تشهد المحافظات الإيرانية انتخابات مجلس الشورى في دورته الحادية عشر. منذ ساعات الصباح الأولى سجلت مراكز الاقتراع نسبة اقبال لافتة، وفق ما نقلت وسائل الإعلام المتابعة للحدث. والانتخابات البرلمانية تعتبر ثاني أهم انتخابات في البلاد بعد الانتخابات الرئاسية، التي غالباً ما تشهد منافسة أعلى. ويُعتبر الحدثان بمثابة “مرآة لمدى شعبية النظام الإسلامي في الشارع الإيراني”، وفق توصيف اذاعة بي بي سي البريطانية.
اليوم يتم الاستحقاق الانتخابي في ايران التي تشهد تحديات بالجملة. ليصدق توصيف البرلمان المقبل، ببرلمان التحديات. وهي التحديات الآخذة في التصاعد منذ عقود انتصار الثورة الأربعة. من الحروب العسكرية المباشرة إلى الضغوط الخارجية، حتى الحصار وتضييق الخناق الاقتصادي… كل الأسلحة أُشهرت بوجه إيران الإسلامية، ووُظفت خارجياً لتشتغل على شعب يُؤمل منه غربياً أن ترتد ردة فعله ضد النظام الإسلامي.
يزاحم الغرب إيران الإسلامية في كل ما يُتاح له من مجالات. علمياً يحاول تكبيلها، واقتصادياً يُضيّق الخناق عليها، على الصعيد الأمني يلاحق قياداتها وأكبر علمائها لم يسلموا من مخالبه.. وفي السياسة كما في الإعلام لا يمل من شيطنة صورة النموذج الإيراني. لا تهويل في الأمر، متابعة التعاطي مع الملفات الإيرانية يحسم هذه النتيجة. حتى أزمة كورونا المستجدة لم تسلم من التوظيف، تهويلاً وتخويفاً من تجمعات تفرضها المشاركة الانتخابية. أو حتى ما خرج من واشنطن أمس بادراج “خمسة مسؤولين إيرانيين في قائمتها السوداء متهمة إياهم بمنع إجراء انتخابات حرة ونزيهة”، وفق ما نقلت وكالة رويترز. هي نفسها الإدارة الأميركية التي هددت قبل أيام بقصف عشرات المراكز والمعالم الثقافية التي يتباهى بها الشعب الإيرانية، تلعب اليوم على وتر تشويه صورة الانتخابات عشية انطلاق الاستحقاق، علها تتمكن من التأثير على نسبة المشاركة.
إلا أن ما خرج من صور عن المشاركة في الداخل الإيراني حمل رداً للخارج. معارضون ومؤيدون شاركوا مبكراً في عملية الاقتراع جنباً إلى جنب. لتبدو صورة مشاركة الرئيس الايراني الاسبق محمد خاتمي في الإدلاء بصوته، لافتة في مضمونها ومفاعيل ما تحمله من رسائل للخارج قبل الداخل. وعناوين الصحف الإيرانية كانت تتحدث بلسان الجميع: نأتي من أجل إيران..مجلس قوي يعني إيران قوية (صحيفة جام جم).
عشر دورات انتخابية… بنسب مشاركة عالية
وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ما تشهده الجمهورية الاسلامية من عملية انتخابية بأنها “زائفة. ليست حرة أو نزيهة”، لكن الشهادة للاستحقاق تؤخذ من أهلها. فعلى مستوى الدورات العشر الانتخابية السابقة سُجل معدل المشاركة بنسبة 60.53 بالمائة، تفصّله النسب الرسمية التالية:
الدورة الاولى – عام 1981: 52.14 بالمائة .
الدورة الثانية – عام 1985 : 64.64 بالمائة .
الدورة الثالثة – عام 1987 : 59.72 بالمائة .
الدورة الرابعة – عام 1993: 57.81 بالمائة .
الدورة الخامسة – عام 1996 : 71.1 بالمائة .
الدورة السادسة – عام 2000 : 67.35 بالمائة .
الدورة السابعة – عام 2004: 51.21 بالمائة .
الدورة الثامنة – عام 2008: 55.40 بالمائة .
الدورة التاسعة – عام 2012: 64.2 بالمائة .
الدورة العاشرة – عام 2016: 61.83 بالمائة .
هنا تصدق شهادة الإمام السيد الخامنئي بحق الشعب الإيراني بأن قدرة هذا الشّعب “على التحمّل تذهل المراقبين الدوليّين؛ فهذه الضّغوط التي يمارسها الغول الأميركي المتوحّش لا تطيق سائر الشّعوب ذرّة منها، لكنّ الشّعب الإيراني وقف بصلابة”. تقدم نسب المشاركة وتصاعد المنافسة بين الأحزاب في الانتخابات الإيرانية استدلالاً يُستند إليه في هذا المجال. يختلف الإيرانيون فيما بينهم في ملفات داخلية شتى، وتُسقط القضايا الداخلية مفاعليها على خيار الناخب الإيراني، الذي يحاكم المرشحين في صناديق الاقتراع بناء على الدورة السابقة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالنظام وشكله وأمنه ومستقبله، فإن الأمر يُعد من الخطوط الحمر التي لا يسمح الإيرانيون لغيرهم بفرضها أو تجاوزها. وهو ما يفسر تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أثناء إدلائه بصوته، صباح اليوم: “الشعب لن يسمح لشخص ما في واشنطن ان يتخذ القرار بشأنهم الشخص الذي يده ملطخة بدماء عظماء امثال الفريق قاسم سليماني”.
صلاحيات مجلس الشورى
وعند الحديث عن الصلاحيات تُستعاد كلمة الإمام الخميني بأن مجلس الشورى يقف على رأس كافة الأمور في النظام الاسلامي. ما يعني أنّ كافة القرارات التي تتخذها إيران، حتى في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لا تتم الا بمصادقة المجلس الذي يتمتع بصلاحيات واسعة. ويتاح له مساءلة وزراء أوحتى مساءلة رئيس الجمهورية. إذ يمثل السلطة التشريعية، وللمجلس صلاحيات إلزام الحكومة بقراراته. هو يمنح الحكومة ثقة عامة، كما يمنح كل وزير على حدى الثقة. كما يتمتع بصلاحيات كبرى تتيح له التدخل في الميزانيات وفي نظم ومساءلة أداء الحكومة.
تشهد الجمهورية الاسلامية استحقاق انتخابات مجلس الشورى قبل أربع سنوات. لتفتح مراكز الاقتراع أمام نحو 58 مليون إيراني لانتخاب 290 نائباً عن 208 دائرة انتخابية. وأكبر الدوائر الانتخابية هي دائرة العاصمة طهران، وحصتها 30 مقعداً، وتليها تبريز بستة مقاعد، ثم مشهد وأصفهان ولكل منهما خمسة مقاعد، ثم شيراز لها أربعة مقاعد. ولأغلب الدوائر الباقية نائب واحد فقط.
ويجب على المرشح أن يحصل على 25 في المئة من أصوات الناخبين في الدائرة التي ترشح عنها كي يفوز في الجولة الأولى من الانتخابات عن الدائرة. وفي حال عدم نيل أي مرشح هذه النسبة من الأصوات، تجرى جولة ثانية من التصويت، تقام بتاريخ 18 نيسان/أبريل في حال استحقاقها.
المصدر: موقع المنار