ركزت افتتاحيات الصحف اللبناينة الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 11 كانون الاول 2019 على المراوحة في الملف الحكومي.. وبحسب صحيفة البناء ان هناك “معلومات عديدة تقاطعت تفيد بان الحريري هو من اتصل برئيس الجمهورية ودعاه إلى تأجيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة، معتبرة ان موعد الاستشارات الاثنين ثابت وعلى الجميع في النهاية أن يتحمل مسؤوليته” …
* الاخبار
«كارتيل» الأفران يأكل رغيف الفقراء
أعلنها اتحاد نقابات أصحاب الأفران والمخابز مواجهة مع الناس، مع اتخاذه، أمس، قراراً بخفض وزن ربطة الخبز التي تسعّرها وزارة الاقتصاد بألف وخمسمئة ليرة من 1000 غرام إلى 900 غرام. اتخذ هؤلاء قرارهم، ضاربين بعرض الحائط قراراً واضحاً لوزير الاقتصاد والتجارة يحذّر من خلاله بالتلاعب بوزن أو سعر ربطة الخبز… ومن فوقه القانون
رسمياً، وابتداءً من اليوم، ربطة الخبز التي تزن 1000 غرام وتسعّرها وزار الاقتصاد والتجارة بـ1500 ليرة، صارت تزن 900 غرام. هذا ما خرج به أعضاء اتحاد نقابات أصحاب الأفران والمخابز من جمعيتهم العمومية التي عقدوها أمس. فبعد ساعتين من التشاور، كان القرار بالإجهار بما بدأوا تطبيقه بالسر، منذ بداية الأزمة، وتحديداً منذ آب الماضي.
هكذا، أصبحت الـ«900» أمراً واقعاً لا تراجع عنه. هذا ما أعلنه أعضاء النقابات بالإجماع، وما أبلغوه لوزير الاقتصاد والتجارة، منصور بطيش، «live». لا ينتظر هؤلاء ما سيقرره الأخير، فهم قرروا أنه ابتداءً من اليوم ربطة خبز الفقراء، المدعومة من الدولة، طار منها مئة غرام، ولو كلّف الأمر «تسطير محاضر ضبط في حقنا» يقول نقيب أصحاب الأفران في الشمال، طارق المير. فيما لفت رئيس اتحاد نقابات المخابز والأفران كاظم إبراهيم، في مؤتمر صحافي، إلى أنه في حال «صدور أي ضبط في حق صاحب أي فرن أو طلب صاحب الفرن إلى القضاء، سنعلن الإضراب العام في كل المخابز والأفران فوراً ومن دون سابق إنذار»، مشيراً إلى أن «وزير الاقتصاد يهددنا بمحاضر الضبط فليسطر ما شاء من محاضر ونحن أقوياء بالحق وسنجابه بالحق».
هذه الخطوة التصعيدية التي أعلنها «الكارتيل» الجديد لحقها تصعيد آخر أرادوه «شديد اللهجة»، حذّروا خلاله وزارة الاقتصاد من تسطير المحاضر، لأن ضريبة ذلك ستكون «النزول إلى الشارع وإعلان الإضراب المفتوح»، يتابع المير. لا يجد النقيب ما يبرّر إصرار الوزير على السعر الحالي، ففي رأيه أن هذا التخفيض «لن يتأثر به المواطن ولا حتى وزارة الاقتصاد». مجرّد «إجراء». هكذا، يبرّر الأخير قرار إنقاص رغيفٍ من لقمة عيش المواطن. ولكن، فاته أن هذا الإجراء يأتي في ظل أزمة قاتلة تجعل من الصعب بالنسبة إلى البعض تحصيل هذا الرغيف. أما الأسوأ من ذلك فهو أن هؤلاء اتخذوا قرارهم من دون اعتبار للقوانين، وفي تحدٍ واضح للقرار الصادر عن بطيش، والذي يمنع التلاعب بسعر ربطة الخبز أو وزنها.
لا يأبه هؤلاء لقرار بطيش. فهم يعتبرون بأن «القرار يمثله وحده كوزارة اقتصاد». أما قرارهم هم فهو «تخفيض الوزن، ونقطة ع السطر». لكن، ما يقولونه لا يتطابق بمواصفاته مع ما يقوله بطيش، المصرّ أكثر من أي وقتٍ مضى، على عدم المساس برغيف الناس. فالمعادلة واضحة «المساس برغيف الخبز يعني المواجهة مع الناس، الذين هم في جلّهم فقراء». لا مجال للمساومة هنا، وما سيحصل بعد قرار الأمر الواقع، «أنني سأطبّق القانون». وهنا أيضاً «نقطة ع السطر». ينطلق بطيش في إصراره من الدراسة «الطازجة» التي قامت بها المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري، وقدّرت كلفة إنتاج ربطة الخبز زنة 1500 غرام بألف ليرة لبنانية.
وهذه كلفة تترك هامشاً كبيراً من الربح لأصحاب الأفران أولاً وآخراً. ولمزيد من التأكيد، قام بطيش من خلال «فريق عمل» خاص بدراسة ميدانية أمس أكّدت المؤكّد: كلفة ربطة الخبز زنة 1000 غرام لا تتعدى الألف ليرة، حتى مع زيادة سعر صرف الليرة مقابل الدولار. فحتى اليوم، لا يزال «الربح كبيراً». من هنا، لا مكان لإعادة النظر في سعر الربطة أو وزنها. الجواب نهائي من جانب وزير الاقتصاد. أما أصحاب الأفران فـ«تاركينهم لنشوف لوين بدهم يوصلوا».
هي كلمة واحدة، يقول بطيش، «أنا سأطبق القانون، ولا أرى أنهم مظلومون، فهامش الربح مفتوح أمامهم». وثمة أدلة كثيرة تبدأ بربطة الخبز «اللي حقها ألف وعم يبيعوها بـ1500»، ولا تنتهي بأنواع المخبوزات الأخرى التي لا تخضع هي الأخرى للرقابة.
يستغرب بطيش سبب هذا الإصرار في الوقت الذي يخضع القمح، وهو أهم مادة في صناعة الخبز، للدعم. هذا الدعم الذي يستحوذ على 12 مليون دولار من موازنة وزارة الاقتصاد البالغة 24 مليون دولار، أي أن نصف الموازنة يذهب إلى دعم القمح!
أرباح المطاحن تفوق الـ 100 دولار لطن القمح، فيما أرباح
المطاحن في مصر وسوريا لا تتعدى
الـ 20 دولاراً
ولئن كان بطيش ذاهباً من دون هوادة نحو تطبيق القانون، وإلا المواجهة مع الناس، يشير رئيس جمعية حماية المستهلك، زهير برو، إلى أن تصريح أمس لاتحاد نقابات الأفران والمخابز «يخبرنا بأننا أصبحنا أمام كانتون جديد متمثّل بالأفران». لا يستغرب برو هذا الأمر، فبرأيه، هذا «موضوع منتظر من قطاعٍ يقتات على الأزمات، فهو غالباً ما يستفيد من الأزمات من خلال استغلال دعم الوزارة وخزينة الدولة». هكذا، لا تخرج سيرة أصحاب الأفران وصراعهم من أجل الحفاظ على أرباحهم ولو على حساب الرغيف «من كونها استمراراً للسيرة التي بدأت قبل عشرات السنوات». مع ذلك، لا يجد برّو أن الحل مستعصٍ، فثمة حل متوافر منذ خمسة عشر عاماً «ويقول بأن تكون هذه السلع مثلها مثل السلع التي يتم دعمها من الدولة، أي أن يكون لها جدول أسعار كالمازوت والغاز، إذ لم يعد مقبولاً أن تصل الأرباح على سلعة أساسية كالخبز إلى حدود 70 إلى 80%».
من جهة أخرى، يفيد التذكير، بحسب برو، بأن مادة القمح «لا يستخدم منها أكثر من 30% في صناعة الخبز الأبيض المدعوم، وأن النسبة المتبقية تُستخدم لصنع سلعٍ غير مدعومة وغير محدّدة السعر»، ما يعني أن ثمة هامش ربحٍ من «قطاع» رديف يقدّر بحدود 70%. وهذه لا علاقة للدولة بها. لذلك، وانطلاقاً من هنا «كفى ابتزازاً للدولة والخزينة بحجة أنهم قطاع أساسي…. وإلا فليكن خيار الدولة بأن تذهب إلى إقفالهم».
هذه ليست دعوة «مجانية»، يقول برو، وإنما حاجة خصوصاً في هذا الظرف. أما الحاجة الأكثر إلحاحاً، فهي مراجعة أرباح المطاحن التي تفوق المئة دولار لطن القمح، فيما «أرباح المطاحن في مصر وسوريا لا تتعدى الـ20 دولاراً تقريباً». ومن هنا، يجب أن تبدأ المعركة.
التيار الحرّ إلى المعارضة؟
حتى ليل أمس، ثابتتان كانتا لا تزالان تحكمان الأيام الخمسة المتبقية قبل موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي حدّد رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين المقبل موعداً لها: الأولى أن رئيس الجمهورية لن يؤجّل الاستشارات مجدداً، والثانية أنه لا يريد سعد الحريري على رأس الحكومة المقبلة بعد الطعنة التي وجّهها الأخير للتسوية الرئاسية باستقالته، وبعد الإخراج السيئ الذي اعتمده رئيس الحكومة المستقيل لنكثه بوعده دعم وصول المهندس سمير الخطيب إلى رئاسة الحكومة.
عملياً، نجح الحريري، بمناورة الخطيب، في فتح باب الاستشارات الذي كان مقفلاً بقرار من عون، كما نجح عبر بوابة دار الفتوى في إغلاق المجال أمام طرح أي اسم آخر لرئاسة الحكومة تحت طائلة «الحرم الديني». وأرفق ذلك برسالتين متشددتين أمس: أولاهما العودة الى نغمة «تشكيل حكومة اختصاصيين تحوز الثقة المطلوبة محلياً وخارجياً» كما ورد في بيان كتلة المستقبل النيابية أمس، وثانيتهما العودة إلى إغلاق الطرق ليلاً.
وفق مصادر في 8 آذار، فإن إصرار الرئيس عون على إبقاء الاستشارات في موعدها قد يقود الى تكليف ضعيف للحريري، من دون أصوات التيار الوطني الحر وكتلة «الوفاء للمقاومة» وحلفائهما (قد تسمي كتلة الرئيس نبيه بري الحريري)، من دون أن يعني ذلك نجاحه في التأليف.
وفيما لا تزال مشاركة وزير الخارجية جبران باسيل العقدة الأبرز، أكدت مصادر التيار الوطني أن «موقفاً مهماً ونوعياً وكبيراً» سيعلنه باسيل اليوم أو غداً. مصادر مطّلعة أكدت لـ«الأخبار» أن قرار باسيل قد يكون بإعلان الانتقال إلى المعارضة وعدم مشاركة التيار في حكومة الحريري. وفي هذا السياق، نقلت محطة أو تي في عن أوساط التيار، أمس، أنه «يختار نجاح الحكومة على وجوده فيها، ولذلك هو قادر على الذهاب إلى الاستشارات بموقف ينسجم مع هدف وحيد، هو تكليف رئيس حكومة تتوفر فيها شروط النجاح». وقالت مصادر في 8 آذار إن قراراً كهذا لا يحظى بدعم حزب الله الذي يعتبره «تنفيذاً لأوامر أميركية».
في غضون ذلك، يواصل الحريري مراكمة أوراقه بالتعويل على المجتمع الدولي، وعلى ما سيصدر في ختام اجتماع «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان» في باريس اليوم، لتقوية شروط تفاوضه بشأن الحكومة المقبلة. وهو استبق كل ذلك بسلسلة اتصالات في اليومين الماضيين، برؤساء ومسؤولي عدد من الدول، بينها السعودية وروسيا ومصر وتركيا والصين وأميركا وبريطانيا والكويت وغيرها، تحت ذريعة طلب مساعدة لبنان لتأمين اعتمادات للاستيراد بما يؤمن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات. ووفق بيان رئاسة مجلس الوزراء، تأتي هذه الجهود «لمعالجة النقص في السيولة». مفهوم يتطابق وأسس النموذج الاقتصادي اللبناني المعتمد ما بعد الطائف، القائم على الاستدانة ومراكمة الديون لمعالجة العجز المالي الذي سببه هذا النظام بالذات. يجري ذلك وسط إنكار حريريّ تام للانهيار الاقتصادي والإفلاس جرّاء «استراتيجية التسوّل» مقابل فرض مزيد من الرسوم والضرائب على اللبنانيين لإفقارهم.
عودة الحريري إلى نغمة «حكومة اختصاصيين»
وإلى إغلاق الطرق
في حين يستفيد المجتمع الدولي، ولا سيما فرنسا التي دعت الى اجتماع باريس، من هذا السقوط لإبقاء نفوذها السياسي قائماً في لبنان. وقد أتى بيان وزارة الخارجية الفرنسية في هذا السياق موضحاً «أن الهدف من المؤتمر هو أن يتمكن المجتمع الدولي من الدعوة إلى تأليف سريع لحكومة فاعلة، وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي، وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني».
وتقول المعلومات إن البيان الذي سيصدر عن «مجموعة الدعم الدولية» اليوم والتي سينضم إليها ممثلون عن دول الخليج وعن الهيئات المالية في الأمم المتحدة، سيتطرق الى «تشكيل حكومة تنفذ الإصلاحات التي نصّ عليها سيدر وتعمل على مكافحة الفساد». وهي «الإصلاحات» نفسها التي أوردها الحريري في خطته الاقتصادية الأولى. ويتضمن البيان إشارة الى «مساعدة لبنان على فك ارتباطه بالصراعات الدولية والإقليمية، فضلاً عن مساعدات إنسانية لم تحدّد ماهيتها». وتربط المصادر بين هذه المساعدات وتقرير «هيومن رايتس ووتش» أمس حول تدهور الوضع الصحي والإنساني في لبنان. وقد استند التقرير الى إفادات عاملين في القطاع الطبي ومسؤولين حكوميين لبنانيين يحذّرون من عجز المستشفيات عن تقديم الجراحة المنقذة للحياة والرعاية الطبية العاجلة للمرضى جرّاء الأزمة المالية قريباً. ويطالب نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك، في التقرير، ببذل الحكومة «كل جهد ممكن لتوظيف مواردها المتاحة للوفاء بالتزاماتها بالحدّ الأدنى بموجب القانون الدولي».
المواجهة المباشرة: شروط أميركا أو ضدّها؟
ابراهيم الأمين
لم يكن بمقدور الرئيس سعد الحريري وداعميه امتلاك هامش مناورة أكبر في معركة التكليف. صحيح أنه نجح، إلى حدّ بعيد، في استثمار الحراك الشعبي لإطاحة بدلاء منه لرئاسة الحكومة. لكنه فعل ذلك متّكلاً على أن حسابات القوى المحلية معطوفة على معطيات الإقليم والعالم، تمنع أحداً من الدخول في مواجهة شاملة. وهو يتصرف، الآن، على أساس أن في إمكانه إقفال باب الانتساب الى نادي رؤساء الحكومة حتى إشعار آخر. وساعده في ذلك كثيرون، من بينهم منافسون له على موقع رئاسة الحكومة وعلى الزعامة السنية.
بعد إطاحة الوزيرين السابقين محمد الصفدي وبهيج طبارة، اضطر الحريري الى استخدام أسلحة نوعية لإطاحة سمير الخطيب. هذه المرة، وجد أنه لا مناص من الكشف عن الوجوه، عندما خاض معركة حماية الصلاحيات والدستور، رافضاً التفاوض على الشخص قبل التكليف، والتفاوض على التركيبة قبل التأليف. لكنه لم ينتبه الى أنه سيكون مضطراً إلى استخدام السلاح نفسه لإطاحة المرشح، ما أوصل الأمور الى لحظة تطلبت منه استنفاراً مذهبياً، تحت عنوان تمثيل السنّة، لإطاحة الخطيب، علماً بأن الاخير لم يقدم على أصل البحث في الحكومة إلا بعدما سمع من الحريري نفسه أنه يرشّحه ويدعمه.
في عودة الى وقائع اليوم الأخير من رحلة الخطيب، تبيّن أن الرجل كان في ضيافة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، حين حضر فجأة وزير الاتصالات المستقيل محمد شقير، موفداً من الحريري، وحاملاً رسالة تقول إن تطورات استجدّت؛ أبرزها إعلان العائلات البيروتية رفضها تكليف الخطيب، وأن دار الفتوى تستعد لعقد اجتماع موسّع للمجلس الشرعي الإسلامي لإصدار موقف يعارض ترشيحه، وأن هناك استعداداً لاحتجاجات كبيرة في صيدا والبقاع والشمال.
سمع الخطيب الرسالة، كما سمعها إبراهيم، واتفق عندها على أن يتوجه الخطيب الى بيت الوسط على الفور وإعلان عزوفه من هناك. لكن الحريري رفض، معتبراً أنه سيصار الى تحميله المسؤولية، واتفق على مخرج يقوم على زيارة الخطيب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ليعلن من هناك اعتذاره، ثم الذهاب الى بيت الوسط لإبلاغ موقفه هذا الى رئيس الحكومة.
الخطيب كان يحتاج الى هذا المخرج، لأنه لا يريد الدخول في مواجهة مع «أهل بيئته». وهو كرر أن الحريري رشحه، وأنه يفضّل أن يعلن تراجعه من بيت الحريري. لكنه كان يسعى في تلك اللحظات الى تقليل حجم الأضرار التي أصابته، علماً بأن كثيرين لم يكونوا يصدقون أنه سيشكّل الحكومة، وخصوصاً أنه هو نفسه كان قد عبّر عن امتعاضه من طريقة تصرف الوزير جبران باسيل معه. وروى كيف أن الأخير حاول فرض صيغة حكومية وتوزيع الحقائب بطريقة لا تراعي أنه ليس هو من يشكّل الحكومة.
عملياً، انتهت اللعبة من خلف الستارة. وها هو الحريري حقق انتصاره الأكبر بانتزاع موقف معظم القيادات الدينية والاجتماعية والسياسية من السنّة بدعم ترشيحه. ما يعني عملياً أنه لن يكون هناك من يجرؤ على الترشح في وجهه في هذه المرحلة على الأقل. لكن الحريري لم يرد من خلال هذه الخطوة تثبيت مقولة أنه المرشح الوحيد، بل أراد القول إنه بات يمسك بورقة قوية في أي تفاوض حول الحكومة نفسها. ولذلك عاد ليسرّب بأنه لن يقبل بحكومة لا يؤلّفها هو، وعاد ليكرّر معزوفة: ليشكّلوا حكومة من دوني!
عند هذا الحد، انتقل اللاعبون الى العلن. صارت المعركة على المكشوف. ولم تعد هناك أوراق مستورة. حتى الحراك نفسه الذي تضرّر كثيراً في الأسبوعين الماضيين، لم يعد بمقدوره إدخال تعديلات جوهرية على المشهد السياسي، ولا سيّما أن الحريري صار لاعباً مكشوفاً في الشارع أيضاً، ما يعني للكل أن قواعد التفاوض تغيّرت.
