اعتبر السيد علي فضل الله، في خطبة صلاة الجمعة ان معاناة تفشي جائحة كورونا بلغت في الأيام الأخيرة أرقاما قياسية وهي مرشحة للازدياد، وإذا كان الإقفال العام هو أحد الحلول الذي عاودت الدولة اعتماده تحت وطأة الانتشار الكثيف لهذا الفيروس، إلا أنه ليس هو الحل المناسب في ظل عدم قدرة البلد على تحمل الإقفال الدائم والتام”، ورأى “أن المواجهة الواقعية لهذه الجائحة تبقى على عاتق المواطنين بتقيدهم التام بالإجراءات المطلوبة ولبس الكمامات والتباعد الاجتماعي والاقتصار في التواصل على موارد الضرورة، والتواصي بهذه الإجراءات على مستوى الأفراد والجماعات. على أن تقوم الدولة بالتشدد في الرقابة على المواطنين لضمان تقيدهم بهذه الإجراءات وفي العقوبات الرادعة”، مجدداً دعوته إلى التعامل” بكل جدية مع هذه الجائحة وعدم الاستخفاف بتداعياتها ونتائجها، لا على كبار السن فقط بل على الشباب، بأن يعتبروا ذلك واجبا شرعيا وأخلاقيا ووطنيا وليس خيارا”.
وعن تداعيات الانفجار في المرفأ التي لا تزال تلقي بثقلها الاجتماعي والإنساني والصحي والنفسي على اللبنانيين، والتي تتطلب من الدولة المزيد من العمل على معالجة سريعة لكل هذه التداعيات، في الوقت الذي نقدر كل الجهود التي يقوم بها الجيش اللبناني والبلديات والمؤسسات الصحية والجمعيات، قائلاً “في هذا الجو، نريد للقضاء الإسراع بالقيام بما عليه بالكشف عن المتسببين وعدم استثناء أحد في هذا المجال، وبإظهار قدرته على مواجهة ضغوط التسييس وعدم الوقوع في فخ التمييع، حتى لا يبقى الحديث عن عدم قدرة القضاء الوطني على القيام بهذه المسؤولية”.
واردف “وليس بعيدا من ذلك فإن البلد بات أمام استحقاق تشكيل الحكومة القادمة، وهنا ندعو إلى الإسراع بتأليف حكومة قادرة على النهوض بالواقع الاقتصادي المتداعي وازدياد نسب الفقر والبطالة، والقيام بالإصلاحات المطلوبة التي يتوقف عليها قيام الدولة وأية مساعدات تأتي من الخارج، والتي أصبح اللبنانيون بأمس الحاجة إليها”، داعياً القوى السياسية الى ان “تخرج من تجاذباتها وصراعاتها ومن حساباتها الخاصة، وتكف عن التطلع إلى ما يريده الآخرون، وتنظر إلى ما يريده الذين أودعوهم مواقعهم وأوصلوهم إليها والعمل بكل قوة للخروج من المآزق التي يعيشها هذا البلد، وهي مآزق لا تحل بالتراشق أو بالاتهامات، بل بحوار جدي بعيد عن الشروط والشروط المضادة والكيدية والمهاترات، وبدون ذلك سيكون هذا الوطن في مهب رياح جميع المتربصين به وأسير التجاذبات الدولية الحادة ومصالحها الخاصة، التي غالبا ما تكون على حساب اللبنانيين”.
واضاف “لقد أصبح واضحا أن أية قوة سياسية أو طائفية أو مذهبية لن تستطيع أن تعالج ما يعاني منه هذا البلد، فالحل لن يتم إلا بتضافر جهود الجميع وتعاونهم، والطريق إلى ذلك هو التسامي عن المصالح الفئوية ونشدان الخلاص لهذا الوطن وإصلاح ما فسد فيه. ونحن في الوقت نفسه، ندعو اللبنانيين إلى أن يخففوا من منسوب التوتر الذي نشهده على وسائل التواصل والوسائل الإعلامية وفي حواراتهم، حيث باتت اللغة الاستفزازية والتحريضية ومفردات السباب والشتائم والكلام النابي هي السائدة، ما يعمق الكراهية ويزيد من الأحقاد ويدفع البلد نحو مصير أسود لن ينجو من تداعياته أحد. إننا نريد للغة التخاطب بين اللبنانيين أن تحتكم إلى القيم السماوية التي يتلاقون عليها، بحيث يعبر كل طرف عن قلقه أو هواجسه أو يطالب بحقه بهذه اللغة، وهم بذلك سيكتشفون أن كثيرا مما يفرقهم ويباعدهم ويثير مخاوفهم نابع من تصورات غير واقعية، أو غير دقيقة وهو ما يسمح بإعادة التوازن إلى هذا البلد ويقطع الطريق على كل من يتلاعب به لحساب مصالحه الشخصية والفئوية والتي يريد تحقيقها”، مشيراً الى انه وأمام العديد من الحوادث المؤسفة التي جرت، لا بد من “توقي الوقوع في الفتنة التي يريد لها أن تقع بين الناس وأبناء الصف الواحد بمزيد من ضبط النفس وعدم إدخال السلاح لعلاج التوتر، وهنا نقدر دور القيادات التي عملت سريعا على معالجة ما حصل ومنع تماديه”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام