ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 12-12-2019 في بيروت على هجوم النائب هادي حبيش على مكتب القاضية غادة عون وتهديدها على خلفية ملاحقتها موظفة محسوبة على حبيش بتهم الفساد والهدر والرشوة، بالاضافة الى اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس، والتطورات المرتبطة بتشكيل الحكومة تكليفا وتشكيلا..
الأخبار
التيار الحر: ليتحمّل الحريري مسؤولية الانهيار
«مجموعة الدعم» وواشنطن: عليكم بـ«وصفات» صندوق النقد الدولي!
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “كان بعض أركان السلطة يمنّون النفس بدعم مالي دولي يصدر عن المؤتمر الذي عقدته «مجموعة الدعم» في باريس أمس. لكن الأخير خرج داعياً لبنان إلى الالتزام بوصفة «صندوق النقد الدولي»! وصفة إقفار ونهب وتدميرٍ للقطاع العام وانهيارِ سعر صرف الليرة، تلقفها الرئيس سعد الحريري الذي يصرّ التيار الوطني الحر على تحميله وحيداً مسؤولية الانهيار!
انتهى مؤتمر «مجموعة الدعم الدولية للبنان» بفرض المزيد من الشروط على شروط «سيدر»، ليحيل الدولة اللبنانية الى «وصفته الجاهزة»: اللجوء الى صندوق النقد الدولي. وهو النموذج الذي دأب المجتمع الدولي على اعتماده عند ايصاله الدول التي يرعى اقتصادها وسياساتها الى الفشل والانهيار؛ فيبقي أمامها خيارا قسريا هو الاستعانة بالنقد الدولي. وأبرز شروط الصندوق تبدأ بـ«تحرير العملة الوطنية»، أي انهيار قيمة الليرة في بلد غير مصدّر كلبنان، واعتماد الخصخصة في مختلف قطاعات الدولة ولا تنتهي بزيادة سعر المحروقات وخفض وإلغاء الدعم في القطاعات الرئيسية التي تدعمها الدولة كالكهرباء، الى جانب وقف التوظيف وخفض أعداد العاملين في القطاع العام. وصفة صندوق النقد ستخلص الى ترتيب المزيد من الديون على الدولة اللبنانية وتكبيلها بسياسات دولية تشرف عليها الولايات المتحدة.
ما سبق ورد ضمنيا في البيان الصادر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان بالاشارة الى أن «الدعم من المؤسسات المالية الدولية ضروري لمساعدة السلطات في جهودها لتطبيق الإصلاحات»، مجددة «استعدادها للمساعدة في هذه الخطوات وداعية السلطات اللبنانية الى طلب الدعم من المجموعات الدولية». وعلمت «الأخبار» أن مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ردد هذا الكلام حرفيا أمام الموجودين قائلا إن «لا حل للبنان سوى باللجوء الى صندوق النقد الدولي». وقد تمثل الحضور العربي بدول الامارات والكويت ومصر وجامعة الدول العربية وسط غياب سعودي لافت. خلال صياغة البيان النهائي، تمكن الوفد اللبناني من تخفيف الصيغة الاملائية له، لينص على حث السلطات اللبنانية على تلبية متطلبات الشاعر عبر «تبني سلة إصلاحات مستدامة والالتزام بإجراءات وفق جدول زمني محدد». رغم ذلك، «لم يكن الجو العام مطمئنا إلى تأليف حكومة جديدة سريعا، فيما عبّر أكثر من طرف غربي عن استيائه من سياسة حاكم مصرف لبنان النقدية وعدم استماعه للنصائح التي وجهت اليه». في سياق آخر، أكد البنك الأوروبي للاعمار والتنمية للبنان، وفق المصادر، أنه «فتح خطوط ائتمان لستة مصارف بقيمة 250 مليون دولار تلبية لطلبات الاستيراد ويستعد لاضافة مصرف سابع إلى القائمة».
من جانبه، اعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو موقفاً يربط فيه مساعدة لبنان بإخراج حزب الله من الحكومة. وهي ليست المرة الأولى التي يردد فيها بومبيو المعادلة نفسها ويعمد الى تحديد شروط واشنطن على اللبنانيين، داعيا اياهم في الوقت عينه الى وقف التدخلات الخارجية في بلدهم! فهو كان قد صرح بها قبل تسعة أشهر، أثناء زيارته لبيروت، كما كررها قبل أيام. وأمس، بدا الموقف الأميركي أوضح وأشدّ لهجة في تحديد هدفه وربط الاستجابة لطلبات الدولة اللبنانية مباشرة بشكل الحكومة اللبنانية والممثلين فيها. ليتوجه بعدها الى الشعب اللبناني محملا اياه مسؤولية «كيفية تشكيل الحكومة» وممليا عليه الأوامر الأميركية: «يجب أن يطالب الشعب اللبناني بسيادة لبنان وازدهاره وحريته من نفوذ الكيانات الخارجية (…) هناك منظمة مصنفة كإرهابية وهي حزب الله وأعلم أنكم على علم بالخطر الذي تشكله على حريتكم وعلى قدرتكم على توفير حاجاتكم (…). الولايات المتحدة مستعدة للقيام بأمور لمساعدة اللبنانيين على إنعاش اقتصاد لبنان وتشكيل حكومتهم، آملاً أن ينجح الشعب في هذه المهمة». لم يكد بومبيو يتكلم حتى غرد رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري عبر «تويتر» برؤيته للخروج من الأزمة: «الإسراع بتأليف حكومة اختصاصيين تلبي تطلعات اللبنانيين، إعداد خطة إنقاذية وتطبيقها بالدعم الكامل من المجتمع الدولي، المؤسسات المالية الدولية والصناديق العربية». وقد توجه بعض الشبان مساء أمس الى أمام منزل الحريري في وادي أبو جميل هاتفين: «سعد سعد سعد ما تحلم فيها بعد».
في موازاة ذلك، اتخذ التيار الوطني الحر قراره بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة ويفترض أن يعلن وزير الخارجية جبران باسيل ذدلك خلال مؤتمر يعقده في ميرنا الشالوحي السادسة مساء اليوم. ووفق مصادر التيار، «اتخذ القرار بعد عملية كر وفر طويلة بينهم وبين الحريري، خلصت الى تأكيد المؤكد لديهم، بأن الحريري ليس أهل ثقة بعد اليوم وغير مؤهل لادارة حكومة انقاذية للبلد». لذلك، «سيعمد التيار الى تركه يؤلف الحكومة التي يريدها منفردا ووفق التوجيهات الأميركية». ويرى العونيون أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الانهيار ولا يطمحون ليكونوا شركاء فيها لسبب رئيسي أنهم لم يكونوا يومها جزءاً من النظام الاقتصادي الذي أدى الى ما يحصل حاليا. ويفترض بقرار الانضمام الى المعارضة تحت عنوان «التضحية من أجل خلاص البلد طالما يصعب تشكيل حكومة بوجود باسيل فيها»، أن يحسن وسائل تواصل التيار مع جمهوره الحالي وذلك الذي خسره تباعا خلال السنوات الماضية». التيار الوطني الحر أبلغ حزب الله بموقفه النهائي وأبدى تمسكا به رغم محاولات الحزب ثنيه عن الأمر. ففي ميزان الحزب أضرار هذا العمل تفوق فائدته بمعزل عن احترامه لخيار حليفه. وما الخروج من الحكومة اليوم سوى ضربة إضافية للعهد، اذ كيف يمكن رئيس الجمهورية ميشال عون، مؤسس التيار ورئيسه السابق، أن يكون على رأس الحكم فيما تياره في المعارضة؟
اللواء
«مجموعة الدعم» تشترط حكومة إصلاحية.. وقنابل دخانية في وسط بيروت
برّي يتضامن مع باسيل.. والقضاء لملاحقة حبيش ويحيل عون إلى التفتيش
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “في الخلفية الدولية لأحداث لبنان، المتتالية منذ 17 تشرين أوّل الماضي، توظيف سياسي أميركي، عبر كلام متكرر لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، والمندوبة الأميركية الدائمة في الأمم المتحدة كيلي كرافت حول ضرورة إخراج إيران وحزب الله، من زاوية قوله: «هناك منظمة مصنفة إرهابية، هي حزب الله، واعلم ان الشعب اللبناني على علم بالخطر الذي تشكله على حريته، وعلى قدرته على توفير حاجاته»، ومؤكداً في المقابل ان الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة اللبنانيين على انعاش الاقتصاد وتصحيح المسار الحكومي..
وبالترابط، على خلفية الصراع الأميركي- الإيراني في صراعات الحراك، تراجع الحرس الثوري الإيراني عن تصريحات مستشاره بشأن إبادة إسرائيل من لبنان، على لسان العميد رمضان شريف الناطق بلسان الحرس من ان تصريحات قرباني، حرفت واستنبطت بطريقة خاطئة.
بالمقابل، بدت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان ملكية أكثر من الملك، فجددت الالتزام بـ«مؤتمر سيدر»، وأكدت ان مقرراته ما زالت سارية. داعية السلطات إلى الالتزام بوضع المشاريع الاستثمارية على قائمة الأولويات، من خلال لجنة وزارية. وجددت «الاستعداد للمساعدة داعية السلطات اللبنانية إلى طلب الدعم من المجموعة الدولية».
وإذ رحب الرئيس نبيه برّي بمقررات المجموعة الدولية – العربية، كشف وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل ان عجز ميزانية 2019، سيكون أكبر بكثير مما كان متوقعاً بسبب انخفاض مقلق للغاية لايرادات الدولة، فيما أعلن وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال ان اقتصاد لبنان يخسر ما لا يقل عن 70 – 80 يومياً بسبب الأزمة.
صمت سياسي
وعلى الرغم من الصمت السياسي الذي ساد أمس حول الوضع الحكومي، بانتظار ما سيعلنه اليوم رئيس تكتل «لبنان القوي» الوزير جبران باسيل، بعد اجتماع استثنائي للتكتل في السادسة مساء، والذي رجحت معلومات إمكان إعلان عدم مشاركته في الحكومة، وبانتظار ما سيعلنه أيضاً «الامين العام لحزب الله» السيّد حسن نصر الله عند الخامسة والنصف من يوم غد الجمعة في كلمة متلفزة يتحدث فيها عن التطورات العامة والحكومية، فإن الأجواء تميل إلى التشاؤم حيال مسألتي التكليف والتأليف، تبعاً للتصلب في المواقف، فيما أكدت مصادر وزارية مطلعة على موقف القصر الجمهوري ان الرئيس عون لن يؤجل الاستشارات النيابية المقررة الاثنين المقبل، وسيترك للنواب تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، سواء كان الرئيس سعد الحريري أو سواه.
وقالت المصادر ان احتمالات تكليف الحريري باتت مرتفعة بأصوات 70 صوتاً، وهي مجموع أصوات كتلة «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» و«القوات اللبنانية» ومنفردين آخرين، لكن صورة التأليف لا زالت ضبابية بسبب تمسك الحريري بموقفه الرافض لحكومة تكنو-سياسية مشيرة إلى ان المشاورات ما زالت قائمة لتقرير الاتجاهات لدى القوى السياسية.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة قريبة من أجواء بعبدا و«التيار الوطني الحر»، فإن الموقف المتصلب للرئيس الحريري سيكون له مردود سلبي على الوضع العام في البلد، وقد يدفع إلى مواجهة سياسية وأزمة تؤدي إلى تأخير تشكيل الحكومة.
واعادت التأكيد ان وجود سياسيين في الحكومة يوفر الغطاء للحكومة عند اتخاذها إجراءات في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد فضلا عن تسويق تدابير معينة ومعلوم ان هناك احزابا لها جمهورها يقررون ويؤثرون على ردة فعل الشعب الرافض لتمثيل هذه الأحزاب.
وكررت ان الحراك سيتمثل في الحكومة متحدثة عن ان هناك تخوفا من ان تؤدي المواقف المتصلبة الى امتناع افرقاء وكبار المكونات عن المشاركة في الحكومة ما يجعلها ضعيفة وعاجزة عن معالجة المشاكل الطارئة في البلاد من هنا تكمن الاهمية في السعي الى توافر غطاء سياسي للحكومة لمواجهة الاستحقاقات الخطرة والدقيقة في البلاد ولاسيما الاستحقاق الاقتصادي.
رسالة برّي
في غضون ذلك تناولت المشاورات ايضا كيفية التعامل مع موقف تكتل لبنان القوي في حال قرر العزوف عن المشاركة في الحكومة اذا كانت برئاسة الحريري، واستبعدت مشاركة الوزير باسيل فيها، وكان البارز في هذا السياق، مع أعلنه عضو التكتل النائب سليم عون انه حمل رسالة من الرئيس نبيه بري الى الوزير باسيل مفادها: لن اقبل ان يبقى «التيار الحر» خارج الحكومة، ومضمونها تدخل معاً أو تخرج معاً».
