توقف السيد علي فضل الله، في حديث الجمعة، عند “مفهوم التقوى التي أراد الله للإنسان بلوغها في شهر رمضان، والتي تعني ألا ينطق الإنسان بأي رأي، ولا يتخذ أي موقف، أو يقوم بأي خطوة، إلا إذا كان في ذلك لله رضى، ما يحول الحياة إلى ساحة أمن وسلام لكل الناس”.
وقال: “ينبغي أن تبقى أخطار فيروس “كورونا” حاضرة في البال، على رغم قلة عدد الإصابات، خشية أن يؤدي أي تهاون لدى المواطنين بالتقيد بإجراءات الرقابة والسلامة، إلى ضياع الجهود التي بذلت حتى الآن، فلنصبر حتى ننجو من هذا الوباء وننتهي منه بأقل قدر من الخسائر”.
ودعا إلى أن “يكون الانضباط في الأخذ بالإجراءات عاما وشاملا لكل المناطق، وعلى كل الأراضي اللبنانية، بعدما أصبح من الواضح أن أي خلل في أي منطقة ينعكس على بقية المناطق، وأن الكل في مركب واحد، وأي عبث فيه قد يغرق السفينة كلها”.
وتناول “معاناة المواطنين على المستوى الحياتي والمعيشي، مع الارتفاع المتزايد وغير المسبوق في سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، بعدما ناهز الصرف الأربعة آلاف ليرة لبنانية، ولا يبدو أنه سيقف عند هذا الحد، بل قد يتجاوزه إن لم تتخذ الإجراءات الفاعلة لكبح جماح المتلاعبين بسوق صرف الدولار”.
وأضاف أن “من الطبيعي أن يترك ارتفاع سعر صرف الدولار تأثيراته على أسعار السلع والمواد الغذائية، وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، حتى تكاد رواتبهم تصبح من دون قيمة في بلد كل شيء فيه “مدولر”، مطالبا الدولة وكل أجهزتها بـ”التحرك، وأن تقوم بواجباتها لإيقاف هذا النزف، فلا يمكن أن تكون غائبة عن هذا الانحدار، أو أن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يمس بلقمة عيش مواطنيها، ما يهدد صورتها وهيبتها، وهي لا تعوزها السبل لتحقيق ذلك وهي قادرة إن امتلكت الشجاعة”.
وحض الحكومة على “محاسبة المتلاعبين بلقمة عيش الناس من المحتكرين والتجار الجشعين”، رافضا “التذرع بقلة عدد المراقبين، ما دام ثمة جيش من موظفي الدولة من دون عمل فهؤلاء يمكن الافادة منهم بعد تأهيلهم للقيام بمهمة الرقابة.
وأبدى سماحته أسفه لعدم إقرار المجلس النيابي مشروع شبكة الأمان الاجتماعي، والبالغ 1200 مليار ليرة لبنانية، وهو ما يلبي حاجات أعداد كبيرة من المواطنين، والذي تعثر بسبب شكليات ظرفية، أو بفعل التجاذبات السياسية والبعيدة كل البعد من مصالح المواطنين، والذين هم من كل الطوائف والفئات السياسية”.
ورأى أن “الجلسة النيابية الأخيرة لم تكن على مستوى توقعات اللبنانيين في مواجهة التحديات التي تدهمهم في واقعهم الصحي والمعيشي والحياتي، أو في استرداد أموالهم المنهوبة، بفعل عدم طرح القوانين التي تساهم في حماية ودائعهم في المصارف، ومنع أي اقتطاع منها ما دامت الشكوك لا تدور حولها، أو تحويلها من دون العودة إليهم، أو بفعل عدم إقرار القوانين التي ترفع الغطاء عن الفاسدين والناهبين للمال العام، أو الفاسدين من الوزراء والنواب”.
وتساءل عن “الأسباب التي تقف خلف التلكؤ في رفع الحصانة عن السياسيين، إن في عدم إقرار قانون محاكمة المسؤولين من الوزراء والنواب في القضاء العادي، أو رفع السرية المصرفية عن السياسيين، أو إنشاء هيئة مكافحة الفساد، بذريعة أن القوانين في حاجة إلى مزيد من الدرس في اللجان التي يعرف اللبنانيون جميعا أنها في هذا البلد مقبرة المشاريع”.
واعتبر السيد فضل الله أن ما “حدث أحبط آمال المواطنين بإمكان أن تنجح الحكومة في إقرار خطة إصلاحية تنقذ البلاد من الفساد، فكيف يمكن مواجهة الفساد ما دام المسؤولون لا يخضعون للمساءلة والمحاسبة وتطبيق القانون عليهم؟! ما يجعل هذه الطبقة السياسية في واد والشعب في واد آخر”، لافتا إلى أن “هذا الحدث وغيره قد يدفع الناس إلى النزول إلى الشارع مجددا، والمطالبة بحقوقهم، ومواجهة الفاسدين بأنفسهم، بعدما غرق ممثلوهم في الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية، ونسوا مصالح من انتخبوهم وجعلوهم في مواقعهم”.
ورأى أن “التحركات الشعبية ضرورية ومطلوبة، لأهميتها في فرض إرادة التغيير على من هم في مواقع المسؤولية”، منبها إلى أن “تكون هذه المطالب والتحركات بعيدا من التسييس، أو أن تستغل لحسابات سياسية داخلية وخارجية، وأن تبقى نقية صافية تعبر عن آلام المواطنين ومعاناتهم”.
وعلق سماحته على تأليف الحكومة الصهيونية، محذرا من “خطورة التحالف الذي جرى في الكيان الصهيوني بين الليكود وحزب “أبيض أزرق”، والذي جعل من أهدافه تطبيق “صفقة القرن” عبر ضم الضفة الغربية وغور الأردن إلى الكيان الصهيوني، والذي يمثل مشروع حرب على مستوى المنطقة”، معتبرا أن “لبنان لن يكون في منأى عن تداعياتها، بما يستدعي الحذر من مخططات هذا الكيان الغادر، ولا سيما بعد ما جرى على الحدود اللبنانية – السورية، وفي الداخل السوري، وعلى الحدود اللبنانية – الفلسطينية”.
ودعا “الشعب الفلسطيني إلى الوقوف صفا واحدا ضد كل القرارات التي تستهدفه”، ودعا ايضا الشعوب العربية والإسلامية إلى “الوقوف معه في مواجهة “صفقة القرن” التي جاءت هذه الحكومة لتنفيذ بنودها بالكامل”.
وتوقف عند الجريمة التي حصلت في بعقلين، داعيا إلى “درس نتائجها ودلالاتها، وإلى بذل كل الجهود لمنع تكرارها، وإزالة الأسباب التي تؤدي إلى مثل هذه الجرائم بكل أبعادها”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام