ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 25 تشرين الثاني 2019 على عودة مسلسل قطع الطرقات في لبنان واستنفار الحراك عبر دفع المتلاعبين به على خلفية تظاهرة امس امام السفارة الاميركية في عوكر رفضاً للتدخل الاميركي في لبنان، وتماشياً مع جلسة مجلس الامن اليوم حول لبنان وما ستشهده من مواقف أميركية وغربية يتوقع أن تركز على التحريض ضد حزب الله…
* الاخبار
الضغط الأميركي على الجيش: المساعدات مشروطة بمواجهة حزب الله
لا تتخلى الولايات المتحدة عن «علاقاتها» بالمؤسسة العسكرية اللبنانية. قد تكون هذه واحدة من الثوابت التي تجمع عليها الإدارات الأميركية المتعاقبة، ومن بينها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. جزء من هذه «العلاقات» هي المساعدات العسكرية التسليحية المشروطة، وذات الأهداف التي لا يخفيها الاميركيون: مواجهة حزب الله، وإن لاحقاً.
بعيداً عن واقع الجيش اللبناني وموقفه من الإرادة الاميركية، فإن واشنطن تسعى بشكل متواصل لإعداد العدة والميدان والظروف الموضوعية والعمل الدؤوب لتحقيق ما أمكن من «تابعية» في لبنان، تمهيداً لاستغلال متغيرات في الساحة اللبنانية والاقليم تتيح المواجهة وفرض الإرادة الأميركية كاملة على لبنان.
على ذلك، الحديث الإسرائيلي المتواصل عن خلافات بين تل أبيب وواشنطن إزاء «المساعدات» الأميركية للجيش اللبناني، وعن تجاذب داخل الإدارة وصولاً إلى تجميد مساعدة لوجستية هنا أو هناك، لا يغير من الاستراتيجيات الأميركية الموضوعة للجيش اللبناني والآمال المعقودة عليه، وذلك بعيداً عن مدى تجاوبه مع هذه الاستراتيجيات.
على ذلك، أيضاً، ينسحب التأكيد والنفي وما بينهما، بما يتعلق بإيقاف مساعدة لوجستية أميركية للجيش اللبناني، قيمتها 105 ملايين دولار، كان مسؤولان أميركيان أكداها عبر تسريبات للإعلام الأميركي بعد يومين من استقالة الرئيس سعد الحريري.
السجال الأميركي المعلن لا يبدو أنه مرتبط فقط بتجميد 105 ملايين دولار من المساعدات العينية الأمنية للجيش، بل ينسحب أيضاً إلى سجالات وتجاذبات معلن عنها تتعلق بأصل سياسة المساعدة واستعجال نتائجها. وهو سجال تشترك فيه دوائر ذات صلة بالإدارة الأميركية والكونغرس، كما اللوبيات المؤيدة لإسرائيل، بما يشمل الكتلة الإنجيلية الأكثر تأثيراً لدى إدارة ترامب، إضافة الى إسرائيل نفسها.
وكما هو واضح، تشترط إسرائيل في العلن، لمواصلة الدعم، أن يبعد الجيش اللبناني نفسه عن حزب الله، وإن تعمل الدولة اللبنانية ضد سلاحه النوعي، وتحديداً ما تسميه تل أبيب «مشروع الدقة»، الذي يعني وجود «مصانع» تابعة لحزب الله على الأراضي اللبنانية لتطوير صواريخ دقيقة وإنتاجها.
وممّا يرد في الإعلام العبري، هذه الشروط بدأت تتفاعل في الخارج، إذ تركز تل أبيب عليها لدى عواصم القرار. وفي ذلك، أشارت صحيفة «هآرتس» أمس إلى أن مجلس النواب الأميركي يناقش ملف المساعدات للجيش اللبناني في سياق دراسة اقتراح قانون يسمى «مكافحة حزب الله في التشريع (القانون) العسكري الخاص بلبنان» Countering Hizballah in Lebanon’s Military Act، وهو الاقتراح الذي يرد فيه إلزام الإدارة بتقديم تقرير إلى الكونغرس يتناول علاقات الجيش اللبناني بحزب الله، مع التركيز على عناصر وضباط فيه «من حزب الله». وإن أظهر التقرير فشل الحكومة اللبنانية في تقليص نفوذ حزب الله داخل الجيش، فستلغى 20 في المئة من المساعدات الأميركية المخصصة للبنان.