عملياً، الحريري لا يزال يكرر أنه يريد حكومة تكنوقراط، وهدفه ليس إرضاء الجمهور فقط، بل يريد تركيبة حكومية تمكّنه من الحصول على دعم الخارج لمواجهة الانهيار الاقتصادي. وهو في هذا المجال، بدأ نقاشاً تفصيلياً منذ صباح أمس، والتقى عصراً موفداً من الرئيس نبيه بري، وينتظر جولة من التفاوض مع الثنائي الشيعي قبل التوجه الى القصر الجمهوري.
وإذا كان الرئيس ميشال عون مصرّاً على إجراء الاستشارات الاثنين المقبل، إلا أن نتيجة التكليف قد لا تنعكس سهولة في التأليف. وهذا ما يفتح الباب أمام تساؤلات من نوع مختلف، وخصوصاً ان هذه الوضعية ستفرض تعديلاً على استراتيجية تحالف حزب الله ــــ التيار الوطني الحر، مع العلم بأن فريق 8 آذار لا يريد البقاء أسير رغبات الحريري. ولو أن البعض يعتقد أنه لا وجود لمرشح آخر غيره.
مشروع الحريري الآن يقول إنه سيعرض تشكيلة حكومية خالية من السياسيين، على أن تضم ممثلين للقوى السياسية لكن من صنف التكنوقراط. وهاجسه إصدار بيان وزاري خالٍ من الكلام السياسي، وخصوصاً في ما يتعلق بملف المقاومة من جهة وملف العلاقات مع سوريا وإيران من جهة ثانية. وهو يعتقد بأن الوضع الاقتصادي والمالي سيكون عوناً له، فكيف إذا تمكن من الحصول على دعم مباشر من الخارج، ولا سيما في مؤتمر باريس لدعم لبنان.
في هذا المجال، لا يبدو أن الفريق الآخر مرحّب بأفكار الحريري. ومع أن الرئيس عون لم يعد يمانع تشكيل حكومة من دونه، إلا أن حلفاء رئيس الجمهورية ينظرون الى الأمر من زاوية سياسية بحتة. ومعطياتهم تقول إن الحريري يريد حكومة تحظى بمباركة المجتمع الدولي للوصول الى لحظة استعادته شخصياً ثقة الخارج به. وذلك لا يتم من دون برنامج عمل حكومي لمدة زمنية محددة، وبأهداف محددة، وهو الأمر الذي لن يمر بسهولة.
عملياً، الحريري لا يزال يكرر أنه يريد حكومة
تكنوقراط خالية من السياسيين
ومن بيان سياسي
في جانب التيار الوطني الحر، يقترح باسيل فكرة أن يترك الحريري يشكل حكومة مع حلفائه من دون مشاركة التيار وحزب الله. لكن الحزب لا يبدو مرحّباً بقوة بهذه الفكرة، ما يفتح الباب على نقاش قد يطول، مع ثوابت فريق 8 آذار التي تقول الآتي:
أولاً: إذا كان الحريري يريد تولّي رئاسة الحكومة، فسيكون هناك تمثيل سياسي واضح من جانب فريق 8 آذار. وهذا يعني عودة جبران باسيل وعلي حسن خليل وآخرين من الصنف السياسي الحاد نفسه. وبالتالي، لا مجال لغياب الممثلين السياسيين الواضحين.
ثانياً: إن فريق 8 آذار لن يقبل بتمثيل مقنّع للقوى السياسية الأخرى. وإذا اختار الحريري وزيراً تقنياً متفقاً عليه مع القوات اللبنانية أو مع وليد جبنلاط، فهذا يتطلّب إعلان ذلك علناً.
ثالثاً، إذا قرّر الحريري المضيّ في مشروعه، فهذا يعني أنه سيكون في مواجهة سياسية كبيرة تبدأ مع البيان الوزاري. إذ ترفض قوى 8 آذار أي بيان لا يشير صراحة الى حق لبنان في مقاومة الاعتداءات الإسرائيلية وفي حماية المقاومة كخيار في تحرير بقية الأرض المحتلة وفي مواجهة التهديدات الخارجية.
رابعاً: إن قوى 8 آذار، ولا سيما تحالف حزب الله ــــ التيار الوطني الحر، سترفض فكرة الذهاب نحو استدانة إضافية، سواء تحت اسم سيدر أو أي اسم آخر. وسيعود الجميع ليكتشف حجم الخلافات حول الورقة الإصلاحية التي قدّمها الحريري سابقاً. وستعتبر قوى 8 آذار الحريري مسؤولاً عن أي عرقلة أو تعطيل مشروعَي التكليف والتأليف.
خامساً: إن برنامج الحريري الوزاري يقتصر على إنتاج قانون جديد للانتخابات النيابية، المفضّل أن تكون مبكرة. لكنه يريد وضعاً يسمح له بالسير في عملية خصخصة القطاع العام من أجل أن يستدرّ أموالاً إضافية.
سادساً: إن محاولة وضع لبنان تحت الوصاية بسبب سوء الوضع الاقتصادي والمالي، سيقابلها رفض مطلق للشروط الخارجية التي تريد تقليص القطاع العام بطريقة صعبة معقّدة، وتدفع باتجاه وضع لبنان تحت وصاية المجتمع الدولي اقتصادياً لمواجهة الانهيار.
حرب باردة بين «الثوار»: من ينسّق «الثورة»؟
تدور حرب باردة بين هيئة تنسيق الثورة وبعض المجموعات الناشطة في الثورة. الأسباب ليست كثيرة، لكنها تتراوح ما بين فرض الهيئة نفسها كناطق باسم الثوار، وضمها لحزب سبعة «السيّئ السمعة». أخيراً دخل بعض المصلحين على خط عقد اجتماع للمّ الشمل وإرساء أرضية حوار مشتركة
منذ انطلاقة ما يُسمى بـ«هيئة تنسيق الثورة» التي أذاع بيانها الأول العميد المتقاعد جورج نادر من ساحة الشهداء، بدأت علامات الاستفهام تتكاثر حول هدف هذه الهيئة وتوجهات أعضائها. وكلما أصدرت الهيئة بياناً، زاد توتر المجموعات الأخرى، لعدة أسباب أهمها اسم الهيئة بشكل خاص. فمن عمد إلى إطلاق تسمية «هيئة تنسيق الثورة على نفسه، يدرك ضمنياً أنه سيتم التعامل مع البيانات الصادرة عنه على أنها تمثل كل المجموعات وخصوصاً مع المبالغة في أعداد المجموعات المنضوية ضمن الهيئة»، يقول شبان من مجموعات خارج الهيئة، رافضين نشر أسمائهم. إلا أن ما لا يقوله هؤلاء مباشرة أن إحدى المشكلات الرئيسية مع الهيئة، هو ضمّها حزب سبعة إلى صفوفها. فيما المشكلة الأخرى تتعلق بأسلوب عمل هيئة التنسيق وإصرارها على عقد مؤتمرات صحافية للإيحاء بحيازتها على تفويض رسمي، بينما يمكن الاكتفاء ببيان من دون «همروجة إعلامية».
الاعتراض الثالث هو على تأييد بعض المجموعات المنضوية في الهيئة لحكم العسكر واقتناعهم بضرورة حصول انقلاب عسكري يؤدي إلى تسلم الجيش زمام الحكم. «الثغرة هنا»، يقول قائد إحدى المجموعات، بأن «هيئة التنسيق تدّعي ضمها لنحو 80 مجموعة زوراً، والدليل الحشد الذي واكب دعوة العميد نادر للاعتصام أمام المرفأ، ومن تظاهروا على طريق القصر الجمهوري بطلب من حزب سبعة». بنظره، «لا مصداقية لهؤلاء لدى الناس وخصوصاً مع ارتباط أسمائهم ببعض الأجهزة الأمنية». ظلت الانتقادات مدفونة إلى حين عقد الهيئة لمؤتمر صحافي يوم الأحد الماضي. تلت مقررات اجتماع الهيئة يومها كارلا علام، إحدى الناشطات في مجموعة «التيار/الخط التاريخي» التي تضم شابات وشباناً فُصلوا من التيار الوطني الحر أو استقالوا أو خيب آمالهم كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل. لم يكن مضمون الكلام مستفزاً لأي مجموعة بل كان رفضاً «لمهزلة التأليف قبل التكليف، ورفضاً لترشيح رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري لرئاسة الحكومة من جديد». كذلك دعت الهيئة الى «إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق القانون النسبي وتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة»، الأمر الذي لا يزال محور اختلاف بين المجموعات الناشطة. بسرعة، نُظمت حملة على كارلا علام، وتم تخوينها وإطلاق الشتائم والصفات المسيئة لها، عبر نشر صور من حسابها على موقع «فايسبوك» تجمعها بباسيل والنائب العوني آلان عون. الصور تلك تعود إلى عام 2016، فيما كل منشورات علّام الأخيرة تحمل انتقادات سياسية لأداء التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية. بدا واضحاً لبعض أعضاء الهيئة أن الهدف وراء الحملة هو «شيطنتنا بمختلف الطرق عبر وضعنا في خندق واحد مع الأحزاب السياسية وتصويرنا وكأننا ننفذ أجنداتهم».
في الأصل، تضم الهيئة نحو 67 مجموعة. وربما لذلك، يقول بعض أعضاء تلك المجموعات، ثمة مسعى منذ اللحظة الأولى لفكّ ارتباطات هذه المجموعات، بعد أن نجحنا في خلق مساحة مشتركة لعدد أوسع من الشابات والشبان من مختلف المناطق ويحملون أفكاراً متنوعة. حملة التشهير بالهيئة، وفقاً للعميد المتقاعد جورج نادر، تدرّجت من «قواص حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر في الشهر الأول علينا بأننا نتحرك عبر توجيهات من الحزب الاشتراكي والقوات وتيار المستقبل، إلى حملة قواتية بأغلبيتها ويشارك فيها بعض شباب تيار المستقبل بأننا ننتمي إلى التيار الوطني الحر؛ رغم أن كارلا تركت التيار منذ عام. ندرك جيداً أن القوات والمستقبل مش شايفين إلا سعد وهالهم رفضنا علانية وعبر مؤتمر صحافي لإعادة تكليفه. ونحن ما شايفين الفريقين. علماً أن بعض الذين شاركوا في الحملة علينا عبّروا عن طيبة قلب وغيرة على الثورة لا أكثر». يرفض نادر ما يحمّله إياه عدد من المجموعات عن ادّعاء الهيئة قيادة الثورة، نافياً أن يكون أي عضو في الهيئة قد قال أي كلمة في هذا الإطار.
