ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 14-03-2020 في بيروت على كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء أمس التي أطلق فيها موقفاً بشأن مواجهة وباء كورونا، داعياً إلى التكاتف الشعبي والحكومي، ومطالباً المصارف بتقديم مساعدات مالية للحكومة. كذلك شدّد على رفض أي ضرائب على الفقراء ومحدودي الدخل للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي..
الأخبار
دعوة لمواجهة وطنية شاملة لـ«تهديد كورونا»
نصرالله للمصارف: بادِروا إلى المساعدة
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “أطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله موقفاً بشأن مواجهة وباء كورونا، داعياً إلى التكاتف الشعبي والحكومي، ومطالباً المصارف بتقديم مساعدات مالية للحكومة. كذلك شدّد على رفض أي ضرائب على الفقراء ومحدودي الدخل للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي.
قدّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، مطالعةً سياسيّة – اجتماعية بشأن الخطر الذي يعانيه لبنان والعالم جرّاء فيروس كورونا المستجدّ، مشبّهاً الوضع الحالي بأنه حالة حرب. وتميّزت خطبة نصرالله أمس، بالدعوة إلى أوسع تكاتف وطني واجتماعي وسياسي للنجاة من تهديد الوباء. وفيما قدّم كامل الدعم للحكومة على المستوى السياسي والمعنوي وحتى المادي عبر وضع قدرات حزب الله بتصرفّها في مساعيها لمنع تفشّي المرض، دعا نصرالله المصارف، كما في الكثير من دول العالم، إلى مدّ يد العون للدولة والشعب اللبناني في هذه المحنة.
وقال: «نحن في خضم معركة عالمية تخوضها دول العالم وشعوبه، علينا أن نواجه لا أن نستسلم، لأن الخطر في هذا التهديد ليس فقط على الاقتصاد والمدارس، وإنما على حياة الناس وبقائهم». وشدّ على أن هذه المواجهة «لا تحتمل الانقسام، كما حصل في تهديدات إسرائيلية سابقة». ولفت إلى أن «المسؤولية في لبنان ليست فقط على وزارة الصحة، بل على الجميع وكل قطاعات الدولة، وعلى الشعب اللبناني، وعلى كل الموجودين على الأرض اللبنانية من مواطنين فلسطينيين وسوريين».
وحدد هدف المعركة بانتظار أن يتم اكتشاف دواء للوباء: «علينا الحد من الخسائر البشرية في الدرجة الأولى، منع الانتشار قدر الإمكان ومعالجة الحالات المصابة». ودعا اللبنانيين في القرى والمدن والأحياء إلى التكاتف في ما بينهم، لمنع انتقال خطر الوباء إلى خطر الجوع، مع الإقفال العام في البلاد، كما إلى أن «تسود الإيجابية الروحية لهذا التعاون، لأن الظرف ليس مناسباً للتنافس والمزايدة والسجال السياسي، نحن أمام معركة إنسانية بالكامل، وعلينا أن نخوضها بروح إنسانية بالكامل». ودعا اللبنانيين إلى الاستجابة لقرارات الحكومة الرامية إلى الحد من الانتشار، معتبراً هذا الأمر واجباً وطنياً وإنسانياً وأخلاقياً ودينياً. وطالب نصرالله بالابتعاد عن التجمعات، «ولو لتشييع شهداء». ونوّه بشفافية وزارة الصحة، داحضاً الشائعات عن تستر وزارة الصحة وحزب الله عن وجود حالات ولم يعلن عنها.
وتحدّث في المقابل عن «عدم صدقية بريطانيا التي تسترت على أعداد المصابين، الى أن بدأت تعلن أن العدد يصل إلى عشرة آلاف إصابة». وانتقد أيضاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هذه المسألة، واصفاً إياه بأنه «الكذاب الكبير»، وكذلك بالنسبة إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بوبميو. وقال: «هذا الكذاب الأكبر ترامب، يعرض المساعدة على إيران»، طالباً منه «مساعدة نفسه، وأن يرفع العقوبات عن إيران وبخاصة لجهة التجهيزات الطبية».
وخصّ نصرالله المصارف اللبنانية بتذكيرها بواجباتها، وهي التي استفادت طوال العقود الماضية من الأرباح الخيالية والفوائد على الدين العام والآن تحتجز ودائع اللبنانيين، مذكّراً أصحاب المصارف بالمساعدات العاجلة التي قدّمها أمثالهم في دولٍ أخرى لدعم حكوماتهم وشعوبهم، داعياً «المصارف اللبنانية إلى أن تقدم على هكذا خطوة، بخاصة وأن هذه المصارف حققت أرباحاً عالية في المرحلة السابقة». وجّه نصرالله الشكر إلى حكومة الرئيس حسان دياب والإجراءات التي تتخذها، و«هذه الحكومة ما زالت تحتاج الى وقت كي تستكمل إجراءاتها».
وعن الاستعانة بصندوق النقد الدولي قال إن «موقفنا واضح وبعيد عن أي التباس، وهو أننا لا نمانع لجوء الحكومة الى استشارة أي جهة، أو أن تقدم أي مؤسسة مساعدة ضمن ضوابط»، نافياً أن يكون حزب الله يرفض مساعدة خارجية للبنان. لكنّه أكّد أنه «إذا كانت مسألة قرض ولكن ضمن شروط لبنانية فلا مانع لدينا، ولكن إذا كان قرضاً مقابل توطين الفلسطينيين مثلاً فمن يقبل به؟».
لكنّه رفض بشكل قاطع «أي شرط لفرض رفع القيمة المضافة الى 15 في المئة، مقابل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي»، مكرّراً مطالبته المصارف اللبنانية بـ«المساعدة بكل كرم وأخلاق بسبب ما حققته من مليارات من الأرباح، قياساً بمن قدم أولاده شهداء حماية لهذا البلد»، متمنيّاً عليهم أن «يبادروا لا أن يجادلوا».
وختم نصرالله كلمته بإدانة العدوان الأميركي على منشآت وهيئات رسمية في العراق ليل أول من أمس، واصفاً إياه بـ«اجتياح للعراق لأنه تجاوز الحكومة العراقية»، مؤكداً أن «الجريمة التي ارتكبتها أميركا أمس ستلاقي الرد العراقي المناسب».
