ركزت افتتاحيات الصحف البنانية الصادرة صباح اليوم في بيروت على عقد التدقيق الجنائي المالي والتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، واستمرار عملية المسح والبحث عن ناجين تحت الركام والانقاض.
* الاخبار
التأمين الإلزامي: لا تدفع ولا تحيد من درب «الدفّيعة»!
نحو 90 مليار ليرة، تقريباً، تجنيها شركات التأمين، سنوياً، من بوالص السائقين المؤمَّنين لديها إلزامياً. الرقم كشفته لجنة الصحة النيابيّة، في شباط الماضي، لدى دراستها اقتراح قانون، لقي معارضة شرسة من شركات التأمين، يقضي بضمان وزارة الصحة للأضرار الجسديّة الناجمة عن حوادث السير. الاقتراح يعود إلى الواجهة، اليوم، مع إحالة وزير الداخليّة محمد فهمي (الرقم 5639) له، في حزيران الماضي، إلى أمانة سرّ اللجنة الوطنية للسلامة المروريّة للدرس وإبداء الرأي
بين تهرّب عدد من شركات التأمين عن التغطية بذريعة «العقود والشروط»، والتعثّر المالي لبعضها أخيراً، يبقى قسم كبير ممن يصابون بحوادث السير من دون تغطية استشفائيّة، رغم أنهم «مؤمّنون» إلزامياً. وبدل أن يقصد المتضرّرون، في حالات مماثلة، المؤسسة الوطنية للضمان الإلزامي أو لجنة الرقابة على هيئات الضمان للشكوى ضد الشركات التي تتخلّف عن الدفع، يلجأون إلى وزارة الصحة والضمان الاجتماعي للتغطية… ولأن هذا «اللجوء» واقعٌ حتماً، كان الاقتراح بأن تتكفّل وزارة الصحة بالتغطية الاستشفائية للمتضرّرين من حوادث السير، على أن تستوفي الرسوم منهم، بدل أن تقدم (ومعها الضمان الاجتماعي) هذه التغطية من دون مقابل، فيما لا تفعل معظم شركات التأمين سوى جباية الرسوم من حاملي البوالص.
اقتراح القانون الذي قدّمه النائب بلال عبد الله إلى المجلس النيابي، العام الماضي، اعترض عليه بشراسة، «تكتّل» الضامنين وشركات التأمين بحجّة عدم إمكانية تطبيقه، بسبب نقص الموظفين في الوزارة (!)، ولعدم قدرتها على الجباية، ولأسباب أخرى، فيما «بيت القصيد» في مكان آخر: هذه الشركات لن تتخلّى عن مصدر دخل رئيسي لا تنفق منه الكثير على حاملي البوالص.
الاقتراح أحيل إلى مجلس الوزراء، وأبدت بشأنه وزارة الماليّة مطالعتها (الرقم 2043، تاريخ 20/7/2019) ووزارة الصحة ملاحظاتها (الرقم 14578/1/19 تاريخ 1/10/2019) وهيئة إدارة السير والآليات والمركبات (وزارة الداخلية) مطالعتها (الرقم 31257/2019 تاريخ 5/3/2020). وهو لا يزال موضع نقاش في لجنة الصحة النيابية التي أعلنت، في جلسة في 18 شباط الماضي، لـ«اعتبارات متعلّقة بشموليّة الموازنة»، أنها مستعدّة لطيّ اقتراح عبد الله، شرط أن يقدّم وزير الاقتصاد (الذي تتبع لوصايته لجنة الرقابة على هيئات الضمان وشركات التأمين الإلزامي) «ضمانات بوقف عمل أي شركة تخالف هذا الأمر، واتخاذ إجراءات قاسية بحقها». بعد تلك الجلسة، دخل لبنان دوامة كورونا والتعبئة العامة والضغط الاستشفائي والاقتصادي، ولم تأتِ ضمانات وزارة الاقتصاد بمستوى الوضع المأزوم، فكانت أزمة إعلان شركات التأمين أنها لن تغطّي مصابي كورونا مثلاً، ثم ضجّة إعلانها (وتراجعها لاحقاً) عن استيفائها البوالص بالدولار… وهو ما يبيّن أن شركات التأمين الخاصة تضع الأولويّة لأرباحها الماليّة قبل صحّة حاملي بوالصها، في غياب الإجراءات الصارمة بحقّها، ما عدا ما تعلن عنه لجنة الرقابة على هيئات الضمان من «تفتيش» وتكريسها خطاً ساخناً للشكاوى.
رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي أوضح في اتصال مع «الأخبار» أن «الاقتراح لا يزال لدى اللجنة، إنما استجدّت مشاكل عدة، من بينها الوضع الصحّي، فلم يعد أولويّة. ولكن لا مانع من العودة لدرسه». وفيما تؤكد مصادر وزارة الداخلية أن «الاقتراح إيجابي ولا اعتراض من الوزارات على تكفّل الصحّة بالمصابين»، أشارت مصادر وزارة الصحة إلى «أننا طلبنا دراسة جدوى للسنوات الخمس الماضية، بشأن هذا الطرح، لنتبيّن التكاليف وقدرة الوزارة على التغطية مع ازدياد أعداد من باتوا بلا ضمان ممن فقدوا وظائفهم». وتضيف: «الاقتراح بحاجة إلى تعديلات، وربما الى إنشاء صندوق خاص بالوزارة».
تفخيخ عقد التدقيق الجنائي بدفاتر مصرف لبنان
سلك عقد التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان مساره التنفيذي يوم أمس بعد توقيع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال عليه. النسخة النهائية للاتفاق أثارت امتعاض رئيس الجمهورية ميشال عون، بموازاة انقضاض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على ما جرى عبر دراسة أعدّها محاموه تدّعي عدم جوازية توقيع المالية بالنيابة عن المركزي
بعد 10 أيام على تسليم وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني رئيس الجمهورية ميشال عون النسخة النهائية لاتفاقية التدقيق المالي الجنائي مع شركة Alvarez & Marsal، وقّع وزني العقد يوم أمس. الصيغة الموقّعة من وزير المالية جاءت مختلفة عما تمنّاه رئيس الجمهورية ميشال عون، على ما تقول المصادر، بعدما طلب من وزني الالتزام باقتراحَي هيئة التشريع والاستشارات: السماح لمجموعة «إيغمونت غروب» بأن تكون عضواً في اللجنة الرسمية اللبنانية التي ستتولى متابعة عمل «ألفاريز» للإشراف على مدى التزام هيئة التحقيق الخاصة بالقواعد الإلزامية التي تنظّم عملها، وإشراك هيئة الاستشارات بصفتها مستشاراً قضائياً مستقلاً للدولة، في اللجنة التي ستتابع عمل الشركة. يومها، أعرب وزني «عن تجاوبه مع طلب الرئيس عون، لكنه أشار الى فرضية عدم قبول شركة «ألفاريز» بهذه التعديلات، لافتاً الى أنه سيلتزم بما تقبله الشركة». على أن العقد الذي تبلغ قيمته مليونين و٢٢٠ ألف دولار، بصيغته الحالية، سينتج منه تقرير أولي سيأتي فارغاً من أي مضمون ومن أي محاسبة بسبب تقييد القوانين اللبنانية لعمل الشركة، وأبرزها قانونا السرية المصرفية والنقد والتسليف. وقد بدأ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبيل بدء تنفيذ عملية التدقيق بالانقضاض عليها. فوفقاً للمعلومات، أعدّ محامو سلامة دراسة تخلص الى عدم جواز وزارة المالية التوقيع بالنيابة عن مصرف لبنان كونه يتمتع بالاستقلالية المالية بموجب المادة 13 من قانون النقد والتسليف.
ما تقدّم يمهّد لرفض الحاكم التجاوب مع طلبات شركة «ألفاريز» التي يفترض أن تبدأ عملها فور توقيع العقد، أو في فترة أقصاها أربعة أو خمسة أيام. ويجب على فريق التدقيق (مكوّن من 16 شخصاً بشكل عام، لكن الفريق الدائم والمعني بعملية التدقيق يتألف من 9 أشخاص)، أن ينجز التقرير الأولي للتحقيق الجنائي في غضون عشرة أسابيع من تاريخ توقيع العقد. مصادر مقربة من الرئيس عون، أشارت الى «امتعاضه من صيغة العقد النهائية التي وقّعت يوم أمس».
مصادر «الماليّة»: وزني مُلزم بتوقيع العقد من دون تعديل
في المقابل، تشير مصادر وزارة المالية إلى أن «وزني، وخصوصاً في فترة تصريف الأعمال، مُلزم بتوقيع العقد وفقاً لقرار مجلس الوزراء. ويحتاج إدخال أي تعديل عليه إلى قرار من الحكومة». وترى المصادر أن وزير المالية ينفّذ قراراً حكومياً، وأنه مفوّض بالتوقيع لا بالتعديل.
وعليه، ثمة من يسأل عما إذا كان هذا الحدث المستجدّ سيؤدي الى عرقلة في تشكيل الحكومة أو عدم توافق بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول ما جرى. وفي هذا السياق، برزت بعض الأحاديث عن مطالبة التيار الوطني الحر بحقيبة المالية من مبدأ المداورة، علماً بأن النائب في كتلة التنمية والتحرير أيوب حميد كان قد أعلن تمسك حركة أمل بوزارة المالية من منطلق الحفاظ على «التوقيع الشيعي الثالث» قبيل أن تجرى الاستشارات النيابية حتى. وهو ما اعتبره البعض استباقاً لاعتماد المداورة في وزارة المالية. من جهتها، نفت مصادر التيار الوطني الحر مطالبتها بأي وزارة بما فيها المالية، ناسبة هذه الشائعات الى «مجموعة متضررين من المبادرة الفرنسية وهم أنفسهم من حاولوا سابقاً الاتقلاب على العهد وعلى مجلس النواب». هؤلاء، تتابع المصادر، «بينهم قوى سياسية وإعلامية، منزعحون من الدور الذي يقوم به الرئيس عون اليوم كمحاور لدول العالم وركيزة لشرعية الدولة، فعمدوا الى الترويج المسبق لأكاذيب من باب عرقلة تشكيل الحكومة وتخريب التوافق المحلي والدولي». أما حديث التيار الوطني الحر عن المداورة، فأتى «بمعناه الإيجابي الذي يؤدي الى كسر الحصرية عن كل الوزارات والتخلي عن العرف السائد لإنجاز إصلاحات حقيقية. وادعاء مطالبة التيار بالمالية كذبة تفضح نفسها عبر حسم انتقال هذه الحقيبة الى الطائفة المسيحية وتدخل في إطار محاولة استكمال الانقلاب الفاشل. في مختلف الأحوال، التيار أكد تسهيله عملية التشكيل، سواء كان ممثلاً في الحكومة أو قرر عدم المشاركة فيها».
وبحسب مصادر معنية بمفاوضات التأليف، فإن الحكومة يمكن أن تُبصِر النور قريباً، لأن المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف مصطفى أديب مع ممثلي الكتل النيابية الرئيسية تكشف وجود نية بعدم عرقلة التشكيل، وعدم ممانعة أي فريق بوجود حكومة مصغّرة. كذلك تشير المصادر إلى أن حقيبة المالية محسومة لوزير شيعي، «لأن هذا الأمر محسوم في اتفاق الطائف، أسوة بمذاهب الرئاسات الثلاث، المتفق عليها من دون نص مكتوب». ولفتت المصادر إلى أن المحسوم أيضاً هو ألّا يتولاها وزير حزبي، ولا وزير خاضع للإملاءات الحزبية.
معارضة «شرسة» لنقل ضمان مصابي حوادث السير إلى وزارة الصحة
رغم اعتراض الشركات، أحال وزير الداخليّة والبلديّات محمد فهمي (الإحالة الرقم 5639)، في 4 حزيران الماضي، اقتراح القانون مضمّناً كتاب هيئة السير والمركبات والآليات، إلى أمانة سرّ اللجنة الوطنية للسلامة المروريّة، للدرس وإبداء الرأي الاستشاري. أمانة السرّ عرضت الاقتراح على أعضاء اللجنة الذين تحفّظ عدد منهم عليه، ولا سيّما رئيسة لجنة الرقابة على هيئات الضمان بالإنابة نادين حبّال ورئيس جمعية شركات الضمان في لبنان إيلي طربيه… ولم تقدّم الأمانة إلى حينه جوابها لوزير الداخليّة. جواب اللجنة، في حال جهوزه، يفترض أن يُعرض على المجلس الوطني للسلامة المرورية مضمّناً توصيات وزير الداخلية، ليُعرض بعدها على مجلس الوزراء.
من بين مؤيّدي الاقتراح، أمين سرّ اللجنة الوطنية للسلامة المرورية رمزي سلامة، الذي قدّم مطالعته وملاحظاته ضمن اللجنة، وهو أوضح لـ«الأخبار» أن المبدأ الأساسي هو «الحقّ بالصحة للجميع، وتأمين الاستشفاء الفوري من دون استثناءات لكل مصاب في الصدامات المروريّة، بدلاً من انتظاره في طوارئ المستشفى أو التأخّر بعلاجه وتعريضه للإعاقة أو الموت… من ثمّ تتمّ دراسة حدود تحمّل الأعباء من وزارة الصحة لأنها حالياً تتكفّل بجزء من المصابين». وهذا الموضوع، بعكس ما يراه أصحاب شركات التأمين، «ليس تعدّياً على مهام قطاع التأمين، بل هو واجب الدولة تجاه مواطنيها لحمايتهم من الوفاة والإعاقات الدائمة». وعن الملاحظات حيال جباية الاشتراكات من قبل الوزارة، يرى سلامة أن «ذلك لن يحصل، ولن تسدّد الوزارة أي تعويضات متعلّقة بالإصابات الجسديّة والأضرار الماديّة الناتجة من الصدامات المروريّة».
