نص الخطبة
بسم الله الرحمن الرحيم
في الثالث عشر من شهر جمادى الثاني كانت وفاة أم البنين فاطمة بنت حزام(ع) التي جسدت أرقى أشكال العطاء والتضحية والصبر والثبات عندما قدمت اولادها الاربعة شهداء للدفاع عن اسلام محمد بن عبد الله(ص) في كربلاء .
أم البنين هي فاطمة بنت حزام الكلابيّة ، تنحدر من بيت عريق في العروبة و الشجاعة والشهامة، قال عنها عقيل بن أبي طالب : ليس في العرب أشجع من آبائها و لا أفرس .
تزوَّجها الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، بعد وفاة فاطمة الزهراء بإشارة من أخيه عقيل بن أبي طالب لكونه عالماً بأخبار العرب وأنسابهم ، حيث كان قد طلب منه الإمام ( عليه السَّلام ) أن يختار له امرأةً قد ولدتها الفحولة من العرب ليتزوّجها فتلد له غلاماً فارساً ، فاختار له أم البنين فاطمة بنت حزام ، فولدت له اربعة ابناء هم : العباس وجعفر وعبد الله وعثمان ، وكلهم استشهدوا مع الحسين (عليه السلام) بكربلاء ، ولم يتركوا ذرية لهم غير العباس فقد ترك ولدا يقال له عبيدالله.
وأم البنين ( عليها السلام ) من النساءِ الفاضلاتِ الطاهرات العفيفات، العارفات بحق أهل البيت ( عليهم السلام ) ، المواليات الحقيقيات، وكانت فصيحة ، بليغةً ، ورعة ، ذات زهدٍ وتقىً وعبادة .
وقد تميزت هذه المرأة الطاهرة بخصائصها الأخلاقية ، ومِن صفاتها الظاهرة المعروفة فيها هو : ( الوفاء ) . فقد عُرفت أم البنين بشدة وفائها لزوجها علي (ع)، عاشت معه ( عليه السلام ) في صفاءٍ وإخلاص ، وأبت ان تتزوج بعد شهادته وفاءاً له، على الرّغم من تقدم البعض لخطبتها.
وسميت بأم البنين لسببين: السبب الأول: لأن لها من الأبناء أربعة بنين. السبب الثاني: كنّاها علي بن أبي طالب(ع) بأمّ البنين بناءً على طلبها، كي لا يتذكّر الحسن والحسين(ع) أمهما فاطمة عند سماع اسمها، ويشعرون بالحزن عليها.
كانت(رضي الله عنها) عطوفة على أولاد الزهراء(عليها السلام)، تعتني بهم وتشفق عليهم وتهتم بهم أكثر من شفقتها وعنايتها واهتمامها بأولادها الأربعة ، العباس وأخوته(عليهم السلام) .
ولا شك بحسب الروايات ان ام البنين كانت موجودة بعد كربلاء في المدينة المنورة، اي كانت لا تزال على قيد الحيات، وقد وخرجت في استقبال قافلة السبايا والركب الحسيني بعد عودته من رحلة السبي، وهي وان لم تحضر واقعة الطف ولم تكن مع النساء في كربلاء ، إلاّ أنّها واست أهل البيت (عليهم السلام) و ضحَّت من أجل الدفاع عن الإسلام بتقديم أولادها الشباب الأبطال الأربعة فداءً للحسين (عليه السَّلام) ولأهدافه السامي، وعندما وصل الركب الحسيني الى المدينة استقبلته واخبرها بشر باستشهاد اولادها الاربعة.
وهنا في هذا الموقف موقف الام التي تتلقى خبر استشهاد اولادها الاربعة دفعة واحدة ظهرت قوّة إيمانها وولائها لنهج أهل البيت(ع) فهي لم تنهار ولم تصرخ ولم تجزع ولم تولول، بل لم تسأل عن أولادها وكيفية استشهادهم، بل سألت عن الحسين(ع)، عن سيدها وامامها وقائدها، كانت تريد ان تعرف ما الذي حل بالحسين(ع) قبل ان تعرف ما الذي حل باولادها؟!
فقد نعى إليها بشر بن حذلم بعدما وصل المدينة أحد أولادها الأربعة .
فقالت له: أخبرني عن أبي عبد الله الحسين ( عليه السَّلام ) ، فكلَّما كان بشرٌ ينعى إليها أحد أولادها كانت تقول أخبرني عن الحسين (عليه السلام) حتَّى نعى إليها أبا الفضل العباس (عليه السلام) فقالت: يا هذا قطّعت نياط قلبي، أولادي ومَن تحت الخضراء كلّهم فداء لأبي عبد الله الحسين (عليه السَّلام)، فإنّ علاقتها بالحسين(ع) ليس علاقة عاطفية بل علاقة الإمامة والولاية والقيادة ، وان تهوينها على نفسها موت اولادها الأربعة وهم في ريعان الشباب إن سَلِمَ الحسين (عليه السَّلام) يكشف عن مستوى ايماني رفيع.
كانت أم البنين تحب الحسين ( عليه السَّلام ) و تتولاه إلى حدّ كبير يفوق المألوف ، وكانت تفضّله على أبنائها الأربعة كما هو واضح من الرواية اتي ذكرها بشر، وبكت على استشهاده بكاءً شديداً أكثر من بكائها على أولادها ووقفت هذا الموقف البطولي والملفت الذي لا ينمحي من ذاكرة التاريخ أبداً ، هذا الموقف الذي رفع من شأنها و منحها منزلة رفيعة في قلوب المؤمنين، وهذا الموقف تعلم منه امهات الشهداء في المقاومة روح الايثار والعطاء والتضحية والصبر والثبات فكانوا كأم البنين في ذلك كله.
أم البنين كانت واحدة ممن قام بجهاد إعلامي لتخليد ثورة الحسين في وجدان الامة وتخليد ذكرى الشهداء، فكانت تخرج كل يوم إلى مقبرة البقيع و معها عبيد الله ابن ولدها العباس ، فتندب أبناءها الأربعة أشجى ندبة ، فيجتمع الناس إليها فيسمعون بكاءها و ندبتها و يشاركوها العزاء ، و كان مروان بن الحكم على شدّة عداوته لبني هاشم ييأتيجيء فيمَن يأتي ، فلا يزال يسمع ندبتها و يبكي، كما كانت تقيم مجالس العزاء في بيتها فتنوح و تبكي على الحسين ( عليه السَّلام ) و على أبنائها الشهداء الأربعة ، و لم تزل حالتها هذه حتى التحقت بالرفيق الأعلى .
وإظهار البكاء من قبل مروان بن الحكم، قد يكون تصنعا من نوع البكاء الكاذب ، وهذا ليس بعيدا عن شخصية مروان المنافقة ، حيث أنه قد يعمل الشيء وضده ، إذا رأى في ذلك مصلحة له.. فهو على عدائه المعروف لأهل البيت(ع) قد يكون قد اتخذ من البكاء وسيلة للتدليس على الناس من اجل كسب ودهم واظهار انه ليس راضيا عما جرى في كربلاء امام انصار اهل البيت. فحضوره في جبانة البقيع وإظهار شخصه أمام السذج بمظهر المتعاطف هو شيء يعمل به المنافقون من امثاله . فكم وجدنا من السياسيين والزعماء من يقتل القتيل ويمشي في جنازته باكيا!!
ويقال ان السيدة زينب(ع) زارت أم البنين بعد وصولها إلى المدينة لتعزيها بأولادها، كما كانت تزورها أيام العيد . وتعزية زينب (عليها السلام) وزيارتها لأم البنين بعد وصولهم إلى المدينة يشير بوضوح إلى ان ام البنين كانت لا تزال على قيد الحياة إلى ذلك الوقت خلافا لما يقوله بعض المؤرخين عالمقرم صاحب كتاب مقتل الحسين الذي يقول بانه لا نص على وجودها بعد كربلاء؟! فان الروايات التي اشرنا اليها تدل بوضوح على وجودها في المدينة بعد كربلاء.
نعم تُوفيت هذه السيدة الجليلة في الثالث عشر مِن جمادى الآخرة سنة 64 هـجرية في المدينة المنورة و دُفنت بالجانب الغربي من جنة البقيع حيث يتوافد الزائرون لزيارة مرقدها الطاهر.
نعيش هذه الايام ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران ففي شباط 1979 عاد الامام الخميني(قدس سره) من منفاه الى ايران و انهار حكم الشاه محمد رضا بهلوي خلال (عشرة أيام) هي الايام المعروفة ، .وتحقق الانتصار الكامل والمدوي للثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني في 11 شباط .1979
انتصارالثورةالاسلامية في ايرانقلب الموازين وغير المعادلات، واحدث تغييرا في العالم، وصنع تحولا هائلا في ايران، فخلال واحد واربعين سنة وبالرغم من الحصار والعقوبات والتحديات والضغوط المختلفة التي واجهتها ايران منذ انتصار الثورة والى اليوم، استطاعت ان تتقدم على الصعيد السياسي والعلمي والتكنولوجي وعلى صعيد الطب والدواء والصناعة والزراعة والدفاع وفي المجالات العسكرية وغيرها، وصنعت تحولا معنويا كبيرا على الصعيد الديني والروحي والاسلامي ومنظومة القيم وعلى الصعيد الثقافي والأخلاقي والسلوكي والمعنوي.
فهذه الثورة قبل ان تصنع تحولات على الصعد المادية صنعت تحولات على الصعد المعنوية والروحية حيث إنها أحيت الدين على حد تعبير الامام الخميني ودفعت الشعب الإيراني وغيره من الشعوب للعودة الى الدين والالتزام بقيمه وأخلاقه وتعاليمه . والكثير من الشعوب التي عادت للالتزام الديني مدينة لروح هذا الامام العظيم.
اما في لبنان فان المطلوب بعد انجاز البيان الوزار ان تبدأ الحكومة بوضع الخطط اللازمة للاصلاح ومعالجة الازمات وان تبادر بعد نيل الثقة الى اجراءات عملية عاجلة لكسب ثقة الناس فالوقت هو للعمل وليس للكلام وهي امام استحقاقات مالية صعبة تتطلب ابتكار حلول عاجلة يتعاون فيها الجميع ولا تؤدي الى ارتهان البلد او تحميل الناس المزيد من الاعباء كما ان على الحكومة إيجاد الحلول السريعة لوقف إذلال الناس امام المصارف وحماية حقوق المودعين وعلى المصارف وأصحابها تحمل المسؤولية القانونية المترتبة جراء تعريض أرزاق الناس واموالهم للخطر.
المصدر: موقع المنار