اللواء
طوارئ الكورونا على الطاولة .. و«الكابيتال كونترول» أمام مجلس الوزراء الثلاثاء
نصر الله لا يمانع من قروض صندوق النقد.. والسفيرة الأميركية تتبنى مطالب الحراك للثقة
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “الجديد في المشهد، تحوُّل عداد وباء كورونا إلى همّ يومي إلى جانب ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، مع تهاوي سعر صرف الليرة، وكذلك انفلات الأسعار بلا حسيب أو رقيب، من دون مراعاة قانون السوق أو قيمة الأسعار، كالعرض والطلب وسواه.. فاللبنانيون، كما غيرهم، دخلوا طوعاً إلى سجون منازلهم، وهم مرعوبون، سواء أكان الوباء اصابهم أم لا.
وكشف التقرير اليومي لمستشفى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الجامعي ان الفحوصات الإجمالية التي اجريت بلغت 202، وكانت النتائج السلبية 196 حالة، في حين ان خمسة هم مصابون.. وبذلك يكون مجموع الحالات المثبتة مخبرياً 78، بما في ذلك المشخصة في مستشفى الحريري والمستشفيات الأخرى، فيما تحديث معلومات أخرى (L.B.C.I) ان المصابين بالفيروس بلع 83 مصاباً، بينها أربعة في حال حرجة، واربع في حال دقيقة، على ان يخضع الممكن خروجهم إلى رقابة تقوم بها الشرطة البلدية أو غيرها..
وبالتزامن مع إنجاز مشروع قانون الكابيتال كونترول، الذي تنشر «اللواء» نصه الكامل مع الأسباب الموجبة (ص6)، أعلن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله «ان لا مانع لدينا من استشارة أو مساعدة غير مشروطة من أي جهة، وحتى لو مع شروط يجب ان لا تخالف الدستور اللبناني ولا مصالحنا الوطنية، والادارة يجب ان تكون للدولة اللبنانية، رافضا أية ضريبة على الفئات الفقيرة أو الشعبية.
ودعا لخطة تشاركية لمعالجة الموضوع المالي والاقتصادي، ونحن لم نقدم خطة للحكومة اللبنانية، داعياً المصارف لمد يد العون للحكومة وللقطاع الصحي ليتمكن النّاس من الصمود. وحول معالجة ومواجهة انتشار مرض كورونا، أعلن السيّد نصر الله: نضع كل امكانياتنا وكادرنا الصحي والطبي وكل ما نملك من طاقة بشرية ومؤسسات بتصرف الحكومة ووزارة الصحة للمساعدة على مكافحة كورونا.
واقترح نصر الله على الحكومة ان تنظر بشكل استثنائي لدعم الطواقم الطبية، وأي صرف آخر يجب ان يؤجل لمصلحة الانفاق على الحد من انتشار فيروس كورونا. ورفض ان تكون المعركة ضد الكورونا الظرف المناسب لتصفية الحسابات، أو تسجيل النقاط، داعياً المعنيين للعمل بشفافية، ولم يجد مانعاً من إعلان حالة الطوارئ إذا لزم الأمر، محذراً من التباطؤ والانعكاسات الاجتماعية على المواطنين إذا ما استمر اقفال المؤسسات.
وانضم السيّد حسن نصر الله إلى المطالبين بالتعاون العام لمواجهة وباء كورونا.. والدعوة إلى وجوب الالتزام الصادر عن الجهات الصحية والرسمية التي تدير هذه المعركة.. بما في ذلك الإلتزام الديني.. للانتصار في هذه المعركة.. من زاوية المسؤولية الشرعية، داعياً وزارة الصحة إلى اعلام الجمهور بالحقيقة، لأنه يُساعد برفع المسؤولية.. وأكد ان لا مانع من أي قرض أو مساعدة ضمن شروط، ولكن لا تمس بالسيادة أو تتعارض مع الدستور كشرط توطين اللاجئين الفلسطينيين مقابل 50 مليار دولار على سبيل المثال، حتى ولو جاءت المساعدة أو القرض من صندوق النقد الدولي.
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان اعلان حالة الطوارئ العامة شيء والطوارئ الصحية شيء اخر. فحالة الطوارئ بالمطلق تعني اجراءات معينة كمنع التجول واستلام الجيش الامن والرقابة على الصحف وأمور اخرى وهي تختلف عن الطوارئ الصحية. واعلان الطوار ئ الصحيه اقرب الىالمنطق لجهة استنفار المستشفيات وهو امر حاصل من خلال قرارات اللجنة الوزارية. ورأت ان كلمة اعلان حالة طوارئ لها موجبات امنية وسياسية واقتصادية وتحدث في الامور الخطيره في البلد اما الطوارئ الصحية فهي تتصل بوضع المستشقيات في تصرف الدولة وهذه ممكنة وتدرس حاليا كما ان الاقفال يدرس الاسبوع المقبل.
مجلس الوزراء
وسط ذلك، يعود مجلس الوزراء الى بحث خطة الاصلاح المالي والنقدي في جلسة يعقدها في السرايا الحكومية عند الواحدة من بعد ظهر الثلاثاء المقبل برئاسة الرئيس حسان دياب، وعلمت «اللواء» من مصادر وزارية ان المجلس سيتطرق الى كل الاوضاع المالية والنقدية واجراءات المصارف والصيارفة، ويتخذ القرارات المناسبة.
وقالت المصادر: ان خطط الاصلاح المالي والاقتصادي والاداري توضع على نار حامية، برغم الانشغال بتفشي مرض كورونا الذي يستنزف الوقت والجهد والمال لمتابعته ومحاولة التخفيف من نتائجه. لكن إصلاح الوضع النقدي والمالي والاقتصادي اولوية ايضاً وقد يستغرق مدة طويلة، خاصة انه سيكون مترافقا مع اصلاحات بنيوية في الاقتصاد تحفّز الاستثمارات التي لا بد منها وتحفز الانتاج وبالتالي النمو.
واوضحت انه لا بد من اللجوء الى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمساعدة لبنان، ضمن الشروط السيادية للدولة، ومن دون التوقف عند المواقف السياسية المؤيدة او المعارضة، بل لما فيه مصلحة للبنان، ومن اجل استعادة ثقة الدول المانحة، خاصة ان لبنان بحاجة الى ما بين خمسة وستة مليارات دولار من اجل معالجة وضعه المالي المتعثر حالياً. وذلك بالتوازي مع عملية التفاوض مع الدائنين وحاملي سندات «يوروبوندز» على تأجيل الدفع واعادة جدولة وهيكلة الديون. وقالت: ان الحكومة تنتظر بين اليوم والغد جواب الدائنين عبر الاستشاريين الذين عينتهم ويتواصلون مع استشاريي الدائنين حول تفاصيل عملية التفاوض وشروطها.
جديد كورونا
وفي مجال مكافحة وباء الكورونا، علمت «اللواء» من مصادر رسمية موثوقة، ان الاتجاه الرسمي يميل الى إقفال كل الادارات والمؤسسات والمصالح الرسمية مطلع الاسبوع المقبل، اذا ازداد عدد الحالات المصابة بالمرض. وقالت المصادر اننا حاولنا عدم الوصول الى الاقفال التام لمرافق الدولة والبلاد منعاً لزيادة تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي، لكن اذا وصلنا الى خيار الاقفال سنتخذه. علما ان المؤسسات الخاصة قررت الاقفال من تلقاء ذاتها في مرافق كثيرة.
وعقد مساء امس اجتماع في السرايا الحكومية للجنة الوزارية المصغرة من الوزراء لبحث تطورات ملف كورونا والاجراءات الاضافية الواجب اتخاذها. وكشفت معلومات قناة «ام تي في» عن تسجيل 5 حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا امس،في مستشفى رفيق الحريري الحكومي. والجدير بالذكر أن وزارة الصحة أعلنت قبل ظهرامس، عن أن عدد الاصابات بالفيروس إرتفع إلى 78، ومع تسجيل الحالات الخمس الجديدة، يُصبح العدد 83.
وبالتوازي مع القرار الذي صدر اليوم الجمعة 13/2/2020 عن وزير العمل وزير الوصاية على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لميا يمين، اعلن رئيس مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالانابة غازي يحيى، انه وبعد الاتصال والتوافق مع اعضاء مجلس الادارة والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي تقرر تعليق العمل في كافة مراكز الصندوق من تاريخ 12/3/2020، وحتى 31/3/2020 ضمناً. وطلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من المصارف اللبنانية كافة، اعطاء الاولوية في التحويلات لشراء المواد والمستلزمات والمعدات الطبية لمكافحة فيروس كورونا.
ومن المتوقع ان يعرض مشروع قانون «كابيتال كونترول» على جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، على ان يُنجز في الأيام القليلة المقبلة، إذا كان ثمة حاجة لنسخة رابعة. واستند مشروع القانون في نسخته الثالثة إلى ان «الظروف المالية والاقتصادية الاستثنائية التي يمر بها لبنان وضعت نظامه الاقتصادي في مواجهة الاستقرار النقدي المالي مما أدى إلى تراجع الثقة الداخلية والخارجية بالقطاع المصرفي اللبناني».
ونظراً للحاجة إلى حماية أموال المودعين وإعادة انتظام العمل المصرفي والعمل على استمراريته، نفرض توحيد وتنظيم التدابير والضوابط بشكل عادل على أموال المودعين، وتؤكد على تحرير التحويلات الجديدة الواردة من الخارج، من غير قيود، الأمر الذي يفرض ايلاء مصرف لبنان صلاحيات محصورة، على ان يعمل بهذا المشروع لمدة ثلاث سنوات، وهو يتألف من 9 مواد تتعلق بالتعامل العادل مع المودعين، والتحويلات للتعليم والتطبيب والعيش في الخارج، واحترام الرواتب لا سيما المتقاعدين إلخ..
وعلمت «اللواء» أن من التعديلات الممكنة السماح للمصارف بتلبية طلبات الزبائن من الدولار بتحويلها إلى الليرة اللبنانية بسعر 2000 ليرة للدولار، على ان يتم ضبط سعر الصرف لدى الصرافين بما يتراوح بين 2000 و2200 ليرة تحت طائلة أقسى العقوبات.
دوروثي وشرط الثقة
وفي أوّل موقف للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا منذ وصولها، أعلنت «دعم المطالب المشروعة للمتظاهرين بالفرص الاقتصادية والمساءلة والشفافية، وفقط من خلال تلبية هذه المطالب، يمكن للبنان الشروع بالعملية الصعبة لاستعادة الثقة الدولية».
الجمهورية
“كورونا” يحبس لبنان و”التنِّين” يعصف به.. والاقتصاد ينتظر!
وكتبت الجمهورية تقول “مع الانتشار السريع لفيروس «كورونا»، ومع الوتيرة البطيئة التي تتم فيها محاولات احتواء هذا الفيروس الخبيث، حسناً فعل اللبنانيون بأغلبيتهم الساحقة بأن التزموا منازلهم في إجراء وقائي لا بد منه، ريثما تنجلي هذه الغمامة السوداء، علماً أنه لا يُعرَف حتى الآن كم سيستمر هذا الكابوس المرعب قابضاً على أنفاس الناس. والأعداد الرهيبة من الاصابات التي يُعلن عنها على امتداد الكرة الارضية تضع اللبنانيين جميعهم أمام مسؤولية التزام أقصى درجات الوعي، والتقيّد بالحد الاقصى من إجراءات الوقاية الذاتية، باعتبارها السبيل الوحيد المُتاح أمامهم لرد هذا الخطر عنهم.
هي اكثر من حالة حرب يعيشها اللبنانيون في هذه الفترة، ولكن ليس كأيّ حرب، وأصوات المدافع والقذائف أخفّ وطأة عليهم من صوت الخوف المدوّي في كل بيت، لأنّ هذا الوباء أذهب النوم من عيون أهله. هي الحرب مع أشباح حكمت على اللبنانيين بالعقاب الجماعي، واستحال معها لبنان بلداً منكوباً، حزيناً، خائفاً، معطلاً، مشلولاً، بدأت مع لصوص الهيكل بإيصالهم الوضع الاقتصادي والمالي الى حال كارثي، واستكملتها “كورونا” بضرب الوضع الصحّي، ليأتي “التنّين” ويكمل إجهازه على ما تبقى، بعاصفة هوائية عاتية أحدثت خراباً وأضراراً رهيبة في المنازل والمزروعات والشوارع والسيارات والممتلكات في مختلف المناطق اللبنانية، وكاد صفيرها يقتلع الناس من بيوتهم، أو بالأحرى ملاجئهم التي لاذوا اليها هرباً من الوباء، ولولا العناية الالهية كاد “التنّين” يؤدي الى كارثة جويّة، بعدما علقت طائرة ركاب مدنية، في قلب العاصفة، لحظة محاولة هبوطها في المطار.
عبء جديد
وألقى هذا الهجوم المناخي، الذي ضرب لبنان في الساعات الماضية، عبئاً جديداً على اللبنانيين، واستنفزت الأجهزة الرسميّة لإحصاء الأضرار، في وقت اقترب الاعلان الرسمي عن حالة طوارىء صحيّة، خصوصاً انّ بورصة الفيروس الخبيث تسجّل مزيداً من الاصابات التي قاربت في لبنان أمس الـ80 اصابة، وهي بالتأكيد نسبة قابلة للارتفاع مع الانتشار السريع لهذا الفيروس، بالتوازي مع البطء الرسمي، وضعف إمكانات المواجهة والاحتواء.
جعجع يلوّح بالقضاء
هذا البطء الرسمي وضع الدولة في خانة الاتهام بالتقصير وعدم القيام بما يتطلّبه هذا الخطر من اجراءات سريعة، أسوة بما هو معمول به في كل الدول المنكوبة بـ”كورونا”. ولفتت في هذا السياق الانتقادات التي وجّهها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع للحكومة ووزارة الصحة، والتي خَلص فيها الى التلويح بالمقاضاة الجزائية لرئيس الحكومة ووزير الصحة، إن لم تقم الحكومة بما عليها.
حسن
في المقابل، أعلن وزير الصحة حمد حسن انّه من الممكن إعلان حالة طوارئ مدنيّة أو صحيّة، لافتاً الى انّ “الإجراءات في مطار بيروت موازية لإجراءات مطار شارل ديغول وجميع المطارات المتقدمة في العالم”. ودعا الى “تخفيف التنظير على وزارة الصحة واللجنة الوطنية لمواجهة كورونا، والحديث عن أنّ وزارة الصحة تقوم بإخفاء عدد الحالات الحقيقي هو أمر معيب ومرفوض وغير صحيح، ومسوّق الإشاعات يجب أن يُحاسب”.
إيجابيات
في الجانب الآخر للأزمة، يبقى الترقّب هو السيّد على الخط السياسي – الاقتصادي، لكيفية تعاطي الدائنين الخارجيين مع تعليق لبنان دفع سندات “اليوروبوندز”، وهو أمر ستتوضّح معالمه الاسبوع المقبل، على حد ما أكدته مصادر وزارية معنيّة لـ”الجمهورية”، حيث اشارت الى انّ الاجواء الاولية للتفاوض الذي يجري مع حملة السندات، تحمل بعض الايجابيات على هذا الصعيد، ولكن ليس في الامكان اعتبارها ايجابيات كاملة حتى الآن، وهو ما سيتوضّح أكثر في الفترة التي تلي انتهاء فترة السماح المحددة بأسبوع وتنتهي الاثنين المقبل في 16 آذار الجاري.
برنامج الحكومة
والتقصير الرسمي في توفير الامان الصحّي للبنانيّين، يوازيه ثبات الحكومة على رصيف الأزمة الاقتصادية والمالية، وعدم دخولها الفاعل حتى الآن الى ميدان العمل المباشر وما يتطلّبه من خطوات تنفيذية تخفف من وطأة الأزمة.
وبحسب معلومات “الجمهورية” فإنّ تأخر الإجراءات الحكوميّة الموعودة، كان محلّ استغراب عدد من السفراء والديبلوماسيّين االغربيّين، وجرى التعبير عنه صراحة أمام كبار المسؤولين وعدد من الوزراء، حيث نبّه هؤلاء من “انّ الوقت ليس لصالح لبنان، وتأخره في بدء المعالجات الاصلاحية التي يعانيها في اقتصاده وماليته، ستصبح معه الأزمة في وضع ميؤوس منه”.
وفي هذا السياق، قالت مصادر السراي الحكومي لـ”الجمهورية”: ان الحكومة تدرك المهمة الموكلة اليها، ومنذ نيلها الثقة، وضعت نفسها في حالة طوارىء اقتصادية ومالية، وهي ماضية في برنامجها التنفيذي لمعالجة أزمة معقدة ومتشعبة، والايام القليلة المقبلة ستبرز مجموعة خطوات يلمسها المواطن اللبناني على كلّ المستويات. وبالتالي، كلّ كلام عن تأخّر الحكومة او تقصير من جانبها ينطوي على ظلم لها. بالتأكيد انّ السرعة مطلوبة، ولكن ليس التسرّع، خصوصاً أنّ الكثير من الإجراءات تتطلّب عناية فائقة ودراسة معمّقة لكي تأتي ثمارها بإيجابيات تريح اللبنانيين وتطمئنهم”.
إعتمدوا على أنفسكم!
على انّ الحركة الديبلوماسية العربية والغربية التي نشطت في الايام الاخيرة، وإن كانت قد عكست الموقف التقليدي لجهة الوقوف مع لبنان ودعم استقراره السياسي والاقتصادي والامني، ودعوته الى الاستجابة الى المطالب الشعبية وتطبيق الاصلاحات ومكافحة الفساد، فإنها عكست في جوهرها تأكيداً على انّ باب المساعدات الخارجية للبنان، وتحديداً المالية، موصَد بالكامل، وتشجيعاً مباشراً بأنّ على لبنان أن يعتمد على نفسه في هذه المرحلة.
وعرضت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” خلاصة للحركة الديبلوماسية، تضمّنت الآتي:
أولاً، بالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية، فهي تضع الحكومة اللبنانية تحت مجهرها، وتأخذ على الحكومة انها لم تقم بعد بأي خطوة في مجال الاصلاح. وبالتالي، هي ليست راغبة في تقديم اي نوع من المساعدات للبنان، ما خَلا استمرارها في برنامج دعمها للجيش اللبناني.
ثانياً، الموقف الروسي يعكس رفع موسكو لدرجة الاهتمام بلبنان، وانها على استعداد للمساعدة وللتجاوب مع أي طلب لبناني يأتي اليها، وهو ما تبلغته مباشرة شخصيات لبنانية من كبار المسؤولين الروس.
ثالثاً، الاتحاد الاوروبي، وفي مقدمته فرنسا، ملتزم بما قررته مجموعة الدعم الدولية تجاه لبنان، ولكن ربطاً بالخطوات الاصلاحية المطلوبة من الحكومة اللبنانية التي حدّدها “سيدر”، وبالتوازي لا مساعدات فرنسية نقدية للبنان، لكن باريس أعربت عن استعدادها لمساعدة لبنان للاستحصال على مساعدات على شكل استثمارات من بعض الدول الصديقة.
