منذ عام واحد تولى ماتياس موللر منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة «فولكس فاغن»، أكبر منتج سيارات في أوروبا في أعقاب تفجر فضيحة تلاعب المجموعة بنتائج اختبارات العوادم في الملايين من سياراتها في مختلف أنحاء العالم.
وأمس وبعد مرور عام كامل مازالت المجموعة تكافح للتغلب على تداعيات الفضيحة واستعادة سمعتها التي تضررت بشدة.
وقد بدأت مبيعات سيارات الشركة في الارتفاع مجددا في الشهور الأخيرة، في الوقت الذي استقر فيه سعر سهمها بعد أن فقد أكثر من 40 في المئة من قيمته في أعقاب تفجر الفضيحة، واعتراف «فولكس فاغن» للسلطات الأمريكية باستخدام برنامج كمبيوتر معقد يخفض كميات العوادم الصادرة عن السيارات التي تعمل بمحرك ديزل (سولار) مقارنة بالكميات الحقيقية التي تصدر أثناء السير في ظروف التشغيل الطبيعية. كما اعترفت بأنها استخدمت هذا البرنامج غير المشروع في حوالي 11 مليون سيارة.
ومع ذلك فإن موللر (63 عاما) مازال مضطرا لقيادة الشركة داخل حقل ألغام من الدعاوى القضائية والتحقيقات الرسمية وعمليات استدعاء ملايين السيارات المعيبة والتي يقدر المحللون تكاليفها بحوالي 35 مليار يورو (40 مليار دولار).
يقول فرانك شوبه، المحلل في بنك «نورد إل.بي» الألماني ان القضايا المختلفة يمكن أن تستمر لمدة 10 سنوات على الأقل، وهو ما يعني أن التكاليف الحقيقية للفضيحة لن تعرف بشكل قاطع قبل 10 سنوات على أقرب تقدير.
في الوقت نفسه تضررت شركات أخرى الفضيحة بما في ذلك شركة «أودي» للسيارات الفارهة التابعة لمجموعة «فولكس فاغن» وشركة مكونات السيارات «بو»، والتي يقول محامون أمريكيون إنها ساعدت في تصميم أجهزة التلاعب بنتائج اختبارات العوادم.وقال موللر في وقت سابق من الشهر الحالي «هناك بالطبع عقبات». وكان موللر قد تولى مسئولية الشركة في ذروة أكبر أزمة تواجهها في تاريخها الممتد لنحو 78 عاما.
وأضاف موللر « مع ذلك فإن فولكس فاغن حققت تقدما كبيرا خلال الشهور الأثني عشر الأخيرة».
وكان موللر قد أطلق بالفعل برنامجا كبيرا لخفض النفقات في الشركة الموجود مقرها في مدينة فولفسبورغ شمال ألمانيا، كما ألغى توزيعات أرباح العام الحالي كجزء من جهود تمويل فاتورة الفضيحة.
وقال موللر «لا يمكننا إعادة الزمن إلى الوراء»، مضيفا إن مهمة الشركة هي «القيام بأي شيء لاستعادة الثقة المفقودة».
وفي محاولة لاحتواء أي معارضة من جانب النقابات العمالية القوية في «فولكس فاغن» لخطط التقشف وإعادة الهيكلة، اضطر موللر إلى الموافقة في وقت سابق من العام الحالي على وضع خطط للاستثمار وحماية الوظائف.
كانت المرة الأخيرة التي وافقت فيها الشركة على عقد عمل مع النقابات لحماية الوظائف في عام 1993، في ذروة الأزمة الاقتصادية التي شهدتها أوروبا والتي أجبرت الشركة على تشغيل عمالها 4 أيام أسبوعيا فقط.
ومؤخرا حاولت «فولكس فاغن» احتواء تداعيات فضيحة العوادم من خلال سلسلة من التحركات الشجاعة التي تركز على خطط التطوير المستقبلية بما في ذلك زيادة الاستثمار في السيارات الكهربائية.
كما أعلنت الشركة في وقت سابق من الشهر الحالي تعزيز وجودها في سوق العربات الثقيلة الأمريكية من خلال شراء حصة بقيمة 229 مليون يورو في شركة صناعة الشاحنات الأمريكية «نافيستار» الموجودة في ولاية إيلينوي.
وتصر «فولكس فاغن» على أنها ستنتهي من عملية استدعاء سيارات الديزل المتضررة من فضيحة العوادم في أوروبا العام المقبل، في حين أن حوالي نصف هذه السيارات التي يبلغ عددها في أوروبا 8.5 مليون سيارة مازالت تحتاج إلى إصلاح.
في الوقت نفسه فإن المشكلات القانونية التي تواجهها الشركة على خلفية الفضيحة تتزايد. فقد أعلنت ولايتان ألمانيتان أخريان يوم الجمعة الماضي اعتزامهما مقاضاة الشركة بسبب الخسائر التي تعرضتا لها نتيجة خسائر أسهمهما في «فولكس فاغن» منذ الفضيحة.
في المقابل نجحت الشركة في التوصل إلى تسوية مع أصحاب السيارات المعيبة في الولايات المتحدة والسلطات الأمريكية بقيمة 14.7 مليار دولار، في حين مازال حوالي 85 ألف قضية قائمة ضد الشركة.
كما يوجد العديد من الدعاوى القضائية ضد الشركة في الولايات المتحدة معلقة.
وتتهم ولاية ميريلاند وماساشوستس نيويورك وبنسلفانيا الأمريكية «فولكس فاغن» بانتهاك قوانين البيئة لديها، في الوقت الذي فرضت فيه ولاية واشنطن غرامة عليها بقيمة 176 مليون دولار.
وأخيرا فإن وزارة العدل الأمريكية مازالت تحقق في الشق الجنائي للفضيحة حيث لم تحدد بعد ما إذا كانت الشركة قد ارتكبت أعمالا جنائية في هذه الفضيحة أم لا، وهو ما يعني أن «فولكس فاغن» قد تواجه المزيد من الغرامات في المستقبل.
المصدر: وكالات