المسألة، بنظر سلامة، أبعد من ملاحظات على اقتراح قانون يمكن تعديله وتحويله إلى مشروع قانون بمراسيم تطبيقيّة حديثة، بل هي مرتبطة بـ«عقد العمل من أجل السلامة المروريّة على الطرق، وهو عقد دولي صدر قبل 10 سنوات، تشدّد ركيزته الخامسة على العناية بمصابي الصدامات، وتبدّل بعده الاهتمام الدولي بالسلامة المرورية والمتضرّرين منها، وخصوصاً أن المرسوم الاشتراعي (الرقم 105/1977) ومراسيمه التطبيقيّة، باتت قديمة جداً وتحتاج إلى تحديث، وفيها الكثير من الاستثناءات حيال التكفّل بالأضرار الجسديّة للسائق ومن معه (50 في المئة من أضرار الغير) فمن يتولّى الباقي؟». ويطرح سلامة جملة أسئلة حيال «مشاكل الضمان الإلزامي، والمبالغ المتراكمة لدى المؤسسة الوطنية للضمان الإلزامي من دون أن تكون وجهتها تغطية استشفاء من ليسوا مضمونين إلزامياً؛ إلى تعويضات لم تدفع إلى حينه لحاملي البوالص تعود إلى أعوام سابقة، وفق آخر تقرير أصدرته شركات التأمين عام 2018، علماً بأن العرف العالمي يوجب دفع التعويضات خلال سنتين من الصدام».
أما المعترضون، فلديهم مقاربة مختلفة، تنطلق من أن «التأمين لا يدخل ضمن مهام وزارة الصحة ولا يمكنها جباية الرسوم، بل إن أي خطوة من هذا النوع تحتاج إلى دراسات اكتواريّة وفنية وتقييم وليس إلى مواقف شعبويّة»، وفق حبّال التي أعلنت «التحفّظ عن الاقتراح، وقد أطلعت وزير الداخليّة على رأيي وكذلك أعضاء اللجنة»، كما تقول لـ«الأخبار». وتردّ حبال على مشاكل الضمان الإلزامي وتلكّؤ شركات التأمين في التعويض على المتضرّرين، بأن «من مهامنا اتخاذ الإجراءات بحقّ الشركات المتخلّفة عن الدفع، وهو ما نقوم به، كما اتفقنا مع الضمان الاجتماعي على عدم تغطية استشفاء من يملكون بوالص إلزامية». كذلك أبدى طربيه، وهو عضو الهيئة الوطنية للسلامة المرورية، تحفّظه عن الاقتراح الذي «سقط بالنسبة إلينا، ونناقش موقفنا في اللجنة»، وفق ما أكد لـ«الأخبار». موقف طربيه ينطلق «من عدم القبول بتجزئة البوالص بين تعويض واستشفاء»، وسأل: «كيف لوزارة الصحة التكفّل بالمصابين ولديها مبالغ مستحقة غير مدفوعة للمستشفيات، وهل من مداخيل للدولة للتغطية في هذا الظرف؟ إضافة إلى أن هذه النقلة تحتاج إلى فترة انتقاليّة حرجة». رأي طربيه لا يبتعد عن فكرة عدم سحب التأمين الإلزامي من يد شركات التأمين «إذ إن 90% من البوليصة تذهب لكلفة الاستشفاء، وعندها لا مصلحة للمواطن للتأمين لدى الشركات!». ومن دون أن ينفي عدم التزام شركات التأمين بالتعويض على العديد من المتضرّرين، يشير إلى أن «الموضوع متعلّق بعدم تبليغ الشخص أنه مؤمّن لدى المستشفى، لكن فور تبلغنا بحالات من هذا النوع، نتواصل مع شركة التأمين ويُحل الموضوع»، سائلاً: «إذا أصبحت التغطية بيد وزارة الصحة، هل يمكن للمتضرّر رفع شكوى على الدولة؟».
ملف الضمان الإلزامي وضرورة إعادة النظر فيه، لا ينطلق من واقع تقاعس شركات التأمين وحسب، بل من ضرورة معالجة وزارة الاقتصاد «الفجوة القانونيّة» بين المراسيم التطبيقيّة ونص المرسوم الاشتراعي الذي حدّد مهام المؤسسة الوطنية للضمان الإلزامي. فقد أنيطت وفق المادة 9 من المرسوم الاشتراعي (الرقم 105/1977) المتعلّق بالضمان الإلزامي بمهمّة «دفع التعويضات عن الأضرار الجسدية في حالات، مثل الأضرار التي تسبّبها مركبة غير مضمونة أو مركبة مجهولة، كما الأضرار التي تسبّبها مركبة عجزت هيئة الضمان المعنيّة عن دفع التعويض المتوجّب عليها بسبب إفلاسها أو توقفها عن الدفع». غير أن المرسوم التطبيقي (الرقم 9585/2003) حصر مهام المؤسسة خلال مرحلة أولى بتحديد نموذج عقد الضمان الإلزامي وتعرفة أقساط الضمان الإلزامي، من دون أن يأتي على ذكر باقي المهام المحدّدة في القانون، ومن بينها موضوع دفع التعويضات؛ إضافة إلى إبطال مجلس شورى الدولة (عام 2017) القرارات التنظيمية الصادرة عن المؤسسة والمتعلّقة بنموذج عقد الضمان الإلزامي وبتعرفة أقساط الضمان. وعليه، يرى حقوقيّون أنه في الوضع الصحي والاقتصادي الراهن توجد حلول أكثر واقعية وأسرع تطبيقاً، تبدأ أقلّه بتعديل المرسوم التطبيقي (الرقم 9585/2003) عبر توسيع نطاق مهام المؤسسة الوطنية للضمان الإلزامي (شرط وضع تقارير دقيقة حول وارداتها) لتشمل تغطية الأضرار في حال عجزت بعض شركات التأمين عن تغطيتها، في مقابل التزام الشركات بتسديد نسبة من أقساط التأمين الإلزامي لمصلحة هذه المؤسسة، انسجاماً مع أحكام قانون الضمان الإلزامي (المرسوم الاشتراعي الرقم 105/1977) وتطبيقاً لها بعدما جرى تعطيلها بموجب المرسوم التطبيقي المذكور.
* اللواء
شهداء المرفأ في شعلة «الوفاء لبيروت».. والتشكيلة أمام عون الأربعاء
الإليزيه يتابع يومياً تطوّر المشاورات.. وموفد البابا: لبنان ليس وحده
الساعة السادسة، وسبع دقائق من مساء أمس 4 أيلول، وقفت بيروت دقيقة صمت على أرواح شهداء انفجار المرفأ بالتوقيت نفسه من يوم 4 آب الماضي.
وهناك، قرب الاهراءات أنار قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الشعلة، بعد وضع اكليل على النصب التذكاري تخليداً لذكرى هؤلاء الشهداء باسم «وفاء بيروت».
بالتزامن، نظمت مسيرة شموع، ومضت المدينة المنكوبة تروي حكايا جديدة عن 191 شخصاً ذهبوا ضحايا الإهمال واللامسؤولية، فضلا عمّا يزيد عن 6000 جريح، بينما كان عمال الانقاذ يعملون ليل نهار، بحثاً عن ناجٍ محتمل، تحت أنقاض مبنى مدمر يما يشبه «المعجزة» دون جدوى بعد…
وعلى وقع الترقب والانتظار، وانهماك الرئيس المكلف في اعداد تصوراته وأوراقه، لكل ما هو متعلق بـ«حكومة الاخصائيين» المتروك أم اخراجها إلى النور، للاتصالات من وراء الكواليس، والغرف المغلقة، انضم أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، إلى الشخصيات الدولية والعربية التي زارت بيروت، متفقدة ومتضامنة، فتفقد الاحياء المنكوبة والمرفأ، مؤكداً ان «لبنان ليس وحده»، مكرراً كلام البابا فرانسيس ان لبنان يواجه «خطراً شديداً»، ويحب عدم التخلي عنه، داعياً اللبنانيين إلى «ايجاد القوة والطاقة اللازمتين للبدء من جديد».
حكومياً، انصرف الرئيس المكلف الدكتور مصطفى اديب الى ترتيب اوراقه واولوياته لتشكيل الحكومة، وبات يعمل بهدوء وتكتم لأقرب المقربين إليه.
وحسب معلومات «اللواء» «الاولوية عنده هي لتشكيل الحكومة قبل اي امر آخر». ولكن حسب بعض المعلومات فإنه اتفق مع الرئيس ميشال عون في لقائهما الاخير على فسحة قليلة ومعقولة لا طويلة من الوقت لتقييم الامور والخروج بالصيغة الحكومية المقبولة، بعدما اعلن عون تفضيله حكومة موسعة قليلاً لا مصغرة (بين 20 و24 وزيراً)، «لأن تجربة الحقيبتين لوزير واحد لم تكن ناجحة في الحكومة السابقة».
وذكرت بعض المعلومات غير المؤكدة ان اديب التقى امس الاول، معاون الرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله، للبحث في شكل الحكومة وتوزيع الحقائب على الطوائف قبل الخوض في الاسماء التي تبقى حتى نهاية الاتصالات والتوصل الى الشكل والحقائب.
وحسب المعلومات ايضاً، يفترض ان يخرج الرئيس المكلف بصيغته حول شكل الحكومة الاسبوع المقبل، وهي حسب المتفق عليه حكومة اختصاصيين لاتكنوقراط وفق قاعدة فصل النيابة عن الوزارة، بمعنى ان تكون لديهم خلفيات سياسية بينما التكنوقراط لا خلفيات سياسية لديهم. كما ان الاسماء التي يتم تسريبها غير اكيدة لأن المرحلة لم تصل بعد الى اختيار الاسماء، بل الاولوية لعدد الوزراء وعناوين برنامج الحكومة الاصلاحي وتحديد الخطوات المطلوبة لتنفيذ ما سبق وتقرر على هذا الصعيد من إصدار مراسيم. عدا تحديد اولويات العمل في الملفات الخدماتية والاقتصادية والمالية.
وكشفت مصادر سياسية ان عملية تشكيل الحكومة الجديدة تجري بعيدا من الضوضاء السياسي والاعلامي وهي تسير في طريقها المرسوم, لافتة الى ان اتصالات ومشاورات جانبية تواكب هذه العملية لتسهيل ولادة الحكومة العتيدة بسرعة لكي تتولى القيام بالمهمات الجسيمة المنوطة بها ولا سيما المباشرة باعادة إعمار ماتهدم نتيجة الانفجار المروع في مرفأ بيروت والمباشرة بمعالجة الازمة الماليةوالاقتصاديةالضاغطة…
واذ توقعت أن تنجز التشكيلة الحكومية في الوقت الطبيعي المرسوم لها، لم تنف حصول مواكبة فرنسية حثيثة لتذليل ما يمكن ان يستجد من عوائق وعقبات أمام عملية التشكيل. وكشفت أن التركيز ينصب الان على رسم الإطار العام للحكومة العتيدة وتركيبتها وتوزيع الحقائب على ان يتم بعد ذلك انتقاء الوزراء وتحديد الحقائب التي سيتولونها، مؤكدا ان أسماء معظم الوزراء اصبحت ضمن إطار الإختيار النهائي.
واستدركت مصادر مطلعة ان موضوع المداورة لا يزال موضع بحث واذا كانت مداورة يجب ان تكون شاملة فلا مداورة جزئية.
وافادت ان طرح الميثاقية في التوقيع الرابع لدى الطائفة الشيعية لا يزال قيد البحث مشيرة الى انه تم الخروج من المألوف في تأليف الحكومات لأن هناك حاجة لحكومة متجانسة بكل المعايير والخيارات مفتوحة.
ورأت انه من المهم السير نحو الهدف والا نكون اسرى لبعض المعادلات التي قد لا تروق للشعب وتطلعاته وللمجتمع الدولي الحاضن وهناك مجتمع دولي تقوده فرنسا للأصلاح ولولوج صندوق النقد الدولي ولولوج برنامج مؤتمر «سيدر» وبالتالي الحلول الكبرى التي ينتظرها لبنان ولتأمين حماية لأستقراره الداخلي على مشارف الحلول الكبرى في المنطقة.
ولم تستبعد ان يحمل الرئيس المكلف تشكيلته إلى بعبدا الأربعاء المقبل.
وعلمت «اللواء» ان فريقا فرنسيا يواكب يوميا الاتصالات، ممثلا بالمستشار السياسي للرئيس ماكرون «لوبون» ومدير المخابرات الفرنسية برنار ايميه.
دوكان: مهمة جديدة
إلى ذلك، أعلن مراسل صحيفة «لوموند» الفرنسية في الشرق الأوسط بينجامان بارت عبر «تويتر» أن الديبلوماسي الفرنسي بيار دوكان الذي كان مكلفا متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» في بيروت، عين مسؤولا عن متابعة تنسيق الدعم الدولي للبنان، ما يعني توسيع إطار مهمته تجاه لبنان، في خطوة لا يمكن فصلها عن الضغط الذي يمارسه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اتجاه حل سياسي وانقاذ اقتصادي للبنان بعد انفجار المرفأ.
بارولين
سياسياً، حضر أمين دولة الفاتيكان الكاردينال بارولين بقوة في المشهد السياسي، بعد مغادرة ديفيد شنكر، الذي لم يلتقِ السياسيين فزار الموفد البابوي البطريرك الماروني وقبل ذلك، زار بعبدا حيث اكد رئيس الجمهورية انه، «بعد مرور شهر على الكارثة التي حلت بلبنان نتيجة انفجار المرفأ، يلبي لبنان نداء الحبر الأعظم قداسة البابا فرنسيس لاحياء يوم صلاة وصوم، فنذكر أرواح الشهداء الذين سقطوا والجرحى الذين أصيبوا والمواطنين الذين فقدوا ذويهم واحباءهم وارزاقهم، ونشدد على ان التحقيقات مستمرة والعدالة ستطبق على كل متسبب او مهمل، وهذا حق اللبنانيين الذين وحدتهم الكارثة وجمعهم الامل».
ونقل بارولين رسالة من البابا فرنسيس إلى الرئيس عون ان «لبنان في مئوية وجوده الأولى كدولة اعطى نموذجا يحتذى كصيغة تجمع المسيحيين والمسلمين وتتطلب الكثير من التوازن بين الاختلافات والتنوع، على الرغم من العديد من الازمات التي اجتازها، لكن شعبه وجد دائما في نفسه مصادر قوته للخروج منها والسير قدما. واليوم الرجاء الجديد الذي ينبع من لبنان هو امر واقعي وليس مجرد تمنيات لعبور هذه المرحلة». وشدد على ان «دور الكرسي الرسولي هو الثبات في الوقوف الى جانبكم كما كان على الدوام تجاه لبنان لأنه وطن جدير بالحياة والبقاء، لما فيه خيره وخير منطقة الشرق الأوسط والعالم، فعالم اليوم بحاجة الى نموذج ورجال يشهدون انه بالامكان العيش معا، وهو امر بات ضروريا وملّحا لا سيما بعد سقوط جدار برلين،. وقال: «انتم كشعب لبناني، مسيحيين ومسلمين، تعطون هذه الرسالة للعالم، لأنكم انتم تجسدونها، من دون الدخول في صراعات المنطقة والعالم، وأن لبنان ليس وحده، والعالم إلى جانبه».
على صعيد رسم الحدود البحرية نقل شنكر الذي زار لبنان إن إسرائيل ترفض المقترحات اللبنانية بشأن ترسيم الحدود البحرية، قائلاً إن الإطار التفاوضي حصلت عليه تغييرات في إشارة إلى الشروط اللبنانية، وهذه التغييرات لم تحصل بعد على موافقة إسرائيلية.
ويخوض لبنان نزاعاً مع إسرائيل على مثلث في البحر المتوسط تبلغ مساحته نحو 860 كيلومتراً مربعاً، ويُقسِّم تلك المنطقة إلى بلوكات عدة، أحدها البلوك النفطي رقم 9، وهي منطقة غنية بالنفط والغاز اكتُشفَت مخزوناتها من الطاقة عام 2009. وقد رفض لبنان في عام 2012 مقترحاً أميركياً يقوم على منح لبنان 360 كيلومتراً مربعاً من مياهه لإسرائيل، مقابل حصوله على ثلثي المنطقة الاقتصادية.
رفع الأنقاض
واستمرت ليلاً عمليات رفع الأنقاض، وقال المسؤول عن فريق الانقاذ التشيلي: النَفَس الذي رصدناه، كان بطيئاً، وعلى عمق ثلاثة أمتار تحت الركام، ونعمل على فتح 3 قنوات، ولا يمكن التأكيد حتى اللحظة، وأن كان هناك من شخص على قيد الحياة.
وأشار إلى ان «الكلب الذي كان يرافقهم اشتم رائحة كأن شخصاً كان موجوداً تحت الأنقاض، فكانت خطوة الكلب هي الأولى، ثم استعمال الكاميرا الحرارية لسماع نبضات القلب.
اضاف: ان الخبراء الذين يرافقوننا اكتشفوا ان أحداً يتنفس من تحت الأنقاض، وهذا يستدعي فتح 3 انفاق على عمق 3 أمتار توصل إلى مكان هذا الشخص.
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني ان الفرق المختصة، واصلت عمليات مسح الاضرار، وقد شملت حوالى 5600 وحدة سكنية متضررة جرّاء انفجار المرفأ، في كورنيش النهر- مار مخايل- الجميزة- الصيفي- الكرنتينا، على ان تتواصل عمليات مسح المباني السكنية في بقية المناطق المتضررة..
وما زاد الطين بلّة، الإعلان عن كشف أربع حاويات تحمل نحو أربعة اطنان من نيترات الامونيوم، كانت موضوعة، قرب المدخل رقم 9 في المرفأ، مما فاقم من حجم العبث بحياة النّاس والمرافق فضلا عن الاستهتار..
على صعيد المساعدات، أعلنت أمس «مؤسسة فرنسا» أنها جمعت أكثر من مليوني يورو كمساعدات للبنان خلال آب وستقدمها من خلال توزيع بطاقات مصرفية وتجديد مساكن ومساعدات للتجار. وقالت كارين مو رئيسة قسم الطوارئ في المؤسسة «تأثرنا كثيرا بتضامن الفرنسيين»، مؤكدة أن نداء التبرع أطلق في الخامس من آب.
وقالت كارين «نحن نعيش عاما مليئا بعدم اليقين في ظل أزمة صحية واقتصادية» بسبب وباء كوفيد-19 وأن شهر آب يتوافق مع «فترة ركود». ودعت مو إلى مواصلة التبرع.
وستقوم المؤسسة التي تدعم الجمعيات المحلية بشكل مباشر بتمويل المساعدات الاجتماعية والنفسية ولا سيما من خلال توزيع البطاقات المصرفية على الأسر التي تعاني من صعوبات في ثلاثة أحياء.
أما المجال الثاني فهو الإسكان مع إعادة تأهيل مساكن لـ500 أسرة في حي النبعة ومقرات جمعية وثلاث مكتبات عامة في الباشورة والجعيتاوي.
والمجال الثالث هو برنامج دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتجار ومساعدة حوالى 30 شركة سياحية لإنعاش النشاط الاقتصادي.
وعلى صعيد التحقيقات الجارية على الصعيد العدلي نقلت MTV ان المحقق العدلي في انفجار المرفأ فادي صوان استمع إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
وأكدت ان القاضي صوان سأل دياب عن سبب عدم القيام بالزيارة التي كان ينوي القيام بها الى العنبر رقم 12 وكان قد أبلغ رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا بذلك، خاصة وأن اللواء صليبا نزل الى المرفأ وانتظره في ذلك النهار.
