ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 30-01-2020 في بيروت على المواقف الرافضة عبرت عنها القوى السياسيّة والحراك الشعبي على ضفاف الموالاة والمعارضة..
الأخبار
لبنان يرفض صفقة القرن
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “بعد الإعلان الأميركي عن تفاصيل «صفقة القرن»، جاء الرد الرسمي اللبناني موحّداً ورافضاً لها. بينما لا تزال البلاد غارقة في أسوأ أزمة اقتصادية ــــ مالية ــــ نقدية، في ظل الخشية من ربط المساعدات الدولية وإنقاذ لبنان بشرط القبول بالصفقة.
لم يتأخّر لبنان الرسمي في تحديد موقفه من «صفقة القرن»، وهو الذي لا تنقُصه أزمة فوق أزماته المُتعدّدة سياسياً ومالياً ونقدياً واقتصادياً واجتماعياً، وخاصةً أن الإعلان رسمياً عن هذه الصفقة أكّد بأن لبنان واحد مِن البلدان المُستهدفة، وفي قلب هذا الحدث، ليس بسبب الموقف المبدئي من القضية الفلسطينة وحسب، بل نظراً أيضاً إلى ما يحمله هذا المشروع من مخاطر على الواقع اللبناني، إضافة الى العامل الفلسطيني المتمثّل باللاجئين. صحيح أن ما تضمّنه الإعلان ــــ وخاصة في الشقّ اللبناني ــــ لم يكُن مفاجئاً، غيرَ أنه لا بدّ وأن يفرض على لبنان إعادة ترتيت الأولويات، إذ ليسَ مُصادفة تزامنه مع معاناة الاقتصاد، والعجز الكبير في الميزانية وتراجع تدفق الأموال من الخارج، والعقوبات الأميركية، والأزمة النقدية التي ظهرت على شكل تغيّر في سعر الصرف بعد 21 عاماً على ثباته، وانعكاسه على كلفة المعيشة، وغيرها من الإشكالات التي يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تريد القول إن حلّها صار مرهوناً بالضوء الأخضر اللبناني لمتطلبات الصفقة، مقابل ستّة مليارات دولار ومشاريع استثمار وفق ما كشفته الخطّة، ما يطرح مخاوف من ضغوط إضافية يتعرّض لها لبنان للقبول. أمس، سارعت الرئاسات الثلاث الى إطلاق بيانات تعبّر عن الموقف الرسمي الرافض للصفقة، إذ اتصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بنظيره الفلسطيني محمود عباس، معرباً عن «تضامن لبنان رئيساً وشعباً مع الفلسطينيين في مواجهة التطورات التي نشأت عما بات يعرف بصفقة القرن». وأكد عون أن «لبنان متمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرت في قمة بيروت عام 2002، وخصوصاً لجهة حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس». من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي تلقّى اتصالاً من رئيس مجلس الشورى الإيراني الدكتور علي لاريجاني، تناولا فيه الموقف من صفقة القرن والمؤامرة على فلسطين، أن «صفقة القرن تجهض آخر ما تبقى من الحلم الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهي رشوة لبيع الحقوق والسيادة والكرامة والأرض العربية الفلسطينية بمال عربي». وأكد في بيان صادِر عن مكتبه الإعلامي أن «لبنان واللبنانيين لن يكونوا شهود زور في حفلة الإعدام الجديدة للشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة، وفي مقدمها حق العودة، ولن يقبل تحت أي ظرف أن يكون شريكاً ببيع أو مقايضة أي من هذه الحقوق بثلاثين من الفضة». بينما اكتفى رئيس الحكومة حسّان دياب بتغريدة له على «تويتر» كاتباً: «ستبقى القدس هي البوصلة وستبقى فلسطين هي القضية».
بدوره، أكد وزير الخارجية ناصيف حتّي أن الموقف اللبناني من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط يستند إلى القمة العربية عام 2002 ويدعو إلى تحقيق سلام عادل بقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وقال حتّي لـ«سكاي نيوز»: «سنبحث في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة السبت المقبل سبل إحياء نتائج قمة 2002 العربية». وأضاف: «لن تنجح أي محاولة لتحقيق سلام جزئي لا يضمن قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية»، لافتاً إلى أن «لا أحد يتخلى عن الهوية الوطنية مقابل إغراءات مادية». من جانبه، اعتبر رئيس الحكومة السابق سليم الحص أن «ما أقدم عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب «مشهد مهين للشرعية الدولية».
