حديث الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش 12-6-2020 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

حديث الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش 12-6-2020

الشيخ علي دعموش

مع اشتداد الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان، والارتفاع الفاحش في سعر الدولار، وفقدان الكثير من فرص العمل، تبرز أهمية التوجه نحو الإنتاج الزراعي وتربية المواشي وغيرها من الاعمال والمهن التي تساهم في التخفيف من تداعيات الازمة الاقتصادية والمعيشية، وتوفر السلع الغذائية الضرورية وفرص العمل.

فالانتاج الحيواني او الثروه الحيوانيه من اهم المشاريع المربحه نظرا لكثرة الحاجة اليها والى لحومها وألبانها وجلودها، مما يشجع الشباب ويحمسهم على الدخول في هذا المجال، باعتباره يوفر لهم مصدر دخل هام، ويؤدي الى تعزيز الانتاج المحلي للحوم والألبان وما يتم تصنيعه من جلود الانعام والأبقار وشعرها، ويقلل من حجم الاستيراد بالعملة الصعبة، كما انه يقلل من نسبة البطاله لما يوفره من فرص عمل مربحة.

وقد أشار القرآن الكريم الى هذه المنافع التي توفرها الثروة الحيوانية وتربية المواشي في العديد من الآيات، فقال تعالى: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل:5]

وقال تعالى: }أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ، وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ، وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ{ ( يس 71-73 )

وقال تعالى في سورة النحل:  }أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ{.

وشجع الاسلام على رعي المواشي وتربيتها ورعايتها والرأفة بها، كما أكد على ان الكثير من الموجودات والنباتات قد سخرها الله للحفاظ على الثروة الحيوانية، ولكي تكون مصدر غذاء لها، لتنمو وتتكاثر وتستمر دورة الانتاج الحيواني.

فقال تعالى: }الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّىٰ كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَىٰ{.

وفى سورة النازعات يقول سبحانه وتعالى: }وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ{.

وفي الوقت الذي اعتبر الاسلام الأنعام والمواشي مصدرا لغذاء الانسان فأباح له ذبحها ليأكل منها وينتفع بها، لم يسمح له ان يتعامل معها بالقسوة او العبث او النفعية المطلقة، بل امر بالرفق بالحيوان والرأفة به والتعامل معه برحمة، ولذلك وضع قواعد للتعامل مع الحيوان وآدابا للذبح، ليبرهن على سموه ودرجة الرحمة التي يطلبها الاسلام في التعامل مع الحيوان.

فالإسلام يدعو عند تربية المواشي والثروة الحيوانية الى معاملة الحيوان معاملة حسنة، بان نحسن اليه ونطعمه ونسقيه ولا نؤذيه، فلا يجوز لنا أن نحرمه من الطعام أو الشّراب، أو نحمّله فوق طاقته، أو نؤذيه، أو نحرمه من أولاده، فإن من حق الحيوان أن ينعم بالأمن والأمان، والراحة والاطمئنان والرعاية الصحية في بيئة نظيفة وسليمة.

وهذا ما أشارت اليه الكثير من الاحاديث الواردة عن رسول الله(ص) وائمة اهل البيت (ع).

فقد دخل النبي(ص) يوماً بستاناً لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى الجملُ النبيَّ (ص) ذرفت عيناه، فأتاه الرسول فمسح دموعه، فسكت! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من صاحب هذا الجمل؟ فجاء فتى الأنصار، فقال : هذا لي يا رسول الله.

فقال: “ألا تتّقي الله في هذه البهيمة التي ملّكك الله إيّاها، فإنّه شكاكَ أنّك تجيعه وتدميه”.

وقد سأل بعض الصحابة رسول الله (ص): هل لنا في إطعام الحيوانات أجر؟ فأجابهم: “في كلِّ كبدٍ حرّى أجر”.

وقال عبد الله بن مسعود :كنّا مع رسول الله (ص) في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا عصفورة معها فرخان، فأخذنا الفرخين.

فجاءت العصفورة وجعلت تعرّش (أي ترتفع وتظلّل بجناحيها على العشّ). فجاء النبي (ص) فقال: “من فجعَ هذه في ولدها؟ ردّوا وليدها إليها”.

وإذا كان الله قد أباح لنا ذبح بعض الحيوانات أو صيدها، فإنه أمرنا بأن نحسن معاملتها وان نحترم مشاعرها حين الذبح، وهذا اسمى درجات الرحمة والرأفة التي أوجبها الاسلام في معاملة الحيوان، فقد نهى رسول الله(ص) عن تعذيب الحيوان أثناء الذَّبح لأكل لحمه، سواء كان التعذيب جسديًّا بسوء اقتياده للذبح, أو برداءة آلة الذبح، أو كان التعذيب نفسيًّا برؤية السكين؛  فقال (ص): “إنَّ الله تعالى كتب الإحسان على كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته”.

وروى عبد الله بن عباس: أن رجلاً أضجع شاة يُريد أن يذبحها وهو يَحِدُّ شَفْرته، فقال النبي: «أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ، هَلاَّ حَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا».

كما نهى النبي(ص) عن قتل الحيوان عبثا بلا منفعة، فقال (ص): ما من دابة – طائر ولا غيره – يقتل بغير الحق إلا ستخاصمه يوم القيامة.
وعنه (ص): من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة منه يقول: يا رب إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني لمنفعة .

المصدر: موقع المنار

البث المباشر