أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنه “لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي، كما أن الدستور لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف أو لأي فريق من الأفرقاء كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور”.
وتقدم الرئيس عون باقتراح “للقيام بالخطوة الأولى في اتجاه مدنية الدولة، عبر الغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة بل جعلها متاحة لكل الطوائف”.
وكشف رئيس الجمهورية أن الرئيس المكلف قام بأربع زيارات له، ولم يستطع أن يقدم أي تصور أو تشكيلة أو توزيع للحقائب أو الأسماء، وهو لا يريد الأخذ برأي رؤساء الكتل في توزيع الحقائب وتسمية الوزراء ويطرح المداورة الشاملة، فيما كتلتا التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة تصران على التمسك بوزارة المالية وعلى تسمية الوزير وسائر وزراء الطائفة الشيعية.
وشدد على أن “لا الاستقواء على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي، وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتوازن هو ما سيأخذنا الى الاستقرار والنهوض”.
وأوضح الرئيس عون ردا على سؤال، ان “الجميع طالب منذ البداية وحتى اليوم بالثلث الضامن”، موضحا ان “الحكومة مجتمعة تشكل السلطة الإجرائية وان وزيرا منفردا لا يؤمن المشاركة في السلطة الإجرائية بل جميع الوزراء مجتمعين”.
وعن الأصوات المطالبة بفك تفاهم مار مخايل، اكد ان “هذا الامر لم يجر لكن ذلك لا يمنع من ان يبدي كل فريق رأيه عندما لا يكون هناك تفاهم حول موضوع ما”.
كلام الرئيس عون جاء في مؤتمر صحافي عقده عند الثانية والنصف من بعد ظهر اليوم في القصر الجمهوري، عرض في خلاله آخر التطورات في موضوع تشكيل الحكومة.
واستهل الرئيس عون المؤتمر بكلمة جاء فيها:
“نحن اليوم أمام أزمة تشكيل حكومة، لم يكن مفترضا أن تحصل لأن الاستحقاقات التي تنتظر لبنان لا تسمح بهدر أي دقيقة. ومع تصلب المواقف لا يبدو في الأفق أي حل قريب لأن كل الحلول المطروحة تشكل غالبا ومغلوبا.
لقد طرحنا حلولا منطقية ووسطية ولكن لم يتم القبول بها من الفريقين، وتبقى العودة الى النصوص الدستورية واحترامها هي الحل الذي ليس فيه لا غالب ولا مغلوب.
أربع زيارات للرئيس المكلف ولم يستطع أن يقدم لنا أي تصور أو تشكيلة أو توزيع للحقائب أو الأسماء، ولم تتحلحل العقد، التي يمكن تلخيصها بالتالي:
– الرئيس المكلف لا يريد الأخذ برأي رؤساء الكتل في توزيع الحقائب وتسمية الوزراء ويطرح المداورة الشاملة، ويلتقي معه في هذا الموقف رؤساء حكومات سابقون. ويسجل له أنه يرفض التأليف إن لم يكن ثمة توافق وطني على التشكيلة الحكومية.
– كتلتا التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة تصران على التمسك بوزارة المالية وعلى تسمية الوزير وسائر وزراء الطائفة الشيعية الكريمة. ويسجل لهما التمسك بالمبادرة الفرنسية.
عندما تفاقمت المشكلة واستعصت قمت بمشاورات مع ممثلين عن الكتل النيابية لاستمزاج الآراء، فكانت هناك مطالبة بالمداورة من قبل معظم من التقيتهم، ورفض لتأليف الحكومة من دون الأخذ برأيهم، أما موقفي من كل ما يحصل فهو التالي:
– لا يجوز استبعاد الكتل النيابية عن عملية تأليف الحكومة لأن هذه الكتل هي من سيمنح الثقة أو يحجبها في المجلس النيابي، وإن كان التأليف محصورا بالتوقيع بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية. كما لا يجوز فرض وزراء وحقائب من فريق على الاخرين خصوصا وأنه لا يملك الأكثرية النيابية.
– لا ينص الدستور على تخصيص أي وزارة لأي طائفة من الطوائف أو لأي فريق من الأفرقاء كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور.
إن المشاركة في السلطة الاجرائية هي من خلال الحكومة وتمارس من قبل الوزراء وفق المادتين 65 و 66 من الدستور، ما يجعل جميع الوزراء متساوين كل في شؤون وزارته ومن خلال العضوية في مجلس الوزراء، وليس لأحد أن يفرض سلطته على الاخر من خارج النصوص الدستورية.
