبدو جلياً أن الجانب الفرنسي يلاقي الأميركيين في سياستهم، من خلال اتفاق الجانبين على تحميل مسؤولية تأخير تأليف الحكومة لباسيل، عبر القول إنه العقبة التي تحول دون إبصار التشكيلة الحكومية النور.
وفي الأيام الأخيرة، تزامن ارتفاع منسوب التهديدات الأميركية ــــ الفرنسية، مع عودة سعر الدولار الأميركي إلى الارتفاع في مقابل الليرة. وهذا التغيّر بسعر الليرة بات «لعبة» واضحة، هدفها تقديم الحريري كمنقذ سياسي وحيد، والضغط على خصومه وشركائه في التأليف، من أجل تحميلهم مسؤولية تدهور سعر الصرف.
زيارة وزير الخارجية الروسي لم تُلغَ، بل أرجئت ربطاً بتعقيدات تأليف الحكومة
في المقابل، دعت روسيا (احمد حاج علي) الحريري إلى التفاوض مع جميع الكتل النيابية، من دون استثناء أيّ فريق، حتى الذين لم يسمّوه خلال الاستشارات النيابية التي حصلت في قصر بعبدا. فبحسب مصادر مطّلعة على التواصل الدبلوماسي القائم بين الجانب الروسي والجهات اللبنانية، تدفع موسكو باتجاه «البدء في حوار لبناني وطني شامل من دون تدخل أجنبي، ليساهم ذلك في تأليف الحكومة المنتظرة في أسرع وقت». الدعوة الروسية للحريري بالتشاور مع مختلف الأطراف الممثلة في البرلمان تعني بشكل خاص رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. فقد علمت الأخبار أن «التواصل الروسي مع الحريري وباسيل مستمر للدفع بهذا الاتجاه»، علماً بأن السفير الروسي ألكسندر روداكوف ينشط من ناحية الزيارات البروتوكولية والسياسية التي تشمل مختلف المراجع السياسية والحزبية والدينية في بيروت، من منطلق «حرص روسيا على استمرار علاقات الصداقة التاريخية مع لبنان بمختلف أطيافه، حتى مع من لا تتفق موسكو في مواقفها معهم ولا تشاركهم النظرة نفسها تجاه الملفات السياسية التي تعني المنطقة». وبناءً على ما استقاه روداكوف من جولاته، فقد زوّد خارجية بلاده «بتقارير مفصّلة حول نتائج جولته، وحملت معظمها تقييماً إيجابياً، ما قد يفسر على أنه تجاوب لبناني بخصوص المقترح الروسي».
في موازاة ذلك، ذكرت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أن زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للبنان لم تُلغَ من جدول الأعمال، بل هي مؤجلة بانتظار توافر الظروف الملائمة. ورأت المصادر أن تأليف الحكومة المرتقبة سيكون عاملاً حاسماً في تحديد موعد زيارة وزير الخارجية الروسي. فبناءً على الاتصالات المتبادلة بين الخارجية الروسية وبعض الجهات اللبنانية المرتبطة بمسار تأليف الحكومة، ترى الأوساط المطّلعة أن «مسألة التأليف بعد التوافق حول الأسماء، ممكنة قبيل نهاية هذا العام. وبذلك تكون زيارة لافروف أيضاً ممكنة قبيل نهاية العام».
السفيرة الأميركية: لا خطط إنقاذ للبنان من دون «إصلاحات»
من جهة أخرى، أصدرت الخارجية الروسية بيانأ لخّص لقاء نائب وزير الخارجية الروسية مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيد ميخايل بوغدانوف، الذي جمعه بسفير لبنان شوقي بونصار يوم أول من أمس. وتضمن البيان تأكيد بوغدانوف «دعم روسيا الدائم لسيادة لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وضرورة حل كل المسائل المطروحة على جدول الأعمال الوطني من قبل اللبنانيين أنفسهم دون أي تدخل خارجي». وأملت الخارجية الروسية «استكمال عملية تأليف حكومة جديدة فاعلة في المستقبل القريب». إلا أن اتصالات كل من المكلفين بالملف الروسي من فريق الحريري وباسيل ببوغدانوف، على ما تقول المصادر، تشير الى أن «الأبواب لا تزال موصدة بين الطرفين». من جهة أخرى، تحدث البيان عن «تبادل معمّق للآراء حول قضايا الشرق الأوسط، مع التركيز على تطورات الأوضاع في لبنان وما حوله، بالإضافة الى موضوع عودة النازحين السوريين ونتائج مؤتمر دمشق الأخير». وعلمت «الأخبار» أن تقييم الخارجية الروسية لمؤتمر عودة النازحين من ناحية مشاركة لبنان جاءت إيجابية، إلا أن «النتائج لم تأت على قدر الآمال بسبب عرقلة الدول الغربية ودول خليجية لآليات عودة النازحين وتمويل هذا المسار».
إعفاء الطلاب اللبنانيّين في روسيا من الأقساط؟
مسألة القيود المفروضة على اللبنانيين الراغبين في السفر الى روسيا، ومن ضمنهم الطلاب الذين يتابعون دراستهم في المعاهد والجامعات هناك، كانت موضع بحث بين السفير اللبناني في موسكو، شوقي بونصار، ونائب وزير الخارجية الروسية، مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ميخايل بوغدانوف. وذكّر بونصار بطلب سفارة لبنان عبر عدة كتب رسمية أرسلت إلى قسم الشرق الأوسط في الخارجية الروسية وإلى وزارة التربية وبعض الجامعات والمعاهد، النظر في إعفاء الطلاب اللبنانيين من الأقساط الجامعية المستحقة عن العام 2020-2021، وذلك تبعاً للظروف الاستثنائية التي يعانيها اللبنانيون نتيجة الأزمة الاقتصادية وانهيار الليرة اللبنانية، وبسبب القيود المفروضة من المصارف على التحويلات المالية الى الخارج. تمنّي بونصار إيجاد حلّ عملي وسريع لمشكلة الطلاب، قابله نائب وزير الخارجية الروسية بوعد بمتابعة الموضوع، موضحاً أن «السلطات الروسية اضطرّت إلى تشديد التدابير وإجراءات قيود السفر على الكثير من الدول، ومنها لبنان. وهي تأتي من باب حماية المقيمين والوافدين نتيجة تفشّي وباء كورونا».
ربع اللبنانيين فقراء لا تعرفهم الدولة
ستة أشهر، هي المُهلة التي تحتاج إليها وزارة الشؤون الاجتماعية لتحديد من هم الـ23% من الأفراد الذين أصبحوا في خانة «الفقر المُدقع». مدّة طويلة سيستغرقها العمل، بسبب غياب البيانات المطلوبة والنقص في أعداد المتطوّعين، ولكنّها ستؤثّر سلباً في تحديد المُحتاجين، وبالتالي توجيه المساعدات لهم في ظلّ الأزمة المتفاقمة
تقديرات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا) تشير إلى أنّ نسبة الفقراء من السكان في لبنان ستصل إلى 55% في عام 2020 مقارنة بـ 28% في العام السابق، وأن نسبة من يُعانون من فقر مُدقع سترتفع من 8% إلى 23%، أي أنّ إجمالي الفقراء قد يبلغ 1.1 مليون نسمة حسب خط الفقر الأدنى، و2.7 مليون نسمة حسب خطّ الفقر الأعلى. واستناداً إلى التقرير، يُتوقع أن يزيد عدد من يعيشون في فقر مدقع بـ 750 ألف شخص.
من هم هؤلاء الـ23%؟ كم يبلغ مُعدّل دخلهم؟ كيف سيتم توفير الأمان لهم؟ لا جواب على هذه الأسئلة. فالبيانات اللازمة لتحديد الأفراد المُصنّفين في خانة «الفقر المُدقع» غير موجودة. دولة لا تعرف الفقراء على أرضها، كيف لها أن توجّه الدعم والمساعدات، إن كانت تُريد الخروج من دائرة الزبائنية؟ غالباً ما يتمّ تبرير التقصير في إنجاز الملفات بنقص الموظفين أو الإجراءات المعقّدة التي تستغرق وقتاً طويلاً. تكرّر الحُجج يُحوّل الموضوع إلى أزمة «تَنبلة» عامة تؤدّي إلى بطء كبير في تنفيذ المطلوب، وغياب القرار في توفير الحقوق للمواطنين. على سبيل المثال، يُحكى منذ عام 2003 عن استراتيجية للحماية الاجتماعية توفّر الخدمات الرئيسية للمواطنين مجاناً أو بتكاليف ضئيلة. ليس هذا «عملاً خارقاً» يستحيل تحقيقه. ففي دول وضعها الاقتصادي أسوأ من الوضع اللبناني، وتُعاني من ضغوط سياسية – اقتصادية أقسى بكثير، تُعدّ استراتيجية الحماية من «المُقدّسات». ورغم إعادة تحريك حكومة حسّان دياب للموضوع، وتحديد آب الماضي موعداً لتقديم المسودة، لم تُجمع حتّى الساعة المعلومات والبيانات المطلوبة لكتابة المسودة (راجع «الأخبار»، عدد 7 أيلول 2020).
تحديث بيانات الأسر الفقيرة يحتاج إلى ستة أشهر!
المدير العام لوزارة الشؤون الاجتماعية، القاضي عبدالله أحمد يؤكد أن «ملفّ استراتيجية الحماية الاجتماعية يُعاد تنظيمه حالياً رغم كلّ المعوقات». لكن إقرارها، «لا يعني حلّ مسألة الفقر المُدقع». ففي المبدأ، توفّر «الاستراتيجية» معظم الخدمات الحقوقية للمواطنين، «لكنّها تفرض عليهم جزءاً متواضعاً من الفاتورة، لن يكون البعض قادراً على تسديده». انطلاقاً من هنا، تبرز الحاجة إلى تطوير شبكة أمان اجتماعي، «لتُنقذ من لا يقدر على تسديد فارق الفاتورة الاستشفائية أو التعليمية عبر مساعدات غذائية وعينات نقدية». المُساعدات تُقدّم حالياً لـ43 ألف فرد مُسجلين في «البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً». كان ذلك قبل الإحصاءات الجديدة، «وتقدير ارتفاع نسبة الفقر المُدقع إلى 23%، وطلب الجمعيات منّا بيانات الأشخاص لتوجيه الإنفاق»، يقول أحمد، مُتحدّثاً عن مبالغ جديدة مرصودة من جهات دولية للبرنامج، «كالاتحاد الأوروبي الذي خصّص 50 مليون يورو لمساعدة 50 ألف أسرة لمدّة سنتين، وكندا التي ستُخصّص دعماً قد يصل إلى 70 مليون دولار». فرض هذا الحراك «تحديث قاعدة البيانات لتحديد الأكثر فقراً، وتوسيع قاعدة المُستفيدين». ولكن، وفق أي معيار سيتم تحديدهم؟ في غياب دراسة مُحدّثة لوضع الأسر، لا يزال «المعيار» مفقوداً. يتحدّث أحمد عن وجود استمارة أسئلة، «يبدأ التصنيف في خانة الفقر المُدقع ممّن ينال أدنى علامة، حتى نصل إلى إحصاء الـ23%».
لم تكن جهات دولية – كالبنك الدولي وبرنامج الغذاء العالمي – مُتحمسة لإجراء مسح سكّاني، قبل إقرار القرض المُخصص من البنك الدولي، خلافاً لموقف الاتحاد الأوروبي الذي شجّع عملية جمع البيانات. يشرح أحمد أنّ أهمية البيانات لا تقتصر على توزيع المال، «فهي أساسية لأنّها تُساعدنا في الحدّ من التسرّب المدرسي، ومتابعة الأطفال والمُسنّين، ومعرفة من هم بحاجة إلى معاملة خاصة بعد رفع الدعم، والعمل على إخراج الأفراد من حالة الفقر وتوظيفهم…»
في غضون شهرين، «ننتهي من تنظيف قاعدة بيانات برنامج الأكثر فقراً، وبعدها نبتّ بالطلبات المُقدمة، وهي قرابة 240 ألفاً، وحُدّد حزيران 2021 للانتهاء من العمل». المُشكلة، بحسب أحمد، «أننا لا نملك في مراكز الشؤون سوى 500 متطوّع يعملون على الأرض، ونحن بحاجة لرفع العدد إلى 2000، لذلك سنتوجّه إلى إدارة الجامعة اللبنانية للتعاون».
50 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لمساعدة 50 ألف أسرة
ستة أشهر، سيستغرقها العمل على المشروع، وهي مدّة طويلة جدّاً نسبة إلى الوضع الكارثي في البلد، وانهيار موازنات الأسر، وغياب أي برنامج حكومي للمساعدة. الأزمات تفرض تشكيل خلايا طوارئ، للحدّ من الآثار السلبية. في الجانب الآخر من الكوكب، كانت بوليفيا تُعاني من انقلاب أميركي تسبّب بأحداث أمنية وأزمة اقتصادية حادّة. قبل أن تفوز المعارضة اليسارية بالسلطة مجدّداً، كانت قد رسمت خطتها الإنقاذية لدعم الأسر الأكثر فقراً. بعد أسبوع على تسلّم الرئيس الجديد، لوشو أرسي، حُدّد 4 ملايين بوليفي سيستفيدون من المساعدات لمواجهة الجوع.
فرنسا تكرّر الأخطاء نفسها في لبنان
بعد نجاح زيارتَي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد انفجار المرفأ، تدخل فرنسا جدياً مرة أخرى مرحلة التعثّر في أدائها في لبنان. بين تضعضع فريقها والمراهقة اللبنانية في إدارة الأزمة، تتكرّر أخطاء سبقت ووقعت أكثر من مرة
ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي تتدخل فيها الإدارة الفرنسية في الملف اللبناني. وليست المرة الأولى أيضاً ولن تكون الأخيرة التي تفشل فيها باريس في الوصول الى حل لأزمة لبنانية صرف، من دون تدخّل أي عناصر دولية أو إقليمية. وكل الثقل الذي وضعته الخارجية الفرنسية بالتعاون مع الإليزيه في رسم خريطة طريق قبل انفجار المرفأ وبعده، ضاع تحت وطأة تدخلات لبنانية وطموحات شخصية فرنسية ولبنانية لتسجيل خروقات في غير محلها.
إحدى مفارقات التدخل الفرنسي أن شخصيات لبنانية تنتمي «ثقافياً وحضارياً» الى الخط الفرنسي الفرنكوفوني ومعروفة بعلاقتها الجدية بدوائر أساسية فيها، تتحدث عن هذا الالتباس الحاصل حالياً في مقاربة فرنسا لحل الأزمة اللبنانية. لا بل إن بعضها يستعيد علاقات الأحزاب الفرنسية الحاكمة بلبنان، منذ الاستقلال مروراً بتقاطعات فرنسية، وتموضع سياسي وإعلامي خلال الحرب الأهلية منذ عام 1975، لم تنظر إليه، الأحزاب اليمينية خصوصاً، بعين سويّة، وصولاً الى مرحلة علاقة فرنسا اليمينية مع الرئيس جاك شيراك بالرئيس الراحل رفيق الحريري وورثة هذه العلاقة بين بيروت وباريس، علماً بأن التسعينيات شهدت خرقاً حققه الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران في حمايته العماد ميشال عون، الذي كان قد أرسى علاقة عسكرية وثيقة بين فرنسا والجيش اللبناني على أكثر من مستوى. وهذا الأمر انسحب لاحقاً على علاقة دوائر فرنسية بالتيار الوطني الحر. وليست وحدها لائحة المرشحين الرئاسيين التي أصرت باريس على البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير وضعها، علامة فشل فرنسي في لبنان، أولاً بتأثيرات أميركية، ومن ثم خليجية وإيرانية، بل سبقتها وأعقبتها لقاءات كسان كلو، وحوارات ثنائية وموسعة من شخصيات الصف الثاني والأول في لبنان وباريس لم تفضِ الى أي نتيجة. صحيح أن الأزمة الحالية بعناصرها المالية والاقتصادية الحادة مختلفة عن مرحلة ما بعد عام 2005، لكن التنبيه الفرنسي من حرب في لبنان إذا تعثرت مسارات الإصلاح، يتكرر اليوم بطريقة مختلفة. ففي عامَي 2007 و2008، حذّر وزير الخارجية الفرنسي آنذاك برنار كوشنير من حرب أهلية إن لم تنجح الحوارات قبل انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود وبعده لانتخاب رئيس جديد.
وإذا كان فشل أي مبادرة للإنقاذ سينعكس حكماً على اللبنانيين وليس على الفرنسيين، لكن صورة فرنسا هي التي تهتزّ، لأنها تغامر برصيدها في لبنان على مستويين. الأول لبناني محض. فالانطباعات الإيجابية التي خلقتها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان بعد انفجار المرفأ، وانعكست مبادرة سريعة في الجانب الإنساني، تبدّلت، لجهة الانقلاب الذي جرى فرنسياً على الخطب في الزيارتين الرئاسيتين الأولى والثانية. فجوهر المبادرة الفرنسية أفرغ من مضمونه، والتذرّع بالانقسامات داخل الفريق الفرنسي الواحد بين بيروت وباريس، لا يعطي مطلقاً إشارة مشجعة. اتهامات أولى صدرت بمحاباة فرنسا لحزب الله، ومن ثم للرئيس سعد الحريري، ولاحقاً لجميع القوى السياسية التي انتقدها ماكرون وعيّر اللبنانيين بأنهم هم الذين انتخبوها. فعودة الحريري رئيساً مكلفاً، نسفٌ فعليّ لكل الكلام الفرنسي حول مكافحة الفساد، وتدخّل باريس في تسمية شخصيات لبنانية لمناصب متعددة ليس منزّهاً عن الشوائب. فأي تسمية بناءً على تزكية لبنانية في بيروت أو باريس، هي بمثابة تعميم لمواصفات نزاهة ليست موجودة حتماً لدى بعض المرشحين. هناك من جرت تزكيته لوزارة الداخلية، لا يتمتع بأي من المواصفات المطلوبة، لا بل العكس تماماً، وأيّ تبنّ فرنسي له ولغيره ممن يملكون سجلاً معروفاً، يعني أن ظلماً سيقع على كل مرشح آخر يتمتع بالنزاهة والكفاءة، لمجرد أنه تساوى مع غيره في لائحة المرشحين المطلوبين. هناك أسماء كل رصيدها أنها تتمتع بعلاقات جيدة بالإدارة الفرنسية، وأسماء رغم كفاءتها، هي مجرد «باش كاتب» عند الفريق السياسي الذي زكّاها، كما كانت الحال مع جميع الذين سمّتهم الأحزاب سابقاً. هذا فضلاً عن الانغماس الفرنسي الكلي في موضوع مؤتمرات دعم وتمويل، لا يمكن تنزيه أي من المسؤولين اللبنانيين عن تورطهم في بناء ترتيبات مع شركات فرنسية.
تقريش المساعدات في مؤتمرات دعم لن يتمّ إلا عبر دول مانحة، عربيّة تحديداً
الأمر الثاني هو على مستوى علاقات باريس الخليجية والعربية. فتدخل فرنسا في لبنان لا ينفصل عن الإطار الإقليمي. سابقاً، حاولت فرنسا توسيط مصر، والسعودية دائماً وأبداً. فهل يمكن مثلاً تجاوز صفقة السلاح السعودية ــــ الفرنسية للجيش اللبناني التي توقفت؟ هناك مصالح فرنسية مع دول الخليج العربي، ولا سيما في مرحلة حساسة تبدأ من المتوسط وتنتهي في القوقاز، تخوض فيها باريس معارك في وجه التمدد التركي، والدفاع عن أرمينيا وتراثها المهدد في ناغورني كاراباخ، واليونان وقبرص وسط أصوات تطالب بضم رسمي للجزء التركي منها، وأصوات تعتبر وضعه شبيهاً بناغورني كاراباخ. كل ذلك يشكّل سلسلة متشابكة، لا يمكن القفز فيها فوق الدور العربي والخليجي الذي تحتاج إليه فرنسا، وظهر بجدية في حملة جمع الدعم لعملية مكافحة الإرهاب فرنسياً وأوروبياً. وهذا الأمر نفسه ينسحب على لبنان، إذ إن أي تسوية مختلّة التوازن، ومن دون تغطية عربية، لن تحمل فائدة سياسية كبرى، ناهيك بالفائدة المالية. فمهما بلغ الاهتمام الفرنسي، إعلامياً وحفلات تضامن وتغطية واسعة، يبقى تقريش المساعدات عينياً، وتمويل أي مشاريع مؤتمرات دعم، كما حصل في مؤتمرات سابقة، أو مساعدات عاجلة لن يتم إلا عبر دول مانحة، عربية تحديداً.
ضرب إيران والانسحاب من غرب آسيا هدفان متلازمان: «الصقور» يفرملون اندفاعة ترامب
يتكشّف يوماً تلو آخر مدى جاهزية دونالد ترامب لإحداث بعض الزلازل في طريقه إلى الخروج من البيت الأبيض. آخر ما تبدّى أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته أراد توجيه ضربة لمنشآت نووية في إيران، في موازاة تقليص حضور بلاده العسكري في غرب آسيا. لكن المفارقة، أن النواة الأيديولوجية – العقائدية في إدارته، والتي سعت طوال سنواتٍ أربع إلى دفعه نحو حربٍ مع طهران، ثنته هذه المرّة عن تهوِّر غير محسوب التبعات، خشيةَ توريط الولايات المتحدة في كارثة جديدة لن يفيد الغرق فيها سوى «أعدائها»
صدور مواقف وتصريحات متناقضة من واشنطن في شأن سياستها الخارجية، بات أمراً مألوفاً منذ وصل دونالد ترامب إلى سدّة رئاسة الإمبراطورية الأميركية المنحدِرة. المعلومات «المسرَّبة»، عبر صحيفة «نيويورك تايمز»، عن سؤال الرئيس الأميركي لأبرز معاونيه حول إمكانية توجيه ضربة لمنشآت نووية في إيران، بعد تقرير لـ«الهيئة الدولية للطاقة الذرية» يلحظ زيادة الأخيرة تخزينها لمواد نووية، أتت بعد أخرى تفيد بتسريع سحب القوّات الأميركية من أفغانستان والعراق وسوريا قبل خروج ترامب من البيت الأبيض. المقال المذكور كشف أن المعاونين، وبينهم الصقور نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، وكذلك وزير الدفاع بالوكالة كريستوفر ميلر، وقائد هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، قاموا بثني الرئيس عن الفكرة، خشية أن تؤدّي مثل هذه الضربة إلى حرب مفتوحة مع الجمهورية الإسلامية. غير أن بعض المسؤولين، بحسب المقال، أشاروا إلى أن الرئيس الأميركي تداول مع مجموعة ضيّقة من معاونيه المعنيين بالأمن القومي بخيارات لشنّ هجمات على مواقع إيرانية أخرى أو ضدّ حلفاء لطهران، بمَن فيهم عدّة تنظيمات عراقية، من دون توضيح نتيجة هذه المداولات.
تعكس هذه المعطيات حرصاً على تنفيذ ترامب وعوده لقاعدته الموالية، بالمباشرة في إعادة الجنود إلى الديار. حرصٌ يتلازم مع الإصرار على تظهير أقصى درجات التشدُّد مع إيران سعياً إلى منعها من استغلال الفراغ الناجم عن تراجع الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط لمصلحتها. قد تدفع غطرسة ترامب وفريقه إلى المضيّ بالخيارين معاً، على رغم العواقب الوخيمة التي قد تنتج من الثاني تحديداً، في طول الإقليم وعرضه. ومن نافل القول أن هذه الضربات لن تتيح للولايات المتحدة وحلفائها القدرةَ على وقف تطوّر القدرات العسكرية والصاروخية لإيران وحلفائها، وهو جوهر الصراع بينها وبينهم.