وشدد في تصريح له، على أن ترامب «ضرب عرض الحائط بقرارات الأمم المتحدة، معلناً عما يسمى بصفقة القرن للسلام بين الفلسطينيين والعدو الإسرائيلي وكأن السلام بحاجة إلى صفقة». وفيما أكد أن «بعض العرب خذلنا بحضور ذاك الإعلان عن الصفقة المقيتة»، نتوجّه إلى الفلسطينيين بالقول «اجعلوا من الدماء التي سالت لأجل فلسطين ومن أرواح الشهداء التي قدمت فداء لها مشعلاً يضيء درب انتفاضة مجيدة ضد العدو الإسرائيلي». وإلى الشعوب العربية قال «إن ضاعت القدس ضاعت كل فلسطين، وإن ضاعت فلسطين ضاعت الأمة العربية وضاع معها تاريخها وعزتها وكرامتها». هذه التطورات تأتي على إيقاع البيان الوزاري الذي لا يزال قيد البحث في اللجنة الوزارية، التي قالت مصادرها أنه «يحتاج الى المزيد من النقاش، ومن المفترض أن يكون جاهزاً نهاية الأسبوع». وفيما يتحفظّ الوزراء عن الحديث في تفاصيل البيان، أكد أكثر من مصدر وزاري أن الشق السياسي سيكون نسخة مكررة عن البيان الماضي، فيما التعديلات تطاول الشق الاقتصادي الذي «سيتضمن جزءاً من الخطة الاقتصادية للحكومة السابقة، وخطة ماكينزي، مع وضع خطط للوزارات محددة بمئة يوم». وهذا البحث ترافق أمس مع ورشة عمل اقتصادية ــــ مالية أطلقها رئيس الحكومة، شملت لقاءات مع الوزراء المختصين بحضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف، قبل عقد اجتماع مع وفد من البنك الدولي. وقد استهلّها دياب بتأكيده «أن الوضع لا يحتمل نظريات وتجارب، ولذلك يجب أن تكون لدينا رؤية علمية وواقعية»، موضحاً أن هذا الواقع دفعه إلى طلب «إعداد خطة بهدف استعادة الحدّ الأدنى من الثقة التي هي حجر الزاوية في معالجة الأزمة، معتبراً أن «الصورة السوداوية التي نسمعها غير صحيحة أو غير دقيقة»!
اللواء
ورشة التمويل: 5 مليارات دولار لـ«تهدئة الازمة»!
لبنان ينحاز لفلسطين ضد «الصفقة».. والحراك يطالب سويسرا باسترداد الاموال
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “لم تكن تداعيات صفقة القرن في اليوم التالي لاعلانها من البيت الابيض، أقل حضوراً من الإرادة المستجدة عند الطبقة السياسية و«حكومة الاخصائيين» للخروج من ورطة تلاحق الازمات المالية والنقدية، وسط حصار قد يكون مرشحاً للتفاقم، مع احتدام دورات المواجهة في الشرق الاوسط، المعاد تشكيله على إيقاع تمزيق خارطة فلسطين إرباً إرباً، لضمان كيانية دولة إسرائيل المتوسعة بالهوية اليهودية المدموغة بالبصمة الاميركية – البريطانية المعادية.
ومع المعلومات التي ترجح إنجاز البيان الوزاري في غضون الايام القليلة المقبلة، واقراره في جلسة فورية لمجلس الوزراء، تمّ احالته على وجه السرعة إلى مجلس النواب لتحديد جلسة خاطفة لمناقشته واقراره، كان الرؤساء الثلاثة، يبحثون عن «منشطات معنوية» لاحتواء الازمة، التي تعكس «صورة سوداوية» لم يرَ فيها الرئيس حسان دياب، لا صحة ولا دقة، لكنه اعترف ان الحلول ليست سهلة، فيما ذهب رئيس المجلس إلى إبلاغ النواب «المداومين» في لقاء الاربعاء ان «عملية الانقاذ غير مستحيلة»، مانحاً الحكومة فرصة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر.. في وقت ذهب فيه رئيس الجمهورية إلى ان هناك في الافق، «خطوات إصلاحية قد تتضمن إجراءات صعبة أو قاسية، لكنها ستساعد على النهوض الاقتصادي (معلومات «اللواء»).
وفي نقاشات السراي بين عناصر النظام النقدي والمالي: وزارة المال، حاكم المركزي، جمعية المصارف، الصرافين، وتحت مرأى البنك الدولي ومسمعه ان المهم الآن كيفية تأمين خمسة مليارات دولار أميركي لـ«تهدئة الازمة» والانصراف إلى المعالجات المطلوبة، من زاوية القدرة على موازنة عملية، واقعية، ووفرة بسيولة لاستعادة الثقة والاسواق الدولية والثقة بالاسواق الداخلية، فضلاً عن الحفاظ على أموال المودعين.
«صفقة القرن»
في هذا الوقت، بقي لبنان تحت وطأة تداعيات صفقة القرن، على اعتبار انه المعني بنصف مليون فلسطيني على أرضه يترقبون حق العودة، بما تعني معنوياً لهم وفعلياً للبنان الذي ينوء تحت اثقال نزوح جيرانه إليه، وأدت المشاورات التي جرت بين كبار المسؤولين، إلى توافق على ان وزير الخارجية ناصيف حتي سيسجل الموقف الرسمي خلال مشاركته السبت المقبل في مؤتمر وزراء خارجية الدول العربية الذي سيعقد في القاهرة بدعوة من الجامعة العربية، ويوم الاثنين في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي يعقد في جدّة في المملكة العربية السعودية للبحث في تفاصيل الصفقة وانعكاساتها.
وأوضحت مصادر دبلوماسية رسمية لـ«اللواء» ان لبنان الذي واجه صفقة القرن بالموقف منذ بداية الحديث عنها وفي كل المحافل والمنتديات، سواء في الامم المتحدة او الجامعة العربية او المؤتمرات الاخرى الاوروبية والاسلامية، سيعيد التذكير بثوابته الرافضة لتضييع حق العودة ولتوطين الفلسطينيين على ارضه أو في دول الشتات والانتشار، ويؤكد التمسك بمقررات الشرعية الدولية وبقرارات إعلان بيروت التي صدرت في قمة بيروت العربية عام 2002.
وقالت المصادر: ان لبنان ابلغ مواقفه هذه للاميركيين ولغير الاميركيين، «وان عملية السلام في الشرق الاوسط لايمكن حلها بسمسرة عقارات او بحوافزمالية، وان حقوق الشعوب لا تُشترى بالمال»، ولكن المصادر أكدت ان المواجهة لهذا المشروع لن تكون بمواجهة مباشرة ميدانية ولاعسكرية مع الاميركي، «فنحن لن نحارب اميركا ولا هي بصدد شن حرب في الشرق الاوسط من اجل تمرير الصفقة المرفوضة كرمى لعيون اسرائيل».
وإضافة الى ذلك، تقول مصادر سياسية متابعة للموضوع منذ بدء البحث فيه، انه طالما الفلسطيني رافض للصفقة ما من قوة يمكنها ان تمررها، وطالما لبنان رافض للتوطين ما من قوة قادرة على فرضه عليه. والمفيد في هذا المجال، ان الموقف الرسمي من التوطين هو ذاته موقف كل القوى السياسية اللبنانية على اختلافها، بين يمين ويسار ووسط وقوميين وعروبيين وهيئات.
ولوحظ في هذا السياق، ان الحراك الشعبي تضامن مع المخيمات الفلسطينية التي انتفضت ضد الصفقة، بسلسلة تحركات احتجاجية في بيروت وصيدا وطرابلس، حيث رفع المحتجون الإعلام الفلسطينية، مع علم فلسطين كبير في ساحة الشهداء، تنديداً لـ«صفقة القرن»، ورددوا هتافات رافضة لها، مؤكدين ان القدس ستبقى عاصمة لدولة فلسطين، واضاء المحتجون في ساحة ايليا في صيدا الشعلة في رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني. وكانت المسيرات الرافضة للصفقة قد عمت مختلف المناطق اللبنانية، مروراً بالمخيمات التي نفذت اضراباً شاملاً.
وسجل رسمياً اتصال اجراه الرئيس ميشال عون بنظيره الفلسطيني محمود عباس، معرباً عن تضامن لبنان رئيساً وشعباً مع الفلسطينيين في مواجهة التطورات التي نشأت عمّا بات يعرف «صفقة القرن»، وأكد لعباس ان «لبنان متمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرّت في قمّة بيروت عام 2002»، خصوصاً لجهة حق العودة للفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.
اما الرئيس نبيه برّي فقد اعتبر في بيان ان «صفقة القرن تجهض آخر ما تبقى من الحلم الفلسطيني، بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهي رشوة لبيع الحقوق والسيادة والكرامة والارض العربية الفلسطينية بمال عربي، في حين غرد رئيس الحكومة حسان دياب على «تويتر» كاتباً: «ستبقى القدس هي البوصلة وستبقى فلسطين هي القضية». (راجع ص 4-5)
«ورشة» السراي
إلى ذلك، أوضحت مصادر السراي الحكومي ان «الورشة الاقتصادية – المالية، التي انعقدت في السراي على مدى نهار كامل، كانت تهدف بشكل أساسي إلى تبادل الآراء والمقترحات ووجهات النظر من أجل الوصول إلى «رؤية انقاذ» مشتركة بين جميع الاطراف للخروج من الازمة الراهنة وإيجاد الحلول المرجوة لها بأسرع وقت ممكن». وكشفت ان الرئيس حسان دياب كان مستمعاً للعروض المفصلة التي قدمت خلال الورشة، سواء من جمعية المصارف أو من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أم من وفد البنك الدولي، إضافة إلى وزراء المال: غازي وزني والاقتصاد راوول نعمة والتنمية الإدارية دميانوس قطار، أو الصناعة عماد حب الله، بتمعن ودقة من أجل الانطلاق بخطة العمل الاقتصادية والمالية فور نيل حكومته ثقة المجلس النيابي.
ولفتت المصادر إلى ان كافة الاقتراحات والدراسات ووجهات النظر لكافة القطاعات المالية والمصرفية التي تمّ الاستماع لها سيتم دراستها وتقاطعها بين بعضها البعض للوصول إلى ورقة إصلاحية واقعية ومنطقية لتضمينها البيان الوزاري، الذي يؤمل الانتهاء من صياغته نهاية الاسبوع الحالي.
وأشارت المصدر إلى ان الجميع يعلم ان وضعنا ليس بخير وهو يمر بحالة استثنائية ولكنه في نفس الوقت، غير مأساوي للدرجة التي تشاع في بعض الاوساط الرسمية والشعبية، ولم تستبعد ان يشهد سعر صرف الدولار هبوطاً غير متوقع بأي لحظة في حال تمّ اتخاذ الإجراءات المنوي اتخاذها من قبل الحكومة فور انطلاق عملها، مثلما ارتفع سعر الدولار بشكل كبير من دون سابق إنذار.
وكان الرئيس دياب استهل الورشة بالاشارة الى ان هدفها «وضع اليد على الجرح أو الجروح المالية والاقتصادية»، مشدداً على ان «هذه الورشة هي جزء مكمل لصوغ البيان الوزاري، لأن هذا الجانب يجب ان يكون هو الاساس في البيان، بل في الجزء الطاغي، لافتاً إلى ان «الوضع لا يحتمل نظريات وتجارب، لذلك يجب ان تكون لدينا رؤية علمية وواقعية».
وأوضح ان الانطباعات الاولى التي سمعها من مختلف الاطراف، من حاكم البنك المركزي ومن رئيس جمعية المصارف سليم صفير وغيرهما توحي بأن الافق غير مقفل على المخارج، وان الصورة غير سوداوية، لكن هذا لا يعني ان الحلول سهلة، لكن الانطباعات الموجودة في البلد أدّت إلى فقدان الثقة بالدولة ومصرف لبنان وكل القطاع المصرفي. وقال انه «لذلك طلب اعداد خطة بالتعاون بين الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف بهدف استعادة الحد الادنى من الثقة التي هي حجر الزاوية في معالجة الازمة».
ومن ناحيتها، جزمت مصادر السراي ان لجنة صياغة البيان الوزاري التي ارجأت اجتماعها الذي كان مقرراً أمس إلى اليوم، لم تتطرق بعد إلى الشق السياسي، وهي تنكب على المواضيع المالية والاقتصادية التي تشكّل أولوية لدى الحكومة، ولفتت إلى ان «رئيس الحكومة تعامل مع مشروع الموازنة كأمر واقع لأنه لم تكن لديه خيارات أخرى في ظل حكومة لم تنل بعد ثقة المجلس النيابي، كاشفة عن إمكانية كبيرة لتعديل بعض بنود هذه الموازنة بعد جلسة الثقة من خلال إرسال مشاريع قوانين في حال ارتأت ذلك».
وعلى الخط ذاته، اعتبر الرئيس نبيه برّي خلال لقاء الاربعاء النيابي، انه «بعد إقرار الموازنة سيستكمل الإطار المؤسساتي مساره عبر مثول الحكومة امام مجلس النواب لنيل الثقة»، مؤكداً «حرص وجدية ودور وتعاون المجلس النيابي تشريعاً ورقابة ومحاسبة ومساءلة لحسن سير تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية»، مشدداً على ان «التأثير الوحيد عليها سيكون مصلحة الوطن والمواطن».
ورأى برّي ان «عملية الانقاذ ليست مستحيلة وليست ايضاً في منتهى الصعوبة»، مشيراً إلى انه «امام الحكومة فرصة من 3 أو 4 أشهر بعد نيلها الثقة، شرط الابتعاد عن النزاعات والتوترات، خصوصاً وان لبنان لا يمكن ان يتقدّم من خلال الممارسة الطائفية بل من خلال المحافظة على المؤسسات».
غير ان الجرعات التفاؤلية التي حاول كل من الرئيسين برّي ودياب ضخها، أمس، خالفها الرئيس عون خلال استقباله وفداً من الرابطة المارونية، حيث كشف بأن الإجراءات التي ستتخذ على صعيد الازمة الاقتصادية والمالية ستكون قاسية وربما موجعة، الامر الذي يتطلب تفهم المواطنين، ووصف الازمة الراهنة بأنها الاخطر حيث لا الإنتاج ولا المال متوفران بعد اعتماد لبنان لسنوات خلت على الاقتصاد الريعي.
وشدّد على انه سيتحمل المسؤولية من موقعه، وهناك إجراءات مالية واصلاحات بنيوية ستتم كما ستتم معالجة الإهمال الذي تعاني منه المؤسسات ولا سيما المختلطة منها، حيث الكثير من التجاوزات فضلاً عن المصالح التي سيتم وضعها تحت الرقابة المالية.
ولاحقاً، افيد ان ما اشار اليه الرئيس عون امام وفد الرابطة المارونية بشأن الاصلاحات والاجراءات البنيوية ورد في الورقة الاصلاحية وتلك التي تدرسها الحكومة الجديدة في بيانها الوزاري، وهناك قسم ورد في الموازنة وهناك ما قد يتخذ في المستقبل ضمن الخطة المعمولة للنهوض الاقتصادي لمواجهة التحديات الناجمة عن الوضع الاقتصادي والمالي الصعب.
وعلمت «اللواء» ان ما من شيء محدد بعد قبل ان تقره الحكومة لكن هناك خطوات إصلاحية قد تتضمن اجراءات صعبة او قاسية لكنها ستساعد على النهوض الاقتصادي.
الحراك ينشط
وفيما أكّد الرئيس عون امام الوفد نفسه بأنه «لن يسمح بعد اليوم بأي تخريب للاملاك العامة أو الخاصة، وسيعمل كل من الجيش والقوى الامنية على المحافظة على الاستقرار، خاصة بعدما اخذنا مطالب المتظاهرين على عاتقنا»، أفيد عن تجمعات سجلت أمس لعدد من المتظاهرين امام مدخل وزارة الداخلية في الصنايع احتجاجاً على محاولات القوى الامنية فتح الطرقات في ساحة الشهداء، بالإضافة إلى محاولة إزالة خيم الاعتصام، مؤكدين بقاءهم في الساحة، طالما الانتفاضة قائمة.
كذلك، افيد ان عدداً من المتظاهرين بدأ قرابة التاسعة ليلاً بالتجمع على جسر «الرينغ» احتجاجاً على توقيف الناشط ربيع الزين ونشطاء آخرين في الحراك، وتأكيداً على استمرار الحراك ورفضاً للتعرض للحريات.
وتزامن هذا التجمع مع قطع المسلك الغربي لاوتوستراد جبيل لبعض الوقت رفضاً لتوقيف الزين، على خلفية إحراق الصرّاف الآلي لبنك الاعتماد في الذوق ورمي قنبلة مولوتوف على مكتب «التيار الوطني الحر» في جونية، حيث سبق وأوقف في القضية ذاتها كل من جورج القزي ومحمّد سرور منذ أكثر من أسبوع.
وفيما نقل الزين مساء أمس إلى نظارة سجن رومية وسيبقى هناك حتى يوم غد الجمعة ليمثل امام القضاء في بعبدا، اعتصم ايضا عدد من المتظاهرين امام سراي طرابلس رفضاً للتوقيف بموجب مذكرة توقيف وجاهية، وطالب هؤلاء باخلاء سبيله فوراً، بعدما كانوا قطعوا الطريق في محلة البحصاص.
وخارج هذه القضية، نفذت مجموعة من المحتجين اعتصاماً امام مبنى السفارة السويسرية بالقرب من جسر «الرينغ» لمطالبة الدولة السويسرية باجراء تحقيقات شفافة لكشف الاموال المنهوبة وتجميد أموال سياسيين لبنانيين متهمين بتهريب اموالهم إلى سويسرا بعد 17 تشرين الاوّل الماضي. وأكّد المحتجون ان تلك الاموال المنهوبة هي ملك الشعب اللبناني ولا بدّ من استعادتها، وانه لن يتم السكوت عنها.
يُشار في هذا السياق، إلى ان رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود كشف عن حصول اللجنة على كامل المعلومات حول الاموال المحولة من لبنان إلى الخارج واسماء أصحابها، وان اللجنة تعد كتاباً لرفعه إلى النائب العام التمييزي غسّان عويدات لمتابعة الملف قضائياً. وأوضح حمود الذي شارك إلى جانب سلامة في حضور الورشة الاقتصادية في السراي، ان المجتمعين توافقوا على «وضع تسهيلات مصرفية كبيرة للحصول على الدولار الاميركي كما على الليرة، وكذلك على تسهيل التحويلات إلى الخارج، ولا نقول بطريقة مفتوحة وإنما بارتياح، إذ ان هدفنا الذهاب أبعد في اتجاه تخفيف حدة الخوف والازمة لدى الناس».
البناء
هجمات يمنيّة نوعيّة… الجيش السوريّ إلى سراقب… ترامب يبدأ تخفيض القوّات في العراق
فلسطين تستعدّ للمواجهة… ولبنان يتوحّد ضد الصفقة… وحردان: ما بعدها ليس كما قبلها
دياب لخطة وطنيّة ماليّة: الصورة ليستْ سوداويّة ونعمل لاستعادة الثقة بالنظام المصرفيّ
صحيفة البناء كتبت تقول “بينما يستعدّ العراق لحسم اسم رئيس الحكومة المقبلة خلال ساعات، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريح بدا في ظاهره موجهاً لمجلس النواب الذي يستعدّ لتشريع يحدّ من سلطة الرئيس على اتخاذ قرارت عسكرية، فقال إن العديد الأميركي في العراق انخفض بصورة ملحوظة خلال الأيام السابقة، وبلغ 5000 جنديّ بعدما كان 5800 جندي وإن العدد سينخفض أكثر كل يوم، وهو ما تمّت قراءته على خلفية المطالبة الشعبية المليونية والسياسية الحكومية بالانسحاب الأميركي من العراق، وفي ضوء أحداث أمنية كبرى تعني الكثير للأميركيين ويمتنعون عن التحدّث عنها، رغم أن بينها ما يخصّهم، ليبدو كلام ترامب تمهيدياً للانسحاب، فواشنطن لم تتحدث عن الطائرة العسكرية التي أسقطت في أفغانستان، والتي أجمعت مصادر مختلفة على كونها تحمل عدداً من ضباط الاستخبارات قتلوا جميعاً، وقالت تقارير روسية وإيرانية إن بين القتلى مايك داندريا قاتل القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس، وبقيت واشنطن صامتة، ولا تتحدّث إلا عن أرقام جديدة لمصابين بارتجاجات دماغيّة جراء ضربة قاعدة عين الأسد، ويذهب بعض المحللين الأميركيين للقول إن رؤوس الصواريخ كانت محمّلة بالمواعد المشعّة في استعراض قوة تقنيّة منسوب لإيران من خلال الضربة، وواشنطن المعنية أيضاً بما يدور في المنطقة، معنيّة بالهجمات النوعية التي شنها انصار الله واستهدفت مجمّع آرامكو وقواعد عسكرية ومطارات سعودية، وهي معنية بسقوط طائرة أميركية في العراق على متنها أربعة جنود، ومعنيّة بالتقدم السوري السريع في الشمال السوري واقترابه من مدينة سراقب بعدما دخل منتصراً إلى معرة النعمان، وكأن جواب واشنطن على كل ذلك هو بكلام ترامب عن أن الوجهة الضمنيّة هي الانسحاب، كدعوة لتهدئة الهجمات، بينما جاء إعلانه عن صفقة القرن ليشعل الغضب الشعبيّ على إدارته وسياساته وقواته، ويربط الدعوة لإخراج القوات الأميركية بالدفاع عن حق الشعب الفلسطيني بعدما قرّرت واشنطن التماهي العلني مع تل أبيب في تشريع اغتصاب الأرض والحقوق والمقدسات.
في فلسطين استعداد فصائل المقاومة لجولة تصعيد من غزة، قالت مصادر في المقاومة إن إطلاق الصواريخ على المغتصبات المحيطة بغزة ليس إلا بدايته، وأضافت أن تحضير عمليات نوعيّة لفصائل المقاومة في داخل الأراضي المحتلة لا يغيب عن المقاومة في توقيته المناسب، لكن الأولويّة هي لاستعادة زخم الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة العام 48، وأن التشاور بين الفصائل المقاومة وحركة فتح بدأ وهو مستمرّ لتنسيق الخطوات السياسية والميدانيّة. وتوقعت المصادر أن تشتعل الأراضي الفلسطينية بأشكال متعدّدة من الردود على صفقة القرن وصولاً لملاقاة يوم الأرض في الثلاثين من شهر آذار المقبل.
في لبنان المعنيّ بالمواجهة مع صفقة القرن سواء من باب الالتزام بالقضية الفلسطينية أو من باب رفض التوطين والتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، أو التصدّي لمشاريع تطل برأسها لمقايضة المساعدات المالية بترسيم الحدود البحرية وثروات الغاز والنفط وفق المصالح الإسرائيلية، شهد تصاعداً في المواقف الرافضة عبرت عنها القوى السياسيّة والحراك الشعبي على ضفاف الموالاة والمعارضة، ودعا رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان لمواجهة المشروع الأميركي الإسرائيلي كمشروع حرب وجوديّة، قائلاً إن ما بعد صفقة القرن ليس كما قبلها.
على المسار الحكومي تتواصل الاجتماعات المكثفة لوضع البيان الوزاري، الذي يتركز كما قالت مصادر متابعة على استخلاص عناوين خطة وطنية مالية لا تهمل فرص الحصول على مساعدات خارجية، لكنها لا تتجمّد بانتظارها، ويسعى رئيس الحكومة حسان دياب لامتلاك أجوبة يجمع عليها الخبراء كحلول ومخارج من الأزمة سواء على المستوى القصير المدى أو المستوى الطويل المدى. ولهذه الغاية ترأس دياب اجتماعات متعددة متخصّصة بالشأن المالي والمصرفي، برز خلالها أن جوهر الأزمة يقوم على تراجع الثقة بالنظام المصرفي، سواء إدارة مصرف لبنان أو أداء المصارف التجاريّة، أو العلاقة بين المصرف المركزي وجمعية المصارف، والتجاذب بينهما، وانعكاس ذلك على القرارات والإجراءات التي يفترض أن تتناغم لتصنع الثقة. وقالت المصادر إن دياب قال كلاماً صريحاً للفريقين بأن لبنان واللبنانيين ليس لديهم ترف الاهتمام بمن يثبت منهما صواب رؤيته بينما البلد ينهار. وقالت المصادر إن ثمة عناوين لإجراءات بدأت تتبلور كعناوين للخطة المالية، تحت عنوان استعادة الثقة، وهو ما حاول دياب الإشارة إليه بكلمته أمام حضور الاجتماع المالي أمس، وتأكيده أن الصورة ليست سوداويّة.
واتصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بنظيره الفلسطيني محمود عباس، معرباً عن “تضامن لبنان رئيساً وشعباً مع الفلسطينيين في مواجهة التطورات التي نشأت عما بات يُعرَف بـ”صفقة القرن”. وأكد لعباس أن “لبنان متمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرّت في قمة بيروت عام 2002، خصوصاً لجهة حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس”.
من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان، “أن “صفقة القرن” تُجهِض آخر ما تبقى من الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهي رشوة لبيع الحقوق والسيادة والكرامة والأرض العربية الفلسطينية بمالٍ عربي. كما نقل زوار الرئيس بري عنه قوله: إن “صفقة القرن” هي أشبه بـ “وعد بلفور” رقم 2، حيث تساهم بلدان عدة ومن بينها دول عربية في هذه المؤامرة التي تستهدف الفلسطينيين وحقوقهم في أرضهم وممتلكاتهم.
وأوضح بري أن “لا سبيل أمام الفلسطينيين إلاّ متابعة خيار المقاومة ورفض هذه الصفقة، التي تقضي على آخر أحلامهم في استعادة أرضهم وتحريرها من المحتل الإسرائيلي”. اما رئيس الحكومة حسان دياب فغرّد عبر “تويتر كاتباً”: “ستبقى القدس هي البوصلة وستبقى فلسطين هي القضية”.
وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أن صفقة القرن “ما هي إلا خطة حرب وجوديّة لاقتلاع شعبنا من أرضه وجذوره، ولتجهيل هويته التاريخية، وطمس حقوقه، وهذا يؤكد أنّ الولايات المتحدة الأميركية، وبعدما سقطت نهائياً من عالم الإنسانية، تعمل على إحلال شريعة الغاب محلّ المواثيق والقوانين الدولية”. وأضاف حردان أن “ما بعد صفقة القرن ليس كما قبلها، فقد ثبت ما كنّا نؤكده دائماً، بأنّ هناك مشروعاً “إسرائيلياً” أميركياً واحداً، يستهدفنا في أرضنا وحقنا، وخطره لا يقتصر على فلسطين بل يطال الأمة بأسرها، وهو ما نشهده من خلال الحرب الإرهابيّة العدوانيّة التي تستهدف سورية والعراق والتي تقودها الولايات المتحدة و”إسرائيل”، سواء عبر أدواتهما وأذرعهما أو بصورة مباشرة”.
ولفت إلى “أنّ ما تقدّم حول خطورة المشروع الصهيوني الأميركي الذي يتجسّد بالصفقة المشؤومة، يُحتّم على أبناء شعبنا في فلسطين والأمة، الالتفاف حول قوى المقاومة، ودعم خياراتها ونهجها في مقاومة الاحتلال والعدوان والإرهاب، لأنّ المقاومة وحدها هي السبيل الوحيد للتحرير والعودة وتقرير المصير”.
في غضون ذلك، رأس الرئيس دياب الورشة المالية – الاقتصادية في السراي الحكومي، بحضور وزراء المال غازي وزني، وعدد من الوزراء والمسؤولين الماليين، وأكد في افتتاحها “ان الوضع لا يحتمل نظريات وتجارب، لذلك يجب أن تكون لدينا رؤية علمية وواقعية”، داعياً الى “إعداد خطة، بالتعاون بين الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف، بهدف استعادة الحد الأدنى من الثقة التي هي حجر الزاوية في معالجة الأزمة، خصوصاً أن الأرقام التي اطلعت عليها هي أرقام أستطيع القول إنها تسمح بهامش واسع من المعالجات الجدية التي تساعد على تبريد حرارة الأزمة، تمهيداً لإطفائها”، معتبراً أن “الصورة السوداوية التي نسمعها غير صحيحة أو غير دقيقة”.
وقدّم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال الاجتماع، عرضاً للواقع المالي في البلاد، مشيراً إلى أن “الوضع ليس سوداويّاً بل هناك بعض الإيجابيات”. في حين كشف رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، عن “اتفاق المجتمعين على وضع تسهيلات مصرفية كبيرة للحصول على الدولار الأميركي كما على الليرة اللبنانية”، وقال “توافقنا على تسهيل التحويلات إلى الخارج، لا نقول بطريقة مفتوحة إنما بارتياح. فهدفنا الذهاب أبعد في اتجاه تخفيف حدّة الخوف والأزمة لدى الناس”.
وأبدت مصادر مطلعة لـ”البناء” ارتياحها لـ”أداء الحكومة حتى الآن وعملها الدؤوب لوضع خطط عملية وعلمية لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمالية، ملاحظة حماسة دولية لبعض الغرب لا سيما الأوروبي وغياب أي مواقف سلبية من الولايات المتحدة والعربية، موضحة أن واشنطن أيقنت بأن مشروعها في نشر الفراغ السياسي والفوضى الأمنية في لبنان قد فشل، ففضلت حكومة “تسووية” لحفظ مصالحها بدل حكومة مواجهة تكون معادية لها”.
وبحسب معلومات «البناء» فهناك جدية حكومية بالتعامل مع الواقع الاقتصادي وسط الأجواء الإيجابية التي تحدّث بها المسؤولون الاوروبيون الذين زاروا رئيس الحكومة»، وعلمت «البناء» أن «وزير المال غازي وزني نقل لرئيس الجمهورية أجواءً ايجابية من المسؤولين الدوليين مضمونها نية جدية لمساعدة لبنان». وكان لافتاً كلام رئيس الجمهورية خلال استقباله وفداً من الرابطة المارونية، عن إجراءت اقتصادية ومالية موجعة تنتظر المواطنين.
المصدر: صحف