رأى عضو كتلة الوفاء للمقاوم” النائب حسن فضل الله، خلال لقاء سياسي أقامه حزب الله في حسينية بلدة طورا الجنوبية، أن “لبنان دخل في مرحلة جديدة بعد الجريمة الأميركية الأخيرة في العراق، عنوانها إخراج القوات العسكرية الأميركية من منطقتنا، لأن وجود هذه القوات تحول إلى احتلال وهيمنة وتسلط وسيطرة على مقدرات بلادنا، والجميع استمع إلى تصريحات الرئيس الأميركي، فمجرد أن صوت مجلس النواب العراقي على انسحاب القوات الأميركية من العراق، هددهم ترامب بفرض عقوبات أو بدفع الأموال، لأن الإدارة الأميركية تضع شعوبنا بين خيارين، إما الخضوع والاستسلام أو العقوبات والحروب، وعندما تخضع الشعوب وتستلم، تأخذ الإدارة الأميركية كل الثروات، ورأينا كيف حصلت على الأموال والثروات ومقدرات الدول التي خضعت، وعندما تواجه هذه الشعوب تحمي ثرواتها ومستقبلها وكرامتها”.
وقال: “عندما نواجه السياسات الأميركية ونتصدى لها، تكون الأثمان أقل بكثير، والنتائج أعظم بكثير، والدليل تجربتنا نحن في لبنان في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والسيطرة الأميركية، وكذلك تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران ضد العقوبات الأميركية على مدى 41 عاما، وتجربة سوريا، واليوم إن شاء الله تجربة العراق، وعليه، من يواجه ويتصدى، يحمي نفسه ومستقبل أولاده وثرواته وكرامته، ويعيش بعزة وعنفوان. وإذا نظرنا إلى إيران على سبيل المثال، نرى أن لا يوجد أي دولة على الأقل في منطقتنا تعيش أكثر عزة ومنعة وقوة وكرامة منها، رغم كل ما واجهته”.
أضاف: “في لبنان شعب يعاني من السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة ضد بلدنا وتصيب كل بيت ومواطن. بالنسبة إلى الوضع المالي، واحدة من الأسباب التي أوصلت لبنان إلى أن يعاني من فقدان سيولة وارتفاع غير منطقي وغير مبرر لسعر الدولار، وارتفاع الأسعار بشكل غير خاضع لأي معايير أو مقاييس، هي الضغوط والعقوبات التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية على لبنان، بالرغم من وجود بعض الأسباب المحلية الداخلية، إذ وضعت أميركا قيودا على تحويلات الدولار من المغتربين إلى لبنان، وهو المعروف بوجود اغتراب كبير له في الخارج، من الجنوب والشمال والجبل والبقاع وبيروت، وكانت تلاحق كل دولار يريد صاحبه أن يدخله إلى لبنان، علما بأن كانت هناك تحويلات سنوية من الخارج تقدر بحدود 8 مليار دولار، ولكن لفترة ما قبل الأزمة الحالية بقليل، كانت التحويلات تقدر بحوالى 3 مليار دولار، وبالتالي منع حوالى 5 مليارات دولار من الدخول إلى لبنان، فبسبب خوف المغتربين من الملاحقة والعقوبات وغيرها، لذلك توقفوا عن إرسال الأموال.
وعن ملف الكهرباء، قال: “نرى أن اللبنانيين جميعا يعانون انقطاع التيار، علما بأن الدولة تدفع حوالى مليار و800 مليون دولار سنويا لدعم الكهرباء ولا يوجد هناك أي نتيجة على مستوى التغذية الكهربائية المعقولة. كان هناك حل يوفر على الدولة والمواطن، إذ ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية قدمت مشروعا يحتاج إلى 6 أشهر ليضيء كل لبنان، على أن تدفع تكلفته بالليرة لا بالدولار، وعندما طرحنا هذا الأمر في المؤسسات الرسمية، قلنا لهم إن إيران لا تحتاج إلى نفوذ في لبنان من وراء مشروع الكهرباء، ولكن هناك في الحكومة من رفض المشروع بحجة أن على إيران عقوبات من الولايات المتحدة الأميركية، وعليه، البعض منع اللبنانيين من الافادة من الكهرباء لأجل أميركا، ولا سيما أننا جربنا إيران في ملف الطرق، والجميع يشهد بأن الطرق التي نفذتها الهيئة الإيرانية لإعادة إعمار لبنان على شكل هبة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد حرب تموز العام 2006، هي من أفضل الطرق في لبنان، وإذا كان هناك من يرفض حل مشكلة الكهرباء في كل لبنان عن طريق إيران، علينا أن نفكر في وضع إطار قانوني للافادة في بعض المناطق من هذا العرض”.
وأشار إلى أن “العديد من الدول المجاورة لإيران تستفيد من الكهرباء الإيرانية، ولكن في لبنان ولأجل إرضاء أميركا، هناك من هو مستعد لأن يبقي بلده في العتمة، وألا يأتي بالكهرباء من إيران”.
ورأى أن “الأمر الثالث الذي نعاني منه من التسلط الأميركي يكمن في موضوع النفط، واليوم الأمل عند كل اللبنانيين للخروج من هذه الأزمة المالية والاقتصادية وتوفير فرص العمل، هو استخراج النفط، ولكن الجميع يعلم أن السياسات الأميركية تعطل وتعرقل وتضغط للحؤول دون استخراجه، علما بأن الدراسات أظهرت أن أهم الثروات النفطية موجودة في الساحل الجنوبي، لذلك نرى أن المبعوثين الأميركيين يأتون إلى لبنان للضغط لترسيم الحدود لمصلحة الكيان الإسرائيلي، من أجل أن تبقى المربعات التي فيها كميات كبيرة من النفط والغاز مع العدو الإسرائيلي”.
أضاف: “هناك ضغوط مارستها الولايات المتحدة الأميركية على السلطة في لبنان لمنع فتح علاقة رسمية مع سوريا التي تعتبر المتنفس والبوابة البرية الوحيدة للبنان، وبالتالي، كيف سيشارك لبنان في إعادة إعمار سوريا إن لم تكن هناك علاقات رسمية بين الدولتين، وكيف سيكون هناك تصدير من سوريا إلى لبنان وبخاصة مع الحاجة الملحة لهذا الاستيراد، في وقت يعاني لبنان من عدم إمكان فتح اعتمادات بالدولار للاستيراد من الخارج؟ ولكن الشعب سيسبق السلطة اللبنانية بفتح العلاقات مع سوريا، وهو لم يعد ينتظر، فهناك إحصاءات تظهر كمية المواد الغذائية التي يستوردها بعض اللبنانيين من سوريا إلى لبنان، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشة الحادة التي يشهدها بلدنا”.
وبالنسبة إلى الملف الحكومي، تابع: “نحن مع حركة أمل سعينا لإيجاد حلول وتقديم الاقتراحات للخروج من هذه الأزمة الحادة والصعبة والقاسية التي يعيشها البلد، وأول خطوة للحل تكمن في تشكيل حكومة، إذ لا يمكن القيام بعلاجات دون وجود حكومة، ولا سيما أن حكومة تصريف الأعمال مضربة عن العمل باستثناء بعض الوزراء، وهذه سابقة في تاريخ لبنان، ففي العراق مثلا الحكومة المستقيلة تجمع البرلمان وتأخذ القرار وتتواصل مع دول العالم وتقوم بإجراءات. حزب الله لم يترك وسيلة إلا ولجأ إليها لتكون لدينا حكومة، ولم يتوقف عند أي اعتبارات، ولكن هناك من لديه وجهات نظر وآراء ومطالب، وهناك من يرفض التعاون. لو أبصرت الحكومة النور، لكان الناس رأوا حجم التنازلات التي قدمناها من أجل أن يكون للبلد حكومة، لأننا نعتبر وجود الحكومة ضرورة للبدء بالعلاج، فهي السلطة التنفيذية التي تدير شؤون البلد”.
ولفت إلى “وجود تعقيدات وبعض الأفكار والاقتراحات عن صيغة الحكومة، وهذا يحتاج إلى نقاش نواكبه ونسعى لتكون لدينا حكومة تقوم بالمهام الملقاة على عاتقها، والأولوية للملف المالي والاقتصادي”. وقال: “نأمل أن يتفاهم الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية والكتل النيابية على أي صيغة مقبولة تحظى بثقة أغلبية النواب، ونحن جاهزون وحاضرون لنتعاون ونقدم مزيدا من التسهيلات من أجل أن نبدأ بالعمل سويا، وحتى أولئك الذين أداروا ظهرهم ولا يريدون المشاركة والحل”.
ورأى أن “الحكومة هي المدخل الأساسي لمعالجة الأزمة المالية، لأن عليها اتخاذ الإجراءات والترتيبات، ولكن إذا لم تشكل حكومة أو تأخرت، هناك أمور يجب القيام بها، وهناك مسؤولية أساسية تقع على حاكم مصرف لبنان، وكل التبريرات وما سمعناه لم يقنعنا، وهذا لا نقوله فقط أمام الناس، وإنما قلناه في المجلس النيابي عندما خضنا نقاشا في موضوع المالية العامة وأوضاع أموال المودعين في المصارف، وعليه، وظيفتنا تكمن في أن نقدم الحلول ونقترح الإجراءات، فالمسؤول ليست وظيفته رفع الشكاوى والتنصل من واجباته، وإذا كان الجميع يشكو ويوصف الواقع فمن سيقدم الحلول؟ لذلك قلنا لكل المعنيين بالشأن المالي بأن واجبكم إيجاد الحل، وهناك اقتراحات عملية تقدمنا بها، ومن يطبقها الجهات الرسمية من مصرف مركزي وقضاء، وليس النواب والأحزاب”.
وشدد على أن “ما وعد به حاكم مصرف لبنان بالتحقيق في التحويلات لم يطبق حتى الآن، ونحن نحمله جزءا أساسيا من المسؤولية حيال ما وصل إليه الوضع النقدي والمالي، فالسياسة التي يعتمدها أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن. لا نثق بالتطمينات التي تقدم، وعندما يريدون أن يطمئنوا الناس، عليهم أن يرفقوا ذلك بإجراءات، فتدفع المصارف الأموال للمودعين، لأنها تحتجزها من دون أي وجه قانوني. قدمنا حلا قانونيا باستعادة الأموال المسحوبة للخارج ومنها أموال أصحاب المصارف وكل من شغل موقعا في السلطة بما يوفر سيولة للبلد، ولا نزال نتابع هذا الموضوع مع الجهات المعنية. من مسؤوليات المصرف المركزي وضع حد لهذه السمسرة على أموال المودعين، من خلال صرف الشيكات مقابل حسم نسب بحدود 25 % من قيمتها، فمن أين يأتون بالأموال؟ حتى في هذا الموضوع راجعنا القضاء، وطلبوا بأن يكون هناك ادعاءات، فقلنا لهم بإنه لن يأتي أحد للادعاء، لأنهم يخافون على أموالهم، ولكن ألا يمكن للأجهزة الأمنية والمصارف وحاكم المصرف المركزي أن يعرفوا من يقوم بهذه السمسرات، مع العلم بأنه حتى الآن لم نجد إجراءات جدية في هذا الموضوع”.
وختم فضل الله: “هناك من يستغل هذه الظروف لتكديس الثروات على حساب الناس في سعر العملة وأسعار السلع، وهناك مافيات ربما تحظى أيضا بحمايات. وحتى في موضوع المازوت في هذا الطقس البارد، نجد مستغلين ونسمع أن بعض المنشآت الرسمية لا تسلم المادة إلا مع رشاوى، وسنتابع هذا الأمر مع وزيرة الطاقة”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام