يقول الملياردير والمستثمر الأسطوري، وارن بافيت، إن الذهب هو السلعة التي تُشترى في أوقات الخوف، مبررًا ذلك، بأنه مع تزايد الخوف ترتفع قيمة المعدن، لكن إذا انحسر قلق الناس ستنخفض قيمته ويخسر المستثمرون، كما أنه وبشكل عام لا تولد هذه السلعة النفيسة عائدًا.
وفقًا لشبكة “سي إن بي سي”، فإن مستويات الخوف مرتفعة بشكل حاد واستثنائي هذه الأيام، بسبب جائحة فيروس كورونا، التي تحولت إلى أزمة صحية واقتصادية عالمية، وليس من المعروف متى يتعافى العالم منها.
في مثل هذه الأوقات من عدم اليقين يوصف الذهب بأنه “ملاذ آمن” لأولئك الذين يبحثون عن مأوى من الاستثمارات الأكثر تقلبًا مثل الأسهم.
يقول آدم فيتيس، محلل الأسواق في شركة الاستثمار “إيتورو”: “مقارنة بالاستثمار في الأسهم، حيث يمكن أن تخفق الشركات الكبرى (وقد أخفقت بالفعل)، يبدو الاستثمار في الذهب أقل مخاطرة”.
مخزن موثوق للقيمة
بصفته الشكل الأقدم للعملة في العالم، فإن الخصائص المادية للذهب تعني أنه مخزنًا موثوقًا للقيمة. وهو متاح على نطاق واسع بما يكفي للتداول (البيع والشراء) ولكن القدر المعروض منه محدود، وبفضل هذه الندرة يكتسب قيمة كبيرة بعكس معادن أخرى، كما أنه غير قابل للتآكل.
يتحرك سعر الذهب، الذي عادة ما يكون بالدولار، في الاتجاه المعاكس لحركة الدولار نفسه. هذا لأنه إذا ارتفعت قيمة العملة الأمريكية، فسوف يتطلب الأمر عددًا أقل من الدولارات لشراء أوقية الذهب.
وهذا هو السبب الذي دفع سعر الذهب للانهيار في شهر مارس/ آذار، كما أوضح فيتيس، لأن الدولار ارتفع، وبالتالي انخفض سعر الذهب إلى أقل من 1500 دولار للأوقية للمرة الأولى في عام 2020.
يفسر فيتيس ذلك بأنه مع تعمق أزمة فيروس كورونا المستجد في مارس/ آذار، عمد المستثمرون إلى تجنب المخاطرة وتوافدوا في البداية على الاحتفاظ بالسيولة.
كان يُعتقد أيضًا أن انخفاض سعر الذهب يرجع إلى اضطرار المستثمرين إلى بيع المعدن وجني الأرباح (الفرق بين سعر شرائهم له وسعر البيع الذي وصل إليه)، من أجل تغطية الخسائر في استثماراتهم الأخرى، وهي استراتيجية معروفة باسم “نداء الهامش”.
ومع ذلك، عندما خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة إلى الصفر، كان هناك حافزًا أقل للاحتفاظ بالدولار. خفض الفائدة يعني أن العوائد التي يحصل عليها المستثمرون من الاستثمار في السندات ستنخفض أيضًا.
وبالتالي، استعاد الذهب شعبيته، حيث ارتفع السعر إلى أعلى نقطة له منذ ما يقرب من 9 سنوات، متجاوزًا 1800 دولار للأوقية، لأول مرة منذ عام 2011.
وأشار شيريدان أدمانز، مدير الاستثمار في شركة “ذا شير سنتر” البريطانية، إلى أن نقص المعروض من المعدن النفيس عزز سعره أيضًا، حيث أجبر الفيروس المناجم على الإغلاق.
يعتبر الذهب أيضًا أداة وقائية جيدة ضد مخاطر التضخم لأن ارتفاع تكلفة السلع والخدمات يتسبب عادة في تآكل قيمة الدولار والعملات عمومًا.
وبينما تطبع البنوك المركزية المزيد من الأموال كجزء من محاولات تحفيز الاقتصادات، يخشى البعض أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التضخم. إذا كان هذا هو الحال، فقد يؤثر ذلك على قيمة الأصول الأخرى، لكن يميل “الذهب على المدى الطويل إلى الاحتفاظ بقيمته الحقيقية”.
لماذا يتدافع الناس نحوه؟
في حين يتفق رئيس الاستثمارات العالمية لدى “إنفيسكو”، بول جاكسون، مع رؤية وارن بافيت، يقول إن السبب الرئيسي للناس للاستثمار في الذهب كان للحماية وليس للبحث عن أرباح أو فوائد، لذا “يمكنك أيضًا أن تخسر المال إذا لم يتحقق ما تخشاه”.
وأضاف أن سعر الذهب كان تاريخيا متقلبا مثل سوق الأسهم وأن “الاتجاه الهبوطي للسعر يمكن أن يكون دراماتيكي للغاية”، وهذا لا يعني أن السعر لن يرتفع في الظروف المناسبة، ولكن الدخول إلى هذا العالم الاستثماري الآن بات مكلفًا، نظرًا لارتفاع متوسط السعر على المدى الطويل.
كيفية الاستثمار؟
يقول أدمانز إنه في حين يمكن للناس الاستثمار في الذهب المادي (شراء المعدن الحقيقي وليس العقود الآجلة)، فمن المحتمل أن يكون هناك تكلفة كبيرة إضافية على أسعار العملات الذهبية أو السبائك أو المجوهرات، سواء لتخزين هذه السلع بشكل آمن أو للعثور على سوق لتداولها.
شراء أسهم شركات تعدين الذهب طريقة أخرى للاستثمار، المشكلة في هذا الوقت، هي أن الشركات في جميع أنحاء العالم تقع تحت ضغط كبير، ويتعامل المستثمرون مع مخاطر الأسهم بطريقة مختلفة عن شراء السلع الأساسية مثل الذهب.
المصدر: سيزتنيك