أما السلطة الإجرائية فقد ناطها الدستور بمجلس الوزراء مجتمعا وليس برئيسه أو أي من أعضائه فتتحقق المشاركة في صناعة القرار الإجرائي وفق آليات الدستور. ورئيس الجمهورية الذي يمارس وظيفة رئاسة الدولة، يرئس مجلس الوزراء حين يحضر، ويشارك في المداولات إلا أنه لا يصوت، ما يجعله الوحيد في مجلس الوزراء الذي لا مشاركة فعلية له في السلطة الاجرائية.
إن التصلب في الموقفين لن يوصلنا الى أي نتيجة، سوى المزيد من التأزيم، في حين أن لبنان أكثر ما يحتاجه في ظل كل أزماته المتلاحقة، هو بعض الحلحلة والتضامن ليتمكن من النهوض ومواجهة مشاكله.
من هنا أتوجه الى جميع اللبنانيين، مواطنين ومسؤولين، بينما نلمس جميعا عقم النظام الطائفي الذي نتخبط به والأزمات المتلاحقة التي يتسبب بها، وبينما استشعرنا ضرورة وضع رؤية حديثة لشكل جديد في الحكم يقوم على مدنية الدولة، اقترح القيام بأول خطوة في هذا الاتجاه عبر الغاء التوزيع الطائفي للوزارات التي سميت بالسيادية وعدم تخصيصها لطوائف محددة، بل جعلها متاحة لكل الطوائف فتكون القدرة على الإنجاز وليس الانتماء الطائفي هي المعيار في اختيار الوزراء.
فهل نقوم بهذه الخطوة ونبدأ عملية الانقاذ المتاحة أمامنا أم سنبقى رهائن الطائفية والمذهبية؟
لا الاستقواء على بعضنا سينفع، ولا الاستقواء بالخارج سيجدي، وحده تفاهمنا المبني على الدستور والتوازن هو ما سيأخذنا الى الاستقرار والنهوض”.
حوار
ثم أجاب الرئيس عون على أسئلة الصحافيين، وسئل عن الموانع من حصول مؤتمر مصالحة لبناني على غرار “الطائف” ولكن في لبنان في ظل شبه قناعة داخليا وخارجيا من ان طريقة تطبيق النظام لم تعد مؤاتية للاكمال في مسيرة الدولة، فأجاب: “لقد وعدت بالحوار بعد انتهاء هذه المرحلة، وحتى الان لم تتألف الحكومة ولا المرحلة انتهت. ان ما يجب ان نقوم به بسرعة هو تأليف الحكومة، لكي نكون متوافقين على الأقل معها وفي ظلها وفي ظل الحل التي ستقدم عليه وما تقوم به من إصلاحات كي نتحاور”.
وعن سبب التشبث بعدم اسناد وزارة المالية للطائفة الشيعية كما يطالب كل من حركة “امل” و”حزب الله” من أجل تأمين المشاركة في القرار، لا سيما وان اي فريق وازن يحتاج لضمانات كما ان تشكيل الحكومة كان يعطل لاشهر من اجل مطالبة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بالثلث الضامن، فأجاب الرئيس عون: “لا تتحدثوا عن المرحلة الاخيرة فحسب، فالجميع طالب منذ البداية وحتى اليوم بالثلث الضامن”.
وعن الأصوات المطالبة بفك التفاهم مع حزب الله وعما اذا كان لا يزال “تفاهم مار مخايل صلبا”، أجاب رئيس الجمهورية: “لم يجر هذا الامر، لكن ذلك لا يمنع من أن يبدي كل فريق رأيه عندما لا يكون هناك تفاهم حول موضوع ما. وانا هنا ابدي رأيي المبني على الدستور. فالسلطة الإجرائية اناطها الدستور بمجلس الوزراء مجتمعا وليس برئيسه او أي من أعضائه، فتتحقق المشاركة في صناعة القرار الاجرائي وفق اليات الدستور. هناك وزراء في الحكومة والحكومة مجتمعة تشكل السلطة الإجرائية ولا يؤمن وزير منفرد المشاركة في السلطة الإجرائية بل جميع الوزراء مجتمعين”.
وعن حديث الأطراف عن المداورة وعما اذا التقى رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وطرح عليه ان يكون الضمانة ويسمي وزيرا للمالية ورفض النائب رعد كما جاء في الاعلام، فأجاب: “فلنفترض ان هذا الشيء حصل بيني وبينه فهل قال هو شيئا؟”.
وعن مبادرته لحل الازمة لا سيما وان الشعب اللبناني ينتظر نتيجة التحقيق بانفجار المرفأ وتشكيل حكومة لا علاقة لها بالسياسيين فيما الحديث عاد عن متاهة المحاصصة والخلاف على حقيبة وحصص وثلث معطل، فأجاب الرئيس عون: “يتم نسب المحاصصة للافراد، فيما يجب ان تنسب للطائفية التي نعتمدها جميعا في نظامنا. لقد طالبت بإلغاء هذه المحاصصة وذلك بتوزيع الوزارات السيادية كخطوة أولى على جميع النواب سواء عند المسيحيين او المسلمين، وحتى عند الأقليات، وليكن المعيار هو الكفاءة”.
سئل: لماذا لم تصدر نتيجة التحقيق بتفجير المرفأ الى اليوم؟ أجاب: “بالنسبة الى التحقيق، هناك الكثير من الأشخاص الذين لهم علاقة بالموضوع، وانتم تطلعون على كل من يتم استدعاؤه. التحقيق يحتاج الى وقت، ونحن لا نريد أن يحكم على انسان بريء، والقاضي لكي يحكم بالبراءة او يتهم بارتكاب جريمة يحتاج الى وقت”.
وعن طرح المداورة في الوزارات وخروج أصوات تطالب بإلغاء كل الأعراف المتعلقة بالطائفية بدءا من رأس الهرم، أجاب: “في الوزارة وفي الحكم لا شيء تغير، وهذا الطرح لا علاقة له بتأليف الحكومة. الامر الأول قائم على ركائز ثابتة متفق عليها وعلى أطرافها، ولكن في موضوع تشكيل الحكومة، هناك دوما تكليف لرئيس حكومة بتشكيلها. ما نقوله هو ان كل طائفة مهما كان حجمها لديها تمثيل بعدد محدد من الأشخاص في الحكومة، ويمكن تغيير هؤلاء، وهذا لا يستلزم تغييرا في الرؤساء. فعند وقوع أزمة كبيرة، من يمسك بالامور هم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة”.
سئل: هل صحيح ان “حزب الله” وحركة “امل” كانا مع المداورة في الحقائب قبل فرض العقوبات، ثم تغير موقفهما بعد العقوبات؟ وهل تخشى على المناصفة في المجلس النيابي في وقت لاحق؟ أجاب: “نحن نتحدث اليوم عن تغيير النظام وكل المواضيع يجب ان تدرس بالحوار للوصول الى اتفاق. انا لا يمكنني ان اجيب باسم الجميع”.
وعن مشاركة نادي رؤساء الحكومات السابقين للمرة الأولى في عملية تأليف الحكومة، وكيف ينظر الى هذا الموضوع، فأجاب: “في الواقع، صحيح هم يتدخلون، ولكن من جهة أخرى هم لم يخسروا حقوقهم المدنية وبامكانهم المساهمة، وكل الأحزاب تفعل ذلك. اما ان يقال ان الرئيس المكلف هو من يسمح بهذا الامر، فهذا موضوع آخر وشخصي”.
وعن رأي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بما طرحه اليوم، فأجاب: “لقد تشاورنا انا والرئيس ماكرون بالوضع القائم، وهو لا يؤلف الحكومة بل نحن من يقوم بذلك”.
سئل: اذا لم تتم الموافقة على ما طرحتم، فالى اين نحن ذاهبون؟ أجاب: “نحن ذاهبون إلى جهنم، وإلا لما كنت أتحدث اليوم”.
سئل: اذا كنت غير قادر على أن “تمون” على الخصوم السياسيين، لماذا لا تتمكن من “المون” على الحلفاء؟ أجاب الرئيس عون: “لأنهم على خلاف ولا يقبلون بالحل. الحل ليس عندي بل عندهم، وما عرضته اليوم هو كي يتفاهموا”.
وعما اذا كان سيطلب من رئيس الحكومة المكلف الاعتذار في حال وصلت الأمور الى حائط مسدود، فأجاب: “اذا طلبت منه الاعتذار واعتذر، فما الذي سيحصل؟ الطريقة التي لجأنا اليها هي اننا لم نسأل الأكثرية ما الذي تريده، بل طلبنا ان يتم تقديم 3 أسماء من الطائفة السنية لنختار واحدا منها وسنعود الى الموضوع نفسه في حال الاعتذار”.
وعما قاله حاكم مصرف لبنان من ان الاحتياط سينفذ في خلال شهرين، فأجاب: “نسأل القائمين على إدارة الأموال، لماذا وصلنا الى هنا؟ ونسأل القائمين على العدالة لماذا لا يسائلونهم؟ عندما طالبنا بالاموال المنقولة في الحقبة التي حصلت فيها الاحداث، لم يتحرك القضاء، ولم تطالب النيابة العامة التمييزية. انا احترم القوانين، ولا يمكنني اجراء انقلابات لأن لبنان قائم على الديموقراطية والتوازن بين مكونات المجتمع”.
سئل: نفهم من كلامك انه لا حكومة ستبصر النور قريبا، أجاب: “يمكن ان تحصل اعجوبة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام