بين حُسن الأداء الحكومي والشعبي – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

بين حُسن الأداء الحكومي والشعبي

TK0VM
أمين أبوراشد

 


كانت مُلفِتة إطلالة رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب مساء الخميس في كلمته المُتلفزة الى اللبنانيين، إن كان من ناحية الشكل، لأننا ننتمي الى مدرسة أدبيات أخلاقية في الخطابة، أرسى نهجها في نفوسنا سماحة السيد حسن نصرالله، أو من ناحية المضمون بعيداً عن تسجيل الأهداف السياسية التي اعتدنا عليها مع الحكومات السابقة، بحيث لامس دياب الواقع الذي يعيشه الناس، لأن لقمة العيش هي الأساس في مقاربة أوضاعهم، بعيداً عن فذلكات الموازنات والهندسات المالية وحكاية “إبريق الزيت” بين موضوع “الهير كات” و “الكابيتال كونترول”، وقد أصاب الرئيس دياب الهدف، بالتأكيد على المعادلة النسبية في الوضع المالي، بأن حدَّد الرقمين 98% بالمئة من اللبنانيين مقابل 2%، لأن هذين الرقمين يعنيان الكثير للشعب الفقير، كقاعدة للإجراءات الحكومية على الصعيد المصرفي.
نعم، 98% من الشعب اللبناني يملكون 2% من الثروات في لبنان، و2% يملكون 98% من هذه الثروات، وبالتالي، صدقت المُعادلة في الإحتساب الرقمي، وهي التي يجب أن تعتمدها الحكومة في تطبيق العدالة، لأن في ذلك تمييز بين أموال المودعين العاديين وبين الفوائد الفائقة للتصوُّر التي جناها كبار الرأسماليين، وقد سبق لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قبل أيام، أن ميَّز بين الإجراءات الحكومية الواجب اتخاذها لجهة عدم المساس بودائع الناس وبين حسابات الفوائد.

حكومة الرئيس دياب، تعيش مخاض الولادة وما بعد الولادة، نتيجة استمرار بعض الاطراف في المماحكات غير المسؤولة، وحسناً فعل دياب بزيارته للرئيس سليم الحص قبل يومٍ من كلمته المُتلفزة، لأن هذه  الزيارة لها رمزيتها لمن يقرأ الرسائل، لأن التاريخ يُنصِف من زيَّنوه بأدائهم، ولن يُنصِف من أوصلوا البلاد الى هذا الدرك من الإنهيار.

وإذا كان وباء كورونا الذي يجتاح لبنان والعالم، قد أعطى نجومية سياسية في حسن إدارة الشأن العام، لوزير الصحة الدكتور حمد حسن، نتيجة ادائه، فمثل هذه النجومية تنسحب أيضاً على عدد من الوزراء الذين ما اعتاد الناس على أمثالهم من قبل والمأمول ان تنسحب على الحكومة مجتمعة.

وإذا كانت هذه الحكومة تُدير الأزمات التي ورِثَت والتي طرأت باللحم الحيّ، فليس كل شيء نرميه على الدولة، وبعض من إدارة الأزمة يقع على المواطن اللبناني، الذي اعتاد ترف “المُستورَد” الى حدود البَطَر، ونتساءل: لماذا اعتاد هذا المواطن اللبناني الآن على زراعة بضع أمتار أمام  منزله، ولماذا لا يعتمد أسلوب مواجهة الغلاء بمقاطعة السلع التي تُعتبر لزوم ما لا يلزم وسط هذه الضائقة المالية، ومِمَّا تشكو الأجبان والألبنان اللبنانية التي كانت تُعاني الكساد أمام أذواقنا التي تستهوي المُنتجات الأوروبية؟

ما هو الضير في طرح وزير الزراعة، أن يستهلك اللبنانيون لحم الدجاج بديلاً عن اللحوم الحمراء الغالية الثمن، وما هو الضير ايضاً في نصيحة وزير الإقتصاد التي أعطاها يوم أمس للمتظاهرين الذين دخلوا الوزارة واستقبلهم في مكتبه، بأن يقاطعوا استهلاك البيض كي يُلزموا التجار بتخفيض أسعاره؟ إنها طريقة في المقاومة الإجتماعية، تعتمدها الشعوب في الدول المتقدِّمة لإحداث توازن اقتصادي بين العرض والطلب، متى إختَلَّ هذا الميزان لصالح بعض التجار وقطَّافي الفُرص في مواسم الأزمات.

نعم لمواجهة الأزمة ومواكبة هذه الحكومة ما دام أداؤها مسؤولا، وكما وقفت الأحزاب الراعية لبيئتها الإجتماعية ومعها اللجان الأهلية والبلديات الى جانب المؤسسات الحكومية في مواجهة الوباء، مطلوبٌ من الشعب اللبناني أن يُشارك في المواجهة الإقتصادية عبر أقلمة نفسه مع الأوضاع الراهنة، والإبتعاد عن التَرَف في المتطلبات، وكل ما هو مطلوب منه – هو الذي سخى بالدماء في ساحات المقاومة الشريفة – أن يُساعد نفسه عبر المقاومة الإجتماعية والإقتصادية…

 

المصدر: موقع المنار