لم يكن سرّاً أن قيادة الجيش الأميركي تُعارض عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ إيران
لم يكن سرّاً أن قيادة الجيش الأميركي تُعارض عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ إيران، تتدحرج نحو حرب كبرى جديدة، بعد تلك التي «اكتوى بنارها» في أفغانستان والعراق، والتي لا تقلّ تداعياتها الاستراتيجية على الموقع الدولي للولايات المتحدة عن أكلافهما البشرية والمادية الباهظة. وفّرت «الحرب على الإرهاب» وغرق الجيش الأميركي المديد في «وحلها» فرصةً استراتيجية هائلة للصين وروسيا، في الآن نفسه، لتسريع تحوّلهما إلى قوّتَين دوليتَين منافستَين لأميركا. وقد عكست استراتيجية الأمن القومي واستراتيجية الدفاع الوطني الصادرتان عن إدارة ترامب في بداية عام 2018، واللتان كان لوزير الدفاع الأسبق، جيمس ماتيس، دور أساسي في صياغتهما، قناعة القيادة العسكرية الأميركية بضرورة منح الأولوية لمواجهة «المنافسين الدوليين»، على حساب التصدي لـ«الإرهاب» أو لطموحات قوى إقليمية متوسّطة. أيُّ حرب مع إيران تعني التورّط في نزاع إقليمي يصعب التنبّؤ بأثمانه ومفاعيله، وفتح نافذة فرص جديدة للمنافسين الدوليين لتعزيز وتوسيع دوائر نفوذهم. لكن الجديد الذي تضمّنه مقال «نيويورك تايمز» هو انضمام الثنائي بنس – بومبيو إلى المحذّرين من مغبّة حرب مع إيران. البعد الأيديولوجي – لا الانتخابي – هو الذي يطغى على أجندة الرجلَين، كما اتضح من سلسلة المواقف التي اتخذاها والسياسات التي حضّا ترامب على اعتمادها، وتحديداً ضدّ الجمهورية الإسلامية، طوال فترة رئاسته. هل تغيّرت قناعاتهما بفعل حوارات معمّقة مع القيادة العسكرية الأميركية عمّا سيترتّب من أكلاف عن مثل هذه الحرب، وعن قدرة المنافسين الدوليين على استغلالها لتحقيق المزيد من أهدافهم؟ هذا هو التفسير المحتمل للانقلاب اللافت في موقفهما، في ظلّ إجماع كامل ومؤكّد في أوساط النخب الأميركية على اعتبار التصدّي للصعود الصيني أولوية الأولويات. لم تكن هذه الأولوية غائبة عن ذهن بومبيو مثلاً، نظراً إلى التصريحات والآراء التي أدلى بها كوزير خارجية، وبينها دعوته الشعب الصيني إلى إسقاط نظامه «الشيوعي»، ولكنه برز كأحد أقطاب المجموعة المحرِّضة على «التعامل» مع التحدّي الإيراني بقسوة وبقوّة قبل التفرّغ تماماً للمعركة مع الصين. بكلام آخر، الحؤول دون تمكّن إيران وحلفائها من تعبئة الفراغ – أو قسم منه -، الناجم عن الانسحاب الأميركي الجزئي من الشرق الأوسط. تحالف إسرائيل مع بعض أنظمة الخليج تحت مسمّى «التطبيع» بإشراف أميركي كان في مقدّمة غاياته المعلَنة التصدّي لدور إيران الإقليمي. غير أن الشقّ الآخر من هذا التصدي، وهو الحدّ من تعاظم قدراتها العسكرية والصاروخية، هو ما عجزت الإدارة الأميركية عن وضعه قيد التنفيذ على رغم «ضغوطها القصوى» و«حربها الهجينة». جاهر مستشار الأمن القومي السابق، وأحد الناطقين الرسميين باسم التيار الأيديولوجي – العقائدي في الإدارة، جون بولتون، في جميع المناسبات المتاحة، بضرورة «قصف إيران» لحسم الصراع معها، ولم يكن بومبيو بعيداً عن هذا التوجه. إذا صحّت معلومات الصحيفة الأميركية، فقد تراجع الأخير عن هذا الرأي، ربما خشية أن يُتّهم، ومَن معه، من قِبَل بقية قطاعات النخبة الأميركية والرأي العام، بتوريط بلاده في كارثة جديدة أفادت أعداءها الأخطر. أما ترامب، الذي لم يتبع توصيات مستشاريه بصدام مباشر ومفتوح مع إيران لاعتبارات انتخابية قبل أيّ حسابات أخرى في خلال رئاسته، فإن حقده عليها لعدم قبولها «صفقة» معه، إضافة إلى قلّة خبرته الأسطورية، يفسّران، على أغلب الظن، تصوّره بإمكان استهداف منشآت نووية في إيران، دون ردٍّ مزلزل من قِبَلها. ما يَحكم سلوكه راهناً هو «ترك بصمته» على الوضع الدولي قبل الخروج من البيت الأبيض، وتعقيد مهمّات الإدارة المقبلة قدر المستطاع.
لا يريد أن يسجّل التاريخ أنه انسحب من الشرق الأوسط وأخلى المجال لتمدّد نفوذ إيران وحلفائها، كما قال الكثيرون عن جورج بوش الابن وحربه على العراق الذي قدّمه «على طبق من فضة» لها، وفقاً لتعبيرهم. وبما أن المعاونين، وبينهم الأشدّ تطرفاً، ينهون عن ضربة كبرى تفضي إلى الحرب، يصبح المتاح، ربّما، هو التعويض بضربات موضعية، ولكن مؤلمة لعدم تظهير عودة الغزاة الأميركيين إلى ديارهم على أنها هزيمة. إن كان من المبكر معرفة كيفية تعاطي أطراف محور المقاومة مع مثل هذه الضربات – إن حصلت -، يبقى أن التاريخ سيسجّل أن أكثر الإدارات الأميركية جنوناً وغطرسة لم تستطع وقف تعزيز قدراته العسكرية والصاروخية، لبّ المواجهة المتصاعدة معه في السنوات الماضية.
«البنتاغون»: سنغادر غرب آسيا بحلول أيار
أعلن مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، روبرت أوبراين، أمس، أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، يأمل عودة جميع القوّات الأميركية من أفغانستان والعراق بحلول أيار/ مايو المقبل. إعلانٌ أثار حفيظة الديموقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي، إذ رفض هؤلاء «الانسحاب الفوضوي» من غرب آسيا، كونه «سيعرِّض القوات المتبقّية في البلدين للخطر».
تصريح أوبراين للصحافيين جاء بعدما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، «البنتاغون»، تقليص عديد القوّات في كلٍّ مِن أفغانستان والعراق إلى 2500، بحلول 15 كانون الثاني/ يناير 2021، أي قبل خمسة أيام من مغادرة ترامب منصبه، ما يسلّط الضوء على إمكانية اتخاذ الرئيس الأميركي قرارات خارجية مؤثِّرة ستُفرض على الإدارة المقبلة. وذكر وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، كريستوفر ميلر، أنّه أبلغ الكونغرس بهذا القرار، كما أجرى اتصالات بالقيادات في بغداد وكابول لإبلاغهم بالقرار. في الإطار نفسه، نقلت وكالة «رويترز» للأنباء، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن ترامب قد يتّجه أيضاً إلى سحب جميع القوات الأميركية من الصومال، ضمن خطّة تقليص الحضور العسكري للولايات المتحدة في الخارج.
