خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش 14-2-2020 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش 14-2-2020

thumbnail_خطبة الجمعة 14-2-2020 075

نبارك لكم ذكرى ولادة السيدة فاطمة الزهراء(ع) في العشرين من شهر جمادى الثاني، بضعة رسول الله محمد بن عبدالله(ص) وروحه التي بين جنبيه وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.
لقد كانت السيدة الزهراء(ع) قدوة للرجال والنساء في صفاتها الروحية والاخلاقية والانسانية، وهي قدوة لكل النساء في حجابها وسترها وعفتها واحتشامها كما كانت ابنتها السيدة زينب(ع) قدوة في ذلك ايضا.
فالزهراء وابنتها زينب (عليهما السلام) التزما الحجاب الكامل الذي افترضه الله على المر|أة والفتاة البالغة وكانا نموذجا ومثالا وقدوة واسوة فيه، فالله تعالى فرض على المرأة المسلمة المكلفة أن تستر كامل جسدها عدا الوجه والكفين بنص القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى في الآية 31 من سورة النور: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) وفي الآية 59 من سورة الأحزاب: (أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) .

فان هاتين الآيتين تدلان بشكل واضح على وجوب ستر المرأة لرأسها وكامل جسدها، حيث ان جملة: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) تدل على وجوب ستر الرأس الى الصدر لان كلمة خمرهن جمع خمار، والخمار هو غطاء الراس، وجملة: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) تدل على وجوب ستر سائر الجسد لأن كلمة جلابيبهن هي جمع جلباب، والجلباب هو الثوب الواسع الفضفاض غير الشفاف الذي يستر ما تحته.
وعلى هذا الاساس فإنّ أيّ لباس واسع فضفاض غير شفّاف يستر مفاتن المرأة  ولا يبرز جسدها بطريقة تثير الغريزة هو لباس شرعيّ، بمعزل عن الشكل او اللون لان الإسلام لا يحدّد شكلاً أو لوناً معيَّناً للزيّ الشرعي، فكلّ ما ينسجم مع الضوابط والعناوين العامّة هو لباس شرعيّ، لكن افضل اللباس الشرعي هو العباءة. وما دامت العباءة فضفاضةً وساترةً لجسد المرأة، فهي مطلوبة مهما كان شكلها او اسمها، عباءة زنيبية او عباءة فاطمية، قصتها عراقية او ايرانية او غير ذلك لا يهم طالما تندرج تحت الضوابط العامة.

العباءة السوداء المعروفة التي تغطي الرأس وتستر كامل جسد المرأة هي افضل مظاهر الحجاب الذي يصون عفة المرأة وحشمتها ويحقق الستر الذي اراده القران للمرأة ، وهي التي يجب ان نشجع بناتنا وزوجاتنا ونساءنا على لبسها باعتبارها الحجاب الكامل الذي يصون عفة المرأة وكرامتها.
وهذا النوع من العباءات ليس مصدراً للريبة والفتنة والزينة كما قد يتوهم البعض، نعم، اذا اصبح هناك موديلات او موضات جديدة للعباءة تتنافى مع الضوابط التي اشرنا اليها فانها تصبح لباسا غير شرعي بغضّ النّظر عن التسميات، اما العباءة التي تغطي كامل الجسد فهي ليست مصدرا للريبة بل مصدرا للحشمة والعفاف والقداسة، وخصوصا اذا كانت المرأة تحترم بسلوكها واخلاقها وطريقة تعاطيها لبسها للعباءة ولا تتصرف بما يتنافى مع زيها وعباءتها .

1-البعض يتصور ان لبس العباءة يحجب المرأة عن المجتمع وعن القيام بدور على الصعيد الاجتماعي او السياسي او على الصعيد العام ، وهذا ليس صحيحا على الاطلاق.
لبس العباءة لا يعني أن تعتزل المرأة المجتمع ولا تخرج من بيتها ولا تنخرط مع الناس ولا تشارك بدور او نشاط عام ولا تستخدم وسائل التواصل مثلا، ابدا، ولم يطرح الإسلام مسألة حبس المرأة في بيتها واحتجابها الكامل عن الناس والمجتمع ، بل على العكس من ذلك في تاريخ الإسلام سيدات في قمة الستر والعفاف قُمنَ بأدوار عظيمة خارج إطار المنزل وفي وسط المجتمع الإسلامي.
الزهراء (ع) وهي نموذج المرأة الكاملة قامت بأدوار عامة في المجتمع كانت تدرس النساء وتعلمهن القرن ، وكانت تمثل مرجعية للنساء في المدينة في مختلف شؤونهم، وفي يوم أحد خرجتوداوت جراحى النبي في الميدان، وخرجت الى مسجد النبي(ص) في المدينة بعد وفاته وخطبت أمام الناس تلك الخطبة العظيمة وبينت الكثير من الحقائق والقضايا الفكرية والسياسية الهامة والحساسة وأهمها أحقية الامام علي(ع) بالامامة والقيادة وحقها في فدك.
وابنتها الحوراء زينب (ع) التي كانت عنوان العفاف والستر والحجاب مارست دوراً عظيماً في الحفاظ على ثورة أخيها الامام الحسين(ع) وفي تأليب الرأي العام ضد الطغاة والظالمين والقتلة حتى نفيت من المدينة الى الشام بسبب نشاطها السياسي ومعارضتها للسلطة الاموية.
العديد من نساء صدر الاسلام شاركن في أدوار كبيرة تتعلق بالشأن العام وشاركن حتى في الحروب وقدمن خدمات جليلة للاسلام وللمسلمين وللمجاهدين .
المرأة في لبنان قدمت الكثير للمقاومة ولا تزال تقدم زوجات المجاهدين وزوجات الشهداء أمهات الشهداء قمن بأدور عظيمة في دعم المقاومة والمشاركة في مؤسساتها المختلفة.
فالحجاب بمعنى العزلة والاحتجاب الكامل غير مطروح في الإسلام وهو يتنافى مع سيرة هذه السيدات العظيمة ودورهن في المجتمع الإسلامي.

2-البعض مثلا لا يؤيّد ارتداء العباءة المعروفة، لأنها تعيق المرأة أو الصبيّة أثناء عملها، وفي حركتها في الشّارع أو السّوق، ويعتبر ان الأهمّ أن تعيش المرأة العفّة والحياء في داخلها وذاتها!!وهذا ليس صحيحا، فارتداء العباءة الزينبيّة، لا يعيق حركة المرأة أو الصبيّة لا في عملها ولا في حركتها في الشّارع أو السّوق او اي مكان، بدليل ان معظم النساء في بعض البلدان الاسلامية كايران والعراق واليمن ولبنان ودول الخليج وغيرها يلبسن العباءة ويتحركن في كل مكان بيسر وسهولة، وبعضهن في هذه البلدان وحتى في لبنان عاملات وفاعلات وناشطات ومنتجات ولبعضهن ادوار عظيمة في المجتمع وفيالمقاومة وفي الحياة العامة.
وهناك الكثيرات من اللاتي يلبسن العباءة يؤكدن  ان العباءة الزنيبية ليست كما يُقال بأنها موضة أو من الزينة الملفتة، بل هي تعبِّر عن الحجاب الإسلاميّ، وتحفظ عفّة البنت وحياءها، وينصحن كلّ الملتزمين بأن يشجعوا بناتهم على ارتدائها، وخصوصاً مع ما نعانيه اليوم من استهدافٍ للالتزام وللإيمان وللقيم الاخلاقية ، ولا بدّ من الاعتزاز بالعباءة وعدم التعيُّب بها مطلقاً.
بعض الأخوات الواعيات يعتبرن أنّ لبس العباءة ليس مجرّد فرض إلهي واجب، بل رسالة كبيرة للمجتمع، ومحاولة لتغيير أحكامه النمطيّة عن العباءة وما تعنيه وترمز اليه.

3- في بعض الاوساط نجد انه عاد الحديث عن الحجاب وعن النساء المحجبات بطريقة سلبية فيقال مثلا: ان النساء في البلدان الاسلامية لا يمتلكن حرية الاختيار وان الحجاب يفرض فرضا وهن عرضة للتأنيب وحتى للاعتقال ان لم يلبسن الحجاب!
هناك مثلا من يدعو الى الترويج  لموضة اسلامية بهدف تحدي الثقافة التقليدية .
اليوم بدأوا يدخلون مسلمات محجبات الى مسابقات ملكات جمال العالم بحجة اثبات ان المراة المحجبة يمكنها ان تكون جميلة وان تظهر جمالها بلباسها البسيط بالحجاب.
هناك فتيات يضعن صورهن وهن بحجاب موضة وباشكال مختلفة على شبكات التواصل من اجل لفت الانتباه والنظر اليهن، وهذا يتنافى مع اتزان وحشمة الفتاة او المرأة المحجبة.
نعم بامكان الفتاة ان تستفيد من وسائل التواصل لكن ان لا تضع صورها على هذه الوسائل خصوصا صورها وهي ترتدي موديلات من الحجاب بهدف لفت النظر.

هناك من يروج لموديلات كثيرة من اللباس المعتدل الغريب الذي يلفت الانتباه او ليلائم الفستان  الذي لا يتلائم معه الحجاب العادي والشرعي.
هذا كله تشويه للحجاب وللمراة المحجبة ويتنافىمع الاتزان والعفة والحشمة التي ينبغي ان تتحلى به الفتاة المحجبة.
لذلك اليوم المسؤولية الملقاة على الأهل وعلى الجميع هي مسؤولية كبيرة،ومسؤولية الجميع اليوم هي مواجهة مثل هذا التحديات.
الأهل والأزواج عليهم التشدد في المواصفات والضوابط المتعلقة بالزي الشرعي من أجل تحصين مجتمعنا من عوامل الفساد والانحراف.
مسؤولية الآباء والأمهات صيانة الأولاد من الإنحراف الخلقي والإجتماعي خصوصا في ظل البيئة الفاسدة وانفتاح الاجيال على استخدام وسائل التواصل.
الآباء والأمهات مسؤولون عن ملاحقة أولادهم بالتربية الصحيحة بتربيتهم على الاخلاق والقيم والالتزام بالحجاب الشرعي ، بأن يشجعوا بناتهم على ارتداء العباء لصون شرفهن وكرامتهن، والتجار تجار الألبسة وأصحاب المحلات يجب بدورهم أن يروجوا للعباءة وللألبسة الشرعية وللزي الإسلامي الحقيقي.. أما الألسبة التي تروج وتنشر الثقافة الغربية, أو ارتداؤها يساهم في نشر التقاليد والعادات والثقافات الغربية المعادية فلا يجوز لبسها, ولا يجوز للتجار وأصحاب المحلات استيرادها ولا بيعها وشراؤها والترويج لها، ولذلك على التجار وأصحاب المحلات أن يحسنوا اختيار الموديلات الشرعية المطابقة للمواصفات الشرعية عند استيراد أو تصنيع أو شراء الألبسة حتى يساهموا في نشر الفضيلة والعفة واللباس الشرعي والزي الشرعي الذي أراده الله للمرأة , لا الزي غير الشرعي.
المسؤولية كبيرة، ويوم القيامة كل الناس سوف تحاسب هل قمتم بمسؤولياتكم ام لا؟ وقفوهم إنهم مسؤولون.

اليوم معظم المشاكل والازمات التي تعاني منها دول وشعوب المنطقة سببها الولايات المتحدة الامريكية التي تعمل على ضرب الاستقرار السياسي والمالي والاقتصادي والاجتماعي في بلدان المنطقة.
وفي لبنان فان الازمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان تساهم فيها الولايات المتحدة بصورة كبيرة، حيث تفرض العقوبات، وتتحكم بالشركات التي تريد الاستثمار في لبنان، وتغطي تهريب الاموال الى الخارج، وتضغط على المصارف والبنوك وتدفعهم للتضييق على المودعين، ومحاولة تجويع اللبنانيين.
لقد نالت الحكومة الثقة وهذا انجاز لا بد من البناءعليه، للشروع بالعمل واعادة ترتيب الساحة الداخلية.
ولاشك ان مهمة الحكومة ليست سهلة خصوصا في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها البلد، وهي بحاجة الى فرصة لكي تقدم الحلول وتعمل وتنتج، فامام الحكومة تحديات كبيرة، ابتداءا من التحدي الاقتصادي والمالي الذي يزداد خطورة يوما بعد يوم، مرورا بالتحدي الشعبي حيث يراقب اللبنانيون أداء الحكومة وبعضهم يعقد عليها الآمال لمعالجة الازمات، وصولا الى التحدي السياسي حيث يراهن البعض على فشلها وسقوطها.
وامام هذه التحديات لا بد للحكومة ان تبدأ مرحلة العمل الجدي والدؤوب، وتقوم باجراءات فورية وجدية، وتبادر الى تحقيق انجازات سريعة وملموسة، لا سيما على الصعيد المالي والمعيشي، فالاستحقاقات والتحديات لا تتحمل التأخير والمماطلة والتسويف، وهي ستكون امام مسؤوليات كبيرة وعليها ان تثبت نفسها وجدارتها  وتنجح في امتحان الثقة .

المصدر: بريد الموقع

البث المباشر