فكان جواب دياب أن ضابطا يعمل معه في السراي الحكومي كان قد نزل قبل بيوم الى المرفأ وكشف وقال له انها أسمدة، فقال له ان لا داعٍ للنزول.
وخُتمت الافادة بأن دياب كان قد وضع الموضوع على جدول أعمال المجلس الاعلى للدفاع ثم سحبه بعدما اعتبرها اسمدة، فطلب من اللواء محمود أسمر ان يسحبها عن جدول اعمال المجلس الاعلى للدفاع.
ونفذ حشد من الناشطين في مجموعات الحراك وقفة امام مصرف لبنان بعنوان: «عندما نموت سنرفع على الاكتف» تحية لروح الناشط عبد الكريم عباس الذي وجد مقتولاً قبل يومين في الكوستا برافا.
واضيئت الشموع، ورددت شعارات للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي، وسط إجراءات أمنية قضت بقطع الطرقات، وتعزيز حضورها في مكان الاعتصام.
على صعيد آخر، وفي الذكرى الثالثة لمعركة «فجر الجرود» وتكريماً للشهداء الذين سقطوا خلال المعركة وأولئك الذين استشهدوا على يد تنظيم داعش الإرهابي، دشّن قائد الجيش العماد جوزيف عون نصباً تذكارياً يحمل أسماءهم في ساحة بلدة رأس بعلبك بحضور ذوي الشهداء وفاعليات من البلدة والمنطقة. وألقى العماد عون كلمةً في المناسبة، قال فيها «يعاني وطننا منذ تشرين الماضي أزمات متلاحقة بدءاً من الاحتجاجات الشعبية مروراً بالوضع الاقتصادي المتدهور وانتشار وباء الكورونا، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت الكارثي.. لا شكّ في أنّ شعبنا يتملّكه الحزن والغضب، وهو محقٌّ. فالخيبات المتتالية أفقدته الثقة، لكنّه بالمقابل شعب عصامي ومحبّ للحياة، وسينهض من جديد، على أمل أن يستعيد ثقته بوطنه فهو يستحقّ منا كل تضحية وإخلاص ووفاء.
19480
صحياً، سجلت وزارة الصحة 527 إصابة بفايروس كورونا، و4 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع عدد المصابين بالوباء من 21 شباط لتاريخه إلى 19480 حالة.
* البناء
الرئيس المكلف يبدأ مطلع الأسبوع البحث بالأسماء والحقائب بعد حسم حجم الحكومة وإطارها
ترجيح حكومة الـ 24 وزيراً والحفاظ على روح توازنات الحكومتين السابقتين / شينكر لملء فراغات زيارة ماكرون… وصوان يستمع للوزراء بعد دياب
كتب المحرّر السياسيّ
يتحرك معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر على خطوط معالجة الأضرار الجانبية التي أصابت جبهة التعبئة الأميركية ضد المقاومة، بفعل ما نتج عن المبادرة الفرنسية المحميّة أميركياً للتواصل مع حزب الله وطلب تعاونه لضمان نجاح قيام حكومة تعالج المشكلات الاقتصادية والمالية وتؤمن الاستقرار، وتغطي فراغ الفترة الرئاسية الأميركية، وفي هذا السياق منح شينكر الأولوية لمعالجة تصدعات جبهة النواب المستقيلين الذين أسقط بيدهم مع عودة الحياة السياسية إلى قواعدها التقليدية ودفعوا هم ثمن تصديقهم الوعود الأميركية بمعركة مفتوحة حتى الانتخابات المبكرة، كما يحاول منح الآمال للجماعات التي ترتبط بالسفارة الأميركية من ناشطي الحراك الشعبي الذين تورطوا بفرض شعارات السفارة على بعض الحراك في 6-6 يوم جعلوا تنفيذ القرار 1559 موضعاً انقسامياً فجّر الخلافات بين الناشطين، وعلى ضفة ثالثة يستكشف شينكر فرص التقدم على مسار ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، في محاولة لملء الفراغ الذي يتخطى حدود تفويض الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون وتشكل اختصاصاً حصرياً للأميركيين.
بموازاة رسائل الوعود الفرنسية ورسائل التعزية الأميركية، يبدأ اليوم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الدكتور مصطفى أديب بالخطوات الأولى على مسار تأليف حكومته، بعدما استكشف في لقائه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الضوابط التي يجب عليه أن يراعيها لتنال حكومته توقيع رئيس الجمهورية، فسمع منه الدعوة لصرف النظر عن حكومة الـ 14 وزيراً التي نسبت إليه، لأنها تناقض توازنات ما بعد اتفاق الطائف في تمثيل الطوائف، وتفترض إسناد أكثر من حقيبة لكل وزير، فيما تشكل حكومة الـ 24 وزيراً الحجم المثالي التي تحقق هدفين معاً، تمثيل قريب من الواقع للنسب والأحجام بين الطوائف، وتطبيق مبدأ لكل حقيبة وزير، ووفقاً لمصادر متابعة سيتحرك الرئيس المكلف على خط البحث عن فرصة حكومة من 20 وزيراً تلبي هذا التوجه، أسوة بحكومة الرئيس حسان دياب، وليس لديه مانع مبدئي ضد حكومة الـ 24، لكنه يعتقد بأن وقع الحكومات المصغرة عند الرأي العام ومجموعات الحراك يبقى أفضل من الحكومات الفضفاضة التي جرت تسميتها بحكومات المحاصصة.
وانطلاقاً من اليوم سيلتقي أديب بممثلي الكتل الكبرى وخصوصاً التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل لمناقشة إطار الحكومة، لجهة توازنات الحقائب بالتوازي مع جسّ نبض القوى حول حجم الحكومة، ليتبلور لديه تصور واضح ومكتمل نهاية الأسبوع فيخصص الأسبوع المقبل للتسميات وإسقاط الأسماء على الحقائب.
المصادر المتابعة قالت إن أديب سيسمع نصائح واضحة بعدم فتح الأبواب المغلقة للتجاذبات، التي ستشكل سبباً لخسارة الوقت من دون فائدة، كمثل الحديث عن مداورة الحقائب، واستبعاد التمثيل السياسي عن الوزراء، فقضية وزارة المال التي أثيرت فرضية منحها لغير شيعي ستتكفل بإثارة حفيظة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يعتبر الأمر جزءاً عضوياً من معادلة التوازن الطائفي في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف، لجهة التوقيع الثالث على المراسيم إلى جانب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وسيقف حزب الله مع بري في التمسك بالحقيبة لوزير شيعي من المنطلق نفسه، ولن يكون فأل خير على الحكومة البدء بمشكلة تستهلك الأسبوع الأول من مشاورات تشكيلها، بينما يمكن التحرك وفق خطوط رئيسية لتشكيل الحكومة وضمان تسهيل ولادتها السريعة، وذلك عبر استيحاء التعبير عن التوازنات الطائفية والنيابية في توزيع الحقائب من تشكيلتي الحكومتين السابقتين، حكومة الرئيس حسان دياب وحكومة الرئيس السابق سعد الحريري، وتفادي الثغرات فيهما، والتركيز على التمسك برفع سوية مواصفات الملفات الشخصية للوزراء، كمطلب محق لن تستطيع الكتل النيابية التملص منه، إذا لم يقع الرئيس المكلف بخطأ خوض المعارك الخاطئة.
المصادر المتابعة قالت إن الحكومة يفترض أن تبصر النور نهاية الأسبوع المقبل إذا سار كل شيء كما يجب، وإن التفاؤل بتحرك الرئيس المكلف على خط اعتبار سرعة ولادة الحكومة بمواصفات شخصية عالية لمؤهلات الوزراء كعنصر لنجاح الرئيس وحكومته بدلاً من خوص المعارك الجانبية العقيمة، يجعل هذا التوقع واقعياً.
ومع انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الرئيس المكلف في عين التينة، دخلت القوى السياسية في سباق مع المدة الزمنية التي حدّدها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون لتأليف الحكومة الجديدة والتي لا تتعدى الأسبوع الثالث من الشهر الحالي، رغم أن الرئيس المكلف مصطفى أديب أعلن أن لا مهلة لتأليف الحكومة فيما دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى تسريع التأليف وليس التسرع.
وأطلع الرئيس المكلف الرئيس عون على حصيلة الاستشارات خلال زيارة قام بها الى قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية وقال بعد اللقاء: «قناعتي ورغبتي أن يتشكل فريق عمل متجانس وحكومة اختصاصيين تسعى للعمل بسرعة من أجل وضع الإصلاحات موضع التنفيذ». وأشارت المعلومات الى أن «أديب رفض تحديد مهلة لتشكيل الحكومة وإنما يعمل على الانتهاء من هذه المهمة بسرعة».
وفيما أفيد أن «أديب مصرّ على حكومة مصغرة من 14 وزيراً، لفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «الرئيس المكلف أبلغ رئيس الجمهورية بأن الكتل النيابية أبدت تعاونها ولم تطلب شيئاً ومستعدة لتسهيل تأليف الحكومة وحتى الكتل التي لن تشارك أبدت استعدادها أيضاً للتسهيل وعدم عرقلة عمل الحكومة»، ولفتت الى أن «الرئيس المكلف لم يقدم تصوراً أولياً للحكومة»، وبحسب ما علمت «البناء» فإن رئيس الجمهورية يفضل بألا تكون الحكومة مصغرة كما يرغب الرئيس المكلف، بل يفضل أن تكون من 20 الى 24 وزيراً، ولأن مهمة هذه الحكومة اصلاحية ومنتجة فيفضل أن يحمل كل وزير حقيبة واحدة ليستطيع ادارة هذه الوزارة بشكل مريح ومنتج ويقوم بالمهمة التي ستنجزها الحكومة ككل، كما يفضّل رئيس الجمهورية أن حكومة تكنوسياسية أي بمعنى آخر أن تكون مؤلفة من اختصاصيين ومسيّسين غير سياسيين». ومن المفترض بحسب معلومات «البناء» أن يحمل الرئيس المكلف معه الى بعبدا في الزيارة المقبلة تصوّراً للحكومة عن شكلها وعدد الوزراء».
وبحسب أوساط 8 آذار فإن عملية التأليف مسهلة ولن تأخذ وقتاً طويلاً على غرار الحكومات السابقة، بل سيعمل رئيسا الجمهورية والمجلس النيابي بالتعاون مع الرئيس الحريري وبطبيعة الحال مع الرئيس المكلف، على تذليل العقبات التقليدية التي تواجه الحكومات في بداية التأليف وهي مراعاة التوازن الطائفي والسياسي والنيابي وتوزيع الوزارات السيادية والأساسية والخدمية على الطوائف والمذاهب إضافة الى مصير وزارة المال التي تمثل التوقيع الرابع الذي يمنح عرفاً للطائفة الشيعية. علماً أن مصادر كتلة التنمية والتحرير تشير الى أن «هذا الأمر ليس من المفترض أن يشكل عقدة لأنه قضية مبدئية ومتعارف عليه وتولي وزير شيعي حقيبة المالية في الحكومات الماضية يؤكد ذلك». في المقابل يشير خبراء دستوريون الى أن تخصيص حقيبة لطائفة معينة أو مذهب ما أمر غير دستوري، فالدستور لا ينصّ على ذلك والدليل تولي حقيبة المال بعد اتفاق الطائف وزراء من طوائف مختلفة سنة ومسيحيين.
ووفق مصادر التيار الوطني الحر فإن مبدأ المداورة في الحقائب يسري أيضاً على وزارة المال كما وزارة الطاقة أو الخارجية كما الاتصالات. وأكد عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون أن «التكتل سيدعم الحكومة ويعطيها فرصة، وسيكون متساهلاً الى أقصى الحدود وسيسير بالقاعدة التي ستطبق على كل الكتل السياسية»، مشيراً الى أن «مشاركة التكتل ستكون وفق الصيغة التي سيخرج فيها الرئيس المكلف». وشدد على أن «ما يهمنا يكمن في الإنتاجية»، منبهاً إلى أن «الحسابات السابقة في ما يخص الحصص ليست ضمانة لنجاح الحكومة». ولفت إلى أن «لا شكل نهائياً للحكومة حتى الساعة الا أن من الواضح أن التوجه هو الى حكومة اختصاصيين يتمتعون بالخبرة والتجربة لأن الوضع لا يحتمل الانتظار».
الى ذلك، وبخلاف عادته لم يزر مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر أياً من الرؤساء والمسؤولين اللبنانيين، ما فسّرته مصادر مراقبة على أنه حرص من شينكر على عدم التشويش على المبادرة الفرنسية ما يشكل دليلاً اضافياً على اطلاع الأميركيين على الحركة الفرنسية في لبنان.
واقتصر نشاط شينكر على لقاء ممثلي المجتمع المدني، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بحضور النواب المستقيلين باستثناء ميشال معوّض الموجود خارج لبنان. وأشار شينكر في حديث تلفزيوني الى أن «عقوبات قانون ماغنتسكي ستفرض قريباً على شخصيات لبنانية».
وكانت معلومات صحافية فرنسية قد تحدثت عن عقوبات أميركية جديدة على بعض الشخصيات اللبنانية كرئيس المجلس النيابي نبيه بري وأفراد من عائلة رئيس الجمهورية والرئيس سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، علماً أن الرئيس ماكرون نفى ذلك موبّخاً الصحافي الفرنسي الذي نقل هذه المعلومات. فيما تساءلت مصادر سياسية عن سبب عدم شمول هذه العقوبات رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل علماً أن هذه الشخصيات والاحزاب شاركت ايضاً مع القوى الأخرى الحليفة لحزب الله في السلطة لسنوات عدة إن في رئاسة الجمهورية أو في الحكومات والمجالس النيابية وإدارات الدولة ومؤسساتها، ما يؤكد الهدف الحقيقي خلف هذه العقوبات ألا وهو الضغط السياسي على حلفاء حزب الله والتأثير على موقف الرئيس الحريري الذي يتخذ منذ مدة طويلة سياسة التهدئة والمهادنة مع حزب الله.
في غضون ذلك، عاد مرفأ بيروت الى واجهة الخطر في ظل المعلومات التي تحدثت عن اكتشاف الجمارك اللبنانية 4 أطنان من نيترات الأمونيوم في أحد العنابر في المرفأ. وأعلنت قيادة الجيش في بيان أنه «وبناءً على طلب من مفرزة جمارك مرفأ بيروت، قام فوج الهندسة في الجيش بالكشف على 4 مستوعبات في «بورة الحجز» التابعة للجمارك خارج المرفأ قرب المدخل رقم 9، فتبيّن أنّها تحتوي على كمية من مادة نيترات الأمونيوم تبلغ زنتها حوالى 4 أطنان و350 كلغ، وتعمل وحدات من فوج الهندسة على معالجتها».
وعلى صعيد التحقيقات القضائية في تفجير المرفأ، استمع قاضي التحقيق العدلي فادي صوّان مساء أمس، ولأكثر من ساعتين الى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في السراي الحكومي. وتركّز الاستجواب بحسب المعلومات حول أسباب عدم تحرك الحكومة لإزالة المواد الخطرة في المرفأ بعد تقرير أمن الدولة الذي أرسل الى رئاسة مجلس الوزراء، كما تركز على من سحب بند المرفأ من جدول أعمال مجلس الدفاع الأعلى ومن أشار على رئيس الحكومة بعدم إيلاء الموضوع الأهمية اللازمة.
ولم يُعرَف السبب خلف الاستماع الى دياب كشاهد قبل استجواب الوزراء السابقين المعنيين بالقضية! إلا أن معلومات «البناء» أشارت الى أن «القاضي صوان سيستمع الاسبوع المقبل الى وزراء الأشغال والداخلية والعدل السابقين الذين وصلتهم تحذيرات بشأن مادة نيترات الأمونيوم».
أما على صعيد مسح الأضرار والبحث عن ضحايا آخرين، أشارت آلة «السكانر» الى وجود شخص تحت الأنقاض في منطقة مار مخايل والكلب الذي يرافق الفريق التشيلي أعطى إشارة الى أن الشخص لا يزال على قيد الحياة واستمر العمل لرفع الردم من المكان حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. وأفاد محافظ بيروت مروان عبود أن كلباً من فرقة الإنقاذ التشيلية أعطاها اشارة عن وجود جثة أو جثتين تحت أحد المباني المهدمة في مار مخايل، وبحسب الفرقة فإن كاميرا السكانر أعطت اشارة أن هناك شخصاً على قيد الحياة تحت الركام.
وكشف عنصر من فريق الإنقاذ والبحث أن الكاميرا الحرارية كشفت عن وجود 19 نفساً في الدقيقة وشخصاً صغيراً من المرجح أن يكون طفلاً، والحفر يجري بحذر على ثلاثة أمتار (ثلاثة طوابق) كي لا تقع الجدران أو أي من الطوابق. لكن مدير العمليات في الدفاع المدني أوضح مساء أمس، أن ما من معطيات جديدة حتى اللحظة بخصوص الحركة التي رُصدت من تحت الركام في مار مخايل وفريق الإنقاذ يعمل يدوياً، وهناك خطر أن يقع المبنى من الجهة الثانية.
وفي موازاة ذلك، تحدّثت معلومات عن خطر داهم في مطار بيروت الدولي تمثل بتسرّب كميات كبيرة من وقود الطائرات الأمر الذي يهدد باحتراقها وحصول انفجار في حرم المطار. وإثر ذلك، طلب رئيس الجمهورية من وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار، إصلاح منشآت متهالكة مخصصة لتزويد الطائرات بالوقود في مطار بيروت. كما طلب من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، التحقيق في ما ذكر عن هدر للمال العام في هذه المنشآت. وأحال المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري الى النيابة العامة المالية كتاب ديوان المحاسبة حول «أعمال الصيانة في مطار بيروت» للتحقيق بهدر المال العام، وذلك تحت إشراف النيابة العامة التمييزية. وتم إبلاغ قيادة الجيش للكشف على ما أشير اليه من خطر، على أن يتم اتخاذ اللازم.
هذه المعلومات استدعت من وزير الأشغال عقد مؤتمر صحافي في الوزارة بحضور رئيس مطار بيروت الدولي فادي الحسن، وأشار نجار الى أن «هناك عقد استثمار لصيانة هذه المنشآت من قبل الشركة المكلفة منذ العام 2016، وهذه المنشأة تقوم بتزويد الطائرات بالوقود عمرها يقارب الـ 25 سنة وأصبحت بحاجة للصيانة».
بدوره طمأن رئيس المطار اللبنانيين إلى أن «ما أثير على وسائل الإعلام من تسريبات للوقود في مطار بيروت أحدث ضجة في البلد، أطمئن أنه ليس هناك أي تسرّب بالفيول في المطار». وأكد على أنه «لا يوجد أي تسرب، ونحن نستبق ونستدرك الوضع، واليوم استطعنا الحصول على الموافقة لإعادة تأهيل، لا انفجار بانتظارنا، لا شيء كان يشغلنا سوى إعادة تأهيل الشبكة المذكورة». لكن أثيرت تساؤلات عدة خلف تسريب هذه المعلومات وما اذا كانت لها علاقة بتجديد عقد مرفوض من ديوان المحاسبة أو استبدال شركات الصيانة بأخرى أو التمهيد لخصخصة المطار في اطار مشاريع الإصلاح الواردة في الورقة الفرنسية!
على صعيد أخر أفيد عن اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية بين أفراد من عائلتي آل زعيتر وآل جعفر في بعلبك وسط أجواء من الرعب والخوف تسود بين أهالي المنطقة، وتدخل الجيش اللبناني وانتشر في حي الشراونة وقام بالردّ على مصادر النيران قبيل مداهمة مكان الاشتباكات.
المصدر: صحف