وثيقة سرية إماراتية: هكذا نحارب السعودية في اليمن
يُقسّم التقرير الذي يحمل عنوان «تقرير بشأن العلاقة السعودية الإماراتية في ميزان أطراف الصراع اليمني» مسار تلك العلاقة، التي يعتبر أن أيّاً من أطراف الصراع لم يمتلك «تقييماً ثابتاً» لها، إلى ثلاث مراحل. يُسمّي أولاها «مرحلة الرضى والامتنان»، وفيها «كانت الصورة أن الدولتين تعملان في تكامل وانسجام لإنجاز هدف واحد، أي القضاء على الانقلاب الحوثي». في مرحلة تالية عنوانها «الارتباك والتشتّت»، «بدأ الإرباك والميوعة يصيبان المشهد الصراعي. وبدأت تظهر قوى جديدة. وبدت سياسات الدولتين ومواقفهما عموماً غير واضحة، وأوحت في حالات عديدة بتناقضها»، و»بأن سياستهما ومواقفهما ليست إلا توزيع أدوار، وما ساهم في هذه الصورة هو قيامهما بتأسيس مجلس للتنسيق بينهما». أمّا في المرحلة الثالثة، والمسمّاة «الشك والمراجعة»، فـ»برز الاعتقاد بأن اتفاق الدولتين وتنسيقهما التام بدأ بالاهتزاز، ولكن دون أن ينهار، وبدأت أطراف الصراع تعتقد بوجود خلافات»، خصوصاً «بفعل بعض التطورات التي كان آخرها إعلان دولة الإمارات تقليص تواجدها العسكري في اليمن، وكذلك التقارير التي تحدثت عن نيتها الانسحاب الكامل نهاية العام الجاري (2019)».
يعتبر مُعدّ التقرير، الذي يحمل تاريخ إعداد هو الـ23 من تموز/ يوليو 2019، أن «مختلف الأطراف المحلية تتشارك الرغبة في التأثير على العلاقة السعودية – الإماراتية»، لكن «الحقيقة أنها لا تمتلك خيارات ذات شأن في هذا الصدد، باستثناء الحوثيين»، وأنها «بحاجة ماسة للدولتين أو لإحداهما». ويستدرك بأن إعلان الإمارات تنفيذ انسحاب جزئي لقواتها، «سواء جاء بالتنسيق والتفاهم مع السعودية أو نتيجة لخلافات معها أو كان قراراً منفرداً ولاعتبارات خاصة بالإمارات»، فقد «فتح باب الأمل بتحريك المياه الراكدة، بالنسبة لبعض الأطراف المحلية».
وفي تفصيله لتقييم الأطراف المحلّيين للعلاقة السعودية – الإماراتية، وخياراتهم في التأثير عليها، يورد التقرير ما يلي:
1- بالنسبة إلى حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، «يُعدّ احتفاظ السعودية والإمارات بعلاقة جيدة الوضع الأفضل». إلا أنه على أرض الواقع تُعدّ تلك الحكومة «أكبر المتضرّرين من الوضع القائم»؛ إذ إنها إلى جانب كونها «باتت في حالة عداء شبه صريح مع الإمارات، ولا يبدو أن علاقتها بها قابلة للتعافي بسهولة، فهي أيضاً غير راضية عن مواقف الرياض، على أساس أن الأخيرة، كما تعتقد، لم تقم بما يفي للوقوف في وجه أبو ظبي، بل وتميل إلى الاعتقاد بوجود تنسيق وثيق بين الطرفين». وفي كلّ الأحوال، «ليس أمام حكومة هادي إلا البقاء في كنف الرياض والخضوع لإرادتها، والاستمرار في محاولة إقناعها بإجراء مراجعة للوضع القائم». «ولأنها تعتقد أن الإشكال يكمن في الإمارات وسياساتها، ستستمر في حرب التشكيك في نوايا الأخيرة وشيطنتها وتخوين الرياض منها ومن خططها».
توصي الوثيقة بالعمل على توسيع دائرة التحالفات التحالفات الرسمية وغير الرسمية
2- بالانتقال إلى «حزب التجمّع اليمني للإصلاح» (إخوان مسلمون)، فـ»يتشابه وضعه وموقف مع وضع وموقف الحكومة، وما يميزه عن غيره من الأطراف، أن استتباب العلاقة بين السعودية والإمارات يشكل تهديداً وجودياً بالنسبة له، وذلك بالنظر إلى الحرب التي أعلنتها الدولتان ضد الإخوان، وهي حرب يعتقد الإصلاح أن الإماراتيين هم من جرّ السعوديين إليها». وعليه، فإن «مشكلة الإصلاح مع هذه العلاقة لا تنتهي عند حلحلة المشهد اليمني ولا عند انتهاء الحرب واستعادة الدولة». إلا أنه ليس أمامه، هو الآخر، «إلا البقاء في كنف السعوديين والتعويل عليهم والاستمرار في محاولة إقناعهم يجدارته وبأنه حليف موثوق ولا يشكل تهديداً وليس له علاقة بالإخوان المسلمين وعقائدهم الدينية والسياسية».
3- بالنسبة إلى حركة «أنصار الله»، فقد «استفاد الحوثيون بلا شك من جوانب القصور والاختلالات في الطريقة التي أدار بها التحالف العربي الصراع في اليمن. لكن لا يزال الوضع الأنسب الذي يرغب الحوثيون في تحققه غير قائم، وهو الوضع الذي يتمثل في نشوب خلاف بين السعودية والإمارات من النوع الذي يلحق الضرر بعلاقتهما، فمن شأن ذلك ليس فقط أن يربك موقف جميع خصومهم، ولكنه قد ينتهي بتفكك التحالف».
4- في ما يتعلّق بـ»المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، فهو «يعتقد أن دعم السعودية لخطط إقامة دولة جنوبية أمر غير وارد، وهناك أيضاً شكوك لديه حول حقيقة موقف الإماراتيين». وعليه، فإن «الحفاظ على علاقة جيدة بالإمارات والسعودية، أو بأي منهما، بما يؤمن له الدعم ليبقى على قيد الحياة»، «سيعد في حد ذاته إنجازاً ونجاحاً لافتاً». على أنه «قد يكون نشوب خلاف بين الدولتين مفيداً للمجلس لجهة أنه قد يخلص الإمارات من الضغوط التي يعتقد أن الرياض تمارسها عليها ويطلق بالتالي يدها في دعمه».
5- لناحية «المؤتمر الشعبي العام»، حزب الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، «يعيش الحزب وضعاً استثنائياً وصعباً، ويعود السبب إلى انقسامه المركب، فموقف جناح هادي يماثل موقف الحكومة، وموقف جناح صنعاء يماثل موقف الحوثيين، أما ما يعرف بجناح الخارج المحسوب على الإمارات فلا يشبه في وضعه أي طرف آخر». ويَظهر «تعقيد وضع الحزب في كونه الطرف الوحيد الذي ساهمت تجاذبات الدولتين في تكريس انقساماته، وغير ذلك من المفترض أن انقسامات كهذه ستتكرس حال عانت علاقاتهما من أي خلافات». أما «الاستفادة من حالة الوضع الأمثل لعلاقة الدولتين، أي اتفاقهما على دعمه»، فلن تتحقق «إلا في حالة واحدة هي انتهاء الحرب وتطبيع الأوضاع السياسية في البلاد».
على ضوء ما تقدّم، يخلص التقرير إلى جملة سيناريوات وتوصيات، مستهلاً إيّاها بـ»فرضية إقدام المجلس الانتقالي الجنوبي على اتخاذ خطوة عملية باتجاه فك الارتباط». في هذه الحالة، «من الوارد أن يتسبب ذلك بتفجير الوضع بين المجلس والقوى المعارضة للانفصال، بما فيها الحكومة، وأن يدفع هذه للتصعيد ضد الإمارات، وخطوة كهذه ستحرج السعوديين وستملي تداعياتها عليهم للتدخل وتسجيل موقف، وسيكون الضغط على المجلس وعلى الإمارات خيارهم المرجح». أما في حال بقاء الوضع الراهن فـ»نحن أمام احتمال أن يتسبب وضع كهذا ببعض المتاعب لعلاقة الدولتين المستقبلية بالشأن اليمني، فهو قد يسهم في تأسيس بيئة عدائية ومقاومة لهما أو الأقل غير مطمئنة ومتشككة منهما». وبالنظر إلى «خريطة تحالفات وخصومات الدولتين ومواقف أطراف الصراع من كل منهما، وإلى مكانة ونفوذ السعودية وأهميتها بالنسبة لليمن وقدرتها على التأثير على مستقبل السياسة وأطرافها، فأي أعباء أو تحديات مستقبلية من هذا النوع ستعني أبوظبي أكثر مما تعني الرياض. وقد ينتهي هذا التباين في وجهة الأعباء والتحديات بمعادلة فرص ونفوذ مختلفة تتقاطع فيها مصالح الدولتين وتتسبب بضغوط لعلاقتهما». ومن هنا، تبرز «ضرورة العمل على توسيع دائرة التحالفات الإماراتية في اليمن (التحالفات الرسمية وغير الرسمية، منظمات المجتمع المدني والإعلام خاصة)، إضافة إلى مراجعة وتقييم وتعديل للسياسات القائمة».
اللواء
التأليف يصطدم بالجدار الإسمنتي لفريق بعبدا .. ومجلس الأمن: ماذا أنتم فاعلون؟
القطاع التجاري يحذّر من «إقفال الموت».. واتجاه رسمي لإعادة النظر بقرار السبت
تتجه حكومة تصريف الأعمال، تحت وطأة الصرخات القطاعية الداعية لإعادة الثقة، عدلاً بقرار الاقفال، ونظراً إلى عدم تراجع الإصابات عن السقوف المرتفعة في الأسابيع التي سبقت الإجراءات الاقفالية منذ 14 تشرين الثاني الجاري، اقتربت من اتخاذ قرار بإمكان إعادة النظر بهذه الإجراءات، والسماح لبعض القطاعات، الملتزمة بالاقفال، بإعادة فتح المحلات، أو استئناف العمل المشروط والذي تراعي التدابير المتخذة، قبل مرور أسبوع على بدئها، على لسان وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة محمّد فهمي، الذي قال من بكركي أمس، بعد لقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي انه من «الممكن اعادة النظر فيه يوم الجمعة المقبل واتخاذ قرار باعادة فتح بعض المصالح»، مشيرا الى ان «على المؤسسات الخاصة وضع جدول عمل يتناسب مع تعميم الدولة لتسهيل عودة المواطن الى منزله دون التعرض لمحاضر ضبط».
الجدار الاسمنتي
اما تأليف، فيتضح يوماً بعد يوم انه يصطدم بما يوصف بأنه «جدار اسمنتي» رفعته بعبدا ومعها التيار الوطني الحر، بوجه الخيار الذي سيعتمده الرئيس سعد الحريري في مقاربة عملية تشكيل «وزارة مهمة» تحاكي المبادرة الفرنسية.
وحسب معلومات «اللواء» فإن الرئيس المكلف لن يأخذ بما يطرحه باسيل، لجهة التنصل من حكومة اخصائيين، واصراره (أي باسيل) على تسمية كل الوزراء المسيحيين، وليس فقط وزراء التيار أو تكتل لبنان القوي..
الحكومة: لا خرق
وعليه، لم تُسجّل اي حركة جديدة على تشكيل الحكومة، بعد الكلام غير الرسمي عن زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى الرئيس ميشال عون امس الاول بعيداً عن الاعلام. فيما كثرت التسريبات من جهات عديدة تفيد ان الكرة اصبحت في ملعب الحريري بعد المواقف المعلنة لأغلب الاطراف، وبعد المعلومات عن استياء فرنسي من المماطلة في تشكيل الحكومة والتلويح بوقف كل اشكال الدعم للبنان بما فيها تأجيل اوالغاء مؤتمر الدول المانحة الذي ستدعو اليه فرنسا. وان الحريري قد يبادر الى تقديم مسودة حكومية الى رئيس الجمهورية قريباً.
لكن مصادر اخرى متابعة تقول ان الجانب الفرنسي لم يكن متفقاً كثيرا مع الجانب الاميركي في ماخص الملف اللبناني خلال زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى باريس قبل يومين، وانه لن يترك لبنان وحيدا لكن شرط ان يساعد اللبنانيون انفسهم. وعليه تتجه الانظار الى الخطوة المقبلة للحريري وهل سيبادر الى التوافق مع عون على التشكيلة ام يقدم مسودة من عنده وينتظر رد عون عليها ليبني على الشيء مقتضاه؟.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الخرق في الملف الحكومي مطلوب من الرئيس المكلف تأليف الحكومة لجهة اعتماد وحدة المعايير في التأليف ضمن التشاور الوطني مع جميع الكتل في حين لا بد من معرفة اين تقف حدود المداورة وهل هي من مداورة طائفية مذهبية أو سياسية وعدد الوزراء والحقائب بغية عدم إرهاق الوزراء في حكومة المهمة والتوزيع أي إسقاط الأسماء بالتوافق مع رئيس الجمهورية.
ولاحظت أنه لا بد للرئيس المكلف من الوعود والمستجد من العهود وسألت ماذا عن تسمية حزب الله من لا يدور في فلكه وما هي الشروط الأميركية أن وضعت وكيف تتم محاكاة المبادرة الفرنسية ولفتت إلى أن ليس مطلوبا الاستمرار في تصريف الأعمال إلى ما لا نهاية وهناك استحقاقات وبرامج مساعدات ينتظر والبلد لا يستطيع تحمل الفراغ في السلطة الإجرائية.
وكررت القول أن الخرق هو لدى الرئيس المكلف ومتى حصل ذلك تسير عملية التأليف وفق ما يجب وتقترن بمبادرة رئيس الجمهورية إلى التأليف.
وفهم أن اللقاء السري بين عون والحريري الذي عقد دون الإعلان عنه لم يحمل معه أي تطور بسرع في التأليف.
وذهبت الـO.T.V إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ قالت: لا حكومة في لبنان الا بناءً على «تمثيل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة»، وان رئيس الجمهورية يُصدر مرسوم التأليف بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء، وان على الحكومة ان تتقدّم من مجلس النواب ببيانها الوزاري لنيل الثقة في مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم التشكيل، فضلاً عن اعتماد معيار واحد في عملية تشكيل الحكومة، فحكومة الاختصاص لا تعمل بمعزل عن مبدأ حفظ التوازن الوطني.
لكن امين سر تكتل لبنان القوي رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أعلن أن رئيس الجمهورية يعمل بشكل جدي ومتابعة حثيثة لحل عقد التأليف الحكومي مع الرئيس المكلّف، وهناك حِرص على ان تبصر الحكومة النور سريعاً.
وقال كنعان: اذا اعتمد معيار واحد للتأليف يمكن ان نرى حكومة خلال 24 ساعة خصوصاً ان لا ترف للوقت ونحن في وضع حساس.
بالمقابل عضو كتلة المستقبل النائب محمد حجار قال: ان البحث بات في مسألة الاسماء. والاسماء التي سترد في الحكومة ستلبي معايير النزاهة والاختصاص والكفاءة ومن ليس مرتاحا للتشكيلة الحكومية فليتوجه إلى مجلس النواب ويعارض. والحريري مصرّ على الالتزام بالمبادرة الفرنسية وشروطها وتأليف حكومة اختصاصيين تنفذ الاصلاحات واعتقد ان الحديث عن وجود معايير متفاوتة بالتشكيل هو ذريعة لتبرير العرقلة.
وفي السياق، أعلن المستشار الإعلامي للرئيس المكلف حسين الوجه ان اليوم، لا مؤتمر صحفي على جدول أعمال الرئيس الحريري.
مجلس الامن: دعوة لعدم تأخير الحكومة
دولياً، كشف المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش أنه «قدم إحاطة الى مجلس الأمن حول الوضع في لبنان، حاشداً الدعم للبلد ولشعبه الذي يعاني من أزمة وجودية متفاقمة.»