نادر: «حزب سبعة» لم يعد عضواً في «هيئة تنسيق الثورة»… وهو منذ البداية يعمل لوحده
ويتحداهم بإبراز أي تصريح أو بيان أو منشور يدل على ذلك: «البعض مزعوجون من التسمية. نحن 67 مجموعة ننسق في ما بيننا ومع المجموعات الأخرى. شعاراتنا واضحة وهي ضد تدخل المرجعيات الدينية في تسمية المرشحين، ونؤكد أنه إذا ما أعيد تكليف الحريري سنعود إلى يوم مماثل ليوم 17 تشرين الأول. وهنا تتحمل السلطة السياسية كل ضربة كفّ ونقطة دم». يشير نادر إلى أن هناك غرفاً سرية للأحزاب وجيوشاً الكترونية همها الرئيسي ضرب الثورة وأكبر صورة لتحالفهم ظهر في انتخابات نقابة المحامين. «وصل الأمر بهذه الأحزاب إلى اتهامي بالعمالة للولايات المتحدة… نحن أوامرنا من جوّا… من الساحات وإذا كان يملك أحدهم أي دليل على تنسيق أي عضو من هيئتنا مع أي طرف مشكوك في أمره فليبلغنا بذلك». وبحسب نادر، حزب سبعة لم يعد عضواً في هيئة التنسيق، «وهو منذ البداية يعمل بمفرده من دون التعاون معنا».
أخيراً تدخل بعض المصلحين لإنهاء الحرب الباردة بين هيئة التنسيق وبعض المجموعات الأخرى كـ«بيروت مدينتي» و«لحقي» و«كلنا وطني» والكتلة الوطنية و«لبنان عن جديد» والحزب الشيوعي وغيرهم. يقوم هؤلاء بمبادرة لإرساء مساحة مشتركة بين الجانبين بعيداً عن التوضيحات والتوضيحات المضادّة. تقرر عقد اجتماع مشترك لم يُحدد ما إذا كان نهار الجمعة المقبل أو السبت، للتوافق حول أفكار أساسية كإجراء الاستشارات النيابية وتشكيل حكومة في أسرع وقت على أن تكون «نظيفة» ومؤلفة من «كفاءات إنما خالية من حيتان السياسة المعروفين». الكل متفق مسبقاً على «رفض فرض المفتي لسعد الحريري كرئيس حكومة وهو ما عبّرت عنه غالبية الناشطين على مواقع التواصل، إلا أن المحطات التلفزيونية لم تنقل الآراء المعبّرة عن هذا الرفض، لأسباب نجهلها».
* اللواء
خارطة طريق عربية – دولية للخروج من الأزمة: حكومة سريعة تُلبّي طموحات الشعب
التيار العوني لن يُسمّي الحريري واجتماع مرتقب بين نصرالله وباسيل.. وتصفية حسابات سياسية في الشارع والقضاء
قبيل ساعات محدودات من بدء أعمال مجموعة الدعم الدولية للبنان، التي تجتمع اليوم في باريس بالتنسيق بينها وبين مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، طرأت عناصر دولية وعربية وداخلية تتعلق بالتطورات في لبنان وخارطة الحل الممكنة.
ويشارك فيه إلى جانب لبنان كل من الصين، مصر، المانيا، إيطاليا، الكويت، روسيا، المملكة العربية السعودية، الإمارات، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، صندوق النقد الدولي وجامعة الدول العربية.
وحث وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لوديان اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة بسرعة أو المخاطرة بتفاقم الأزمة المالية، لأن أي تأخير سيؤدي لاستمرار تفاقم الوضع.
والاهم عربياً، دعوة مجلس التعاون الخليجي في قمته السنوية التي انتهت أعمالها في الرياض أمس اللبنانيين إلى التعامل بحكمة مع التطورات الأخيرة، بطريقة تُلبّي «التطلعات المشروعة» للشعب اللبناني.
وقال قادة الخليج في بيانهم الختامي إنّ مجلسهم حريص على «أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق».
كما أعرب عن أمله «في أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية وبما يلبي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني».
من جهته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود في مؤتمر صحافي إنّ «استقرار لبنان مهم جدا جدا للمملكة (…) والأهم أن يمضي الشعب اللبناني والنظام السياسي في طريق تضمن الاستقرار والاستقلالية».
مواقف متناقضة
وعلى الصعيد السياسي، بدأت تباشير تعقيد تشكيل الحكومة من الامس، بعد المواقف المتناقضة التي صدرت من «بيت الوسط» ومن الاطراف الاخرى لا سيما المقربين من رئاسة الجمهورية، حول شكل الحكومة قبل البحث في الشخصية التي تتولى رئاستها، بحيث بانت الفوارق بين موقف الرئيس سعد الحريري المتمسك بحكومة تكنوقراط «او ليشكلوا حكومة كما يريدون من دوني والله يوفقهم»، كما سرّبت مصادر «بيت الوسط» ومن ثم اكدته كتلة المستقبل في بيانها بعد اجتماعها برئاسة النائب بهية الحريري، فيما قالت اوساط مطلعة على موقف القصر الجمهوري و«فريق8 اذار» ان المفاوضات حول الوضع الحكومي استؤنفت من حيث توقفت مع سمير الخطيب، اي تشكيل حكومة تكنوقراط مع عدد قليل من السياسيين، متسائلة عما اذا كان سعد الحريري سيبقى مرشحا وحيدا لرئاسة الحكومة؟.
وذكرت مصادر متابعة ان الاتصالات بدأت في دوائر مغلقة ولكن لم يشارك فيها الرئيس نبيه بري حتى الان، حيث تسربت معلومات عن مصادر قريبة منه «ان احداَ لم يطلب منه بعد التدخل. فيما كانت اهتمامات بري منصبة على الخرق الاسرئيلي للمياه الاقليمية اللبنانية بالتنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم تسعة المحاذي للحدود الجنوبية».
لكن المصادرالمتابعة قالت ان لدى الحريري اشكالية في المفاوضات مع ثنائي «امل وحزب الله» التي لم تنتهِ الى نتيجة بعد، وان كل شيء ممكن الحدوث بعد التصلب في المواقف من الطرفين، حيث يصرالرئيس ميشال عون على إجراء الاستشارات النيابية الملزمة مهما كان موقف الرئيس الحريري وليختار النواب من يريدون.
واكدت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية حدد مواصفات الحكومة الجديدة وهو لا يزال على موقفه لجهة قيام حكومة تكنوسياسية تضم وزراء سياسيين وتكنوقراط والحراك المدني ولا تراجع عن هذا الامر مشيرة الى ان تمسكه بذلك يعود الى ان وضع البلد فرض ذلك. ولم تتحدث المصادر عن اي اتصالات محددة قامت وانه لا يمكن القول منذ الأن عن اتجاه لتأجيل الاستشارات النيابية المحددة الاثنين المقبل.
الى ذلك افادت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري لا يزال عند شروطه التي تلقى اعتراضا من الثتائي الشيعي والتيار الوطني الحر وحلفائهم مؤكدة ان الاحتمالات ضيقة اي اما ان يرضى الرئيس الحريري بحكومة تكنوسياسية او يعتذر ويسمي أحدا من قبله يحظى بموافقة الافرقاء لكنها لاحظت ان التجارب في تسمية شخصيات اخرى غير مشجعة وما جرى مع كل من الوزير محمد الصفدي والوزير السابق بهيج طبارة ووليد علم الدين وسمير الخطيب خير دليل، واوضحت انه ليس معروفا اذا كانت هناك خيارات اخرى خصوصا ان دار الفتوى حسم رأيه مشيرة الى ان هذا هو المشهد حتى الآن، وازاء ذلك لم تستبعد المصادر اطالة فترة تصريف الاعمال على انه في ظل الازمة الراهنة تقوم حكومة تصريف الاعمال بواجباتها مع العلم ان المطلوب تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن.
يُشار إلى ان النشاط الوحيد المعلن عنه في «بيت الوسط» كان اجتماع الرئيس الحريري مع الوزيرين ريّا الحسن وعلي حسن خليل في حضور مستشاره الاقتصادي الدكتور نديم المنلا، وتناول الاجتماع الأوضاع المالية والاقتصادية العامة، من دون ذكر تفاصيل.
وتحدثت المعلومات ان موازنة العام 2020 كانت بنداً اول على طاولة اجتماع بيت الوسط.
وردًا على ما تداولته بعض وسائل الاعلام من شروط مزعومة يضعها الرئيس الحريري لتشكيل حكومة، أوضحت مصادر «بيت الوسط» ان الرئيس الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنع المجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة.
اما اذا كان هناك من يصر على حكومة تكنو-سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الرئيس الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة.
تكتل «لبنان القوي»
وكان من المقرّر ان يعقد تكتل «لبنان القوي» اجتماعه الأسبوعي أمس، لكن الاجتماع ارجئ من دون ذكر الأسباب، باستثناء انه لا يمكن استباق التطورات على إيقاع ترقب جولة جديدة من الاتصالات والمشاورات في الكواليس.
وفي معلومات «اللواء» ان التكتل لن يسمي الرئيس الحريري في الاستشارات الاثنين المقبل، وان هناك اجتماعاً مرتقباً سيحصل قبل الاستشارات بين الوزير جبران باسيل والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله.
وبحسب المعلومات أيضاً، فإن الحزب سيحدد موقفه بوضوح يوم الجمعة والذي لا ينسجم مع مواقف الحريري، بل انه يعترض عليها، ولا سيما لجهة فرض رأيه على أي طائفة، أو ان يترك للولايات المتحدة مهمة تشكيل الحكومة، وهذا يعني ان الأمور ليست ذاهبة إلى حلحلة، بل ربما إلى تعقيد يطيل فترة تصريف الأعمال.
وذكّرت أوساط سياسية عبر الـ«أو تي في» أن «التيار الوطني الحر» أعلن بوضوح في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيسه جبران باسيل في 3 كانون الأول الجاري، أنه ليس متمسكاً بالكراسي، وأنّ الأولوية بالنسبة إليه هي تأليف حكومة قادرة على النجاح، بعد أن تحظى بدعم الناس وثقة الكتل النيابية.
وجددت الأوساط المذكورة الإعراب عن أسفها بعدما أسقط الحريري للمرّة الثالثة خيار المرشح المتوافق عليه، الذي سبق له هو ان سمّاه، فارضاً معادلة صعبة مفادها أن المرشح الوحيد للطائفة السنيّة هو الحريري نفسه ولا احد غيره.
وبناء عليه، شددت الأوساط عينها على ان التيار يختار نجاح الحكومة على وجوده فيها، ولذلك هو قادر على الذهاب إلى الاستشارات بموقف ينسجم مع هدف وحيد، هو تكليف رئيس حكومة تتوفر فيها شروط النجاح.
ونوهت الأوساط السياسية أن التيار يشارك في الاستشارات بضمير مرتاح لأنه لم يمارس يوماً الحرد السياسي، بل حاول وحاور وفتح خطوط التواصل واقترح، لكنه اصطدم مرة بعد مرة بذهنية لا تزال تمنح المصالح السياسية الخاصة الأولوية، على حساب مصلحة الوطن.
وختمت الاوساط السياسية بالعبارة الآتية: «انتظروا التيار في الأيام المقبلة حيث لا تتوقعون».
مؤتمر باريس
في هذا الوقت، يتركز الاهتمام على ما يمكن ان يخرج به اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان من نتائج عملية على صعيد مساعدة لبنان في تجاوز أزماته المالية والاقتصادية والسياسية، في وقت تأكد ان المملكة العربية السعودية ستشارك في المؤتمر مع ممثّل عن دول الإمارات.
وعشية الاجتماع قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أمس إن استقرار لبنان بالغ الأهمية بالنسبة للمملكة.
وأضاف الوزير السعودي أنه لن يستبق الحكم على مؤتمر دعم لبنان الذي سيعقد اليوم في باريس وأنه سينتظر نتائج هذا المؤتمر.
وردا على سؤال بشأن المساعدات للبنان، قال الأمير فيصل خلال مؤتمر صحفي بعد قمة لدول الخليج العربية في الرياض أمس إن شعب لبنان ونظامه السياسي بحاجة إلى إيجاد طريق للمضي قدما يضمن استقرار لبنان وسيادته».
اما وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان فقد أوضح ان الهدف من دعوة مجموعة الدعم الدولية هو حث السلطات اللبنانية على إدراك خطورة الوضع والاقتراح عليها بالمضي قدماً نحو الإصلاحات، وهذا يعني أخذ دعوة الشارع والمتظاهرين بعين الاعتبار، وتشكيل حكومة بسرعة والتأكد من ان هذه الحكومة قادرة على ان تقوم بالاصلاحات التي يحتاجها هذا البلد.
وفي مسودة البيان الختامي لمؤتمر باريس، والذي وزّع مساء أمس في بيروت، أكدت مجموعة الدعم الدولية «أنّ الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وأمنه وسيادته واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه يتطلب تشكيلًا سريعاً لحكومة تكون لديها القدرات والمصداقية لتنفيذ سلسلة من السياسات الحقيقية للاصلاحات الاقتصادية بالاضافة الى التزامها بفصل البلاد عن التوترات والأزمات الإقليمية.هذا الأمر يتطلب الالتزام الكامل للسلطات اللبنانية بتطبيق التدابير والإصلاحات الحاسمة في الوقت المناسب».
ودعا أعضاء المجموعة الدولية ISG السلطات اللبنانية خلال الأسابيع الاولى بعد تشكيل الحكومة الجديدة إلى إقرار موازنة 2020 بحيث تكون جديرة بالثقة وتتضمن تدابير دائمة للنفقات والايرادات تهدف الى تحسين مستدام في الميزان الاساسي في حين تعمل على تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي للحفاظ على السكان الضعفاء. كما يحثون السلطات اللبنانية على اتخاذ إجراءات حاسمة لاستعادة استقرار القطاع المالي، ومعالجة الفساد (بما في ذلك اقرار قانون مكافحة الفساد والإصلاح القضائي)، ولتنفيذ خطة إصلاح الكهرباء بما في ذلك آلية تعزيز الحكم (من خلال هيئة ناظمة مستقلة)، وتحسين الحوكمة وبيئة الأعمال بشكل ملحوظ، من خلال إقرار قوانين المشتريات.
ولم يشر البيان الختامي إلى تقديم أي مساعدات مالية نقدية أو عينية للبنان، لكنه أكّد ان نتائج مؤتمر «سيدر» التي وافقت عليها السلطات اللبنانية في 6 نيسان (ابريل) 2018 لا تزال سارية المفعول، كما أكّد استعداد المجموعة لدعم تنفيذ سلسلة إجراءات بما في ذلك المساعدة في ضمان وصول السلع الأساسية الىلبنان، وهي تشجّع السلطات على طلب الدعم من جميع شركاتها في التنمية، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية».
تصعيد الانتفاضة
وفي اليوم 55 من انتفاضة الحراك الشعبي، بدت الانتفاضة أمس، وكأنها في يومها اليوم بالنسبة للتصعيد الذي اتسم به التحرّك، سواء في ميناء طرابلس التي شهدت حركة احتجاجات وغضب على وفاة شابين بسقوط سقف منزلهما عليها في الميناء، ففارقا الحياة، أو في جونية احتجاجاً على توقيف الجيش لاربعة شبان بتهمة محاولة قطع الطريق الدولية، وارجأت المدعي العام لجبل لبنان القاضية غادة عون إطلاق سراحهم إلى اليوم التالي، الأمر الذي اثار غضب أهالي الموقوفين والناشطين في الحراك، فتجمعوا امام سراي جونية وقطعوا الأوتوستراد بالاتجاهين للضغط في سبيل اطلاقهم، وهذا ما حصل قرابة الثامنة مساء، بعد تدخل النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات الذي كسر قرار القاضية عون، وصدرت دعوات على الأثر لفتح الأوتوستراد والتجمع في ساحة جونية للتضامن مع المفرج عنهم، وهم: ايلي هيكل، جيلبير عسيلي، كارلوس زغيب وجاد بوناصر الدين، فيما تجمع زملاؤهم امام منزل القاضية عون في الأشرفية للاعتراض على موقفها.
وبين الحراكين في طرابلس وجونية، عاود الناشطون في بيروت تحركهم، فعمد عدد منهم إلى قطع الطريق في محلة القنطاري عند تقاطع كليمنصو- باب ادريس، وافترشوا الأرض، احتجاجاً على عدم استجابة السلطة لمطالبهم بعد أكثر من 50 يوماً على انطلاقة الحراك. وأكّد المتظاهرون انهم ليسوا هواة قطع طرقات على النّاس، إلا انه مظهر من مظاهر التلكؤ عن تنفيذ المطالب المشروعة، وفي مقدمها الإسراع في اجراء الاستشارات النيابية.
واللافت على هامش الحراك، أمس، تعرض «خيمة الملتقى» التي تنظم فيها عادة محاضرات عن الفساد والقضاء وسلسلة الرتب والكهرباء قرب مبنى اللعازارية، إلى محاولات تحرش واستفزاز بهدف الاعتداء على الخيمة، لولا يقظة القائمين عليها الذين استدعوا القوى الأمنية لحماية الحاضرين، وتأمين خروجهم سالمين.
وكان من المفترض ان تناقش الخيمة أمس، موضوع «الحياد كخيار استراتيجي لازدهار لبنان»، ويتحدث فيه كل من السفير السابق هشام حمدان والدكتور عصام خليفة والعميد خالد حمادة، إلا ان عدداً من الحاضرين، وبينهم جمهور بدا غريباً قاطع عريف المحاضرة وطلب فيه عدم استخدام عبارة إسرائيل بل الكيان الغاصب، ورفعوا اعلام فلسطين ويافطات تندد بالتطبيع مع إسرائيل.
وحيال ذلك، أيقن القيّمون على الخيمة ان هناك محاولة شغب محضرة مسبقاً من الداخل، فيما لوحظ حضور عدد من الشبان احاطوا بالخيمة من الخارج، بلغ عددهم حوالى 200 شخص، فتم استدعاء القوى الأمنية التي حضرت واحاطت بالخيمة، لمنع الشبان الآخرين من اقتحامها وتحطيم محتوياتها، وطلبت القوى الأمنية من الحاضرين الخروج لكن هؤلاء رفضوا قبل انسحاب الشبان، وهو ما حصل بعد حضور الإعلام.
وأوضح العميد المتقاعد حمادة لـ «اللواء» ان موضوع المحاضرة لا علاقة له بالصراع العربي- الإسرائيلي، وهو يستند اساساً في خلفية إلى إعلان بعبدا الذي أصبح فيما بعد وثيقة أساسية من وثائق الأمم المتحدة، واسس لمجموعة الدعم الدولية للبنان.
فاجعة الميناء
اما حادثة الميناء، فكانت أكثر إثارة للعنف والحزن في الوقت نفسه، وجاءت بسبب غضب المواطنين على بلدية الميناء المتهمة بالاهمال، بعد وفاة الشاب عبد الرحمن الكيخيا (23 سنة) وشقيقته ريما، اثر سقوط سقف منزلهما الكائن في حيّ الاندلس، وهو حيّ قديم قرابة الثانية من فجر الثلاثاء. وبعد تشييع الشابين، هاجم المشيعون مبنى بلدية الميناء وحطموا محتويات الطبقة الأولى من المبنى وحاول بعضهم إحراق محتوياته، على اعتبار ان أهل الشابين سبق ان ناشدوا البلدية الموافقة على ترميم المنزل على نفقتهم، لكن رئيس البلدية عبد القادر علم الدين لم يتجاوب مع الطلب بحسب المحتجين، لكن علم الدين نفى في اتصال معه ان يكون قد تبلغ طلباً بهذا المعنى، ولاحقاً أعلن ستة أعضاء في البلدية استقالتهم احتجاجاً على إهمال رئيس البلدية مطالبين باستقالته أيضاً.
وفيما اضرم المحتجون النار في آليات شرطة البلدية وحطموا سيّارة تابعة لها، توجهوا إلى منزل علم الدين، لكن قوة كبيرة من الجيش، طوقت مبنى البلدية ومنزل علم الدين، وعملت على منع الغاضبين من اقتحامهما، فعمد هؤلاء على قطع الطرق والمسارب المؤدية إلى مستديرة المرج في الميناء بالاطارات المشتعلة، وحاولت عناصر الجيش تفريق المتظاهرين الذين رفضوا الخروج من الشارع، فحصل احتكاك وتدافع، اضطر الجيش خلاله إلى تفريق المتظاهرين بالقبائل المسيلة،ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، ونقلوا بواسطة سيّارات الاسعاف إلى مستشفيات المدينة.
وأعلن جهاز الطوارئ والإغاثة في طرابلس عن إصابة 15 شخصاً نتيجة التدافع بين المتظاهرين والجيش، وتم نقل 3 منهم إلى مستشفيات المدينة، وتنوعت الإصابات بين جروح ورضوض وحالات اختناق.
وكانت قيادة الجيش أعلنت عن إصابة 6 عسكريين بجروح نتيجة الاشكال الذي حصل امام منزل النائب فيصل كرامي، وقالت ان الجيش تدخل لمنع المتظاهرين من انتقال أعمال الشغب واضرام النيران في مستوعبات النفايات وتم توقيف مواطن.
وأعلن البيان عن توقيف 4 أشخاص في جربا لاقدامهم على إحراق الاطارات ومحاولة قطع الطريق العام.
وبعد فتح اوتوستراد جونية بالاتجاهين، افيد عن قطع اوتوستراد الجية باتجاه بيروت بالاطارات المشتعلة لفترة وجيزة، بالتزامن مع قطع الطريق داخل نفق حامات في شكا الشمال، وعند مستديرة ببنين في عكار، وطريق المنية، وطريق بعلول- القرعون في البقاع، وطريق القياعة في شرق صيدا بالاطارات المشتعلة.
* الجمهورية
الحريري لإستبعاد باسيل من التوزير.. و”التيار” يلوِّح بعدم المشاركة
… وانقضى اليوم الثاني من الاسبوع الفاصل عن الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين المقبل، وبدأت معه خطوط التواصل السياسي تفتح بعضها على بعض، في محاولة أخيرة لحسم تكليف رئيس الحكومة الجديدة بحد أعلى من التفاهم السياسي، والذي يَفترض أن ينسحب على الخطوة التالية باستيلاد الحكومة في فترة زمنية قياسية مناقضة للولادات الحكومية السابقة التي كانت تبتلع الاسابيع والاشهر. وعلمت «الجمهورية» انّ المفاوضات حول التكليف والتأليف اتخذت منحى جديداً ستتكثّف الاتصالات حوله خلال الساعات المقبلة حيث لم يعد شكل الحكومة عائقاً كبيراً، لأنه يمكن الاتفاق على مخارج لمفهوم التكنو-سياسي أو «التكنوقراط»، طالما أن لا مشكلة لدى قوى سياسية أساسية في تسمية من تقترح من التوزيعة الطائفية والابتعاد عن الاسماء المعروفة بانتمائها السياسي أو الحزبي. وأكدت المصادر انّ الايام المقبلة يجب ان تكون حاسمة قبل مهلة الاثنين، وأنّ الاهتمام سينصَبّ على التفاوض مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل لتأمين الموافقة الشاملة على تسمية الحريري وشكل الحكومة.
وعلمت «الجمهورية» انّ الازمة القائمة بين الحريري وباسيل لم تعالج بعد، حيث انّ الحريري يصرّ على عدم توزير باسيل، فيرد الأخير بأنه اذا لم يشارك في الحكومة فإنه لن يكون لتكتل «لبنان القوي» فيها اي وزير.
ويرجّح ان يعلن التكتل هذا الموقف إثر اجتماع استثنائي سيعقده اليوم، في حال ظل الحريري مصرّاً على استبعاد باسيل من الحكومة. ويبدو انّ التكتل لم يعقد اجتماعه الاسبوعي امس، مفضّلاً اعلان هذا الموقف الاعتراضي في اجتماع استثنائي.
تصوُّر الحريري
واكدت أوساط «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» انّ الحريري «حدّد تصوّره للخروج من الازمة الحالية، وهو يتمثل في تشكيل حكومة اختصاصيين لفترة محددة»، مشيرة الى «انّ هناك خيارين أمام مفاوضيه، فإمّا ان يؤيدوه في هذا التصور وبالتالي يقبل بتحمّل المسؤولية على هذا الاساس، وإمّا ان يرفضوه وعندها عليهم هم ان يتحملوا مسؤوليتهم».
ولفتت الاوساط القريبة من الحريري الى «انّ الفريق الآخر يستحوذ على الاكثرية النيابية ويملك ورقة منح الثقة، ولذلك هو معني بأن يختار الرئيس المكلف ويشكّل الحكومة اذا لم يعجبه طرح الحريري».
وأملت كتلة «المستقبل» في أن تنتهي الاستشارات النيابية الملزمة إلى «تسمية الرئيس المكلف، والمباشرة فوراً في تشكيل حكومة اختصاصيين تحوز على الثقة المطلوبة محلياً وخارجياً لتتمكن من التصدي للمشكلات الاقتصادية والمالية المتفاقمة».
باكورة الاتصالات
وكانت باكورة الاتصالات التي بدأت بين الحريري والافرقاء السياسيين إستعداداً لاشتسارات التكليف التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين المقبل، الاجتماع الذي عُقد بينه وبين وزير المال علي حسن خليل.
وعلمت «الجمهورية» انّ البحث بين الحريري وخليل تناول، الى موازنة 2020 عشيّة اقرارها في لجنة المال والموازنة غداً، الملف الحكومي وما استجد حول موضوع استشارات التكليف.
واكد خليل انّ الاتصالات ستستمر خلال الايام المقبلة، توصّلاً الى توضيح الصورة اكثر في الملف الحكومي، ولاسيما منها مسألة تكليف الرئيس الجديد للحكومة المقبلة.
وعكست اجواء «بيت الوسط» انفتاحاً لدى الحريري على النقاش، إنما تحت السقف الذي سبق وحدده في الفترة الاخيرة حول شكل الحكومة وبرنامج عملها الانقاذي الذي ستستند اليه في مهمتها التي ستنطلق فور تأليفها، والذي يؤمل في ان لا يستغرق وقتاً طويلاً.
ولاحظت مصادر عاملة على خط الاتصالات تبدّلاً واضحاً في موقف الحريري، خصوصاً لجهة ما وصفته حماسته لتولّي رئاسة الحكومة الجديدة، خلافاً لِما كان عليه موقفه قبل ايام، والذي ترك فيه الباب مفتوحاً أمام غيره من المرشحين لتولّي رئاسة الحكومة، تحت عنوان: «لست أنا بل أحد غيري».
وقالت هذه المصادر لـ»الجمهورية» انّ «هذا الحسم من قبل الحريري بعودته الى رئاسة الحكومة، هو المتغيّر الوحيد الذي طرأ على الخط الحكومي، الّا انّ سائر الامور ما زالت من دون بَت، وتحديداً لجهة شكل الحكومة، الذي ما زال عالقاً، بين المطالبة بحكومة تكنوقراط كاملة، وهو ما يرغب به الحريري حتى الآن، والمطالبة في المقابل بحكومة تكنو- سياسية».
ورداً على سؤال عما اذا كانت الاتصالات الجارية قد وصلت الى شيء من الليونة في هذا المجال؟ قالت المصادر: «لا نستطيع ان نقول اننا وصلنا الى ليونة في مواقف الاطراف، فالجميع ما زالوا عند ثوابتهم، ولكن المرجّح حتى الآن هو إمرار ما تبقّى من الاسبوع الجاري بأقل التشنجات الممكنة، وبالتالي إجراء الاستشارات في موعدها المحدد الاثنين المقبل، وننجز خطوة التكليف على ان ننطلق تلقائياً الى الخطوة التالية التي ستنطرح في الطريق اليها كل الامور على طاولة البحث».
وعمّن سيتم تكليفه رئاسة الحكومة، قالت المصادر: «درجت العادة مع كل استحقاق حكومي أن لا يعلن أحد ترشّحه لرئاسة الحكومة، لكن في الحالة التي نحن فيها، بات مؤكداً انّ الاستشارات ستنتهي الى تكليف الحريري تشكيل الحكومة».
بري
واكد رئيس مجلس النواب نبيه بري انّ الاستشارات السابقة قد طويت صفحتها، وتم تأجيل الاستشارات الملزمة الى يوم الاثنين، وقال: «استشارات التكليف يجب ان تنتهي الاثنين، وأنا شخصياً اذا سئلت عنها فسأؤكد أنني مع إجرائها في موعدها، وعدم تأجيلها.