رابعاً، الموقف العربي، الأمر الاساس الذي ينبغي على اللبنانيين ان يضعوه في حسبانهم هو انّ الدول الخليجية خصوصاً تلك التي لها تاريخ على خط المساعدات، لم تقدم حتى الآن – حتى لا نقول لن تقدم – ما يؤشّر الى انها تنوي أن تقدّم، أي نوع من المساعدة للبنان، سواء في فترة قريبة او في فترة لاحقة، لا حول مشاريع استثمارية ولا مساعدات نقدية مباشرة على شكل ودائع او ما شبه ذلك.
وفي هذا السياق الخليجي، تكشف المصادر الموثوقة بعضاً ممّا أبلغه مسؤول أميركي الى زوّار لبنانيين الى واشنطن بعد فترة قصيرة من نَيل حكومة حسان دياب الثقة، وحرفيّته: “خلال حكومة سعد الحريري، سألت واشنطن بعض دول الخليج ما اذا كانت راغبة في أن تؤمن للبنان بضع ودائع مالية، الّا انّ ما قاله المسؤولون الخليجيون عكسَ بشكل واضح عدم الثقة بالمسؤولين اللبنانيين، وشَكوا بأنّ الاموال الطائلة التي دفعوها على مدى سنوات طويلة، كانت تذهب في معظمها الى جيوب بعض المسؤولين، بدل أن تذهب الى مشاريع تستفيد منها الدولة اللبنانية”.
ويضيف المسؤول الاميركي، بحسب المصادر: والآن، مع حكومة حسان دياب، لا توجد حماسة خليجيّة في اتجاهها، وحتى لو انّ الخليجيّين فكروا في تقديم اي اموال للبنان، فإنّهم في الوقت نفسه لا يثقون بأنّ هذه الاموال ستستخدم في مكانها الصحيح، بل انّ التجربة مع اللبنانيين جعلتهم يخشون من انّ هذه الاموال إذا قدّمت لهم، فإنها ستُهدر ويُساء استعمالها وستذهب الى تمويل الفساد”.
وتضيف المصادر الموثوقة على كلام المسؤول الاميركي قولها في هذا المجال: حتى ولو كان لدى دول الخليج الرغبة في مد يد المساعدة للبنان، فهي لا تستطيع ذلك في الوقت الراهن، وذلك بعد أزمة “كورونا” وهبوط الاسهم والانخفاض الحاد في أسعار النفط”.
صندوق النقد
الى ذلك، كشفت مصادر وزارية لـ”الجمهورية” انّ لبنان تلقّى في الآونة الاخيرة نصائح من دول اوروبية واخرى في اميركا الشمالية يربطها تحالف وثيق مع الولايات المتحدة الاميركية بأن يتوجّه نحو صندوق النقد الدولي، باعتباره السبيل الوحيد المُتاح أمام لبنان لمساعدته على تجاوز أزمته. وأكدت هذه النصائح انّ من شأن اللجوء الى صندوق النقد، أن يفيد لبنان اولاً، وفي الوقت نفسه يطمئن الدول الغربية ويشجّعها على التعامل مع لبنان بفعالية وايجابية أكبر ممّا تكون عليه في وضعه الحالي.
وعلمت “الجمهورية” انّ عدداً من الوزراء داخل الحكومة، يشدون في اتجاه الاستعانة بصندوق النقد الدولي، “باعتباره وحده القادر على ان يقدّم الاموال للبنان، الذي يحتاج الى جرعات متتالية من السيولة أو ما يعرف بـ”الفريش ماني”، ومن دون هذه الاموال لا مجال للبنان ان يستعيد حيويته وعافيته او يستعيد وضعه الذي كان عليه قبل 17 تشرين الاول 2019”.
الى الصندوق… ولكن!
الّا أنّ مصادر وزارية معنية بالشأن المالي قالت لـ”الجمهورية”: حتى الآن لا يوجد قرار بالتوجّه نحو صندوق النقد الدولي، وهذا لا يعني انه ليس مطروحاً. أضافت المصادر: “ولكن في حال قررنا اللجوء الى الصندوق، فإنّ الموقف سيتلخّص بأننا مستعدون للجوء الى صندوق النقد، إنما بشروط لبنان، بحيث نستطيع ان نتوجّه الى الصندوق، ونفاوض على أحسن الشروط التي تفيد الدولة اللبنانية”.
ورداً على سؤال عمّا اذا كان الثنائي الشيعي المتمثّل بحركة “أمل” و”حزب الله” يعارضان التوجّه الى صندوق النقد، قالت المصادر: لا مانع لدى ايّ طرف داخلي بأن يلجأ لطلب المساعدة من الصندوق، ولكن شرط ألّا تكون هذه المساعدة وسيلة للتسلّل ووضع البلد تحت وصاية الصندوق، وشرط الّا تؤدي هذه المساعدة ايضاً الى زيادة معاناة الشعب اللبناني، عبر شروط قاسية وفرض ضرائب جديدة.
معارضون
على انّ التوجّه الى صندوق النقد، هو محل انقسام حوله في الداخل اللبناني، ويُدرج “حزب الله” في خانة المعارضين. وقالت مصادر سياسية معارضة للتعاطي مع الصندوق لـ”الجمهورية”: “انّ تاريخ صندوق النقد الدولي مأساوي، وثمّة تجارب عديدة تؤكد ذلك، إذ انّ دولاً عديدة واجَهت أزمات وتعثرت ولجأت الى صندوق النقد في ظل شروط كانت تسبّبت في الغالب بمزيد من “التغوّل” في هذه الدول، بسبب الالتزامات التي فرضت على هذه الدول”.
مؤيّدون
وفي المقابل، قالت مصادر مؤيدة لهذا التوجه لـ”الجمهورية”: لبنان حاليّاً في وضع ينطبق عليه القول إنّ الضرورات تبيح المحظورات، ولنفرض انّ اللجوء الى صندوق النقد من المحظورات، الّا انّ الضرورات اللبنانية الحالية توجِب اللجوء اليه، إذ لا بديل امام لبنان سوى هذا الطريق، وانّ الدولة اللبنانية لا تملك خطة لتوفير اموال للبنان من أي مصدر آخر، ولكن قبل الذهاب الى صندوق النقد يجب أولاً أن تعدّ الحكومة برنامجها الذي ستقنع من خلاله صندوق النقد بأن يساعد، فالصندوق في نهاية الامر يريد استرداد امواله، ويريد قبل ان يقرض المال ان يعرف كيف سيستردّه، وما هي الضمانات التي ستقدمها الحكومة لقاء ذلك. لذلك، الكرة هنا ليست في ملعب الصندوق بل في ملعب الدولة اللبنانية.
الاصلاحات أولاً
في السياق نفسه، كشفت مصادر نيابية لـ”الجمهورية” انّ لقاء مغلقاً عُقد قبل فترة قصيرة بين نواب من لجنتي المال والموازنة والشؤون الخارجية في مجلس النواب، مع ممثلين عن صندوق النقد الدولي، وجرى نقاش حول ما يمكن أن يقدّمه الصندوق للبنان. وبحسب المصادر فإنّ ممثلي الصندوق كانوا متحفّظين حيال التجاوب او عدمه إذا ما طلب لبنان مساعدة الصندوق، مشيراً انّ الواجب أولاً هو ان تعدّ الحكومة اللبنانية خطتها، والتي يبني صندوق النقد قراره على أساسها.
وأشارت المصادر الى انه بعدما استفسَر ممثلو الصندوق حول موضوع الضرائب، حرص النواب على التأكيد انه “ليس وارداً القبول بأن تُزاد الضرائب على الشعب اللبناني، قبل ان يرى بأمّ عينه ويلمس بيده انّ هناك إصلاحات قد بُدىء بها، وجديّة في العلاج والانقاذ، واللبنانيون نزلوا الى الشارع مطالبين بالاصلاحات، ولذلك الاصلاحات يجب ان تأتي قبل أي أمر آخر، ولن يقبل اللبنانيون بأي شكل من الاشكال ان يموّلوا الفساد.
المصرف والمصارف
الى ذلك، ورغم دقة الوضع المالي وخطورة المرحلة التي يجتازها لبنان في هذه الاثناء بانتظار يوم الثلاثاء، وهو موعد سريان مفعول التخلف عن دفع سندات “اليوروبوندز”، طغت أخبار فيروس كورونا على ما عداها، حتى على المستوى المالي والاقتصادي. ولفت أمس، طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من المصارف اللبنانية كافة، “إعطاء الاولوية في التحويلات لشراء المواد والمستلزمات والمعدات الطبية لمكافحة فيروس كورونا”.
هذا الطلب على أهميته وأحقيته، أثار مخاوف من أن يؤدي ذلك الى إلغاء التحويلات الضئيلة الاخرى التي كانت المصارف لا تزال تقبل بإجرائها، ومنها على سبيل المثال تحويل الاموال الى الطلاب في الخارج.
في سياق متصل، قرّرت جمعية المصارف أمس إغلاق أبوابها اليوم، “وذلك لتمكين المصارف من إجراء التعقيم الضروري لفروعها وتزويدها بمستلزمات الحماية الضرورية للعملاء والموظفين”.
وجاء قرار الجمعية بعدما كانت قد رفضت أمس طلب نقابة الموظفين الاغلاق بهدف التعقيم، لكنها بَدّلت موقفها وأعلنت إغلاق المصارف أبوابها اليوم، على أن تعاود نشاطها كالمعتاد بعد غد الاثنين.
البناء
العدوان الأميركيّ يوحّد العراق برئاساته وأحزابه ورفض شامل لانتهاك السيادة… والمقاومة ستردّ
نصرالله: لمقاومة كورونا تحت قيادة الحكومة… وضوابط السيادة تحكم العلاقة بصندوق النقد
وزارة الصحة لتمشيط حالات التسرّب… وإلا حالة الطوارئ… ويوم للفحص الوطنيّ الشامل
صحيفة البناء كتبت تقول “تحت سقف عدم التورّط في مواجهة مع إيران، تهرّبت القيادة السياسية والعسكرية الأميركية التي اتهمت إيران بالهجوم على قواتها في قاعدة التاجي والتسبّب بمقتل جنديين أميركيين وآخر بريطاني وإصابة اثني عشر جندياً آخر، جاء العدوان الأميركي على العراق، الذي وصفه القادة الأميركيون بالردّ على الضربة ليتسبّب بتورّط من نوع آخر لا يقلّ خطورة، فبعدما كان استهداف الأميركيين موضوع انقسام عراقي، توحّد العراقيون في وجه العدوان واستعادوا مشهد ما بعد اغتيال الأميركيّين للقائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، لجهة الإجماع على اعتبار العدوان الأميركي انتهاكاً للسيادة واستخفافاً بالدولة العراقية والاتفاقيّات التي تنظم العلاقة معها. فوجد الرئيس العراقي برهم صالح القريب من واشنطن والذي استنكر عملية استهداف الأميركيين، أنه مجبر على مشاركة رئيسي مجلس النواب والحكومة المستقيلة على إدانة العدوان، وتوجّهت وزارة الخارجية ببيان شديد اللهجة نحو اتهام واشنطن بضرب أهداف حكومية ومدنية ومواقع للشرطة والجيش واستباق التحقيق المشترك في هجوم التاجي الذي استهدف الأميركيين، وعدم التنسيق مع الحكومة العراقية وفقاً للأصول في التعامل مع أي حدث أمني فوق الأراضي العراقية، وقرّرت الخارجية التوجّه بشكوى أمميّة تنديداً بالعدوان، بينما منح هذا المناخ قوى المقاومة مزيداً من القوة لمنطقها لجهة أن الوجود الأميركي في العراق ليس وجوداً قائماً على اتفاقيات قانونية بل هو مجرد احتلال غاشم، يفرض إرادته وعدوانه على العراقيين، ولا حلّ سوى اعتبار رحيل الاحتلال مطلباً وطنياً، والتعامل معه باللغة التي يفهمها وهي لغة المقاومة. وقالت مصادر في فصائل المقاومة، إنّها تترقب الموقف وتتابع التطورات، خصوصاً الإجماع السياسي والوطني والشعبي بوجه الاحتلال، وسوف تقوم بالردّ المناسب على العدوان.
لبنانياً، كانت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مخصّصة بقسمها الرئيسيّ للتعبئة النفسيّة والشعبيّة لمواجهة فيروس كورونا، وإعلان مقاومة لهذا العدو يشترك فيها الجميع ويترفع عن الاستثمار في المزايدة حولها الجميع، ولأنها مقاومة بقيادة الحكومة أعلن السيد نصرالله وضع إمكانات حزب الله بتصرفها في كل المجالات، تاركاً أمر إعلان حالة الطوارئ للحكومة، عندما تراه مناسباً، مثنياً على جهود وزارة الصحة والطواقم الطبية؛ بينما توقف السيد نصرالله أمام موضوع التعامل مع صندوق النقد الدولي، رداً على ما جرى ترويجه من خطوط حمراء يرسمها الحزب بوجه الحكومة، فقال السيد نصرالله إن حزب الله لا يمانع أي انفتاح تقوم به الحكومة على كل الجهات الدولية سواء الصندوق أو سواه، من ضمن خطتها للنهوض الاقتصادي، وضمن ضوابط الدستور والسيادة، ولا مانع أصلاً حتى بشروط ترتبط بدعم هذه الجهات الدولية إذا لم تتعارض مع المصلحة الوطنية، خصوصاً لجهة تأكيد رفض أي ضرائب على الفقراء وذوي الدخل المحدود، أو مقايضة الدعم المالي بشروط تنتهك سيادة لبنان، معلناً أن الوصاية بالمطلق مرفوضة، وإخضاع لبنان لأي وصاية لن يلقى موافقة حزب الله، أما التعاون من ضمن شروط تحفظ سيادة لبنان وتحمي الطبقات الضعيفة فيه ولا تمس باستقراره، فلا مشكلة فيها، بل إن بعض الشروط موضع ترحيب عندما تتصل بالشفافية وضبط الهدر ومكافحة الفساد وهيكلة القطاع العام لمزيد من الإنتاجية.
على المستوى الحكومي، كان تقييم المواجهة لفيروس كورونا عنوان النشاط الحكومي الذي توّج باجتماع مطوّل وموسّع في السراي ترأسه رئيس الحكومة حسان دياب، لمناقشة الدعوات لإعلان حالة الطوارئ. وقالت مصادر متابعة إن الأيام المقبلة لا زالت مخصصة لاستكمال وزارة الصحة ما بدأته من متابعة للحالات المتسرّبة ومخالطيها، الذين تسببوا بالمرحلة الثانية من انتشار الفيروس بعدما نجحت وزارة الصحة باحتواء المرحلة الأولى التي تركزت على مصدر الوافدين من إيران. ووصفت المصادر المرحلة الحالية بتمشيط حالات التسرّب التي جاءت من مصر وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا ومخالطيها أملاً بالعودة إلى مرحلة الاحتواء، وإذا لم تنجح الخطة في ضبط الوضع وإعادته تحت السيطرة وبقي التوسع في الانتشار فإن إعلان حالة الطوارئ وارد، وربما يتم اللجوء إلى يوم حظر تجوّل تتم خلاله عملية مسح بالفحوص تشارك فيها وحدات الجيش والقوى الأمنية والجهات الطبية لإجراء فحص شامل للبنانيين في بيوتهم، وتمديد اليوم ليومين وأكثر لحين الانتهاء من الفحص الشامل والتحقق من حالات الإصابة وحصرها، ومثل هذا التدبير يحتاج تحضير معدّات وفرق كافية منظمة، ولوجستية كافية لفحص العينات، وتنظيمها.
ورأى السيد نصر الله أننا في معركة ضد عدو اسمه “كورونا” ويجب أن نخوض هذه المعركة، موضحاً أن هناك عدواً وهناك مستهدفين ملزمين بمواجهته. وفي كلمة له حول آخر المستجدات والتطورات قال إن المشكلة اليوم تتمثل في أن العدو في هذه المعركة ما زال عنصراً مجهولاً في أغلب جوانبه.
وشدّد السيد نصرالله على أن المسؤولية يجب أن تكون عامة وشاملة لدى الجميع، إذ يتطلب من الكل مهام ووظائف محددة، ففي هذا النوع من المعركة كل ما يتصل بالعمل الصحي هو في الخط الأمامي، معتبراً أنه يجب أن ننظر إلى العاملين في المجال الصحي على أنهم ضباط وجنود الخط الأمامي. ولفت الى أن الهدف الحالي هو الحفاظ على حياة الناس من خلال منع الانتشار أولاً، ثم معالجة المصابين، لافتاً إلى أن شفاء الحالات المصابة أمر ممكن علمياً وواقعياً ومنع الانتشار كذلك لكنه يحتاج إلى إرادة وصبر ومسؤولية.
وأوضح أن وزارة الصحة كانت شفافة منذ اليوم الأول، وكانت تعلن عن الحالات يومياً بمجرد اكتشافها، داعياً إياها إلى الاستمرار في العمل بهذه الروحية مهما كان حجم الوفيات أو الإصابات. وأعلن أن حزب الله يضع كل إمكانيّاته في تصرّف الحكومة ووزارة الصحة، مؤكداً أنه تجب الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وإعطاء الأولوية المطلقة لهذه المعركة. ولفت السيد نصر الله إلى ضرورة التكافل الاجتماعي لمنع أي خلل في الأمن الاجتماعي، إذ على المصارف والميسورين المساهمة وتحمل المسؤولية في هذه المعركة.
وأكدت مصادر نيابية وصحية لـ”البناء” “استنفار كافة الجهات والمؤسسات الصحيّة الحكومية والخاصة لمواجهة هذا الوباء العالمي”، مؤيدة كلام السيد نصرالله بأن “مواجهة المرض ليست مستحيلاً بل يمكن الحد من انتشاره وتخفيف الخسائر وعدد المصابين والعمل على معالجتهم إذا تمّ التعاون وتضافر الجهود والالتزام العام والشامل بالإرشادات الرسمية الوقائية”. كما لاحظت المصادر تحسن تدريجي في الالتزام بالإرشادات الوقائية عن الايام السابقة ما سيؤدي الى التقليل من الاصابات في المدى المنظور”، موضحة أن “تزايد عدد المصابين لا يعني عدم الالتزام او فشل الجهات المعنية بالمواجهة او بالسيطرة عليه فقد تكون الإصابات المكتشفة حالياً ناتجة عن اللامبالاة في الأسابيع الماضية”، واضافت ان “الإجراءات المتخذة لا سيما إقفال المؤسسات العامة والمدارس والجامعات وأماكن الاختلاط ووقف الرحلات الجوية عوامل ستساهم في الحد من انتشار الوباء”. ورجّحت مصادر “البناء” أن تعلن الحكومة حالة الطوارئ إذا تطوّر الوضع الى المرحلة الأسوأ كما حصل في عدد من دول العالم لا سيما في الولايات المتحدة الاميركية، وعدم التزام المواطنين بالإرشادات وظهور حالات عدوى جديدة وعجز المؤسسات الصحية عن استقبال حالات جديدة”، مضيفة أن “اتخاذ هذا القرار يحتاج الى ثلثي مجلس الوزراء ويكلف الجيش والقوى الأمنيّة بتطبيق حظر التجوّل وفرض تطبيق الإرشادات بقوة القانون”.
وسُجل يوم أمس، ست إصابات جديدة بـ»كورونا» بحسب المستشفى الحكومي الذي أعلن في تقريره امس، أن “العدد الإجمالي للحالات التي تمّ استقبالها في الطوارئ المخصّص لكورونا خلال الـ 24 ساعة الماضية: 220 حالة، احتاجت 22 حالة منها إلى دخول الحجر الصحيّ، فيما يلتزم الباقون الحجر المنزلي. والعدد الإجمالي للفحوص المخبرية: 202. والنتائج السلبية: 196. النتائج الإيجابية: 6، خمسة منها كان قد سبق لها أن أجرت فحوصاً في مختبرات أخرى وتمّ إدراجها ضمن بيان وزارة الصحة الصباحيّ». واضاف التقرير: «غادر المستشفى 20 شخصاً كانوا متواجدين في منطقة الحجر الصحي بعد أن جاءت نتيجة الفحص المخبريّ سلبيّة. يوجد حتى اللحظة 9 حالات في منطقة الحجر الصحي. العدد الإجمالي للحالات الإيجابية داخل المستشفى 45 حالة. وضع المصابين بالكورونا مستقرّ ما عدا حالتين وضعهما حرج، وجميعُهم يتلقون العناية اللازمة في وحدة العزل».
وأعلنت وزارة الصحة في بيان عن «تشخيص حالة من العاملين لديها في الإدارة المركزية التقطت العدوى من أحد أقربائها المشخّصين. وتقوم الوزارة باتباع الإجراءات اللازمة لعزلها وتحديد المخالطين خارج وداخل الوزارة وجمع العينات ووضع المخالطين في الحجر الصحي المنزلي».
بدوره، أعلن وزير الصحة حمد حسن ان من الممكن إعلان حالة طوارئ مدنيّة أو صحية، وعلى المواطنين أن يتوقّعوا اليوم الإعلان عن زيادة حالات كورونا 20 حالة في لبنان». واعتبر ان الإجراءات في مطار بيروت موازية لإجراءات مطار شارل ديغول وجميع المطارات المتقدمة في العالم»، داعياً إلى «تخفيف التنظير على وزارة الصحة واللجنة الوطنية لمواجهة كورونا، ومسوّق الإشاعات يجب أن يُحاسَب».
وقال نقيب الأطباء في بيروت د. شرف أبو شرف في تصريح أن «الطاقم الطبي والتمريضي جاهز لاستيعاب المرضى والتعامل معهم ضمن الإطار المقبول إن لم يتفاقم الوضع بسرعة». وتحدثت مصادر رسمية عن اتجاه لإقفال كل المؤسسات الرسمية والمقار الرئاسية وجميع الوزارات الأسبوع المقبل إذا تفاقمت أكثر اصابات كورونا.
وفيما نفت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وجود إصابات في صفوف عناصرها أو بين السجناء، أكدت مصادر في وزارة الداخلية “خلو السجون كافّة على كلّ الأراضي اللبنانية من أي إصابة بفيروس “كورونا”، لافتة إلى أنّ “7066 سجينًا و2408 موقوفين موزّعين على كل السجون، أُجريت لهم الفحوصات اللازمة، وقد تمّ الاشتباه بحالة إصابة لدى سجين واحد، ونُقل إلى مستشفى بيروت الحكومي، وتأكّد أنّ نتيجة الفحوصات الخاصّة بفيروس “كورونا” جاءت سلبيّة”. وطلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من المصارف اللبنانية كافة إعطاء الأولوية في التحويلات لشراء المواد والمستلزمات والمعدات الطبية لمكافحة فيروس كورونا.
على صعيد آخر، نفى السيد نصر الله مسألة أن الحكومة تنفذ خطة حزب الله، وقال “ليس صحيحاً أن نحمّل مسؤولية من نوع تقديم خطة الى الحكومة بل المطلوب خطة تشاركية والكل مسؤول عن هذا الأمر”. وأوضح «أي جهة تريد أن تقدم مساعدة غير مشروطة وضمن الضوابط السياسية التي تعتمدها الدولة نحن لا نمانع ذلك». ولفت الى أن «حزب الله يقبل بمساعدات مشروطة، لكن لا تتنافى مع الدستور اللبناني ولا تمسّ السيادة اللبنانية ولا تتنافى مع المصلحة الوطنية اللبنانية»، مشيراً إلى مثال على ذلك بالقول «الشروط المرفوضة هي رفع الضريبة على القيمة المضافة أو توطين اللاجئين الفلسطينيين وهما شرطان لا يصبّان في إطار المصلحة الوطنية». وشدّد السيد نصر الله على أن الشروط المرتبطة بالإصلاح ومكافحة الفساد واستقلالية القضاء والشفافية هي شروط ممتازة، وقد طالب بها حزب الله مسبقاً.
ووجّه السيد نصر الله رسالة الى المصارف دعاهم فيها إلى تحمّل المسؤولية والمبادرة إلى المساعدة مثلما قدمت العديد من المصارف في العالم، وقال «المصارف في لبنان هي واحدة من الخيارات فقد ربحت عشرات مليارات الدولارات خلال فترة معينة من الهندسات المالية وغيرها». وأضاف «التحدّي اليوم هو الانهيار الاقتصادي فلتساهموا في المساعدة مثلما قدمت العائلات أغلى ما عندها في مواجهة الاحتلال، ولتذهبوا الى رئيس الحكومة لتقديم مساعدة للدولة اللبنانية للمساهمة في معالجة الأوضاع الصحية أو الاقتصادية». وفي هذا السياق أشارت مصادر مقربة من رئيس المجلس النيابي لـ»البناء» الى أن «اللجوء الى صندوق النقد الدولي هو من الخيارات امام الحكومة لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية لكن من دون أي شروط سياسية ومالية تفرض علينا ولا تصب في مصلحتنا الوطنية»، موضحة أن «الاتصالات بين الحكومة وصندوق النقد والمؤسسات المالية الدولية قائمة ولا رفض مبدئي لأي خيار ترى فيه الحكومة مصلحة لها»، مضيفة أن «الحكومة ستبدأ التفاوض مع الدائنين منذ الاسبوع الطالع للاتفاق على حل لمسألة الديون يحقق المصلحة الوطنية». ولفت وزير الاقتصاد راوول نعمة في حديث تلفزيوني الى أن «وزراء هذه الحكومة هم «كاميكاز» والحكومة تمدّ يدها إلى كل الناس وأنا لديّ أمل كبير بأنّ لبنان سيخرج من هذه المحنة».
المصدر: صحف