وقال في تغريدة: في المقابل، رسالة مجلس الأمن الى قادة لبنان واضحة: شكلوا حكومة دون مزيد من التأخير، حكومة فعالة وقادرة على الإصلاح والتغيير، حكومة تعمل ضد الفساد ومن أجل العدالة والشفافية والمساءلة. هل سيصغون؟
إلى ذلك، ذكر مصدر دبلوماسي (رويترز) شارك في محادثات جرت في بيروت الأسبوع الماضي إن باتريك دوريل مستشار ماكرون لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قال في المحادثات أنه «رغم حفاظ باريس على تعهداتها، فإنه لن يكون هناك إنقاذ ما لم تكن هناك إصلاحات».
وقال دبلوماسي غربي إن «فرنسا مازالت تحاول استضافة مؤتمر لبحث إعادة البناء في بيروت بنهاية تشرين الثاني لكن الشكوك قائمة»، وأضاف: «لا توجد أي تطورات. الساسة اللبنانيون عادوا إلى أسلوبهم في العمل، والمقلق هو التجاهل التام للشعب».
وطلبت وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم من رئيس الجمهورية والحكومة بعد لقاء المصالحة الذي عقد في قصر بعبدا مع النائب كنعان، برعاية الرئيس عون، توجيه رسالة حاسمة لحاكم مصرف لبنان ليقدم المستندات المطلوبة أو الأجوبة التي تحتاج إليها شركة Alverz and mavd فوراً.
القطاع التجاري محبط
اقتصادياً، وازاء الخسائر التي تصيبه من جرّاء الاقفال القسري بسبب كورونا رأى القطاع التجاري، في اجتماع استثنائي، عقده برئاسة رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، ان القطاع يشعر بالاحباط، إزاء الظم الذي يتعرّض له، واصفاً الاستثناءات المختلفة والحالات الخاصة، تجعل من القرار معوجاً ومشبوها، ولا يستقوي الا على القطاع التجاري، متسائلاً: «هل نسي المسؤولون ان الظلم في السوية عدل في الرعية».
وأعلن شماس بعد الاجتماع رفضه «شيطنة القطاع وتصنيفه بالنشاط غير الأساسي وغير الحيوي في الاقتصاد الوطني».
وطالب بردّ الإعتبار الى القطاع التجاري: معنوياً من حيث الإقرار بمركزية دوره على الساحة الإقتصادية اللبنانية، ومادياً من خلال التعويض أو السماح بمزاولة العمل أسوة بالقطاعات الأخرى.
وكرر أن القطاع التجاري لم يكن يوماً جزءاً من المشكلة، إنما كان على الدوام جزءاً كبيراً من الحل.
اليوم الرابع
وفي اليوم الرابع للاقفال، سجلت خروقات في غير منطقة، وسجل العداد اليومي رقماً مماثلاً لعدادات ما قبل قرار التعبئة الحالي، الأمر الذي عالجته القوى الأمنية بزيادة بحق السائقين، لا سيما العموميين منهم، الأمر الذي دفع بوزير الداخلية محمّد فهمي، من بكركي للكلام عن إمكانية إعادة النظر تقييمه، يجري بعد غد الجمعة، وجرت الاستعانة بالجيش، الذي رمى منشورات فوق صيدا للحث على الالتزام بالاقفال.
عداد المحاضر
وارتفع عداد محاضر الضبط بشكل خطير، إذ كشفت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ان مجموع محاضر الضبط التي نظمت بحق مخالفين، اعتباراً من 14/11/2020 لغاية تاريخ بغل 11939 محضراً.
وأعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 1507 إصابة جديدة بالكورونا و12 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 107953 مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
البناء
ترامب يبدأ الانسحاب من العراق… و4 صواريخ تستهدف السفارة الأميركيّة في بغداد
الاستعصاء الحكوميّ أقفل باب التفاهمات في لقاء بعبدا الأخير بين عون والحريري
واشنطن ترسم سقف الحكومة بإبعاد المعاقبين… واعتذار الحريري بين النفي والتأكيد
كتب المحرّر السياسيّ
تبدو المنطقة على موعد مع تطوّرات متسارعة تعكس الارتباك الأميركي بعد الانتخابات الرئاسية، تحت سقف معادلات الردع التي ينتجها وقوع كيان الاحتلال تحت تهديد صواريخ المقاومة من الشمال والشرق والجنوب، حيث تتحوّل الأحاديث عن الضربات العسكرية الى مشاريع حرب نفسيّة منقوصة بغياب القدرة على ترجمة الأقوال بالأفعال، بينما بات لدى كيان الاحتلال ما يكفي من الوقائع المعلن منها وغير المعلن يقول إن أمن الكيان سيكون ثمن أي مغامرة أميركية في المنطقة، وعلى إيقاع الردع صار قرار الانسحاب هو التعبير الممكن عن محاولات خلط الأوراق، وجاء الجواب بأربعة صواريخ على منطقة السفارة الأميركية في بغداد.
لبنان ليس بعيداً عن هذا المناخ الدولي والإقليمي، حيث فشل الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بالحصول على هامش للحركة الفرنسية، تحت عنوان تحييد المشروع الحكومي في لبنان وبالتالي مشروع النهوض الاقتصادي، عن المواجهة التي تخوضها واشنطن ضد إيران وحزب الله، وكانت نتائج الاجتماع الذي ضمّ الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وانتهى إلى تشديد الأميركيين على المضي قدماً بمسار العقوبات والإصرار على تشكيلة حكوميّة تتناغم مع هذا المسار، فتستبعد المعاقبين عن الحكومة وتظهر تراجع قدرتهم على فرض حضورهم، وهذا هو الاستنتاج الذي صاغته مصار متابعة للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، حيث ظهرت للمرة الأولى صعوبة التفاهم وتدوير الزوايا، في ظل ما وصفته المصادر بسعي الحريري لتحجيم دور رئيس الجمهورية في الشراكة بتأليف الحكومة بوزيرين كما نقلت قناة المنار، بينما عكست المواقف الصادرة عن التيار الوطني الحر الاعتقاد بأن الحريري يعمل تحت سقف الشروط الأميركية المتمسكة بتظهير نتائج العقوبات على رئيس التيار الوطني الحر بتحجيم مكانة التيار في الحكومة.
في مناخ التأزم المعترف به بصورة شبه علنيّة من فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف للمرة الأولى بعد إصرار طويل على تعميم المناخات الإيجابية عن لقاءات الرئيسين، تم التداول بمعلومات عن إمكانية إعلان الرئيس الحريري اعتذاره عن تحمّل مسؤولية تشكيل الحكومة، بصورة يحمل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر مسؤولية الفشل في تأليف حكومة جديدة، لكن مصادر مواكبة للملف الحكومي قالت إنه وفقاً لما لديها من معلومات فإن الحريري ليس بوارد الاعتذار، وإن تسريب هذه المعلومة هو جزء من الضغط على رئيس الجمهورية ليتمّ التراجع عن بعض المطالب.
لم تخرج معلومات شافية من قصر الإيليزيه الذي شهد سلسلة اجتماعات فرنسية – أميركية وأخرى بين المسؤولين الفرنسيين أنفسهم حول الملف اللبناني والحكومي تحديداً، فيما غابت الحركة السياسية في بيروت على خط بعبدا – بيت الوسط بانتظار نتائج مشاورات باريس للبناء على الشيء مقتضاه.
وأشارت مصادر «البناء» إلى أن «العقد الداخلية لا زالت على حالها بانتظار استكمال الوساطة الفرنسية بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري المعنيين بتأليف الحكومة والتي ستدخل في تفاصيل التأليف»، لافتة الى أن «المفاوضات عادت الى نفطة الصفر واللقاء الاخير بين الرئيسين عون والحريري الاثنين الماضي أكد ذلك، فالرئيس عون عاد للتسويق لصيغة الـ 20 وزيراً التي تسمح لأوسع تمثيل ممكن للمكوّنات والكتل النيابية كما أصرّ على وضع قواعد ومعايير موحّدة للتأليف، إلا أن الحريري يتمسك بصيغته التي طرحها منذ تكليفه أي 18 وزيراً مع مبدأ المداورة مع استثناء المالية لثنائي أمل وحزب الله». وشددت المصادر على أن «العقوبات الأميركية على النائب جبران باسيل والمتوقعة على شخصيات سياسية لبنانية أخرى ستعقد مسار التأليف لا سيما أن الدخول الأميركي على خط التأليف مجدداً ألقى بتداعياته السلبية على موضوع الحكومة، خصوصاً أنه رسالة سلبية الى الرئيس المكلف لجهة تمثيل حزب الله في الحكومة».
وأمس، سرت معلومات لم يعرف مصدرها عن توجه الرئيس الحريري لتقديم اعتذاره عن التأليف، لكن أوساطاً سياسية مطلعة على موقف الحريري، أكدت لـ«البناء» أن الحريري لن يعتذر وكل كلام في هذا السياق محض إشاعات ولفتت الى ان الحريري يستعدّ لتقديم مسودة لتشكيلة حكومية وأسماء خلال وقت قريب الى رئيس الجمهورية ويعود له إبداء الرأي وتقديم الملاحظات وفقاً للدستور». ونفت الاوساط ان يكون الحريري «قدّم أية وعود لأي طرف سياسيّ حتى وزارة المال التي التزم الحريري بأن تكون للطائفة الشيعيّة لمرة واحدة لكن لم يمنح الحق بتسميتها للثنائي أمل وحزب الله»، كما نفت ان يكون الحريري اعتمد «مبدأ المحاصصة في التأليف مع القوى السياسية». وشددت الاوساط على ان الحريري «متمسك بالدستور وبأصول تأليف الحكومة وفق المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان من ازمته المالية والاقتصادية».
وفي المقابل أكدت مصادر 8 آذار لـ«البناء» أن «الرئيس المكلف يتحمل مسؤولية التأخير بولادة الحكومة لتشبثه بشروطه المموّهة بأهداف اصلاحية ومن ورائه الأميركيون والسعوديون، أما الاهداف الحقيقية فهي استكمال المشروع الخارجي للسيطرة على لبنان مالياً واقتصادياً وسياسياً والذي بدأ منذ تشرين الأول 2019 وتوّج بتفجير مرفأ بيروت على أن ينتهي بتنازلات يقدّمها لبنان تتجسّد بحكومة يترأسها الحريري بالشروط الأميركيّة: حكومة بلا حزب الله وحلفائه – ترسيم الحدود النفطية والغازية لمصلحة «إسرائيل» – تجميد عودة النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين».
وحذرت المصادر من أن السلاح المقبل سيكون فرض المزيد من العقوبات واستخدام لعبة الدولار للضغط السياسي على فريق المقاومة ورئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق ترددت معلومات عن عقوبات أميركية على رئيس الجمهورية تمهيداً لعزله سياسياً، لكن مصادر مطلعة على موقف بعبدا نفت لـ«البناء» صحة هذه المعلومات، واضعة إياها في خانة الإشاعات واستهداف الرئيس عون. فيما قللت مصادر سياسية من قيمة العقوبات، مؤكدة أن تداعياتها لم تأتِ على قد توقعات واضعيها.
وحتى ذلك الحين تتزايد المخاوف من انهيارات اضافية على المستوى المالي والاقتصادي ما ينذر بفوضى اجتماعية وتحركات في الشارع يحضر لها في غرف إعلامية وسياسية، ولفت في هذا السياق كلام الوزير السابق التابع للقوات اللبنانية ملحم الرياشي قوله بأننا «ذاهبون الى كارثة وفي حال استمرّ الركود في الملف الحكومي فنحن كقوات ذاهبون الى مقاومة سلميّة على الأرض قد تصل الى العصيان المدني».
في المقابل جدّد تكتل لبنان القويّ خلال اجتماعه الدوري الكترونياً برئاسة باسيل دعوته «للإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ تنفّذ البنود الإصلاحية التي تضمّنتها المبادرة الفرنسية وتحصّن الاستقرار والتضامن الوطني في مرحلة هي من أخطر المراحل التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط وسط مؤشرات عدّة متناقضة وغير مطمئنة».
واعتبر التكتل أن «موقفه المسهّل نابع من إدراكه خطورة الوضع، ولذلك يشدّد على ان يتم اعتماد معيار واحد في عملية تشكيل الحكومة ليتأمّن لها اوسع دعم نيابي وسياسي وشعبي ممكن. ويؤكّد التكتل ان حكومة الاختصاص والخبرة والكفاءة لا يمكنها ان تعمل وتنجز بمعزل عن مبدأ حفظ التوازن الوطني الذي لا يمكن تجاوزه او التنازل عنه». ونبّه التكتل الى «وجود معطيات اكيدة ومؤشرات مقلقة توحي برغبة البعض بالعودة 15 سنة الى الوراء الى زمن الإقصاء والتهميش، وهو أمر يعاكس مسار الاستقرار الوطني».
وفي سياق ذلك لفت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه الى أن «السفيرة الأميركية لم تقنعني في أسباب العقوبات على باسيل، لأنها لم تعطني اي مستندات، وقالت ان المستندات لدى إدارتها، وهي وعدتني بمراجعة ادارتها لدى طلبنا تسلّم القضاء اللبناني لملفات الفساد». واعتبر أن «العقوبات على باسيل سياسية لأنها لم تصدر عن سلطة قضائية أميركية».
في غضون ذلك، وبعد ورود معلومات عن قرار اماراتي سيتخذ حيال لبنان، أعلن سفير لبنان في دولة الإمارات فؤاد دندن في حديث للـ»ال بي سي» أنه لم يتبلّغ أي شيء رسمي بخصوص الخبر الذي يتم التداول به عن وقف إصدار تأشيرات فيزا سياحية إلى دبي للبنانيين»، وأشار إلى أنه تواصل مع مسؤولين في وزارة الخارجية الإماراتية وأكدوا أن ما من قرار رسمي من هذا النوع».
وعلى الرغم من إقفال البلاد واصل عدد الإصابات بالارتفاع. واذ أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1507 إصابات بفيروس كورونا ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ بدء انتشار الوباء في شباط الفائت إلى 107953.
وسجل لبنان 12 حالة وفاة ليرتفع العدد التراكمي للوفيات إلى 839.
وعقدت الهيئات التجارية اجتماعاً طارئاً واستثنائياً في جمعية تجار بيروت، للتشاور حول كيفية تعاطي القطاع التجاري مع قرار الإغلاق الكامل. وأشار رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس إثر اللقاء أن «وصف هذا الإغلاق بالعام والتام والشامل، فهو اسم على غير مسمّى، لأن الاستثناءات المختلفة والحالات الخاصة المتعدّدة تجعلان منه قراراً أعوج ومستهجناً ومشبوهاً، لا يطال ولا يستقوي إلا على القطاع التجاري المنكوب».
وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ان «من اليوم حتى يوم الجمعة بناءً على عدد الإصابات قد نُعيد فتح بعض المصالح».
وأكد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي بعد اجتماع لجنة الصحة النيابية، ان «علينا ترشيد دعم الدواء لأن مصرف لبنان لم يعد قادراً على استيراد جميع الأدوية». وقال: «يجب دعم الأدوية الأساسية والمهمة مثل الضغط والقلب والسكري والجهاز العصبي، وهناك أدوية كثيرة مدعومة حالياً ولا لزوم لها». واشار الى ان «الإقفال التام له هدفان، الاول إراحة القطاع الطبي والتمريضي بسبب ارتفاع الإصابات والثاني زيادة عدد الاسرة وتجهيز المستشفيات الخاصة لفتح اقسام لكورونا»، مشدداً على «توحيد معايير علاج كورونا، وإلا فلن نجد أسرة في المستشفيات على رغم زيادتها سواء في أقسام العناية أو العزل».
ونشرت قوى الأمن عبر حسابها على «تويتر»، «مجموع محاضر مخالفات قرار التعبئة العامة المنظمة حتى الآن بلغ 10479 محضر ضبط. ودعا الجيش اللبناني المواطنين الى التقيّد بإجراءات التعبئة العامة والالتزام بالحجر المنزلي، عبر مناشير ألقتها المروحيات فوق المناطق اللبنانية.
المصدر: صحف