ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 7 آذار 2020 ، على استحقاق اليوروبوند والتوجه السائد لدى الرئاسات الثلاث بالاجماع بعدم سداد المستحقات حماية للامن الغذائي وكسراً للنموذج السائد طيلة الفترات الماضية “الافقار المتعمد”… وبالانتقال من الامن الغذائي الى الامن الصحي، حيث يحتل كورونا اهتمامات الصحف وخاصة بعد اعلان وزير الصحة اللبناني حمد حسن انتقال الفايروس من الاحتواء الى الانتشار، بعد دخول حالات مجهولة مصابة بالمرض اتية من بلدان غير مصنفة انها موبوئة وانخرطت في المجتمع اللبناني، ممارسة حياتها الاعتيادية، فما كان من وزير الصحة الا مصارحة الشعب اللبناني داقاً ناقوص الخطر مطلقاً صفارة انتهاء زمن الدلع والاستهتار …
* الاخبار
قرار تاريخي بالتخلّف عن دفع الديون اليوم: فرصة كسر نموذج الإفقار
هل يفتح قرار الدولة اللبنانية بالتخلف عن سداد سندات اليوروبوندز الباب أمام تغيير اقتصادي حقيقي في البلاد؟ أم يخسر لبنان فرصته الأخيرة، عبر الخضوع لصندوق النقد الدولي وإعادة إنتاج النظام الحالي بصورة أكثر وحشيّة؟
يقف لبنان أمام مفصل تاريخي، مع قرار الدولة اللبنانية المنتظر إعلانه اليوم، بالتخلّف عن دفع سندات الدين «اليوروبوندز» المستحقة. وعلى الرغم من مرور لبنان طوال الـ100 عام الماضية باستحقاقات سياسية مفصليّة، إلّا أن المرحلة الجديدة التي تبدأ اليوم، لم يسبق للبلاد أن مرّت بها، في ظرف عالمي وإقليمي شديد الحرج.
قرار من هذا النوع، بلا شكّ، يحمل السلبيات والإيجابيات. وكما يحتمل المخاطر الكبيرة، فإنه يشكّل واحةً لفرصٍ كثيرة، احتاج اللبنانيون إلى قرن كامل للوصول إليها، ودفعوا ثمنها غياباً للدولة القوية وللعدالة الاجتماعية وفقراً وتهميشاً وتبعية، وغرقوا في أتون الصراعات الطائفية والمذهبية. وكما في السياسة – حيث تنعدم فرص نظام المحاصصة الطائفية في إنتاج أي أفق للمستقبل، وبات تغييره نحو دولة المواطنة الكاملة وتحقيق الاستقلال الحقيقي، شرطاً لأي تقدّم، فإن تغيير النظام الاقتصادي اللبناني النابع من رحم الانقسام الطائفي والتبعية للخارج، بات شرطاً أيضاً لإنقاذ لبنان.
من هنا، يبدو قرار الحكومة اليوم مفترق الطرق الخطير الذي تقف على أعتابه البلاد. فإما سلوك خيار الإنقاذ والبحث عن خيارات اقتصادية أخرى غير تلك التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من انهيار متسارع، وإمّا إضاعة الفرصة وإعادة تعويم النظام الاقتصادي الحالي بصيغٍ جديدة، أكثر شراسة في سحق الشعب وتعميق الفروق الطبقية والانقسامات الطائفية والمذهبية.
وخريطة الطريق لإعادة تعويم نظام التبعية والإفساد الاقتصادي واضحة ومرسومة في مسار الخضوع لصندوق النقد الدولي وتحميل المواطنين مسؤولية الخروج من أزمة مالية موقّتاً، والإبقاء على اقتصادٍ هشّ ومفكك ووطن مديون بأكمله.
أمّا الخيار الأول، خيار التغيير والإنقاذ، فيعني أننا أمام فرصة كبيرة لتغيير الواقع المفروض منذ عام 1920، في معادلة دقيقة هي ازدياد الفقراء فقراً وانسحاق الطبقة الوسطى ومراكمة الحيتان للأموال والممتلكات. وحدها الحرب الأهلية، ببالغ المفارقة، قلّصت الفوارق بين فئات الشعب، إلّا فطبقة خرجت من الحرب في نظام جديد قونَنَ الفساد وأغرق البلاد في مستنقع الديون الخارجية.
منذ سنوات طويلة، ونحن نعيش ونخضع لحلقة مفرغة من «لا نظام» اقتصادي، وفقد لبنان دوره الاقتصادي فيما حافظت قوّة المقاومة على موقعه السياسي، في محيط مأزوم سياسياً واقتصادياً وتاريخياً. وقوّة التغيير هنا، تعني كسر المحرّمات التي وضعت أمام لبنان منذ سايكس – بيكو، وتكرّست لاحقاً في محطات سياسية – اقتصادية عديدة، لعزل لبنان عن الشرق فيبقى ساحةً للنفوذ الغربي ونموذجاً للسيادة المرهونة للجوع.
عندما طرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه خيار التوجّه نحو الشرق في سياق فتح الباب أمام خيارات بناء اقتصاد حقيقي، تكفّلت جوقة أبواق بعضها معروف الانتماء لكلّ ما فيه مصالح الأجنبي على حساب مصالح لبنان، بمهاجمة الخطاب وسُخرت المنابر والصفحات لتسطيحه والسخرية منه. لكن رغم ذلك، فإن البحث عن الخيارات البديلة مهمّة ضرورية، في صلبها التوجّه شرقاً بوضع التعاون الاقتصادي المتقدّم مع الصين وروسيا على الطاولة، بالتوازي مع التكامل الاقتصادي مع الحلقة الأقرب، أي سوريا، ومنها نحو العراق والأردن والحلقات الأوسع في الإقليم والعالم، على الأقل لتعويض ما خسره لبنان من فصل المصالح وشبه القطيعة الاقتصادية مع الجوار. وفي صلب الخيارات البديلة، إعادة تصحيح الخلل في العلاقة بين الدولة والمصارف، وكسر نموذج الاستدانة، وتفكيك الحماية الممنوحة لطبقة الـ1 في المئة من اللبنانيين الذين يحتكرون الثروة على حساب الـ99 في المئة.
بالأمس، أحسن السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه بوصفه حكومة الرئيس حسان دياب بـ«حكومة الفرصة الأخيرة». لكن طبعاً ليس بهدف تجديد «ثقة» الغرب بلبنان كما يشتهي السفير، بما يعني الثقة بامتثال لبنان لإرادة هذا الغرب، إنّما لأن الفرصة أمام حكومة دياب تاريخية وربّما لن تتكرّر، في تصحيح أخطاء الماضي وصياغة علاقات مختلفة مع محيطنا والعالم، والبحث عن نموذج اقتصادي جديد، كما عن دور ينقذ البلاد من الفوضى والتفكّك.
تلوّح المصارف بإقفال أبوابها احتجاجاً
على توقف الدولة عن
سداد ديونها
لكنّ المعركة لخلق البدائل وفرض التغيير ليست بالبساطة التي يتسارع فيها الانهيار. فإعلان الحكومة التوقّف عن الدفع، بما يعني الذهاب لإعادة هيكلة الدين العام وليس فقط جدولته، يحتّم تضامناً سياسياً وشعبياً، في الوقت الذي ينقسم فيه لبنان إلى معسكرين، يشكّل عماد واحدٍ منهما حزب الله وحركة أمل. وإذا انعكس الانقسام على مرحلة ما بعد التخلّف عن الدفع، في ظلّ موازين القوى الحالية، فإن المعركة ستكون حامية. سيستعمل «حزب المصارف»، العابر للطوائف والانقسامات السياسية (وإن كانت كل 14 آذار معه من دون استثناء)، أشرس أسلحته للدفاع عن امتيازاته. ويلوّح عدد من أصحاب المصارف بإقفال أبواب البنوك، احتجاجاً على عدم دفع الدولة لديونها! ومرّة جديدة، لا يبدو موقف رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل واضحاً بعد قرار التخلف عن سداد الدين الذي أيداه. فهما، أول من أمس، في مسارعتهما لطلب تجميد قرار المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، انحازا إلى «حزب المصارف»، فيما يردّد كثيرون من حولهما أنهما منحازان أيضاً إلى خيارات صندوق النقد الدولي، بذريعة أنها الخيار الوحيد المتاح.
وتتجه الأنظار صباح اليوم، إلى قصر بعبدا، حيث يسبق اجتماع الحكومة لقاء بين الرؤساء الثلاثة، بحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عند الساعة 11، حيث سيناقش المجتمعون القرار الذي سيعلن عنه دياب الساعة 6:30 مساءً. وعلمت «الأخبار» أن البيان الذي سيشرح فيه لبنان موقفه من عدم الدفع، كُتب نصّه أول من أمس في السراي الحكومي، خلال اجتماع لرئيس الحكومة ومستشاريه الاقتصاديين ووزراء المال والاقتصاد والفريق الاقتصادي لرئيس الجمهورية.
وطوال يوم أمس، استمر الكباش الحامي بين الدولة والبنوك، لدفع البنوك على استرداد السندات التي «أجّرتها» لشركة «آشمور» في عملية ابتزاز واضحة بوضع لبنان تحت سيف الشركات الأجنبية. وعلى ما تردّد، أن المصارف شكّلت لجنة مصغّرة للتفاوض مع الدولة اللبنانية، بعد ليونة أبدتها عقب قرار المدّعي العام المالي للبحث في مسألة استعادة السندات. وبحسب المعلومات، فإن اللجنة مؤلّفة من رئيس جمعية المصارف سليم صفير ورئيسها السابق جوزف طربيه، والمصرفي أنطون صحناوي الذي يشار إليه بأنه مهندس بيع السندات لآشمور، والمصرفي سعد أزهري صاحب مصرف «بلوم بنك».
سلامة يتلاعب بأسعار المحروقات والدولار
أصدر حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، تعميماً لمؤسسات الصيارفة بشأن تنظيم المهنة، فيه من الأخلاق أكثر بكثير مما فيه من القانون، حيث وضع معيار «العادات المألوفة» مقياساً لانضباط عمل الصيرفة. وبحسب التعميم، طلب المصرف المركزي من الصيارفة «التقيد استثنائياً بحد أقصى لسعر شراء العملات الأجنبية مقابل الليرة اللبنانية، لا يتعدى نسبة 30 بالمئة من السعر الذي يحدده مصرف لبنان في تعامله مع المصارف»، أي حدّد عمليّاً سقفاً لسعر الصرف لدى الصرافين بـ 2000 للدولار الواحد، للشراء.
وفي لغةٍ «ملغومة» وغير ذات قيمة فعليّة، طلب الحاكم «عدم اعتماد هوامش بين سعر البيع وسعر الشراء للعملات الأجنبية «يخرج عن العادات المألوفة» (!) و«عدم التوقف عن القيام بعملية الصرافة بكل أنواعها. على أن يُعمل بهذا القرار لمدة 6 أشهر من تاريخ صدوره». وفيما لن يسهم قرار المصرف المركزي إلّا في خلق المزيد من الأسواق الموازية، أتت خطوته لتحدد سعراً ثانياً للدولار، بصورة رسمية، يبلغ 2000 ليرة لبنانية. وبناءً على تعميم سلامة، امتنع عدد كبير من الصيارفة عن العمل أمس، بذريعة أن أحداً لم يعرض بيعهم دولارات بسبب تدني سعره في سوق الصرافين من 2700 ليرة في اليوم السابق إلى 2000 ليرة في تعميم سلامة. لكنّ صرافين آخرين اشتروا الدولار أمس بسعر 2200 ليرة.
سلامة يتجه إلى الطلب من مستوردي المحروقات
تأمين 40 في المئة من الاعتمادات
بالدولار
في سياق متصل، علمت «الأخبار» أن سلامة يتجه إلى الطلب من مستوردي المحروقات تأمين 40 في المئة من قيمة الاعتمادات التي يفتحها لهم بالدولار الأميركي لاستيراد المحروقات. وسيدفع هذا الأمر إلى إضراب مستوردي المحروقات ومحطات البيع، بسبب الخلاف على تحمّل الفارق في السعر بين الدولارات التي يبيعهم إياها مصرف لبنان بالسعر الرسمي، والدولارات التي سيضطرون إلى شرائها من السوق بالسعر الموازي، كونهم، أي المستوردين، لن يمسوا بثرواتهم المكدّسة بالدولار. هذه الخطوة، وفي حال أقدم عليها سلامة، تعني زيادة حتمية لسعر البنزين والمازوت والغاز المنزلي، وهو يبررها مسبقاً بالخشية من التراجع الحاد في موجوداته بالعملات الأجنبية. ويأتي هذا التوجه في إطار سعي حاكم مصرف لبنان إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، تمهيداً لدفع حكومة الرئيس حسان دياب إلى الاستقالة.
بن سلمان يعتقل أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف
كشفت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» الأميركيتان، عن اعتقال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ثلاثةً من كبار أمراء العائلة الحاكمة في المملكة، هم أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن نايف وشقيقه الأصغر نوّاف بن نايف، بتهمة «الخيانة العظمى»، والتي تستوجب – وفق القوانين السائدة – الإعدام.
قرارُ «الأمير الشاب» باحتجاز هؤلاء، يُعدّ فصلاً جديداً من فصول «تصفية الخصوم» داخل العائلة الحاكمة، واستكمالاً لمسلسل احتجاز عددٍ من الأمراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال في فندق «ريتز كارلتون»، في العاصمة الرياض، أواخر عام 2017، بحجة «فسادهم».
أراد بن سلمان، في خطوته تلك، والمدعومة من أبيه الملك، تهيئة ظروف توليه العرش، بتصفية الوجوه المنادية بضرورة كبح جماح «الأمير الشاب». ساد الظن أن بن سلمان، وبإزاحته بن نايف عن ولاية العهد وجعله تحت «الإقامة الجبريّة» (تموز/ يونيو 2017)، وبقاء عمّه أحمد في «المنفى الطوعي» وتحديداً في العاصمة البريطانيّة لندن، سيفرمل خطواته «المجنونة» والتي كسر فيها «أعراف» العائلة الحاكمة، خاصّةً أن طريق العرش بات «شبه مضمون»، مع ركون الصوت المعارض داخل العائلة الحاكمة (باستثناء عمّه أحمد) إلى الصمت، ودعم الإدارة الأميركية لخطواته، مقابل الخضوع لإملاءاتها والتي كان آخرها «صفقة القرن».
وفي تفاصيل «العمليّة»، فقد شهد «الديوان الملكي» حركةً غير طبيعية في وقت متأخر من يوم الأربعاء الماضي. وصباح أمس، وصل عناصر مقنّعون من «الديوان» بملابس سوداء، إلى منازل الأمراء الثلاثة، واقتادوهم إلى أحد المعتقلات، بالتزامن مع حملة تفتيشٍ دقيقٍ طاولت منازلهم.
عُقدت الآمال على أحمد بن عبد العزيز
ومنعه تسلّم محمد بن
سلمان الحكم
المعتقلون هم أحمد بن عبد العزيز، الأخ الأصغر للملك سلمان، وعمّ ولي العهد. لفترةٍ وصف بـ«الأمل الأخير» لعددٍ من أفراد الأسرة الحاكمة، إلى جانب المعارضين لسياسة بن سلمان، والذين أملوا أن يمنع أحمد صعود ابن أخيه لتسنّم مقاليد الحكم. لم يبدِ الأمير المعتقل في الآونة الأخيرة أي علاماتٍ من شأنها أن تُفسّر محاولة انقلابٍ على الملك أو وليّ عهده. رغم ذلك، أثارت مواقفه شكوك ولي العهد الذي أصدر أمر احتجازه، في خطوةٍ عُدّت «كسر عرفٍ»، كونها المرة الاولى التي يمس فيها بن سلمان، بأحد أعمامه من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، علماً بأن وصوله إلى طريق وراثة العرش اقتضى إزاحة عمه الآخر مقرن بن عبد العزيز عن ولاية العهد. وجرى التداول في معلومات قبل أشهر مفادها أن «أحمد، الذي كان في بريطانيا، عاد إلى السعودية بضمانة من الاستخبارات الأميركية». وجرى أمس طرح سؤال عن «صفقة ما» بين بن سلمان والإدارة الأميركية، والتي تخلّت عن أحمد بن عبد العزيز و«سلّمته» إلى وليّ العهد، ليضمن بذلك وصوله إلى العرش قريباً.
كذلك، كان بارزاً اعتقال محمد بن نايف، ولي العهد السابق والذي أزاحه بن سلمان قبل 3 سنوات. يومها، نزل بن سلمان مقبّلاً يد ابن عمّه، في لحظة «تنحيته»، قبل أن يرغمه على «الإقامة الجبريّة» وقطع أي اتصالٍ مع الخارج. بن نايف، كان الظنّ بأنّه «عصيٌّ على الكسر» مع شغله مناصب رفيعة (وزارة الداخليّة) وقربه من الإدارة الأميركية، لكن وفي عام 2017، وبعد اعتقاله وعجزه عن القيام بأي «ردّ الفعل» ثبُت أنّ «كسره» كان سهلاً، وسهّل أيضاً إطلاق مسلسل الاعتقالات في «الريتز»، من دون أن يخرج من يعارض قرارات «الأمير»، كذلك، كان من المعتقلين شقيق بن نايف الأصغر، نوّاف، من دون إيضاح السبب الكامن وراء اعتقاله.
* الجمهورية
«كورونا» ينتشر.. وقرار السندات: «تعثّر غير منظّم» يُحرِّك التساؤلات عمّا بعده
دخل لبنان مرحلة الإنكشاف الصحي بالكامل، مع إعلان وزير الصحة حمد حسن فشل الإجراءات الاحتوائية لفيروس «كورونا» وارتفاع هذا الخطر الى مرحلة الانتشار، بالتوازي مع الاعلان عن تزايد عدد المصابين الى 22 حالة، وهذا الأمر، معطوف على الشائعات التي تلاحقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أحدث موجة هائلة من الهلع غير المسبوق في صفوف المواطنين، الذين سلّموا أمرهم الى الله في دولة منعدمة فيها كلّ أسباب النجاة.
مع القرار المتعلّق بسندات «اليوروبوند» المُنتظر صدوره اليوم، والذي يُعلن فيه «تخلّف» لبنان عن دفعها في مواعيدها التي تستحق اعتباراً من التاسع من آذار الجاري، يدخل لبنان مرحلة دقيقة ماليًا، وصفت بالمفصلية، يفترض ان تجيب عن التساؤلات المتراكمة على باب هذه المرحلة: ما هي عواقب القرار اللبناني بعدم الدفع؟ وهل يتفهّم الدائنون قرار عدم الدفع؟ وما هي الضمانات بألّا يضيّق هؤلاء الدائنون على لبنان؟ وهل انّ لبنان مستعد للأسوا فيما لو نحت الامور في اتجاه سلبي، وهل يملك لبنان أي خطة إنقاذية؟ وهل انّ هذا التخلّف سيؤثّر على المساعدات الخارجية الموعودة للبنان وفي مقدّمها المقرّرة في مؤتمر «سيدر»؟ وتبعًا لذلك، ما هو مستقبل الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان؟
تعثّر غير منظّم
وعلمت «الجمهورية»، انّ القرار أصبح محسومًا، وهو عدم الدفع، اي بتعبير تقني ودولي، هو «تعثّر غير منظّم»، كونه غير مرتبط بانطلاق مفاوضات مع المقرضين الدوليين أصحاب السندات الأجنبية.
وبحسب مصادر مطلعة على اجواء التحضيرات للقرار، فإنّه اتُخذ بعد بحث معمّق تمّ فيه استعراض كل السلبيات والإيجابيات لكل خيار ممكن، وقياسها على المصلحة الوطنية، التي أُعطيت الأولوية. حيث تبيّن أنّ قرار الدفع الجزئي للديون مع جزء من فوائدها وفي احتساب تقني وليس مزاجيًا، يبلغ حوالى 3 مليارات دولار، واذا اجّل لبنان 15 يومًا هذا المبلغ، فالأول من نيسان يحمل استحقاقًا جديدًا ماذا يفعل به؟! واذا سدّد هذه الدفعة، لن تكون هناك تغطية للدواء ولا للفيول ولا للمواد الأساسية، الأمر الذي سيكون بغاية الخطورة.
واكّدت المصادر، انّ التفاوض لم يبدأ بعد، وهذا يعني أنّ ردّات الفعل على قرار لبنان متوقعة وغير معروفة، اي لم يتبلّغ بها لبنان رسمياً. وقالت المصادر، اليوم هو «الكفّ الاول»، والرهان سيكون على تماسك اللبنانيين والحكومة لمواجهة الاسوأ، والبدء فورًا بإجراءات داخلية تحدّ من الانهيار او اقلّه تدير «التفليسة»، بعد التصنيف الذي يتوقعه لبنان، وهو الانتقال الى D او ما يُعرف بالتعثر والافلاس.
سيناريو
الى ذلك، كانت كواليس السياسة المرتبطة بالقرار، قد شهدت في الساعات الماضية تبادل اكثر من سيناريو، أبرزها إن يصار الى دفع شيء من المستحقات لحاملي السندات من اجل فتح باب المفاوضات حول السلّة الباقية من السندات الداخلية والخارجية. وأُفيد بأنّ ثمة من طرح تسديد نصف قيمة سندات «اليوروبوند» المستحقة الاثنين المقبل، او على الاقل دفع فوائدها التي تقارب الـ 282 مليون دولار اميركي، مع تنظيم عملية التفاوض مع الدائنين الخارجيين، وصولًا الى عقد تفاهمات جديدة طويلة او متوسطة الأجل حسب القدرات اللبنانية.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ جميع الذين شاركوا في المشاورات تبلّغوا رفض الثنائي الشيعي دفع اي جزء من هذه المستحقات ايًا كان شكلها وحجمها عن طريق احتساب فوائدها، او الفصل بين حصة المالكين الأجانب عن مالكيها اللبنانيين.
وربطاً بذلك، ابلغ خبير مالي كبير الى «الجمهورية»، انّ صعوبة الوصول الى قرار محدّد اسبابه ليست علمية بالدقة التي يتوقعها البعض، ان بُنيت المعادلة النهائية على المعطيات المالية والارقام النهائية. ذلك انّ ما ظهر واضحًا الى اليوم، يؤكّد انّ القرار سياسي اكثر مما هو تقني او مالي ونقدي.
قرار مصيري
والواضح، انّ الاجتماع الرئاسي – المالي الذي سيُعقد في القصر الجمهوري في بعبدا اليوم، سيؤمّن التغطية الكاملة للقرار اللبناني بعدم دفع السندات في مواعيد استحقاقها. وعلمت «الجمهورية»، انّه لن يكون هناك كلام في القصر الجمهوري عقب الاجتماع الرئاسي – المالي ولا بعد جلسة مجلس الوزراء، بل سيُترك اعلان الموقف حصرًا لرئيس الحكومة من السراي.
وقالت مصادر وزارية معنية بالشأن المالي لـ«الجمهورية»، انّ هذه التغطية للقرار مردّها الى انّه قرارٌ مصيري يتطلّب حدًّا من الاعلى من التوافق حوله، علمًا انّ هذا القرار خضع في الأيام القليلة الماضية الى دراسة معمّقة لكلّ الايجابيّات والسلبيّات التي ستترتّب عليه، لأنّه ليس قراراً آنياً عابراً، بل هو سيرسم وجهاً جديدًا للبنان، مع التأكيد أنّه قرار لا يستبطن أيّ تحدّ للدائنين الداخليّين والخارجيّين.
وردًا على سؤال حول توصيفها لهذا القرار، قالت المصادر، هو بلا شك قرار لا نستطيع اخراجه من خانة السلبية، وكنا نتمنى لو اننا لم نصل الى هذا الوضع، وخلافًا لكل ما يُقال، بأنّ قرار التخلّف عن الدفع وإعادة هيكلة او جدولة الديون، هو اعلان افلاس مقنّع، بل هو إجراء طبيعي تلجأ اليه الدول حينما تصل الى اوضاع صعبة كمثل ما وصل اليه الوضع في لبنان. وثمة سوابق عديدة لكثير من الدول التي وجدت نفسها عاجزة عن السداد في مواقيت معيّنة، فلجأت الى نوع من إعادة البرمجة والهيكلة مع الجهات الدائنة.
وعمّا اذا كانت الجهات الخارجية الدائنة، قد تفهّمت الموقف اللبناني، قالت المصادر: «بصرف النظر عمّا اذا كان هناك تفاوض مع الدائنين ام لا، فإنّ الجهات الدائنة تريد ان تحفظ حقوقها، وهي بلا شك مع ان تتقاضى مستحقاتها في مواعيدها، وفي اي حال، فإنّ الأصداء التي ترد الينا من الدائنين، ليست مريحة، انما هي ليست سلبية، وبالتالي يمكن الوصول الى حلول ومخارج في الايام المقبلة».
وعن التداعيات السلبية التي سيخلّفها قرار عدم الدفع على لبنان، قالت المصادر، السلبية موجودة اصلًا نتيجة الوضع الذي بلغه البلد.
دياب
وعشية موعد اعلان القرار الحكومي، إنشغل رئيس الحكومة بوضع اللمسات الأخيرة على خطابه الذي سيلقيه من السراي الحكومي في السادسة والنصف مساء اليوم، حيث يضمّنه رسالة الى اللبنانيين يحدّد فيها الظروف التي قادت الى اتخاذ القرار، ويضمّنها ايضًا «الخطة الإنقاذية» التي ستتّبعها الحكومة في المرحلة المقبلة.
وقالت مصادر السراي الحكومي لـ«الجمهورية»، انّ رئيس الحكومة، مدرك انّ الوقت لا يتسع لأي تلكؤ، وحراجة الوضع الاقتصادي والمالي والتراكمات الخطيرة التي تضغط على الواقع اللبناني بشكل عام، باتت تحتّم الإنصراف الكلّي لمقاربتها بالمسؤولية الكاملة وبناء التحصينات المطلوبة لاحتوائها ومنع تفاقمها.
واشارت المصادر، انّه «بناء على ذلك، فإنّ رئيس الحكومة سيرسم، بالتزامن مع إعلان القرار حول السندات، خريطة أولويّات تُقارَب بخطوات تنفيذية سريعة لها، وعلى كل المستويات، وتشكّل هذه الخريطة بحدّ ذاتها رسالة في كل الاتجاهات الداخلية والخارجية، تحدّد مسؤولية الحكومة اللبنانية وجدّيتها في سلوك طريق إخراج لبنان من أزمته. وأنّ المهم بالدرجة الأولى هو أن تُترك الحكومة تعمل، لا أن تتعرّض – وهي لم تتمّ بعد الشهر من عمرها – لمحاولات العرقلة والتشويش ووضع العصي في دواليبها وتُتهم بالتجاهل والتقصير امام ازمة خطيرة نتاج سنوات طويلة».
شرطان
إلاّ أنّ خطّة الحكومة المنتظرة، في رأي سياسيين وخبراء اقتصاديّين وماليّين، محكومة بشرطين، الأول، الإجراءات والخطوات المسموح بها وتنفيذها في أسرع وقت ممكن، والثاني، الإجراءات والخطوات الممنوع اللجوء اليها.
المسموح
وتحت خانة المسموح بها تندرج الخطوات التالية:
– الشروع فورًا في تطبيق الخطوات الإصلاحية، وخصوصًا تلك المطلوبة من المؤسسات الدولية، والتي ترتبط بها المساعدات الخارجية وأهمها المساعدات التي تقرّرت في مؤتمر «سيدر».
– ملء الشغور الفاضح في الإدارة، وخصوصًا في المؤسسات الحساسة، وفي مقدّمها تعيين نواب حاكم مصرف لبنان، والهيئات الناظمة في الكهرباء والاتصالات والطيران المدني.
– الشروع فورًا في معالجة قطاع الكهرباء، عبر الدخول – من دون وسطاء منعًا للصفقات والسمسرات – في مفاوضات سريعة مع الشركات الدولية، وخصوصًا تلك التي عبّرت عن استعدادها مساعدة لبنان في معالجة هذا القطاع مثل شركة «سيمنس»، او «جنرال الكتريك» او اي شركة اخرى، بما يوفّر على الخزينة هدر ملياري دولار سنويًا.
– الشروع فورًا في حملة حكومية ملموسة لمكافحة الفساد وتفكيك محمياته السياسية وفي الادارة، وذلك عبر التشدّد القضائي بحق المرتكبين الذين ما يزالون يعيثون في الادارات والمؤسسات فسادًا وارتكابات، وايضًا عبر تطبيق القوانين بالدرجة الأولى والتقيّد بأحكامها قبل كل شيء، بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف الصرف العشوائي، ووقف التهرّب الضريبي ومنع التهرّب والتهريب الجمركي، خصوصًا في المرافئ البحرية، والضبط الكامل للمعابر الحدودية.
– حماية العملة الوطنية، عبر إجراءات رادعة وصارمة بحق الصيارفة المتلاعبين بالليرة، وكذلك اتخاذ الإجراءات الصارمة بحق المصارف وإلزامها بتسهيل السحوبات للمواطنين، بالتوازي مع متابعة ملف تهريب الاموال الى الخارج (2360 مليون دولار) الى نهايته، خصوصاً انّ المصارف التي حوّلت هذه الاموال – قبل وخلال توقف المصارف بعد انتفاضة 17 تشرين الاول، بعلم مصرف لبنان طبعًا – ارتكبت أكبر جريمة أخلاقية بحق البلد، على حدّ قول رئيس مجلس النواب نبيه بري.
الممنوع
اما تحت خانة الممنوع، فتندرج الخطوات التالية:
– فرض أي رسوم أو ضرائب جديدة على المواطنين. زيادة الضريبة على القيمة المضافة، حتى ولو كانت الزيادة بنسبة 0,1 %. وزيادة 5 آلاف ليرة على سعر صفيحة البنزين. وكذلك زيادة اي رسوم على المواد الاساسية.
وسألت الجمهورية مصادر وزارية معنية بالشأن المالي عن صحة ما تردّد حول توجّه الحكومة الى اللجوء الى هذه الخطوات في هذه المرحلة فقالت: «الشائعات كثيرة، وأيّ كلام حول هذا الأمر سابق لأوانه، واي خطوات من هذا النوع ليست مطروحة حاليًا».
عصيان
الّا انّ مرجعًا سياسيًا قال لـ«الجمهورية»: في حال تمّ الإقدام على هذه الخطوات في هذه المرحلة، معناه انّ الحكومة ترتكب بذلك خطأ قاتلاً. فالمطلوب من الحكومة أن تبادر الى خطوات تطمئن المواطن، لا ان تزيد عليه اعباءه، فضلًا عن انّ اي زيادة من هذا النوع تقدّم خدمة مجانية للحراك بأن يتحرّك اكثر وبشكل تصعيدي اكبر من السابق.
ولفت المرجع، الى انّ «هناك اولويات ينبغي على الحكومة ان تقاربها، وتُشعر من خلالها المواطن انّها وضعت نفسها جدّيًا على طريق المعالجة، على ان يليها وضع اي خطوات اخرى على طاولة البحث في مرحلة لاحقة. وليس ان تبدأ هذه الخطوات باستسهال الضغط على المواطن وتدفيعه ثمناً اضافيًا الى جانب الأكلاف الكبرى التي يدفعها جراء الأزمة، وانا شخصياً، إن تمّ اللجوء الى مثل هذه الخطوات حاليًا وقبل العلاجات المطلوبة، فلن اتردّد في دعوة الناس الى العصيان وعدم الدفع».
سعر الدولار
بعد القفزة السريعة في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، والتحرّكات الشعبية الغاضبة التي رافقت تجاوزه عتبة الـ2700 ليرة، تحرّك مصرف لبنان مجددًا امس، في محاولة للجم الفوضى، وأصدر تعميمًا قضى بإلزام الصيارفة بعدم شراء الدولار بما يتجاوز نسبة الـ30 % من سعره الرسمي، (حوالى 2000 ليرة).
هذا التعميم جاء في أعقاب اتفاق سابق بين المركزي والصيارفة لضبط سعر الدولار على 2000 ليرة. لكن الاتفاق لم يصمد في حينه اكثر من بضعة ساعات، لتظهر لاحقًا سوق سوداء ثالثة، جرى تداول الدولار فيها بسعر يفوق السعر المحدّد في الاتفاق. وانتهى الامر بسقوط الاتفاق.
هذا الواقع، لا يبدو مختلفًا هذه المرة، رغم قوننة القرار، من خلال إصدار تعميم، إذ بدت السوق الموازية في حال فوضى، وجرى تداول الدولار في ساعات الصباح الاولى على سعر 2600 ليرة. ومن ثم ما لبث عدد من الصيارفة ان اغلق ابوابه لتحاشي الإرباكات. وفي فترة بعد الظهر تراجع سعر الدولار الى حوالى 2200 و2300 ليرة، وهو السعر الذي كان يدفعه الصيارفة لشراء الدولار، بما يعني عمليًا انّ الصيارفة لن يبيعوا الدولار بـ2000 وفق التعميم. وفي أحسن الحالات سيبيعون لاحقًا على سعر يتجاوز الـ2300، وفي اسوأ الحالات سيعمدون الى الإفادة من الظرف لشراء الدولار بسعر متدنٍ نسبيًا، ويمتنعون عن البيع حاليًا، بانتظار سقوط مفاعيل التعميم للبيع بأسعار مرتفعة وتحقيق ارباح خيالية، او سيلجأون الى البيع في السوق السوداء التي لا تخضع لمفاعيل التعميم.
هل يُلجم الفلتان؟
وفي هذا السياق، وفيما اكّدت اوساط قريبة من مصرف لبنان لـ«الجمهورية»، انّ «التعميم ملزم للصيارفة، والمخالفون سيتعرّضون للملاحقات والمقاضاة، قال الخبير المصرفي جو سروع لـ«الجمهورية»، انّ التعميم «سيدفع الصرّافين الى الامتناع عن بيع الدولار، وقد يلتزمون بسعر الشراء، مما سيجعل السوق في اتّجاه واحد، للشراء فقط، وهذا الامر سيخلق بالتأكيد سوقاً ثالثة لسعر الصرف». وشدّد على انّ هذا التعميم لن يلجم فلتان سعر صرف الدولار، لأنّ العامل الوحيد الكفيل بلجمه هو عودة عمل القطاع المصرفي الى سابق عهده، «وهو أمر في غاية الصعوبة ويستغرق فترة طويلة».
وحول «اليوروبوند» اعتبر سروع، «انّها ليست المرّة الاولى التي يواجه فيها لبنان استحقاقاً من هذا النوع في ظلّ ظروف ضاغطة بهذا الشكل، ولكنها المرّة الاولى التي يواجه هذا النوع من الاستحقاقات في ظلّ ضغوطات كبيرة يواجهها القطاع المصرفي، الذي بات يعمل في اتّجاه واحد اليوم، ولا يتلقى تدفقات جديدة».
وقال: «إنّ التخلّف عن الدفع بطريقة غير منظّمة سيخلق أزمة كبيرة، كما اننا لا نملك الوقت لإعلان التخلّف بطريقة منظمة».
* اللواء
قرار «اليوروبوندز»: دفعة أولى أو انزلاق إلى النموذج الفنزويلي؟
بعبدا تنأى عن القرار والخلافات تجمّد تشكيلات القضاة.. والكورونا تخرج عن السيطرة!
هل بات قرار حكومة «الفرصة الأخيرة» بتعبير السفير الفرنسي برونو فوشيه، محسوماً إزاء سداد سندات «اليوروبوندز»، بتدعيم الاتجاه لعدم الدفع المباشر، والبحث عن بدائل، تتعلق بالجدولة أو الهيكلة، مع حرص جدّي، يقضي بعدم التصادم مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية؟
في غمرة التحضيرات، ضمن الاجتماعات التي تعقد بصورة مستمرة في السراي الكبير، انطلاقاً من نقاط مترابطة: 1- ان أي قرار سيعلن عنه رسمياً، بعد الاجتماعات الرئاسية والمالية والاقتصادية حول الخيار «الأقل سوءاً»، وفقا لما سبق وأعلن الرئيس حسان دياب، والذي سيتولى بنفسه، الإعلان عنه، وعن مبرراته، والأسباب الموجبة له.
2 – ارتباط القرار بالتوجه نحو إعادة النظر بالنموذج الاقتصادي الحالي والقائم، بالاتجاه على الاقتصاد المنتج..
3 – في طبيعة الاشتباك العام في البلد السياسي، والاقتصادي، والمصرفي، وحتى القضائي.
4 – الاشتباك الحاصل بين حاكم مصرف لبنان، وتعميمه الأخير، والذي يقضي بضبط عمليات الصيرفة، من خلال تعميم، صدر صباحاً، بتقييد مؤسسات الصيرفة بسعر شراء العملات الأجنبية مقابل الليرة بما لا يتعدى الثلاثين بالمائة بين سعر التداول في السوق والسعر المتداول رسمياً بين المصرف المركزي والمصارف العاملة في البلاد، الأمر الذي أحدث بلبلة وأدى إلى اقفال بعض الصرافين، والاحجام عن بيع الدولار..
كل ذلك، بالعزف اليومي، على ما تسميه دوائر «السلطة الحالية» على «ما اوصلت إليه البلاد ثلاثون سنة من سوء الإدارة السياسية والاقتصادية والمالية.. (مقدمة O.T.V مساء أمس.
أخطر ما في المشهد، المخاوف من الانزلاق إلى ما يمكن وصفه بمواجهة مع «النظام المالي الدولي».. اقتداء ربما بالمثل الفنزويلي، ولكن بنكهة لبنانية.
وعملاً، بقاعدة الشيء بالشيء يذكر «فهم من مصادر سياسية مطلعة أن رئيس الجمهورية، وإلتزاماً منه بالطائف، يترك القرار للحكومة مجتمعة، ان تتخذ القرار بدفع قسم من الاستحقاق، أو ما يمكن اعتباره دفعة أولى، منعاً لأية انعكاسات سلبية، لا سيما بالنسبة إلى تعاطي الجهات الدائنة، والتخوف من اللجوء إلى رفع دعاوى أو حتى الحجز على املاك الدولة اللبنانية».. معربة عن تشاؤمها إزاء ذلك.
وقالت المصادر لـ«اللواء» الى انه امام القراءات المتعددة حول القرار الأفضل للحكومة ثمة مراجع تتحدث عن انه من المستحسن ان تقوم الحكومة بدفع استحقاق اذار باعتبار ان المبلغ ضئيل مقارنة لما للبنان من دين عام. ولفتت الى ان ذلك يجنب البلد رفع دعوى ضده كما ان الفترة الفاصلة عن دفع باقي الاستحقاقات تشكل فرصة لإنجاز خطة واضحة للإقتصاد وللتفاوض مع الدائنين عن الدفع فضلا عن موضوع الثقة مع المجتمع الدولي.
وكشفت مصادر مواكبة للاجتماعات الوزارية واللجان المختصة ببلورة موقف نهائي للحكومة من موضوع استحقاق اليوروبوند انه لم يتم التوصل الى صيغة نهائية بعد بسبب التباين الحاد والخلاف حول كيفية حل هذا المشكلة بين كافة الأطراف المشاركة بالحكومة.
وأشارت إلى أن رئيسي الجمهورية والحكومة يحبذان دفع جزء من هذه السندات وتاجيل القسم الآخر إلى مواعيد لاحقة يتم الاتفاق عليها مع حملة هذه السندات لاسيما في الخارج تفاديا لانعكاسات وتداعيات غير محمودة لعدم الدفع كليا، في حين يرفض حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري هذا الطرح ويصران على عدم تسديد اي اموال بخصوص هذه السندات في الوقت الحاضر.
وفي حين ترك امر البت نهائيا بهذا الموضوع الى الاجتماع الذي يعقد قبل ظهر اليوم في بعبدا بين الرؤساء الثلاثة بحضور وزير المال وحاكم مصرف لبنان ورئيس وجمعية المصارف، لاحظ بعض القريبين من بعبدا استياء من الإجراء القضائي الذي اتخذه القاضي علي ابراهيم ضد المصارف امس الاول وجمد تنفيذه بعد ذلك مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، ووجهوا انتقادات للجهات السياسية ألتي تقف وراء هذا الاجراء وملمحين الى الحزب وبري دون تسميتهما، ومعتبرين ان ماحصل وتحت اي سبب كان، يضر القطاع المصرفي والبلد كله وبالتالي لا يمكن ممارسته أو دعمه وكان لا بد من تجميده أو حتى الرجوع عنه نهائيا.
وتوقعت المصادر أن يتوصل اجتماع اليوم الى تفاهم لمصلحة لبنان ككل وليس مصلحة هذا الطرف أو ذاك، لافتة الى ان التشدد بالتفاهم على موقفي عون ودياب يطغى على سائر الطروحات المعروضة بهذا الخصوص. أما في ما يتعلق بخطة الانقاذ الحكومية فتوقعت المصادر أن تنجز مطلع الاسبوع المقبل ويعلن عن تفاصيلها وموجباتها على المواطنين من كل النواحي.
وتوقعت مصادر أن يعلن لبنان اليوم عجزه عن سداد مدفوعات سندات دولارية قادمة وأنه يريد إعادة هيكلة دين بالعملات الأجنبية بقيمة 31 مليار دولار ما لم يتم التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع الدائنين. (رويترز)
ومن المقرر أن يعلن الرئيس دياب قرار لبنان بشأن السندات الدولية عقب اجتماعات الحكومة اليوم السبت وقبل يومين فقط من موعد سداد الدولة المثقلة بالديون لحاملي سندات بقيمة 1.2 مليار دولار مُستحقة في التاسع من آذار.
وقال مصدر سياسي بارز مشارك في مناقشات الحكومة بشأن المسألة لرويترز «لبنان يتجه اليوم للإعلان عن توقفه عن الدفع أو تعثره عن دفع سندات اليوروبوندز (دولية) وفوائدها».
وأضاف «الحكومة اللبنانية ستبذل كل جهد لإعادة ترتيب علاقاتها مع الدائنين وفتح باب التفاوض حول المرحلة المقبلة».
وقال «عندما نتحدث عن إعادة هيكلة الدين فإننا نتحدث عن جميع الديون (السندات الدولية) البالغة 31 مليار دولار».
وقال المصدر البارز وثلاثة آخرون مطلعون على الأمر لرويترز إن الاتصالات مستمرة حتى اللحظة الأخيرة لكن الجميع يعربون عن شكوكهم بشأن حدوث انفراجة.
وقال مصدر سياسي كبير آخر إن الجهود تهدف إلى تجنب تعثر غير منظم عن السداد لكن الأمل ضئيل في التوصل إلى اتفاق.
وازاء الخلاف القائم، من غير المستبعد اللجوء إلى التصويت داخل مجلس الوزراء، مع العلم ان مراجع عليا، تتمسك بصدور القرار، أياً يكن، بالإجماع.
بانتظار قرار «اليوروبوندز»
وكانت الاجتماعات المالية في السرايا الحكومية ووزارة المال قد تكثفت امس، لمناقشة الخيارات المتاحة والأقل ضرراً على لبنان حول موضوع سندات يوروبوندز والديون الاخرى، ووضعت اللمسات الاخيرة على الخيارات، وشارك فيها الى جانب الرئيس حسان دياب وزيرا المال غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة والوزير دميانوس قطار، وبعض الخبراء المحليين والاستشاريين الدوليين القانوني «كلير غوتليب» والمالي «لازارد».
وقالت مصادر السرايا الحكومية ان الخيارات كلها لا تزال واردة وتمت دراسة كل خيار وانعكاساته المالية والقانونية، وستعرض الخيارات على الاجتماع المالي الرئاسي عند الحادية عشرة قبل الظهر، والذي يسبق جلسة مجلس الوزراء عند الواحدة بعد ظهر اليوم، والتي يحضرها الخبراء الاجانب لاتخاذ القرار المناسب بالتوافق أو بالتصويت. وستُدرس ايضا المراحل اللاحقة لما بعد القرار وانعكاساتها على لبنان.
والخيارات المطروحة تتراوح بين: الدفع وهو مستبعد جدا،وعدم الدفع المنظم في اذار وهو ايضا مستبعد بسبب ضيق الوقت للتفاوض، دفع قسم من السندات كبادرة حسن نية تجاه حاملي السندات والتفاوض معهم على الجزء الاخر، وعدم الدفع والتفاوض مع الدائنين اعتباراً من الشهر المقبل لجدولة الديون واعادة هيكلة بعضها. ورجحت المعلومات الذهاب الى خيار عدم الدفع والتفاوض في نيسان، وسيعلن الرئيس دياب القرار في كلمة يوجهها الى اللبنانيين عند السادسة والنصف من مساء اليوم السبت يشرح فيها مسببات القرار ونتائجه وانعكاساته.
وعشية البيان الذي سيصدره الرئيس دياب في موضوع «اليوروبوندز» قال موقع Bloomberg أمس ان المستشارين Lazard و Clerly Gottieb Steen & Hmilton اقترحوا على الحكومة اللبنانية أن تشتري المصارف السندات التي سبق أن باعتها كي تصبح إعادة الجدولة أكثر سهولة وتزداد قدرتها على إقناع الدائنين بشروط ملائمة، وأشار الموقع إلى ان لبنان إذا لم يدفع استحقاق آذار في الظروف المالية والنقدية الحالية، «معناه امتناع عن دفع كامل استحقاق «اليوروبوندز» البالغة 30 مليار دولار».
وأضاف الموقع ان الحكومة اللبنانية نقلا عن خبير في شؤون الشرق الأوسط ان حكومة التكنوقراط عاجزة عن التوفيق بين «مصالح مجموعات حزبية طائفية والنقمة الشعبية العامة».
تجاذب سياسي حول المصارف
وكانت رئاسة الجمهورية قد حرصت أمس، على نفي ان يكون للرئيس ميشال عون أي دور في ما خص الاجراء الذي اتخذه المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم في حق عدد من المصارف، وأوضح المكتب الإعلامي للرئاسة الأولى ان رئيس الجمهورية انطلاقاً من مسؤولياته الدستورية يسهر على احترام القوانين ومنع أي خلل في تطبيقها وفي كل ما يمكن ان تكون له مضاعفات سلبية على الاستقرار الامني والاقتصادي والمالي في البلاد، من دون ان يكون له أي موقف تجاه هذا الفريق أو ذاك او أن يكون طرفا في النزاعات عموما، والقضائية منها خصوصا.
وفهم من التوضيح «ان الرئيس عون كان يفضل ان يتابع القاضي إبراهيم الاستماع إلى أصحاب المصارف من دون ان يصل إلى حدّ وضع إشارة «منع التصرف» بحق أصول 20 مصرفاً، وذلك تلافياً لمضاعفات سلبية، تحدث عنها مدعي عام التمييز القاضي غسّان عويدات في قراره بتجميد خطوة المدعي العام المالي».
وفي تقدير مصادر مصرفية، ان قرار القاضي إبراهيم كان بمثابة «هز عصا» للمصارف كي لا تتمادى في اجراءاتها الاستثنائية، ولا سيما بالنسبة لاموال المودعين الصغار، علماً ان القرار كان سيترك انعكاسات سلبية على سمعة القطاع المصرفي في الخارج، فضلاً عن انه كان في الإمكان اللجوء الى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، باعتبارها أعلى هيئة مصرفية لمعالجة موضوع تهريب الأموال إلى الخارج، وبيع السندات.
يُشار إلى ان المواقف السياسية من قرار إبراهيم تفاوتت بين التأييد والانتقاد، بحسب الانتماء السياسي، إذ ان فريق الرئيس نبيه برّي والثنائي الشيعي كان مؤيداً على الرغم من نفي برّي أي علم له بالموضوع، في حين ذهب الفريق الآخر، أو ما يسمى حالياً بالمعارضة إلى حدّ تسجيل ملاحظات، اوردها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مما جعل القرار أقرب إلى قرار تأميم منه الى قرار قضائي قانوني مسند، فاصلاً بين محاسبة بعض المصارف على اهمالها لودائع النّاس، وضرب القطاع المصرفي عن بكرة ابيه للتغطية والتعمية السياسية.
«كورونا» ينتشر
ولم يستبعد مصدر وزاري ان يحضر موضوع تطوّر فيروس «كورونا» في لبنان، جانباً من مجلس الوزراء اليوم، حتى وإن كانت الجلسة مخصصة لقرار حول «اليوروبوندز»، لا سيما بعد إعلان وزير الصحة حمد حسن المسؤول الأوّل عن الموضوع، ان لبنان خرج من مرحلة احتواء الفيروس إلى مرحلة الانتشار، معلناً عن وجود 6 اصابات جديدة مما يرفع العدد الإجمالي للمصابين بهذا الفيروس في لبنان إلى 22 حالة، وهو تطوّر دفع لجنة متابعة الإجراءات الوقائية للفيروس إلى اتخاذ مجموعة جديدة من الإجراءات، أكثر تشدداً للتخفيف من انتشاره، وأبرزها تمديد مُـدّة اقفال المدارس ودور الحضانة حتى 14 آذار الحالي، ويسري هذا الاجراء على جميع المدارس والمعاهد والجامعات.
وقضت الإجراءات أيضاً إغلاق مراكز الترفيه (الأندية الرياضية والملاهي الليلية ودور السينما، والمعارض والمسارح والمؤتمرات)، والطلب من جميع المواطنين تفادي الأماكن المكتظة والتجمعات والالتزام بالاشارات الصحية والتواصل مع المراجع الدينية لمعالجة موضوع الاكتظاظ في دور العبادة، وإعادة تعميم الإجراءات الصادرة عن وزارة الاشغال والأمن العام المتعلقة بحركة الدخول والخروج من وإلى لبنان عبر كافة المعابر الجوية والبرية والبحرية، والطلب كذلك إلى المديرية العامة للطيران المدني التواصل مع «أياتا» لتوضيح الإجراءات المعتمدة في ما يتعلق بالفيروس في مطار رفيق الحريري الدولي.
وتبين من المعلومات ان ستة أشخاص من أصل 128 شخصاً خضعوا للفحص، وان خمسة منهم انتقل إليهم الفيروس عبر مخالطة مرضى آخرين، في حين يجري التقصي عن كيفية إصابة الشخص السادس.
وذكر ان إحدى الإصابات تعود لممرضة في مستشفى المعونات، بالإضافة إلى شخص كان في الغرفة نفسها مع المريض الذي نقل من المستشفى عينه وتبين انه كان مسافراً في مصر.
وتردد ان من بين المصابين عنصراً من قوى الأمن نقل من مستشفى حاصبيا إلى مستشفى رفيق الحريري، ويعمل ضمن جهاز أمن السفارة الفرنسية، لكن مستشفى حاصبيا، نفى هذه المعلومة جملة وتفصيلاً.
وأوضح مستشفى الحريري الجامعي، في تقريره اليومي، انه استقبل خلال الـ24 ساعة الماضية 87 حالة خضعت جمعيها للكشوفات الطبية، وقد احتاجت 20 حالة إلى دخول الحجر الصحي، فيما التزم الباقون الحجر المنزلي.
وقال انه اجريت فحوصات مخبرية لـ127 حالة جاءت نتيجة 121 حالة سلبية و6 حالات إيجابية، أي انها تحمل الفيروس، وانه غادر 20 شخصاً كانوا متواجدين في منطقة الحجر الصحي بعد ان جاءت نتيجة الفحص المخبري سلبية، ويوجد حتى اللحظة 19 حالة في المنطقة نفسها.
أما الحالات الايجابية داخل المستشفى فقد ارتفع عددها الى 21، اضافة الى حالة موجودة في مستشفى آخر، والحالة المذكورة ترفع العدد الاجمالي للحالات المصابة في لبنان إلى 22 إصابة.
وما زالت حالة المريضين المصابين بالفيروس المستجد من التابعية الايرانية والمنقول من مستشفى سيدة المعونات حرجة، في حين أن وضع باقي المصابين ال 19 مستقر، وجميعهم يتلقون العناية اللازمة في وحدة العزل».
التشكيلات القضائية
قضائياً، لفت الانتباه تغريدة وزيرة العدل ماري كلود نجم، في سياق تعليقها حول ما نشر بالنسبة إلى تغيير موقفها من التشكيلات القضائية التي انجزها مجلس القضاء الأعلى ليل أمس الأوّل، ولا سيما قولها ان وزير العدل ليس مجرّد ساعي بريد»، ما عزّز الانطباع بأن الوزيرة غير راضية على ان يقتصر دورها على مجرّد التوقيع على مشروع التشكيلات، ومن ثم احالتها إلى رئاستي الحكومة والجمهورية لاصدارها بمرسوم، من دون ان يكون لها «بصمة» في هذه التشكيلات، على الرغم من حرصها على استقلالية القضاء، والتغني برفض أي تدخلات سياسية يصب في المحاصصة السياسية- الطائفية بحسب ما جاء في التغريدة.
الا ان الوزيرة لاحظت انها مصرة على الشمولية في تطبيق المعايير الموضوعية للكفاءة، في إشارة إلى ان مشروع التشكيلات قد لا يتصف بهذه المعايير.
وتم في التشكيلات تقليص عدد القضاة المنفردين في بيروت من 30 الي 24 كما تمّ تعيين جميع القضاة الصادرة في حقهم قرارات تأديبية أو توجد شكاوى ضدهم لدى هيئة التفتيش القضائي، مستشارين اضافيين لجميع محاكم الاستئناف في بيروت والمحافظات الا انها لم تخل من اعتراضات، حيث نشأ عنها تقديم النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون أوراق إنهاء خدماتها في القضاء احتجاجاً على تعيينها مستشارة في إحدى محاكم التمييز، وتقديم القاضية رولا الحسيني زوجة القاضي فادي صوان أوراق إنهاء خدماتها ايضا احتجاجا على تعيينها رئيسة للغرفة العاشرة لمحكمة الاستئناف في جبل لبنان بعدما كانت رئيسة محكمة استئناف الجنح في بيروت.
ورفض رئيس مجلس القضاء الاعلي القاضي سهيل عبود لـ «اللواء» الكشف عن مشروع التشكيلات قبل ان تتخذ وزيرة العدل موقفها منه، لكنه لفت إلى ان الأسباب الموجبة التي دونت للمرة الأولى، فهي تعتمد معايير موضوعية أبرزها المعايير الأخلاقية والمناقبية المتعلقة بالقاضي وكفاءته وانتاجيته واقدميته في القضاء. وان لا يكون قد تعرض لملاحقات مسلكية، وقال درسنا ملف كل قاضٍ بشكل مفصل وهذا ما أدى إلى التأخير في إصدار التشكيلات التي انهمكنا في تحضيرها منذ شهرين توالت خلالها الاجتماعات وقد اجرينا مقابلات شخصية مع بعض القضاة ليكون كل عضو في مجلس القضاء الأعلى على معرفة وثقة بشخص القاضي المطروح اسمه على مركز ما.
وهذه الأسباب الموجبة سوف يطلع عليها الرأي العام مع إعلان التشكيلات القضائية.
وأكد الرئيس عبود لـ«اللواء» ان مجلس القضاء الأعلى أخذ في الاعتبار المعيار الطائفي والمذهبي في توزيع القضاة خصوصاً في المراكز الأساسية وصرّح «بكل صراحة لبنان بلد يقوم على نظام طائفي ومذهبي نسبة للمراكز الأساسية. اما باقي التعيينات فقد تخطى مجلس القضاء الأعلى المعيار الطائفي والمذهبي في بعض المراكز الأخرى».
وشدّد القاضي عبود على ان المجلس عيّن الاكفاء في المراكز الأساسية متجاوزاً زملاء يستحقون المركز، وقال: «لسنا خجولين. انتهجنا ما هو صحيح. وفعلاً اتبعنا هذا النمط في تعيين القضاة. نعم وإلا كيف يمكن لنا ان نُغيّر بمكان؟».
وختم القاضي عبود «لا فكرة لدينا كم من الوقت تحتاج وزيرة العدل للتوقيع والموافقة على التشكيلات. الوقت ملكها. نحن ووزيرة العدل نتعاون وانها المرة الأولى التي يشكّل مجلس القضاء الأعلى قضاته وحده من دون أي تدخل من أحد. واقول ذلك بكل صدق..».
* البناء
دمشق تترقّب السلوك التركيّ بعد اتفاق موسكو… وتستعدّ لمواصلة العمليّات عند الضرورة
إجماع رئاسيّ على عدم السداد يعلنه دياب اليوم… والكرة في ملعب المصارف
ترقّب داخليّ وخارجيّ لخطة النهوض… ونصيحة فرنسيّة بحل جذريّ للكهرباء
كتب المحرّر السياسيّ
التباين في قراءة اتفاق موسكو الذي أُعلن كملحق لتفاهمات سوتشي، بين دمشق وأنقرة، يعكس المواقع المتباينة ويؤكد نتيجة واحدة، وهي أن سورية خرجت منتصرة وأن تركيا تلقّت هزيمة واضحة. وهذا ما جعل التعليقات التي تداولها المحللون والسياسيون في أنقرة تعكس حال الإحباط والفشل وتطرح الأسئلة حول كل مبررات التورّط في الحرب في سورية، فيما كانت التعليقات السورية تُجمع على الطابع الإيجابي لتفاهمات موسكو. وهذه ربما تكون المرة الأولى التي يشعر فيها السوريون أنهم يترجمون فوراً انتصاراتهم العسكرية بربح سياسي كامل لا تنتقصه مشاريع الهدنة التي يقترحها الروس تحت عنوان منح المهل للجانب التركيّ، بحيث بدت المهلة الممنوحة للأتراك هذه المرّة من حسابهم، وليس على حساب سورية، فحافظ الجيش السوري على مكتسباته، وفتحت الفرصة أمام الأتراك لاستكمال إنهاء الإرهاب وتأمين الطريق الدولي بين حلب واللاذقية، وإلا فالعملية العسكرية السورية التي تباطأت ولم تتوقف بعد كلياً مع وقف النار في محاور جبل الزاوية وجسر الشغور، سوف تتسارع وتصبح هي المعنية بتنفيذ المهمة بعد تلكؤ تركي جديد، لكن دون أن يملك الأتراك أي فرصة للتدخل لمنعها أو التصادم معها، ليس حرصاً على العلاقات التركية الروسية التي شعر الرئيس التركي رجب أردوغان انها كانت معرضة للانهيار، وحسب، بل لأن ما أظهرته المعارك العسكرية بين الجيشين التركي والسوري، خصوصاً بعد معركة سراقب النوعية التي قام بها الجيش السوري ومقاتلو المقاومة وعلى رأسهم حزب الله، شكلت مدرسة في الحروب، كما وصفها الإسرائيليون، وقدمت نموذجاً لما ينتظر الأتراك إن عاودوا الكرة.
لبنانياً، يطل رئيس الحكومة حسان دياب مساء اليوم لإعلان موقف الحكومة اللبنانية من ملف الدين العام ومن ضمنه استحقاق اليوروبوند الذي تستحق أولى سنداته يوم الإثنين، وسيسبق الظهور الإعلامي لرئيس الحكومة انعقاد اجتماع رئاسي في بعبدا يكرّس الإجماع الرئاسي للخيارات التي ستقرّرها الحكومة، ويعلنها رئيسها.
المصادر المتابعة قالت إن قرار الامتناع عن الدفع بات محسوماً، وإن الجهات الدولية المعنيّة والشركات الممثلة للدانين قد أصبحت في صورة هذا القرار. وقالت المصادر إن القرار سيتضمّن عروضاً مختلفة للدائنين كبدائل عن عدم السداد، منها جدولة الدين أي تأجيل مواعيد الدفع بعد التفاوض على شروط التأجيل، ومنها الهيكلة أي التداول في أشكال من تنويع محافظ الدائنين بين سندات دين جديدة وأسهم في شركات تعود ملكيتها للدولة منها ما هو قائم ومنها ما سيتم إنشاؤه بعد تنظيم ملكيات القطاع العام وتنظيم ماليتها بما يتيح استثمارها. وقالت المصادر إن لدى الحكومة إشارات إيجابية وأخرى سلبية على قرارها، لكن الأساس سيكون وفقاً للمصادر هو نيات المصارف اللبنانية التي تشكل بيضة القبان في معادلة الديون رغم محاولة البعض منها للتذاكي برمي الكرة في ملعب الدائنين الخارجيين، الذين تقول مصادر مالية موثوقة إن أغلبها مجرد أقنعة لحساب حاملي السندات من المصارف اللبنانية، بما في ذلك عمليات البيع الوهميّة التي جرت خلال عامي 2019 و2020، وقالت المصادر إنه على ضوء تصرّف المصارف سترسم الصورة النهائيّة للمشهد، فالحكومة ليست ساعية للمواجهة مع المصارف بل راغبة بالتعاون معها في تجاوز الأزمة، رغم أنها لم تتلقّ أي إشارات إيجابية توحي بالنية لملاقاة الحكومة بخطوات تعبر عن مساهمة بخلفية وطنية في مواجهة الاستحقاقات، والأموال المحوّلة من المصارف للخارج وحدها تكفي لشراء نسبة غير قليلة من سندات اليوروبوند من الأجانب للعامين 2020 و2021، وتوقعت مصادر كانت على صلة بالمداولات التي جرت بعد صدور قرار المدعي العام المالي أول أمس وقبل صدور قرار التجميد عن مدعي عام التمييز، أن تشهد عطلة نهاية الأسبوع تواصلاً إيجابياً بين المصارف ورئيس الحكومة تترجم بمواقف يتم تظهيرها مالياً من مطلع الأسبوع المقبل، وتبدأ من انضباط سوق الصرف بالسعر الذي حدّده مصرف لبنان بـ 2000 ليرة للدولار.
في الإطلالة المرتقبة لرئيس الحكومة ينتظر تضمينها عرضاً للخطوط الرئيسيّة لخطة النهوض والإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتبدو الإجابة عن الأسئلة التي تطال قطاع الكهرباء موضع اهتمام ومتابعة من الأوساط المالية الداخلية والخارجية باعتبارها مصدر الخلل الفاضح في عجز الخزينة من جهة، ومصدر النزيف الرئيسيّ للعملات الصعبة من جهة موازية. ونقلت مصادر حكوميّة نصائح فرنسية بالخروج من الخطاب التقليديّ الحكوميّ حول خطط الكهرباء المعقدة والمعلقة، ودعت لخطة مبسطة وجذرية تقوم على تهيئة القطاع لمشروع إدارة مالية وتجارية مبدية استعداد فرنسا للعب دور محوري فيها، بما في ذلك قيام شركات فرنسية بإعادة التأهيل والتنظيم والإدارة والتمويل على طريقة الـ (BOT).
وتتجه الأنظار الى قصر بعبدا اليوم، حيث يشهد جلسة لمجلس الوزراء وصفت بالحاسمة على صعيد ملف استحقاقات اليوروبوند يسبقها لقاء رئاسي يضمّ الى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة حسان دياب ووزراء المالية والدفاع والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف وعدداً من المستشارين الماليين الدوليين.
وفيما حُسم القرار بعدم دفع السندات المستحقة يوم الاثنين وإعادة جدولة الدين العام، بحسب ما علمت “البناء” من مصادر مطلعة. لم تتضح الآلية التقنية والمالية لإعادة الجدولة، أوضحت مصادر “البناء” أن الآلية والتفاصيل التقنية لم تحسم بعد ورهن بالتفاوض الدائر بين الشركات الممثلة للدولة والدائنين ومع جمعية المصارف. ومن المتوقع أن يعلن الرئيس دياب عن الخطة الاقتصادية الإصلاحية بعد جلسة الحكومة على أن يوجّه كلمة للبنانيين مساءً يعلن فيها موقف لبنان من استحقاق “اليوروبوند”، ويشرح فيها خلفيات القرار الرسمي، وما سيعقبه محلياً.
وكانت السرايا الحكومية تحوّلت الى خلية نحل أمس وشهدت لقاءات واجتماعات بين الجهات المعنية بالملف المالي والاقتصادي، وتشير مصادر السرايا الى أن الخيارات كلها لا تزال واردة ولم يتم اتخاذ اي قرار نهائي بعد، وهو متروك الى الغد في مجلس الوزراء الذي سيشارك فيه ايضاً الاستشاريان المالي والقانوني. وقد أخضعت كافة الخيارات الى دراسة تقنية ومالية معمقة وتأثيراتها السلبية ومدى ملاءمتها للمصلحة العامة إن كان لمصلحة الدولة ووضعها المالي أو حماية ودائع المواطنين او حماية القطاع المصرفي والحفاظ على سمعة لبنان الدولية.
ومن الخيارات المطروحة تسديد قسم من الديون او فوائدها على الأقل الى المدينين، كبادرة حسن نية تجاههم، من شأنها ان تسهّل التفاوض معهم والذي يصبح أكثر صعوبة كلما ضاقت المهلة الفاصلة عن 9 آذار، في المقابل تحذّر مصادر من أن عدم الدفع من دون اتفاق مع الدائنين، ستكون تداعياته السلبية على لبنان.
وكان وزير المال غازي وزني اجتمع مع وفد من البنك الدولي ضمّ كلاً من مدير الماكرو – اقتصاد والتجارة والاستثمار مارسيلو إيستيفاووMarcello Estevao، ومدير دائرة المشرق ساروج كومار جاه. وتمحور الاجتماع حول الدعم التقني الذي يمكن لمجموعة البنك الدولي أن تقدّمه للحكومة اللبنانية في إدارة الأزمة وبرنامج شبكات الأمان الاجتماعي للأسَر الفقيرة.
وتشمل الخطة الاقتصادية الإصلاحية ملف الكهرباء وإعادة جدولة الدين وإعادة هيكلة قطاع المصارف وتنمية القطاعات الإنتاجية وإصلاحات في مؤسسات الدولة وتصحيح النظام الضريبيّ. وإذ أفيد أن الخطة تتضمّن قرارات غير شعبية كفرض ضرائب جديدة تطال ذوي الدخل المحدود، لفتت مصادر أن قرارات الحكومة لن تشمل فرض ضرائب جديدة على اللبنانيين ولا رفع الـ”TVA”.
وكخطوة استباقية لاحتواء أية مفاعيل سياسية ومالية ودولية سلبية لقرار إعادة الجدولة، تلقى لبنان جرعة دعم من فرنسا، جاءت على لسان السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه الذي اعتبر أن “حكومة الرئيس حسان دياب هي حكومة الفرصة الأخيرة في لبنان وباريس قررت العمل معها، لأنها تمر بأزمة خطيرة والمهم معالجة الأزمات بأسرع وقت ممكن، مؤكداً أن صندوق النقد الدولي لن يفرض أي شيء على لبنان لأن لبنان بلد لديه سيادة”. واعتبر خلال حديث تلفزيوني أن “الحكومة ليست حكومة حزب الله وسنتعامل معها آملين أن تتعامل بشكل جماعي”.
وأكد السفير الفرنسي “أن سيدر هو مشروع جيد سيساعد لبنان وسيجذب الاستثمارات والحكومة لا تحتاج إلى عدد هائل من المشاريع بل تحتاج إلى البعض منها للنهوض”. وأكد فوشيه أنه «أبلغ دياب بأنه متى شاء أن يزور فرنسا فهو مرحّب فيه، مشيراً إلى أن وزير الخارجية ناصيف حتي معروف وله أصدقاء في فرنسا وأبلغناه أن خطاب الشراكة جيد ويعكس الهدوء في لبنان. وأكد أن الشركات الفرنسية تتطلع للعودة إلى لبنان، مشيراً إلى أن موضوع النفط هو أمر يدعو للسرور”.
وفي موازاة ذلك، تفاعل قرار المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم بالحجز على أصول 20 مصرفاً وعلى أموال وأملاك أصحابها، والقرار المضاد لمدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بنقض تجميد قرار إبراهيم. وحاولت بعض الجهات السياسية تسييس قرار إبراهيم واتهام رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالوقوف خلفه ومن ورائه حزب الله “لتأديب” المصارف وحماية ودائع المواطنين المحتجزة في المصارف، لفتت مصادر “البناء” الى أن “الرئيس برّي لم يتدخل في القرار القضائي”، مشيرة الى أن “بعض الجهات أدخلت القرار في اطار الصراع السياسي لحماية المصارف ما يؤكد السطوة والحظوة التي يتمتع بها قطاع المصارف على مفاصل الدولة ولدى صناع القرار السياسي والمالي”، إلا أن مصادر استغربت موقف رئيس الجمهورية الذي أبدى استياءه من قرار إبراهيم، وأكدت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر لـ”البناء” أن الرئيس عون لم يُبلّغ بالقرار وكان يجب التنسيق معه بقرار وطني كهذا، مشيرة الى أنه “تجب دراسة أي قرار قضائي لجهة تداعياته على قطاع المصارف وبالتالي على المودعين”، مضيفة: “تجب محاسبة الأشخاص الذين خالفوا القانون وليس المصارف كشركات ومؤسسات”.
وبُعيد قرار “هز العصا” لقطاع المصارف ومن خلفه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لوحظت مسارعة سلامة أمس، الى اصدار تعميم لمؤسسات الصرافة بشأن تنظيم المهنة، طلب فيه التقيد استثنائياً بحد أقصى لسعر شراء العملات الأجنبية مقابل الليرة اللبنانية لا يتعدى نسبة 30 بالمئة من السعر الذي يحدده مصرف لبنان في تعامله مع المصارف. كما طلب الامتناع عن إجراء أي عملية صرف لا تراعي النسبة المحددة في المادة المعلنة. وسُجل سعر صرف الدولار انخفاضاً ملحوظاً عن معدلاته في الأيام الماضية. ووصل أمس الى 2300 و2200 ليرة في بعض محال الصيرفة بعدما وصل الى 2700.
في غضون ذلك، أصدر مجلس القضاء الأعلى التشكيلات القضائية، وإذ وصفتها مصادر سياسية لـ”البناء” بأنها جاءت بعيداً من تدخل السياسيين وخطوة أولى على طريق إصلاح القضاء كما يطالب المجتمع الدولي، لفتت الى أن التشكيلات لم تقرّ بعد بانتظار إقرارها في مجلس الوزراء”.
وقالت وزيرة العدل ماري كلود نجم في تغريدة على “تويتر”: “لا لأي تدخل يصب في المحاصصة السياسية – الطائفية، وإصرار على الشمولية في تطبيق المعايير الموضوعية للكفاءة. وهذا من واجبي الوطني وضمن صلاحياتي، اذ ان وزير العدل ليس مجرد ساعي بريد، خاصة في الظروف الحالية التي تستلزم تغييراً وصرامة”.
إلا أن النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون وصفت في تصريح التشكيلات بـ”الانتقامية”، معلنة أنا ستضع استقالتها بتصرف رئيس الجمهورية وستعلن ذلك في مؤتمر صحافي تشرح فيه كل شيء”.
واستغربت القاضية غادة عون في تصريح آخر، “تعيين سامر ليشع في منصب مدعي عام جبل لبنان، وقالت: “كيف بحطو سامر ليشع يلي أصغر مني بـ9 سنين وأدنى مني بـ9 درجات؟”. وأشارت إلى أنها في منصبها أقل من سنتين، وأكدت أنها الأقدم ومعاييرها مطابقة لكل المعايير التي وُضعت.
وذكرت أن هناك نائباً اسمه هادي حبيش دخل إلى مكتبها وشتمها وقال علناً “لازم هالقاضية تنقبع من مركزها”، وقالت: “عملولو متل ما بدو”، هنيئاً لرئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ونائبه غسان عويدات بالتشكيلات القضائية الجديدة.
فيما أشارت مصادر التيار الوطني الحر لـ”البناء” الى أن “التشكيلات القضائية من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى ولم نتدخل بها واعتمدت وفق معايير الكفاءة واذا كان للقاضية عون او لغيرها من القضاء أي اعتراض فتجب مراجعة وزيرة العدل للتحقق من المعايير”.
المصدر: صحف