وقال النائب علي بزي عقب لقاء الأربعاء النيابي: أن رئيس مجلس النواب أكد انه على الرئيس سعد الحريري أن يجلس مع رئيس الجمهورية ميشال عون ويتفاهما على موضوع تشكيل الحكومة. وانه طالب باستيعاب خطورة الأوضاع الراهنة وإزالة ما يعترض المسار الحكومي من عقد وعقبات، وضرورة تجاوز الأسباب مهما كانت من طريق تشكيل الحكومة.
وعلمت «اللواء» من مصادر وزارية في تكتل «لبنان القوي» ان ما من اتجاه نهائي للتكتل في ما خص الموضوع الحكومي لكنها قالت ان التكتل سيشارك في الاستشارات النيابية اما ما اذا كان سيسمي الحريري فالجواب يأتي اليوم وليس بالضرورة، اما اذا كان سيشارك في الحكومة فالجواب اليوم وليس بالضرورة.
… وخطة الحريري
اما الرئيس الحريري، فقد بقي متمسكاً بحكومة اختصاصيين، تتولى اعداد خطة إنقاذية على كافة الصعد الاقتصادية، بدعم اشقاء لبنان واصدقائه.
ووردت هذه الخطة في البيان الذي اذاعه أمس لشكر فرنسا والأمم المتحدة على دعوتهما مجموعة الدعم الدولية للبنان للاجتماع في باريس، حيث أكّد انه أخذ علماً بالبيان الختامي الذي صدر عن المجموعة، معتبراً ان «الخروج من الأزمة يستوجب:
1- الإسراع بتأليف حكومة اختصاصيين.
2- إعداد خطة إنقاذية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والنقدية والمالية والانتاجية.
3- تطبيق هذه الخطة بالدعم الكامل من اشقاء لبنان وأصدقائه في المجتمع الدولي، ومن المؤسسات المالية الدولية، والصناديق العربية».
وكان الحريري اتصل أمس بوزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أندرو موريسون، وبحث معه في المصاعب الاقتصادية التي يجتازها لبنان والجهود المتاحة لمعالجة الأزمة، كما شكره على وقوف بريطانيا إلى جانب لبنان.
مقررات مجموعة الدعم
وكانت مجموعة الدعم الدولية التي اجتمعت أمس في باريس قد خرجت بخارطة طريق سياسية- اقتصادية- مالية للخروج من الأزمة، تبدأ بتشكيل سريع لحكومة تملك القدرات والمصداقية اللازمة لتنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، من أجل النأي بالبلاد عن التوترات والأزمات الإقليمية، فيما رأى وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ان المجتمع الدولي يشترط أي مساعدة مالية لهذا البلد بتشكيل حكومة إصلاحية، لافتاً إلى ان المعيار الوحيد يجب ان يكون فاعلية هذه الحكومة على صعيد الإصلاحات التي ينتظرها الشعب.
ومن جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، بأنه يعلم ان الوضع المالي في لبنان خطير جداً، لافتاً إلى انه يجب تشكيل الحكومة قبل الاستجابة لطلبات الدولة، وربط استعداد واشنطن لمساعدة لبنان لانعاش اقتصاده بتحرره من التدخلات الأجنبية، ويقصد هنا النفوذ الإيراني، ووجود «حزب الله» الذي صنفته واشنطن منظمة إرهابية.
أما الأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي الذي رأس الوفد اللبناني، بعد اجتماع بكل من الوزير لودريان ومساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، فقد رأى ان المؤتمر خرج بنتائج إيجابية، مؤكداً وجود حل، لكن هذا الحل يحتاج إلى طريق.
سلوم
على صيعد قضائي، دارت رحى مواجهة سياسية- قضائية، يُمكن ان تطال شظاياها الحصانات النيابية، على خلفية، توقيف النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون رئيسة هيئة ادارة السير هدى سلوم، بناءً على الإخبار المقدم من المحامي وديع عقل في جرائم الرشوة والتزوير وهدر مال عام وإثراء غير مشروع وإخلال بموجبات وظيفية. وإحتجاجا على توقيف سلوم دخل موكل سلوم النائب هادي حبيش مع مجموعة من الشباب والمحامين الى قصر العدل في بعبدا وهاجم بعنف القاضية عون التي أمرت بالتوقيف، واصفا اياها بالـ«ميليشيا» وبـ«رمز الفساد» ومعتبرا أنها «تتعاطى «بشكل ميليشياوي مع المحامين والقضاة والمواطنين». وأكد ان الملف ليس قضائياً بل سياسي بامتياز. مؤكدا انه «لا يحق للقاضية عون اخذ هذا القرار وهذا أمر عائد لوزارة الداخلية».
واثار دخول النائب حبيش إلى مبنى قصر العدل بهذه الطريقة، والعبارات التي وجهها إلى القاضية عون، استنكار مجلس القضاء الأعلى الذي اجتمع استثنائياً، وقرّر دعوة مجلس النواب ونقابتي المحامين إلى اتخاذ الموقف المناسب تجاه ما حصل، مقدراً موقف نقيب المحامين في بيروت بهذا الصدد، والطلب إلى النائب العام التمييزي اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة النائب المحامي المعني.
وأكّد مجلس القضاء على ما التزم في بيانه الأخير لجهة معالجة أي خلل مشكو منه في أداء أي قاض لمهامه، متخذاً الاجراء المناسب في هذا المجال.الأمر الذي فهم منه انه تمت إحالة القاضية عون علىالتفتيش القضائي، في حين ان طلب ملحقة النائب حبيش يفترض رفع الحصانة النيابية عنه، حيث نقل عن الرئيس برّي استياءه مما حدث، وأبلغ حبيش انه تصرفه «ورط المجلس وورط نفسه».
وكان رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود أكد امس التزامه بأن تعتمد التشكيلات القضائية الجديدة معايير موضوعية أساسها المناقبية والكفاءة والانتاجية بعيدا من أي تدخلات. وأشار الى أن «حرية القاضي في اتخاذ قراراته يجب ان تبقى مصونة بمعزل عن أي تدخلات أو ضغوط حتى ولو كانت شعبية». وأكدت مصادر قانونية أنه تمت احالة القاضية غادة عون الى التفتيش القضائي لمخالفتها تعليمات مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات وعدم اطلاعه على ملفات التوقيفات المهمة مسبقا.
وعلى هامش التوقيف وتداعياته تساءلت مصادر قانونية عما اذا كان يحق للنائب العام الادعاء بجرم الإثراء غير المشروع بناءاً على اخبار؟ وهل النائب العام له الصلاحية ببدء الملاحقة دون ان تكون الشكوى مقامة من متضرر ومرفقة بكفالة مالية؟. وسألت هل يحق للنائب العام في جبل لبنان احالة ورقة طلب منه مباشرة الى قاضي التحقيق الاول في محافظة بيروت دون المرور بالنيابة العامة في بيروت وهي الجهة صاحبة الصلاحية للإحالة الى حضرة قاضي التحقيق الاول في بيروت؟
احتجاجات الحراك
وسط هذه الأجواء، واصل الحراك الشعبي احتجاجاته في الشارع، لا سيما في اتجاه عين التينة، حيث تجدد أعمال الكر والفر بين المتظاهرين وحرس المجلس النيابي، وكذلك عند جسر الرينغ بين الحراك وشبان الخندق الغميق، فيما افيد عن تجمع عدد من المتظاهرين امام مبنى وزارة الداخلية في الصنايع للمطالبة بتعامل القوى الأمنية بشكل سلمي مع المتظاهرين، وشارك في الاعتصام عدد من امهات الشبان الموقوفين الذين تمّ الإفراج عنهم، وامهات اخريات طالبين بعودة ابنائهن من الغربة.
وسجل مساء اقدام عدد من الشبان على إحراق «خيمة الملتقى» في ساحة الشهداء، التي استضافت مساء أمس الأوّل محاضرة «عن الحياد كخيار استراتيجي لازدهار لبنان» رأى فيها المتظاهرون دعوة إلى التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
واللافت ان إحراق الخيمة، تمّ بالرغم من وجود القوى الأمنية التي حاولت منع الشبان من تحقيق غرضهم، فحصل اشكال بينهم والقوى الأمنية، تمكن بعدها الشبان من إزالة الخيمة، التي كانت تقوم فيها محاضرات عن مختلف الموضوعات التي تواجه الانتفاضة.
وعلم ليلاً ان الخيمة لم تحرق، وتبين ان الشبان الذين اصروا على ازالتها جاؤوا من خارج المعتصمين في ساحة الشهداء، حيث دارت مواجهات بينهم وبين هؤلاء الشبان عند جسر «الرينغ» بقيت مستمرة حتى منتصف الليل وتدخلت القوى الأمنية لتفريق المشتبكين بالقنابل المسيلة، من دون قطع الطريق.
وجالت تظاهرة قرب بيت الوسط، مطالبة الرئيس الحريري بعدم الحلم ان يبقى بعد في رئاسة الحكومة. وعمد متظاهرون ليلاً إلى قطع طريق كورنيش المزرعة عند نقطة تقاطع جامع عبد الناصر بالاتجاهين بعدما وضعوا مستوعبات النفايات في وسط الطريق واضرموا فيها النيران.
وتمكنت عناصر مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي من فك الاشتباك بين المتظاهرين على جسر الرينغ ووسط بيروت، والمهاجمين من الخندق الغميق والبسطة التحتا وزقاق البلاط، وألقيت قنابل دخانية لمنع الطرفين من الاشتباك، ووقع كر وفر بين هؤلاء والقوى الأمنية لا سيما شبان الخندق الغميق.
الجمهورية
الحكومة بين «تسهيل التكليف» و«تــصعيب التأليف».. والحريري و«التيار»: معركة صعبة
وكتبت الجمهورية تقول “ما ان تهبّ نسمة إيجابية على الخط الحكومي، حتى تهب عاصفة من السلبية تطيحها، وتزرع حقلاً واسعاً من الشكوك حول هذا الاستحقاق، فتطوّق الاستشارات النيابية الملزمة المحددة الاثنين المقبل بزنار من التساؤلات عما اذا كانت ستحصل ام لا، وتجعل بالتالي من مسألة تأليف الحكومة الجديدة، أمراً، تحقيقه من سابع المستحيلات، في ظل واقع سياسي منقسم على نفسه، يتقاذف الشروط التعجيزية المانعة للوصول الى الحد الادنى من التوافق حتى على البديهيات.
أمام هذا الجو الداخلي تتجدد النصائح الدولية بإخراج لبنان من أزمته، وهو ما صدر عن مجموعة الدعم الدولية التي استضافتها باريس امس، التي أكدت في بيانها الختامي «أنّ لبنان يواجه أزمة تضعه على شفا انهيار فوضوي للاقتصاد، وزعزعة أكبر للاستقرار. ومن أجل وقف هذا التردّي المالي والاقتصادي، واستعادة الثقة في الاقتصاد، وتناول التحديات الاجتماعية والاقتصادية على نحو مستدام، ثمّة حاجة ملحّة لإقرار حزمة سياسات كبيرة موثوق بها وشاملة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية تعيد للبنان استقراره المالي، وتتناوَل أوجه القصور الهيكلية طويلة الأمد في نموذج الاقتصاد اللبناني. وتحمل هذه الإجراءات أهمية كبرى لقدرتها على تقديم إجابات عن التطلعات التي أعرب عنها اللبنانيون منذ 17 تشرين الأول».
أضاف البيان «انه بالنظر إلى أنّ لبنان هو اليوم من دون حكومة منذ استقالة سعد الحريري في 29 تشرين الأول، يرى أعضاء المجموعة أنّ الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وأمنه وسيادته واستقلاله وسلامته ووحدة أراضيه، يتطلب التشكيل السريع لحكومة تملك القدرات والمصداقية اللازمة لتنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية الضرورية من أجل النأي بالبلاد عن التوترات والأزمات الإقليمية».
واشنطن
الّا انّ اللافت للانتباه في موازاة ذلك، كان الموقف الاميركي، الذي عبّر عنه وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، وقال فيه انّ واشنطن «تقف صفاً واحداً مع الشعب اللبناني من أجل مساعدته على إصلاح اقتصاده، وتأمل في أن ينجح اللبنانيون في هذا المجال». وأضاف: «قلنا إنّ «حزب الله» منظمة إرهابية، وهناك مسؤولية على الشعب اللبناني في المحافظة على سيادته وإصلاح اقتصاده».
وإذ اشار الى انّ واشنطن تعمل على إنجاح اجتماعات باريس، قال: «ندرك أنّ هناك مسائل مالية كبيرة جداً في لبنان، ونعرف أنّ المصرف المركزي تحت ضغط كبير، كذلك الشعب اللبناني الذي فقد القدرة على الوصول إلى مدّخراته المالية»، داعياً الحكومة اللبنانية إلى «معالجة هذه المسائل». الّا انّ الموقف الاميركي البالغ الدلالة، عَكسته المندوبة الاميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت أمس، بقولها «إنّ الإضطرابات ستتواصل في لبنان وسوريا واليمن وفي أي مكان توجد فيه إيران، ما لم تؤتِ حملة الضغط الأقصى الأميركية ثمارها».
مفاجأة «موديز»
وفيما كانت الأنظار مركّزة على اجتماع باريس لاستطلاع ما قد يصدر من مقررات قد توحي بالأمل في موضوع الدعم الاقتصادي، جاءت الضربة القاصمة من وكالة «موديز» للتصنيف، التي أصدرت امس قراراً بخفض التصنيف الائتماني الأساسي للبنوك اللبنانية الثلاثة الكبيرة، عوده وبلوم وبيبلوس الى درجة (ca). وهذه الدرجة وفق تصنيفات «موديز» تعني «تعثّراً واضحاً، واحتمالاً ضئيلاً للتعافي». يأتي هذا الخفض الجديد للبنوك اللبنانية الثلاثة في توقيت دقيق، بما من شأنه زيادة الضغوطات على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وبررت «موديز» الخفض بصدور تعميم عن مصرف لبنان يقضي بدفع قسم من الفوائد على الايداعات بالعملات الاجنبية بالعملة الوطنية (الليرة). لكنّ مصادر مطلعة ذكرت لـ«الجمهورية» انّ لغطاً يحوط بقرار وكالة التصنيف لأنّ تعميم مصرف لبنان لا يشمل الودائع الجديدة، أي انّ كل وديعة توضع في مصرف لبناني بعد التعميم، تسري عليها الاجراءات المعتمدة سابقاً، لجهة دفع الفائدة بالعملة الاجنبية بالكامل.
بالاضافة الى ذلك، توضح المصادر انّ تَقاضي المودع 50% من الفوائد على وديعته الدولارية بالعملة الوطنية لا يعرّضه للخسارة، لأنّ في مقدوره تحويل المبلغ الذي يتقاضاه بالليرة الى الدولار في المصرف نفسه، وبالسعر الرسمي لليرة اللبنانية. كذلك في مقدور المقترض اللبناني بالدولار سداد سنداته بالليرة، وبالسعر الرسمي أيضاً.
هذا الواقع يلغي فرضية اقتطاع أي أموال من المودعين ومن الفوائد التي يتقاضونها على ودائعهم. كذلك، فإنّ مفعول التعميم يمتد لـ6 اشهر فقط، وهو إجراء استثنائي ومؤقت.
لغة الشروط
سياسياً، في ظاهر كلام السياسيين تأكيدات بأنّ الاستشارات ستجري في موعدها الاثنين وفق البرنامج المحدد لها، أمّا على أرض الواقع فأجواء الاطراف المعنية بالملف الحكومي لا توحي بإمكان بلوغ تفاهم في ما بينها، على مخارج وسط، ذلك أنها ما زالت متمترسة خلف الشروط ذاتها التي كانت السبب الاساس في تعميق المأزق الراهن. وتبعاً لذلك، فإنه مع استمرار لغة الشروط هذه، لن يكون مفاجئاً أبداً إذا تعثرت استشارات الاثنين، على غرار جولة الاستشارات السابقة.
مشاورات الساعات الاخيرة، وبحسب ما أورد مشاركون فيها، ما زالت تدور في الحلقة ذاتها، وما زالت قاصرة على إحداث تبدّل نوعي في المواقف، بل انّ الأصح القول انّ هذه المشاورات تعتريها صعوبة اكثر مما كانت عليه الامور قبل تأجيل موعد الاستشارات الى الاثنين المقبل، وبروز اسم رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري كمرشح وحيد لهذا المنصب، وانّ تكليفه تشكيل الحكومة مضمون، في حال اجراء استشارات الاثنين.
وبحسب هؤلاء، فإنّ الرئيس الحريري، ومن موقع إدراكه ان لا بديل عنه في رئاسة الحكومة الجديدة، يبدو أنه ترك أمر البَت بالامور الاخرى المتعلقة بتأليف الحكومة الى ما بعد استشارات التكليف، مع إصرار معلن من قبله على مضيّه في تشكيل حكومة اختصاصيين، وهو ما عاد وأكد عليه بالأمس في بيان الشكر الذي وجّهه لمجموعة الدعم، حيث شدّد على الاسراع بتأليف حكومة اختصاصيين تشكّل فريق عمل متجانساً وذات مصداقية مؤهّل لتقديم إجابات عن تطلعات اللبنانيين بعد ١٧ تشرين الأول».
تفهّم… ولكن؟
واذا كانت مصادر الاطراف المشاركة في حركة المشاورات تُبدي نوعاً من التفهّم لرغبة الحريري في تأجيل البت بالامور المتعلقة بتأليف الحكومة الى ما بعد التكليف، ربما لأنه يحاول تجنّب تسجيل مآخذ عليه من قبل فريق السياسيين الذين اعترضوا قبل ايام قليلة على ما سمّوه التأليف قبل التكليف، وتجاوز المشاورات الجارية آنذاك بعض الاطراف صلاحيات رئيس الحكومة، وهو ما عَبّر عنه صراحة رؤساء الحكومات السابقون، الّا انّ المصادر نفسها لفتت الى انّ الحريري نفسه كان شريكا اساسياً في تلك المشاورات، التي دارت قبل اسابيع أثناء طرح مجموعة الاسماء البديلة له لرئاسة الحكومة، قبل ان يتم حرقها جميعها.
وتبعاً لذلك، لا تستطيع أن ترسم المصادر صورة ما سيكون عليه الحال من الآن وحتى موعد الاستشارات الاثنين، مع انها ما زالت ترجّح حتى الآن إعادة تكليف الحريري، الا انها تُبدي خشيتها من ان تنقل البلد بعد استشارات الاثنين من مرحلة «تسهيل التكليف» الى مرحلة «تصعيب التأليف»، خصوصاً انّ صفحة خلافية حادة وواحدة هي التي قد تعترض مسار التأليف وتضعه في دائرة الاحتمالات السلبية والتأخيرية له لفترة غير محدودة، وهذه الصفحة من شقين:
– الأول يتعلق بشكل الحكومة، التي ما يزال الحريري يصرّ على تشكيلة اختصاصية لا سياسية، وهو الامر الذي يلقى اعتراضاً واضحاً من قبل المكوّنات السياسية الاخرى وفي مقدمها «حزب الله» وحركة «أمل»، اضافة الى «التيار الوطني الحر» ومن خلفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
– الثاني، كيفية تمثيل «التيار الوطني الحر» في الحكومة الجديدة، مع إصرار غير مخفي من قبل الحريري على استبعاد رئيس التيار الوزير جبران باسيل عن هذه الحكومة. وهو الامر الذي لا يستفزّ فقط باسيل و«التيار الوطني الحر»، بل يستفزّ رئيس الجمهورية، الذي يؤكد العارفون انه لا يمكن ان يقبل بأن تتم التضحية برئيس تيار سياسي وبرئيس اكبر كتلة نيابية، هكذا بشحطة قلم وتبعاً لمزاجيات بعض السياسيين.
معركة صعبة
من هنا، تؤكد المصادر انّ مرحلة التأليف امام معركة صعبة، بدأت نذرها تطلّ من الآن، سواء عبر التسريبات عن موقف الحريري، او عبر التلويح من قبل «التيار الوطني الحر» بعزوفه عن المشاركة في الحكومة والانتقال الى المعارضة. وتشير المصادر الى انّ العقدة الاساس الماثلة في طريق الحل الحكومي كامنة في معادلة: الحريري – باسيل، بحيث انّ الحريري لا يريد باسيل من جهة، مقابل ان منطق التيار متمسّك بثابتة اساسية لديه: إمّا الاثنان معاً في الحكومة وامّا الاثنان خارجها.
من هنا، تقول المصادر انّ المعركة السياسية محتدمة بينهما، يطيب لبعض الاطراف السياسيين ان يصفها بـ«معركة تكسير رؤوس»، فيما يصفها البعض الآخر بأنها معركة «لَيّ أذرعة»، الّا انها بمعزل عن الوصفين تُضفي على الواقع الداخلي مزيداً من عناصر التشنج التي من شأنها ان تعمّق الأزمة القائمة اكثر وتزيد الامور تعقيداً، والوضع العام اهتراءاً متزايداً على كل المستويات السياسية والاقتصادية والمالية.
رسالة بري
وكانت لافتة للانتباه امس، الرسالة التي بعث بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى «التيار الوطني الحر»، ومضمونها الذي يؤكد فيه انه لا يرضى بغياب التيار عن الحكومة. وقد جاءت رسالة بري بعد الكلام الصادر من أجواء التيار بأنّ خيار الذهاب الى المعارضة، وكذلك عدم تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، هو أمر مرجّح. وهذا الكلام، بما تضمّنه من تلويح بخيار الانتقال وعدم تسمية الحريري، قد لا يكون بعيداً عن موقف رئيس الجمهورية.
وربطاً بذلك، فإنّ رسالة بري، وكما تقول مصادر معنية بالملف الحكومي، بقدر ما هي موجّهة الى رئيس «التيار الوطني الحر»، فهي موجّهة ايضاً الى رئيس الجمهورية، وهي ايضاً موجّهة الى الرئيس سعد الحريري للتأكيد ان لا إمكانية لتشكيل حكومة بلا «التيار الوطني الحر». وإنّ خروج التيار سيدفع حلفاءه الى التضامن معه، إن بربط مشاركتهم بالحكومة بمشاركة التيار فيها، أو بالتلويح بعدم مشاركتهم ايضاً.
وعندها، ستقطع الطريق على تأليف الحكومة بالكامل… وأيّاً كان الشخص المكلف تشكيل الحكومة، الحريري او غيره، سيصطدم بالفشل ويصبح التكليف كحال «المعلّق والمطلّق».
كباش بين منطقين
الى ذلك، قالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية» انّ الكباش الدائر على الحلبة الحكومية، يدور بين منطقين:
– الأول يقول إنّ الحريري قد ربح بالنقاط على خط الاستشارات من خلال تطيير كل البدائل عنه التي طرحت لرئاسة الحكومة، وفرض نفسه كشخصية لا بديل عنها، ولا يمكن تجاوزها. وبالتالي، سيأخذ التكليف بناء على هذا الربح، ويفاوض على هذا الاساس ووفق شروطه في عملية تأليف الحكومة.
– الثاني، يقول إنّ الحريري إذا كان قد ربح، فقد ربح جولة، إنما لم يربح المعركة. ومقابل شروطه التفاوضية، هناك شروط مقابلة تقول ما مفاده: «إحتفظ بالتكليف»، لكنك لن تستطيع ان تشكل حكومة من دوننا»، ومن هنا يأتي موقف «التيار الوطني الحر»، والتلويح بعدم تسمية الحريري وعدم المشاركة في الحكومة.
تشاطر!
الى ذلك، عبّر مرجع مسؤول عن عدم ارتياحه للاجواء السائدة، وقال لـ«الجمهورية»: المخرج الاساس للأزمة الحكومية الراهنة، ليس بالتكليف الذي باتَ شبه محسوم بأنه من نصيب الحريري، بل بالعقلانية التي يتبغي ان تحكم مرحلة التأليف، والتي لا بدّ ان تتمخّض عنها معادلة «رابح – رابح» وليس معادلة «رابح – خاسر»، أو طرح فيتوات واشتراطات فوق التعجيز.
أضاف المرجع: إنّ ما نراه من عدم شعور بالمسؤولية يبعث على الخجل من هذا الانحدار، الوقت ليس لشَخصنة الامور، ولا وقت تسجيل نقاط ولا وقت محاولات التشاطر لتحقيق مكاسب على الحلبة الحكومية. فليطمئن الجميع، لم يبق في البلد ما يمكن أن يؤخذ منه بعد، فقد جَفّ بالكامل وتداعى كل شيء، ولنعترف اننا جميعاً وَضَعنا بلدنا على طريق الجلجلة، التي ستؤدي حتماً الى الكارثة. فالتكليف أمامنا، والتأليف لا بد ان يأتي سريعاً، وهي الفرصة الاخيرة لنا بين ان نختار بين إعادة انقاذ البلد، وبين ان نستمر في هذا الجو الصدامي، الذي يقود الى مكان واحد، أي الى السقوط في أزمة كبرى أبعد من السياسة والاقتصاد وأبعد من الطائف والدستور والنظام.
نصرالله
في جانب متصل بالازمة الحكومية، يطل الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في كلمة متلفزة عصر يوم غد الجمعة، يتناول فيها آخر التطورات المحلية وخصوصاً تلك المتعلقة بالازمة الحكومية القائمة، وما يتصل بالاوضاع التي شهدها لبنان منذ 17 تشرين الاول الماضي.
سلام
الى ذلك، اعتبر الرئيس تمام سلام أنه يجب اليوم تشكيل حكومة تكنوقراط منتجة، لوقف الانهيار، مشيراً الى انّ المشاركة السياسية بحدود معينة في الحكومة ممكنة، لإعطاء نوع من الاطمئنان الى طبيعة القرارات التي ستتخذ في الحكومة، لكنّ موضوع استلام القوى السياسية للحقائب يجب ان يكون خطاً أحمر لا يتجاوزه احد، وأنا أنصح ان تتشكّل الحكومة من وجوه جديدة، تضيف أملاً بإمكان نجاحها، ناصحاً بأن لا يكون عدد الوزراء في اي حكومة أكثر من 20 وزيراً.
وقال لـ«الجمهورية»: «انّ حكومة التكنوقراط ممر إجباري لاستعادة الثقة في الداخل والخارج». واعتبر انّ مشاركة «حزب الله» في الحكومة وإمكان ان تؤدي الى حجب المساعدات الدولية لم تكن عائقاً في الماضي ولا اعتقد انها عائق اليوم، لكنّ الحكومة يجب ان تكون حكومة اختصاصيين، مع تمثيل سياسي مدروس.
تأجيل
الى ذلك، وربطاً بمسار الإستشارات النيابية الملزمة ومستجدات الأوضاع في لبنان، علمت «الجمهورية» انّ رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ألغى زيارة كانت مقررة الأسبوع المقبل ليومين (ما بين 16 و17 كانون الأول الجاري) الى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس حكومته ديمتري ميدفيديف، بناء لمواعيد حددت قبل استقالته في 29 تشرين الأول الماضي.
وقالت مصادر دبلوماسية روسية انّ السفارة الروسية في بيروت أبرقت الى وزارة الخارجية مطلع الأسبوع الجاري طالبة اتخاذ الترتيبات الضرورية لإلغاء الموعد، على ان تجري الإتصالات من اجل تحديد الموعد الجديد في وقت لاحق، وسط توقّعات باحتمال القيام بها منتصف كانون الثاني المقبل حسب مواعيد الرئيس بوتين.
البناء
اجتماع باريس لحكومة فاعلة تلتزم إصلاحات سيدر… والحريري يُضيف من «اختصاصيين»
باسيل يستعدّ لإعلان عدم المشاركة في الحكومة… فهل تغيّر كلمة نصرالله الحسابات؟
مجلس القضاء يطلب ملاحقة حبيش بعد اقتحامه مكتب القاضية عون فهل ترفع الحصانة؟
صحيفة البناء كتبت تقول “عكست مناقشات الاجتماع الدولي الذي عُقد بمشاركة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا وإيطاليا والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، التوازن الحاكم للمعادلات بين مكوّنات الاجتماع حيث تشارك روسيا والصين، فغابت الشروط السياسية التي يتحدث عنها الأميركيون والسعوديون الذين طالبوا بإضافة عبارة استبعاد الوجوه المستفزّة عن الحكومة المطلوبة، ولم تفلح محاولتهم. وبقي النص يدعو إلى حكومة تلتزم الإصلاحات التي تعهّدت بها الحكومة اللبنانية في مؤتمر سيدر، وهي تعهّدات مسلم أن تتابع الالتزام بها أي حكومة جديدة، التي لم يتم وصف تركيبتها إلا بكلمة الفاعلة في البيان، إلا أن رئيس الحكومة المستقيلة والمرشح الوحيد لترؤس الحكومة الجديدة بعد بيان انسحاب المرشح السابق سمير الخطيب وما نقله عن دار الفتوى، أصرّ على إضافة صفة “الاختصاصيين” للحكومة المقبلة، موحياً بأن هذا ورد في البيان الختامي لاجتماع باريس.
البيان في موقعه السياسي تشجيع لتخطي التجاذبات المحيطة بتشكيل حكومة جديدة وتقديم تنازلات متبادلة لتسريع ولادتها، لكن الرئيس الحريري متمسك بتوظيف الاجتماع للتمسك بشروطه من دون تقديم تنازلات. والصيغة التي يتمسك بها الرئيس الحريري لا تزال عند مضمون طلب إطلاق اليد في التشكيلة الحكومية والعمل الحكومي، طالما أنه الجهة القادرة على مخاطبة الخارج، وطالما أنه مرشح طائفته الوحيد. وهذه الصيغة التي يسعى ثنائي حركة أمل وحزب الله على إدخال تعديلات عليها من موقع التمسك ببقاء الحريري ولّدت لدى التيار الوطني الحر ردَّ فعل مختلفاً. فالتيار ورئيسه الوزير جبران باسيل ومِن خلفهما رئيس الجمهورية يرون في هذه الصيغة انقلاباً سياسياً كبيراً يقترب من معادلة إسقاط عهد الرئيس ميشال عون. وإذا كان التيار الذي يحمّل الثنائي وتمسكه بالحريري مسؤولية تمسّك الحريري بشروطه، لا يمانع بعودة الحريري لكن بشروط تحترم نتائج الانتخابات النيابية ووجود رئيس للجمهورية، ويرى أن تفاوضاً من موقع القوة وتحضير خيارات وبدائل لعدم التفاهم مع الحريري، كان ولا يزال ممكناً له أن يُعيد الأمور إلى نصابها. وبخلاف ذلك تقول مصادر التيار إنها تفضل عدم منح التغطية المسيحية للحكومة الجديدة، وبالتالي عدم المشاركة فيها بأي شكل وتقديمها بصفتها حكومة الحريري وحده يتحمّل مسؤولية أعمالها ونتائج هذه الأعمال، والانتقال إلى العمل من الموقع النيابي والشارع، وكشف البعد الطائفي غير الميثاقي للحكومة وتحميل مَن يقدّم لها التغطية مسيحياً مسؤولية التلاعب بالتوازنات الوطنية التي كرّسها اتفاق الطائف، واعتبار التيار في معركة مزدوجة، معركة ذات طابع إصلاحي وأخرى لإعادة التوازن الوطني، وفرض احترام نتائج الانتخابات النيابية. وتقول المصادر إن التيار لن يعطّل قيام الحكومة رغم امتلاك رئيس الجمهورية صلاحية عدم توقيع أي تشكيلة حكومية يعتبرها مختلّة ميثاقياً، لأن الوضع الاقتصادي والسيطرة التي تمّت على الحراك وتوجيهها بوجه رئيس الجمهورية، سيحولان دون نجاح رئيس الجمهورية في تعديل الصورة، بل ستتيح معارضة الرئيس الفرصة لتصعيد الهجوم الذي يستهدف عهده.
هذا التمايز الآخذ بالتحوّل إلى تباين بين مقاربة كل من التيار الوطني الحر وثنائي حركة أمل وحزب الله، وخصوصاً حزب الله كحليفين، ولعل هذا ما رتّب الإعلان عن إطلالة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يُنتظر أن تتناول الملف الحكومي، وتفتح الباب للتساؤل عما إذا كانت كلمة السيد نصرالله ستعدّل المشهد لجهة العلاقة بين التيار والحزب أو لجهة تعامل حزب الله مع طرح الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة. وتقول مصادر متابعة إن السيد نصرالله الذي قال مع تشكيل الحكومة المستقيلة إن حزب الله لن يشارك ما لم يشارك حلفاؤه في اللقاء التشاوري قد يكون بوارد قول شيء أشدّ قوة في ما يخص التيار الوطني الحر، مع الأخذ بالاعتبار حساسية الوضع الاقتصادي، والحملة التي تستهدف حزب الله بتهم التعطيل لقيام حكومة جديدة.
لبنانياً، كان حدث هجوم النائب هادي حبيش على مكتب القاضية غادة عون وتهديدها على خلفية ملاحقتها موظفة محسوبة على حبيش بتهم الفساد والهدر والرشوة، على طاولة اجتماع طارئ لمجلس القضاء الأعلى خرج ببيان دعا فيه لملاحقة حبيش من النيابة العامة التمييزية ما يعني التقدّم بطلب لرفع الحصانة النيابية عن حبيش، ما يضع الكرة في ملعب المجلس النيابي في قلب الحملة على الفساد على الصعيد الشعبي والإعلامي.
وأكدت مجموعة الدعم الدولية للبنان في ختام اجتماعها في باريس «أن الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وأمنه وسيادته واستقلاله على أراضيه كافة، يتطلّب التشكيل الفوري لحكومة لها القدرة والمصداقية للقيام بسلة الإصلاحات الاقتصادية، ولإبعاد لبنان عن التوتر والأزمات الإقليمية».
ورأت مصادر مطلعة لـ”البناء” في البيان أبعد من مؤتمر لدعم ومساعدة لبنان للخروج من أزمته المالية والاقتصادية الى التدخل في الشؤون الداخلية، بوضع شروط على تأليف الحكومة كشرط إبعاد لبنان عن التوتر والأزمات الإقليمية، ما فسّرته المصادر على أن “تقييد لبنان من اتخاذ أي خطوة لإعادة النازحين السوريين والانفتاح الاقتصادي على سورية”.
إلى ذلك يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر غدٍ للحديث عن آخر المستجدات الداخلية، واللافت أن إطلالة السيد نصرالله ستكون بكلمة متلفزة وفق معلومات “البناء” وليس في إطار مناسبة، ما يدلّ على أن “مستجدّات حصلت خلال الأيام القليلة الماضية فرضت إطلالته، وهذه المستجدات بحسب مصادر مطلعة لـ”البناء”: “موقف وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي اعتبر حزب الله إرهابياً بمعرض حديثه عن تأليف الحكومة ما أشّر الى رفض أميركا مشاركة الحزب في الحكومة. وهذا ما لن يقبل به حزب الله. أما التطور الثاني فهو كلام المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة التي أعلنت بوضوح أن بلادها تدعم الثورات في المنطقة، أما الثالث فهو البيان الخطير لمجموعة الدعم الدولي في باريس الذي تحدّث عن أمرين: الدعم المشروط والتزام لبنان بالحياد عن الصراعات الإقليمية؛ ما يعني بحسب المصادر تجميد إعادة النازحين السوريين إلى سورية ومنع انفتاح لبنان الاقتصادي على سورية”، وتكتسب كلمة السيد نصرالله أهمية أخرى في أنها تأتي قبل يومين من موعد الاستشارات النيابية الملزمة، ما يؤشر الى أن موقف حزب الله سيكون حاسماً كما الاستشارات ستكون حاسمة وغير قابلة للتأجيل، بحسب مصادر بعبدا.
وفيما كان متوقعاً أن يعلن رئيس التيار الوطني الحر موقفاً نهائياً من موضوع الحكومة، رجحت مصادر التيار لـ”البناء” أن يعلن اليوم عدم تسمية التكتل للرئيس سعد الحريري في استشارات الاثنين، وعدم المشاركة في الحكومة والانتقال الى معارضة الحكومة والتعامل معها على “الملفّ”. ونقلت وكالة “الأناضول” عن مصدر مقرّب من باسيل قوله إنه “من المرجّح عدم مشاركة التيار بالحكومة لأنه لا يريد أن يكون شاهد زور بعد تجربته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري”.
إلا أن حزب الله بحسب مصادر “البناء” يرفض انتقال حليفه التيار الى المعارضة، كما حمل رئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب العوني سليم عون رسالة الى باسيل يطلب فيها أن حركة أمل ترفض بقاء التيار خارج الحكومة وتمنّيه مشاركته في الحكومة يتعاون فيها الجميع لإنقاذ لبنان.
وأعلن النائب علي بزي أنه سيتمّ عقد جلسة نيابية لمناقشة موازنة 2020 قريباً. وعقب لقاء الأربعاء، نقل عن بري قوله إن اجتماع مجموعة الدعم الدولي في باريس إشارة قوية لاهتمام المجتمع الدولي بلبنان أكثر من نيّة عدد من اللبنانيين الآخرين. وتابع “الرئيس بري متخوّف على مستقبل البلد في ظل أزمات تستوجب السرعة في حسم الملف الحكومي”. وركز بري على أهمية توفير الأمن الصحي والاجتماعي والحياتي والاقتصادي للمواطن اللبناني الذي عانى ويعاني جراء اعتكاف الوزارات والإدارات المعنيّة عن تحمّل مسؤولياتها وتفادي الكارثة التي ألمّت بالمواطنين جراء السيول، آملاً ألا يتكرّر المشهد مجدّداً ونهائياً وبانتظار المحاسبة والمتابعة من قبل اللجان المسؤولة التي تتابع الأمر”.على صعيد آخر، أثار مشهد تهجم نائب المستقبل هادي حبيش على القاضية غادة عون في قصر عدل جبل لبنان امتعاضاً واعتراضاً سياسياً وشعبياً وقضائياً واسعاً، لا سيما أن الاعتداء وضع في إطار تصفية حسابات سياسية. وفي المقابل طلب مجلس القضاء الأعلى بعد اجتماع استثنائي له من النائب العام التمييزي اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لملاحقة النائب المحامي هادي حبيش. مستنكراً ما تعرّضت له عون، وأعلن “دعمه الكامل للقضاة الذين يقومون بمهامهم القضائية بكل صدق وشفافية وحريّة، منوّهاً بما يعملون له في سبيل تحقيق العدالة وحماية أصحاب الحقوق، مع إبداء الاستعداد لمعالجة أي خلل مدّعى حصوله وفقاً للأصول القانونية”.
المصدر: صحف