توصل العلماء إلى أن نوعا نادرا من الدم، يوجد فقط في أجزاء من شرق إفريقيا، يمكن أن يساعد الجسم على مقاومة الملاريا بشكل أفضل من أهم اللقاحات.
ودرس الباحثون كيف تدافع فصيلة الدم مع متغير “دانتو” (Dantu)، المكتشفة في كينيا، عن نفسها ضد أخطر الطفيليات التي تنقل الملاريا، وخلصت إلى أنها يمكن أن توفر حماية عالية ضد المرض.
ووجد الباحثون أن نوع دم “دانتو” النادر، الذي تم تحديده عام 2017، والموجود بانتظام فقط في أجزاء من شرق إفريقيا، وهو شذوذ وراثي يتعلق بخلايا الدم البشرية التي يبدو أنها توفر مقاومة طبيعية مذهلة للملاريا، يؤمن درجة معينة من الحماية ضد الملاريا. وتوصل فريق دولي من الباحثين الآن إلى كيفية زيادة الحماية ضد المرض.
وتسبب الملاريا خمسة أنواع من طفيليات البلازموديوم التي ينقلها البعوض، والتي تودي بحياة نصف مليون شخص في جميع أنحاء العالم، كثير منهم من الأطفال (61%).
ويعمل المرض عن طريق التسلل إلى خلايا الدم الحمراء باستخدام نظام “القفل والمفتاح”. وفي حين أن الكثير من أبحاث اللقاحات ركزت على تغيير القفل على خلايا الدم لدينا أو اختطاف المفتاح، فإن البديل الجيني ” دانتو” يلغي الباب نفسه.
وتشرح عالمة الوراثة سيلفيا كاريوكي من برنامج KEMRI-Wellcome Trust Research في كينيا، أن الطفيليات تتسلل إلى خلايا الدم الحمراء باستخدام نظام “الباب القابل للقفل”.
وأضافت: “في الواقع، يزيد متغير دانتو قليلا من التوتر السطحي لخلايا الدم الحمراء. يبدو الأمر كما لو أن الطفيلي ما يزال لديه مفتاح القفل، لكن الباب ثقيل جدا بحيث يتعذر عليه فتحه”.
وركز البحث في لقاح ضد المرض على تغيير “قفل” خلايا الدم الحمراء لدينا أو التلاعب بـ “المفتاح”، ولكن الحلول التي تم العثور عليها توفر فقط 35٪ حماية ضد أكثر أشكال المرض فتكا، في أحسن الأحوال، بينما يمكن لفصيلة دم “دانتو” أن تلغي “الباب” نفسه بنسخة من الجين، ما يوفر حماية تصل إلى 40% ضد جميع أشكال الملاريا الخطيرة.
وفي مدينة كيليفي الساحلية، وفرت نسخة واحدة من جين دانتو ما يصل إلى 40% من الحماية ضد جميع أشكال الملاريا الحادة. وعندما ورث الأفراد نسختين، من الأبوين، وصلت تلك المقاومة إلى 74%.
وهذا يكاد يكون مساويا لخاصية الخلايا المنجلية، التي تشتهر بحمايتها من الملاريا والأمراض الخطيرة التي يمكن أن تصاحب النسخ المتعددة.
ومع ذلك، لا يبدو أن نسختين من جين دانتو تسببان أي آثار صحية ضارة، إنها ببساطة تضيف المزيد من الحماية ضد الملاريا.
ومن خلال تحليل عينات الدم من 42 طفلا يتمتعون بصحة جيدة في كيليفي، اختبر الباحثون كيفية استجابة خلايا الدم الحمراء في “دانتو” للمتصورة المنجلية، وهي أكثر أشكال الملاريا فتكا.
ويكشف مقطع فيديو مجهري أن خلايا الدم الحمراء لـ”دانتو” تمنع هذا الطفيل من الدخول عن طريق إنشاء غشاء خلية أكثر إحكاما، وهو دفاع غير معروف سابقا.
ويعتقد الباحثون أنه من خلال تغيير تعبير بروتينات غشاء معينة، فإن متغير جين “دانتو” يسحب الخلية مشدودة مثل الأسطوانة، ما يوقف العدوى في النهاية ويزيد من انتشار الدم.
وبعد تصوير عينات الدم بدقة عالية، وجد الفريق المزيد من الطفيليات المتشابكة في خلايا الدم الحمراء مع توترات سطحية منخفضة.
وقد يفسر هذا سبب ميل المتصورة المنجلية (طفيلي الملاريا الأكثر انتشارا في القارة الإفريقية) إلى تفضيل خلايا الدم الحمراء الأصغر سنا، والتي تتميز بتوتر أقل بشكل عام.
وحتى بين الأطفال الذين ليس لديهم نسخ جينية لـ”دانتو”، وجد الباحثون أن شد الأغشية له تأثير على عدوى الملاريا.
وإذا تمكن الباحثون من معرفة كيف يؤثر جين “دانتو” بالضبط على توتر الغشاء، فقد يتمكنون من بناء لقاح يقوم بإيقاف آلية “القفل والمفتاح” بطريقة مماثلة، ما يوفر حماية أكبر بكثير ضد هذا الطفيل القاتل.
وتقول عالمة الفيزياء الحيوية فيولا إنترويني من جامعة كامبريدج: “يحتاج غشاء الخلية الحمراء فقط إلى أن يكون أكثر توترا قليلا من المعتاد لمنع طفيليات الملاريا من الدخول. وتطوير دواء يحاكي هذا التوتر المتزايد يمكن أن يكون طريقة بسيطة لكنها فعالة للوقاية من الملاريا أو علاجها”.
المصدر: ساينس الرت