وبالتالي، يتم تكليف الرئيس الجديد للحكومة، الذي من المؤكد انه سيكون الرئيس الحريري». وعن الحديث حول مبادرة سيقوم بها للتواصل مع الاطراف قال بري: «لا علم لي بأيّ مبادرة، كما انّ الاطراف لم تطلب منّي ذلك، واذا ما طلبت، فلكل حادث حديث».
الموقف السعودي والخليجي
على الصعيد نفسه دعت مصادر سياسية معنية بالملف الحكومي الى التوقّف ملياً عند الموقف السعودي الصادر امس، وفيه تأكيد الحرص على استقرار لبنان ودعمه، وقالت انه «الموقف الاول الذي يصدر منذ بدء الازمة الحكومية في لبنان، ومضمونه ينطوي على دلالات واضحة، ورسالة غير مباشرة تحضّ اللبنانيين على تشكيل حكومة تساهم في صون الاستقرار اللبناني».
ولفتت المصادر الى انّ الموقف السعودي يتقاطع مع مواقف دولية، اوروبية تحديداً، أكدت الوقوف مع لبنان، واستعدادها لتقديم المساعدة له، إضافة الى الموقف الاممي الداعم للبنان الذي تعبّر عنه الامم المتحدة، والذي أعاد المنسّق الخاص للامم المتحدة يان كوبيش تأكيده امس، بدعوته الى «ان يشكّل لبنان حكومته في اسرع وقت ممكن»، آملاً في ان يحصد لبنان إيجابيات من اجتماع باريس اليوم، والذي سيتولى كوبيش مع الفرنسيين رئاسة مشتركة له.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله آل سعود قال في مؤتمر صحافي، إثر انتهاء اعمال قمة دول مجلس التعاون الخليجي السنوية في الرياض أمس، إنّ «استقرار لبنان مهم جداً للمملكة (…) والأهم أن يمضي الشعب اللبناني والنظام السياسي في طريق تضمن الاستقرار والاستقلالية».
ودعت القمة الخليجية السنوية اللبنانيين إلى التعامل بحكمة مع التطورات الأخيرة بطريقة تلبّي «التطلعات المشروعة» للشعب اللبناني. وقالت في بيانها الختامي إنّها حريصة على «أمن لبنان واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق».
وأملت في «أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا، والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية بما يلبّي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني».
إجتماع باريس
وتستضيف فرنسا اليوم «اجتماع عمل» لمجموعة الدعم الدولية للبنان، بغية مساعدته على الخروج من الأزمة السياسية، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الفرنسية.
وعلمت «الجمهورية» انّ هناك توجهاً لدى المجموعة الى اتخاذ قرار يؤدي الى مساعدة الشركات والمؤسسات الصغيرة في لبنان في عملية استيرادها للبضائع، وذلك من خلال تدابير معينة سيتخذها البنك الاوروبي للاستثمار بالتعاون مع المصارف اللبنانية، وذلك من اجل تجنيب هذه الشركات الافلاس والاغلاق.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أنّ «اجتماع باريس يهدف إلى حَضّ السلطات اللبنانية على استيعاب خطورة الوضع»، في إشارة لِما يشهده لبنان من احتجاجات أدت إلى استقالة الحكومة. ولفت إلى أنّ «الاجتماع سيشكّل دعوة قوية للسلطات اللبنانية الى تشكيل حكومة بسرعة من أجل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة».
بري وجنبلاط
وأمل بري في ان يؤسس اجتماع باريس لنتائج ايجابية حيال لبنان، وشدد على «ضرورة أن نواكب الايجابيات الدولية بتشكيل حكومة في لبنان». كما شدد على إقرار موازنة الدولة لسنة 2020 في اجتماع لجنة المال هذا الاسبوع، مؤكداً انّ جلسة إقرارها في مجلس النواب «ستعقد حتماً قبل عيد الميلاد».
من جهته غرّد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط: «قد يكون مؤتمر باريس آخر فرصة للبنان لوقف التراجع إن لم نقل الانهيار. ونذكر في هذا المجال انّ الشرط الأول لمؤتمر باريس هو الإصلاح ابتداء من قطاع الكهرباء، وكان «الحزب الاشتراكي» قد طالب مراراً بإصلاح هذا القطاع قبل اندلاع الثورة مُندداً بتجار السفن وما وراء السفن في سعر المحروقات».
موفد بريطاني
وفي هذه الأجواء وصل الى بيروت مساء امس موفد بريطاني هو المستشار الأعلى لشؤون الدفاع البريطاني الجنرال السير جون لوريمير، وسيلتقي اليوم رئيس الجمهورية مستهلاً زيارة إستطلاعية ستشمل ايضاً بري والحريري ومجموعة من المسؤولين اللبنانيين ومفكرين.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ زيارة لوريمير لا تختلف عن مهمة الموفدين البريطاني والفرنسي، اللذين كانا قد زارا بيروت في الاسابيع الاخيرة استعداداً لتكوين موقف أوروبي جامع مما يجري في لبنان على مختلف المستويات.
المال والاقتصاد
إقتصادياً ومالياً، كشفت مصادر متابعة لـ«الجمهورية» انّ الحريري بدأ يتعاطى حالياً بصفته رئيس الحكومة الحالية والمقبلة، ويتطلع الى مرحلة المعالجات، وهو فعلاً عقد اجتماعاً في «بيت الوسط» يُعدّ مهماً للمرة الأولى لجهة الاستمرار في تصريف الاعمال والالتفات الى الوضعين المالي والنقدي والموازنة، فإلى وزير المال حضرت الوزيرة ريا الحسن بصفتها مستشارته للشؤون المالية والنقدية، وليس كوزيرة داخلية.
وعلمت «الجمهورية» انّ بعض الانفراجات ستحصل على مستوى قيود المصارف، حيث يتوقع ان يبدأ اليوم تباعاً دخول الـfresh money عبر السماح للمودعين بسحب التحويلات من الخارج بالعملة الاجنبية نفسها التي تحوّل لهم بعدما كانت تسَلّم الى المرسل لهم بالعملة اللبنانية، او عبر شيكات مصرفية، ما سيسمح في مكان ما لعودة بعض الاموال الى الداخل.
الضرائب أو الرواتب!
وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة، يبرز اليوم تحرّك من نوع جديد للقطاع الخاص اللبناني، الذي تداعت مجموعة منه تضم نحو 1000 مؤسسة وشركة، الى لقاء في «وسط بيروت» لاعلان موقف متقدّم هو أقرب الى العصيان.
وقال ممثل حراك الشركات الخاصة لـ«الجمهورية» انهم يتوقعون، في ظل استمرار الظروف القائمة، إقفال ما بين 500 و1000 شركة شهرياً، وبالتالي صرف آلاف الموظفين.
ولفت الى أنّ الارقام تشير الى انّ هناك نحو 560 ألف عائلة تعتاش من القطاع الخاص، واليوم اكثر من نصفها مهدّد بأن يصبح في الشارع خلال الاربع أو الخمسة اشهر المقبلة. إنطلاقاً من ذلك ستكون أولويتنا، وهذا ما سنعلنه اليوم، أن ندفع الاجور للموظفين وعائلاتهم وليس للدولة، خصوصاً انّ الضرائب التي ندفعها للدولة تُسرق، ناهيك عن انّ بعض الشركات الخاصة أصلاً لا يدفع الضرائب للدولة او يتهرّب من الدفع الضريبي.
وعُلم انّ الشركات المشاركة في اللقاء اليوم تتجه نحو إعلان وقف تجميد الدفعات الضريبية لحين تنفيذ خطة إنقاذية للبلاد، لأنّ هذا الخيار كفيل بحماية الموظفين وإمكان استمرار حصولهم على رواتبهم. (ص 11).
الجيش تسلّم هبة أميركية
على صعيد المساعدات العسكرية الاميركية للبنان، تسلّمت مديرية العتاد في الجيش، عبر مرفأ بيروت، 16 مستوعباً تحتوي على ذخيرة من عيارات مختلفة، مقدّمة هبة من السلطات الأميركية، ضمن برنامج المساعدات الأميركية المخصّصة للجيش.
* البناء
لافروف وبومبيو يتفقان على مؤتمر أمن الخليج وضمان حرية الملاحة… وتنشيط قنوات التنسيق
موقف لباسيل اليوم أو غداً… “خارج الحكومة ونحاسبها في المجلس والشارع”!
فوضى في الطرقات وتظاهرات أمام منازل قضاة وسياسيين… وإخلاء خيمة “فضلو”
كتب المحرّر السياسي
كشف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن حجم المشاكل المعقدة التي تضغط على العلاقات الروسية الأميركية، متناولاً مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تفاصيل المقاربات المتباينة تجاه الملفات الإقليمية والدولية وصيغ المساعي المشتركة لمعالجة الخلافات، لكن اللافت كان إعلان لافروف عن اتفاق روسي أميركي على عقد مؤتمر إقليمي دولي خاص بأمن الخليج وضمان حرية الملاحة في مياهه، يضمّ دول المنطقة والدول المعنية بأمن الخليج وأمن الملاحة الدولية. والمؤتمر فكرة ظهرت للعلن مع زيارة وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي إلى طهران ناقلاً الموافقة السعودية والإيرانية على المؤتمر، ما يجعل المشروع خطوة هامة في فتح قنوات التفاوض بين طهران وكل من واشنطن والرياض، يؤسس لصياغة تسويات تبدو التسوية اليمنية أكثرها حظوظاً، ويبدو تخفيض منسوب التوتر في ساحات سورية ولبنان والعراق مرشحاً للإفادة من نتائج هذا المناخ الجديد.
المعلومات الواردة من مصادر متابعة في باريس عشية انعقاد المؤتمر الدولي لدعم لبنان، الذي سيضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وإيطاليا وألمانيا إضافة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، تفادياً لإضفاء أي طابع سياسي عليه، تقول إن فرنسا التي ترعى تنظيم المؤتمر تريده تأكيداً على خلاصتين ستظهران في البيان الختامي للمؤتمر: الأولى هي التأكيد على تشجيع الأطراف المختلفة في لبنان على تسريع ولادة حكومة يدعمها اللبنانيون وتكون بقوة هذا الدعم قادرة على مواجهة التحدّيات، من دون الإيحاء بتبني المجتمعين أي شروط سياسية تؤيد أو تعارض أياً من الصيغ التي يتداولها اللبنانيون. والثانية هي التأكيد على أن الإرادة الدولية بمساعدة لبنان لتخطي المرحلة الخطرة التي يعيشها اقتصادياً ومالياً، وأن الإمكانات متوفرة لتحقيق الدعم الفوري اللازم، لكنها تنتظر ولادة الحكومة الجديدة، ولا تضع شروطاً سياسية لضخها في القنوات المالية اللازمة، وفقاً لمقرّرات مؤتمر سيدر.
رغم هذا المناخ الدولي لم تتبدّل الصورة في الداخل اللبناني حيث المراوحة سيدة الموقف في المشهد الحكومي المتوقف عند عشية استقالة الرئيس سعد الحريري، وشروطه المتصلة بحكومة تكنوقراط مقابل موقف ثنائي حركة امل وحزب الله الداعي لحكومة تكنوسياسية، بالإضافة للعقدة المرتبطة بتولي الحريري رئاسة الحكومة وما تطرحه تجاه فرضية عودة أو عدم عودة الوزير جبران باسيل إلى التشكيلة الحكومية، ووفقاً لمصادر تابعت موقف الوزير باسيل، فإن موقفاً جديداً سيصدر عنه اليوم أو غداً يحدّد نظرة التيار الوطني الحر لملف الحكومي. وقالت المصادر إن الموقف قد يفاجئ الكثيرين، خصوصاً المعنيين بالملف الحكومي، ولم تستبعد المصادر أن يكون الموقف المفاجئ إعلان العزوف عن المشاركة في الحكومة الجديدة، وعن دخول التفاوض السابق لتشكيلها، وعزم التيار على التعامل مع الحكومة الجديدة بعد تشكيلها “على القطعة” فيؤيّدها حيث تصيب ويواجهها حيث تخطئ. ويعود التيار بذلك إلى المساءلة في المجلس النيابي والشارع متحرّراً من أي شراكة في المشهد الحكومي أربكت أداءه الرقابي النيابي والشعبي خلال الفترة الماضية. وعن مشاركة التيار في تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة قالت المصادر، إن الأمر قيد الدرس، وربّما تترك التسمية لرئيس الجمهورية.
على مستوى الحراك، سجلت حالة فوضى في قطع الطرقات، بعضها اتخذ شعارات تتصل بالاحتجاج على الطوفان وفضائح الفساد في وزارة الأشغال والبلديات، وبعضها احتجاجاً على توقيف متظاهرين تصادموا مع الجيش اللبناني أو قاموا بالمشاركة في قطع الطرقات سابقاً، وبعضها بقي بلا شعار، وامتدت عمليات قطع الطرق من طريق الجنوب إلى جونية وطرابلس وصولاً إلى البقاع، بينما سارت تظاهرات ليلية في بيروت تجوّلت بين منازل وزراء الأشغال السابقين، لكن الحدث اللافت سجل في ساحة الشهداء حيث قام عشرات الناشطين في الحراك بالتصدّي لجماعة الجامعة الأميركية الذين يحيون أنشطة تدعو للتطبيع مع كيان الاحتلال، وتحرّض على المقاومة، ونجح الناشطون بتعطيل ندوة عن الحياد كانت خيمة رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري قد بدأت بإحيائها تحت شعار “الحياد خيار استراتيجي للازدهار”، وحاصروا الخيمة ما اضطر القوى الأمنية إلى إخلائها.
تتجه الأنظار الى طاولة اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان في باريس اليوم لمناقشة الوضع في لبنان في ظل الأزمة التي يعيشها على الصعيد الاقتصادي. وغادر بيروت امس، الوفد اللبناني الرسمي المؤلف من الأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي وعضوية المدير العام لوزارة المالية الآن بيفاني والمدير التنفيذي لدى مصرف لبنان رجا أبو عسلي والمستشارة الاقتصادية لرئيس حكومة تصريف الأعمال هزار كركلا. ومن المتوقع أن يناقش الوفد اللبناني مع أعضاء المجموعة الدولية التي سينضمّ اليها ممثلون عن دول الخليج وعن الهيئات المالية في الامم المتحدة، خارطة طريق من شأنها وضع لبنان على سكة الحد من التدهور واستعادة المسار الذي يؤمن الخروج التدريجي من الازمة.
كذلك غادر مطار بيروت للغاية ذاتها ممثل الامين العام الامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي كان قد بحث مؤتمر دعم لبنان مع الرئيس نبيه بري الذي أكّد أنّه متفائل بمؤتمر الدعم الدولي الذي سينعقد اليوم في باريس. وقال إنّ المجلس النيابي بصدد انجاز موازنة 2020 وقد شارفت لجنة المال والموازنة على إنجازها تمهيداً لإقرارها قبل نهاية العام. ورحب كوبيتش بهذه الخطوة، وأشار إلى أنه سيبلغ هذا الموضوع للمؤتمرين في باريس.
ومن عين التينة تمنّى السفير المصري الجديد لدى لبنان ياسر علوي أن يتجاوز لبنان أزمته ويتم التكليف والتأليف بأقرب وقت ممكن.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان حثّ اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة بسرعة أو المخاطرة بتفاقم الأزمة المالية لتهدّد استقرار البلاد.
وقال لو دريان في مؤتمر صحافي: “عليهم أن يشكلوا حكومة بسرعة لأن أي تأخير سيؤدي لاستمرار تفاقم الوضع”.
أكّد وزير الخارجية السعودي أنّ استقرار لبنان بالغ الأهمية للمملكة العربية السعودية. وقال: “من المهم للشعب اللبناني ونظامه السياسي إيجاد طريق للمضي قدما يضمن استقرار لبنان وسيادته”.
وبالتوازي مع ذلك، لم يسجل أمس، أي تطور ايجابي على خط التكليف الحكومي، لا بل على العكس، فإن المعنيين رأوا في موقف الرئيس سعد الحريري حيال تمسكه بتأليف حكومة تكنوقراط، بحسب ما نقلت عنه اوساط بيت الوسط، مواصلة رئيس حكومة تصريف الاعمال سياسة اللعب على حافة الهاوية، خاصة أن معلومات عديدة تقاطعت امس واول امس تفيد بان الرئيس الحريري هو من اتصل برئيس الجمهورية مساء الأحد ودعاه إلى تأجيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة، معتبرة ان موعد الاستشارات الاثنين ثابت، وعلى الجميع في النهاية أن يتحمل مسؤوليته وان على الرئيس الحريري الكفّ عن الرهانات، يميناً ويساراً وتقديم اوراق اعتماد للخارج خاصة أنه يدرك اكثر من غيره ان واشنطن على وجه التحديد غير متمسكة بعودته شخصياً، وما يهمها فقط تأليف حكومة تكنوقراط.
وكان الحريري اجتمع امس، في بيت الوسط مع الوزيرين ريا الحسن وعلي حسن خليل وبحضور المستشار الاقتصادي للرئيس الحريري الدكتور نديم المنلا، وتناول الاجتماع الاوضاع المالية والاقتصادية العامة. وتجدر الإشارة في هذا السياق الى ان تحرك الحريري الذي عاد في الايام القليلة الماضية برز بشكل واضح مع تحديد موعد مؤتمر دعم لبنان، في حين أنه ومنذ استقالته تقاعس بحسب مصادر معنية بالتأليف، عن تصريف الأعمال وغض النظر عن الكثير من الاحداث التي تستدعي اجتماع حكومة تصريف الأعمال لدواعي الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان.
ورأت مصادر بيت الوسط أن “الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنعالمجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة”. وأضافت “اما اذا كان هناك من يصرّ على حكومة تكنو–سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة”.
وفي السياق، ترفض مصادر التيار الوطني الحر لـ”البناء” ما يحاول تيار المستقبل ترويجه ومفاده إصرار الوزير جبران باسيل على التوزير وفق معادلة أنا والحريري معاً داخل الحكومة او خارجها، ولفتت الى ان موقف تكتل لبنان القوي من المشاركة في الحكومة سيكون انسجاماً مع ما اعلنه الوزير جبران باسيل في الاسابيع الماضية، لافتة الى ان لبنان القوي سيذهب يوم الاثنين إلى الاستشارات الملزمة بموقف ينسجم مع هدف وحيد، هو تكليف رئيس حكومة تتوفر فيها شروط النجاح ولفتت المصادر إلى اجتماع استثنائي سيُعقده تكتل لبنان القوي في الساعات الـ 48 المقبلة للبحث في الملف الحكومي، داعية إلى ترقب الموقف الذي سيصدر عن التكتل في هذا الشأن.وكانت الـ “أو تي في” نقلت عن أوساط سياسية كلاماً مفاده أن التيار الوطني الحر يبقى عصياً على التطويق، لأنه لم ينحصر يوماً في قوالب جامدة، بل هو دوماً حركة متجددة، وطاقة إيجابية مستمرة قادرة على استخراج الحلول من عمق الأزمات. وختمت الأوساط السياسية بالعبارة الآتية: انتظروا التيار في الأيام المقبلة حيث لا تتوقعون.
المصدر: صحف