مجلس النواب الأميركي يناقش ملف المساعدات
للجيش في سياق اقتراح قانون
«مكافحة حزب الله»
في مقابل ذلك، ورد في «هآرتس» أمس أن مشرّعَين ديموقراطيين يطلبان أن تشرح الإدارة سبب حجبها المساعدات عن الجيش اللبناني. رئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب إليوت إنغل (نيويورك)، والنائب تيد ديوتش (فلوريدا) الذي يرأس لجنة فرعية معنية بالشرق الأوسط وصفا القرار بأنه «غير مبرر». وأضاف النائبان المؤيدان لإسرائيل أن المساعدة ضرورية لتمكين الحكومة اللبنانية من المحافظة على الأمن والاستقرار، بما في ذلك محاربة الإرهاب وأمن الحدود وتنفيذ القرار الأممي 1701.
إلى ذلك، أكد مساعد وزير شؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، أن لا حجب للمساعدة، بل هي تمرّ فقط بمسار دراسة ومراجعة، لافتاً إلى أن قطع المساعدات من شأنه أن يدفع الجيش إلى حزب الله وإيران.
في السياق، تبدو المساعدة الأميركية للجيش أيضاً موضع أخذ ورد، بما يرتبط بالتحقيق في مجلس النواب الهادف إلى محاكمة ترامب وعزله، وهي واحدة من استراتيجية الدفاع لدى الإدارة، على خلفية ما تقول إنها سياسة متبعة في اشتراط المساعدات العسكرية وحجبها، وهي لم تقتصر فقط على كييف، بل تنسحب أيضاً على لبنان. وهذا التوجه يعقّد المسألة أكثر من ناحية لبنان، ويضفي ضبابية على أهداف الإدارة من الإجراء، وإن كان واضحاً في إطاره العام: المساعدات من أجل فرض الإرادة على لبنان.
تشير «هآرتس» إلى أن وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل لفت، خلال مثوله أمام مجلس النواب للشهادة حول الفضيحة الأوكرانية لترامب، أن موضوع الضغط عبر المساعدات حاصل أيضاً تجاه لبنان، وإن تجميد المساعدة للجيش هو نتيجة لـ«نزاع حول فعالية المساعدات داخل الإدارة».
مع ذلك، نقلت الصحيفة عن مصدرين مقرّبين من الإدارة طلبا عدم الكشف عن هويتيهما، بسبب حساسية الموضوع، أن البيت الأبيض قرر حجب المساعدة فيما يعمل البنتاغون والخارجية على تجميد القرار والإفراج عن الأموال، و«البنتاغون قلق من أن يتسبّب قطع المساعدة في زيادة عدم الاستقرار في لبنان وتعزيز (نفوذ) حزب الله وإيران».
في السياق نفسه، أشارت منظمة «مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل»، وهي الأكثر حضوراً بين الإنجيليين المؤيدين للدولة العبرية، في أحد بياناتها بداية العام الحالي، إلى أنه «بدلاً من استخدامها لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية في تعزيز الحدود وحماية سيادة لبنان، كما تريد وزارة الخارجية، تستخدم المساعدات الأميركية لتسليح المنظمة الإرهابية ذاتها (حزب الله ) التي تهدد سيادة لبنان».
وقال مسؤول السياسة العامة والاستراتيجية في المنظمة، بوريس زيلبرمان، لـ«هآرتس»، إنه «مع تطور الوضع السياسي في لبنان، بما في ذلك المخاوف المتزايدة بشأن نفوذ حزب الله والأسئلة حول وضع المساعدة الأميركية للجيش اللبناني، على مجلس الشيوخ أن يبادر إلى جلسة استماع مع مسؤولي الإدارة للاستيضاح عن السياسة المتبعة إزاء هذه القضية». وأضاف: «يجب أن يصرّ الكونغرس على مراقبة المساعدات، كما عليه أن يصدر تشريعاً يشترط فيه عدم استخدامها ضد المصالح الأميركية».
هل إلغاء المساعدة العسكرية الأميركية للجيش اللبناني يأتي في سياق أو نتيجة دراسة استراتيحية واشنطن المفعلة من سنوات في لبنان؟ أم أن إلغاء المساعدة وإعلان السجال حول أصل المساعدات يخدمان الاستراتيجية نفسها؟ أم أن الحراك في لبنان، سواء كان عفوياً أو محرّكاً، أتاح الفرصة لواشنطن كي تدفع باستراتيجياتها، التي كانت تنتظر متغيّرات شبيهة بما حصل أخيراً في لبنان؟
مستشار الحريري العسكري يروّج للفتنة: طلبنا من الجيش قبل 6 أشهر الاستعداد للرّد على حزب الله
أمام “حوارات المنامة” التي ينظّمها سنوياً المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، أدلى المستشار الأمني والعسكري لرئيس الحكومة سعد الحريري، مارون حتّي، بموقف من خارج السياق الداخلي، وطرح على قائد القوات الأميركية في «المنطقة الوسطى» سؤالاً هو أقرب إلى «أمنية»، قال فيه «إننا» سبق أن «طلبنا» من الجيش اللبناني، على مدى 6 أشهر، «الاستعداد لرد فعل على فعل من جانب حزب الله»! حتّي هذا، الذي كان مديراً للعمليات في الجيش، كان يُعدّ الرجل الأوثق لمنظومة الحريري في الجيش، وكان «تابعاً» للرئيس السابق لفرع المعلومات الشهيد وسام الحسن. كذلك كان حتّي رجل الأميركيين والبريطانيين في الجيش، ورعى «تغلغل» الدولتين في المؤسسة العسكرية في عهد القائد السابق للجيش العماد جان قهوجي. في إحدى جلسات المؤتمر الذي عُقد بين 22 و24 تشرين الثاني الجاري، قال حتّي:
«أنا كجنرال متقاعد في الجيش اللبناني كنت بين الأشخاص الأكثر حماسة لتعزيز الشراكة بين القوات المسلحة اللبنانية وقوات الولايات المتحدة. بعد هذه المقدمة الصغيرة، بات من البديهي أن الوضع في لبنان اليوم لن يعود الى حالة الستاتيكو التي كانت سائدة قبل 17 من تشرين الأول. وجميعنا يعلم أن في جوهر الأزمة يوجد على المحك التغيير المقبل في مسار لبنان نحو الحياد، إن لم يكن نحو استدارة واضحة باتجاه العالم العربي الحديث والغرب بشكل عام لسببين، أهمهما ثقافي ويعود لكون اللبنانيين في ثقافتهم وفي نمط حياتهم أقرب بما لا يقاس من هذا العالم العربي الحديث والغرب مما هم من إيران والملالي. وفي هذا الجو العام، هناك الكثير من التوتر المتصاعد في لبنان وصراع بين الأجيال، والقوات المسلحة اللبنانية تقف بين فصيلين في لبنان وتحاول القيام بدور صعب. ولكن ماذا لو، في لحظة ما، كان هناك أزمة، أزمة عنيفة، وضعت القوات المسلحة اللبنانية في مواجهة حزب الله؟ علماً بأن التحضير لمثل ردّ الفعل هذا من جانب القوات المسلحة اللبنانية على فعل من جانب حزب الله يمكن أن يخدم كنوع من الردع. ونحن كنا ندعو القوات المسلحة اللبنانية للقيام بهذا خلال الأشهر الستة السابقة للأزمة الحالية، لأننا رأينا الأزمة المقبلة. لو حصل هذا، لو اصطدمت القوات المسلحة اللبنانية مع حزب الله، في ظل غياب أي مظلة سياسية محلية، ماذا سيكون رد فعل الولايات المتحدة؟”.
الحريري معرقلاً: أنا أو لا أحد
«دعوة مجهولة» تقطع الطرقات وتنذر بالمزيد من الفوضى
يبدو أن أهل السلطة لا يسمعون صرخة اللبنانيين في الساحات، وفي منازلهم، وداخل أماكن عملهم التي تتقلّص يوماً بعد آخر، وداخل المصارف والمحال التجارية. أحد لا يكترث للانهيار الاقتصادي الواقع وإعلان افلاس المزيد من المؤسسات والشركات. فالمفاوضات الحكومية شبه متوقفة بين القوى السياسية، بين التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل من جهة وتيار المستقبل من جهة أخرى. عاد رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري الى تعطيل أي مبادرة لا تضعه في موقع السلطة مجدداً، وبشروط يستحيل قبول أي طرف سياسي بها سوى أنها تخدم مبتغاه: «أنا أو لا أحد». ومن أبرز هذه الشروط طلبه صلاحيات تشريعية استثنائية للحكومة حتى تقوم وحدها بدور المجلس النيابي والوزاري في آن، على أن تكون أولى مهماتها وضع قانون انتخابي جديد يمهد لانتخابات نيابية مبكرة. أما التمثيل الوزاري للأحزاب السياسية في الحكومة الاستثنائية، فيخضع لشرط الحريري بتسمية وجوه غير مستفزة، في مقابل تسميته للوزراء التكنوقراط بنفسه. تضييع الحريري الوقت في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد ساهم في حرق المزيد من الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة كسمير الجسر وبهيج طبارة. يحصل ذلك على وقع اعلان مجهول يدعو الى العصيان المدني اليوم عبر قطع الطرقات، من دون أن تتبناه أي من المجموعات المدنية الناشطة في وسط بيروت. اللافت ان قطع الطرقات بدأ مساء من البقاع الغربي حيث نفوذ تيار المستقبل من خلال وضع بلوكات اسمنتية على طريق جب جنين – كامد اللوز، وامتد ليشمل مستديرة كسارة زحلة، غزة، المرج، تعلبايا، سعدنايل، جديتا وقب الياس. سبق ذلك اضرام النيران بمستوعبات حديدية على تقاطع المدينة الرياضية بالتزامن مع قطع الطريق على برج الغزال وانطلاق مسيرة للسيارات من مزرعة يشوع في المتن الشمالي مرورا بعدد من المناطق المحاذية وصولا الى انطلياس، حيث تم قطع الاوتوستراد بالاتجاهين. تلاه قطع طريق جل الديب بالاتجاهين أيضا. كذلك نشر ناشطون في حراك صيدا اعلانا عن اضراب عام منذ ساعات الفجر في المدينة يتخلله قطع للطرقات، فيما قُطِعت طريق بيروت – الجنوب في الناعمة وخلدة ليل أمس. قطع الطريق في منطقة الرينغ في بيروت تحوّل إلى شرارة لمشكلة أمنية خطيرة. فقد تبعه خلاف بين المتظاهرين وشابين مرّا في المنطقة على دراجة نارية. لكن الخلاف الذي وصفه متظاهرون بـ«العابر»، لم يبقَ كذلك. اتت مجموعة من الشبان، قيل إنها من الخندق الغميق، لتعتدي على الذين اختلفوا مع راكبَي الدراجة. وقع تلاسن ثم تضارب ثم شتائم. بعد ذلك، احتشد عشرات الشبان من منطقة الخندق الغميق، وهاجموا المتظاهرين في الرينغ، بذريعة أن أحدهم شتم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. سرعان ما انقسمت الجموع إلى معسكرين. القوى الأمنية كانت تتصرّف كمن «يلهو». فلا هي منعت قطع الطرق، ولا هي حالت دون وقوع الخلاف مع بداية قطع الطريق، ولا هي منعت تفاقمه. وهذا الاداء من قبل الجيش وقوى الامن الداخلي يُنذر بالمزيد من الفوضى، في حال لم تتخذ قراراً واضحاً، تتحمّل مسؤوليته حكومة تصريف الأعمال بشخص رئيسها الذي قرر، على ما يبدو، التفاوض بقطع الطرقات. على الحريري أن يختار: إما أن يمنع قطع الطرق، أو يطلب من الجيش والقوى الامنية حماية من يقطعون الطرق. البقاء بلا هذه ولا تلك يعني فتح الباب للفوضى الأمنية المتنقلة.
على الحريري أن يختار: إما أن يمنع قطع الطرق
أو يطلب من الجيش حماية
من يقطعون الطرق
ما جرى امس، سياسياً وامنياً، سبق وصول الموفد البريطاني ريشارد مور اليوم الى بيروت في جولة استطلاعية مشابهة لجولة الموفد الفرنسي الأسبوع الماضي. ومور هو الرجل الثاني في الخارجية البريطانية وأحد أهم المفاوضين في الملف النووي الايراني. على جدول أعمال الموفد زيارة لكل من الرؤساء الثلاثة ليغادر بعدها. الا أن أهم ما يحمله، وفقا لمصادر دبلوماسية غربية، يرتكز حول ثلاث نقاط:
1- عدم اعتراض الرباعية الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا) على عدم عودة الحريري الى رئاسة الحكومة شرط ألا يستفز اسم رئيس الحكومة المقبل الساحة السنية في لبنان
2- لا وجود لأي ربط ما بين مسار «سيدر» والحريري
3- لا فيتو على مشاركة حزب الله في الحكومة
وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن الاوروبيين راغبون في ايجاد مخرج سريع للأزمة الحكومية نتيجة القلق من الوضع الاقتصادي وعطفا على تقارير تصل من قبل دبلوماسيين اوروبيين في بيروت بشأن المخاوف المتزايدة من انهيار الوضع المالي كليا. فضلا عن أن البريطانيين يستغلون هذه الأزمة لاعادة تفعيل العلاقات مع دول المشرق العربي، معوّلين على قدرتهم التأثيرية على الأميركيين التي تفوق قدرة الفرنسيين. وتتشارك بريطانيا والولايات المتحدة الخشية نفسها من تعاظم الدور الروسي في الساحة اللبنانية وتلقيهما مؤشرات جدية على محاولة الروس التأثير في بعض الملفات، مما يتطلب تحركا سريعا من قبلهما. غير أن البريطانيين يرون أن أي بحث في نزع سلاح حزب الله في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة «ضرب من الجنون» ويتوافقون مع الفرنسيين على أولوية معالجة الانهيار المالي و«تنفيذ الاصلاحات».
من يمنع تشكّل الإطار القيادي للحَراك؟
ابراهيم الأمين
أين تجرى المفاوضات الحقيقية بالنسبة إلى مستقبل الوضع الحكومي في البلاد؟
للأسف، لا يجري ذلك في ساحات لبنان ولا مع الموجودين في الشارع. هذا لا يعني أن من يتفاوض يتجاهل ما يحصل منذ أكثر من شهر. لكن الحقيقة الصعبة أن المفاوضين الأساسيين لا يتصرفون على أن ما يجري في الشارع يُلزمهم بآليات وترشيحات مختلفة، كما يتصرف أهل الحكم مع الملف الحكومي بطريقة مريبة، إذ ينحصر النقاش، اليوم، في هويّة رئيس الحكومة ووزرائها، لا في جدول أعمالها.
وهذا لا يقتصر على القوى اللبنانية المعنية بالملف الحكومي، بل ينسحب على الجهات الخارجية المؤثّرة التي تتصرف بطريقة توحي كأنها تفاوض على الحراك وباسمه في آن، مستفيدين من استمرار ضياع القيادة الموحدة للحراك. مع الإشارة الى أن الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل يتحدثان، من طرف واحد، عن إعداد لائحة مرشحين لتولي حقائب وزارية، من بينهم من يعتبرون ممثلين لشعارات الحراك. ويستند الحريري وباسيل، في هذه الوجهة، الى أن المجموعات الناشطة في الحراك تتجنب الحديث عن تمثيلها في الحكومة. كما أن عدم تبلور آليات تنسيق فعالة يجعل من الصعب على أحد من المشاركين في الحراك النطق باسم الجميع. وهو ما يعيدنا الى المربع نفسه، حيث السؤال المركزي: الى متى سيبقى الحراك هكذا، يقف خلف شعارات عامة، من دون قيادة أو برنامج عمل واضح؟
المهم أنه ليس هناك اليوم جديد يعتدّ به بالنسبة إلى مستقبل التركيبة الحكومية. وما قد يخرج في أي وقت لا يعدو كونه حصيلة المواجهة السياسية القائمة في البلاد. لكن الأكيد أن ما سيتفق عليه الأطراف المتنازعون في السلطة لن يحاكي أبداً طموحات الناس وتطلّعاتهم، فماذا هم فاعلون؟
بحسب كل المعطيات حول التنسيق بين المجموعات المشاركة في الحراك، فإن فكرة قيام إطار تنسيقي لا تزال بعيدة المنال. يفضّل كثيرون الحديث عن تواصل وتفاعل وتشاور، لكنهم يرفضون فكرة الإطار الواضح. هذا الرفض ليس سببه فقط خشية هؤلاء من رفض الشارع لاعتبارهم ناطقين باسمه، بل لكون المجموعات نفسها لا تملك القدرة على الانتقال الى مرحلة عملانية بعيداً من الشعارات الكبيرة. وهو التحدّي الأبرز أمام أهل الحراك. وكل كلام آخر مكابرة لا تجاريها إلا مكابرة أهل الحكم. وهو تحدّ استثنائي، لأن كل خطوة تطرح لتفعيل الحراك أو تعميقه أو توسيعه شعبياً أو قطاعياً، لن تعالج أصل المشكلة المتعلقة بوجهته النهائية. حتى ولو كان بين الناشطين من يعتقد أنه، مع مرور الوقت، ستتشكل مجموعات قادرة على الاستقطاب بطريقة مختلفة عما هو عليه الوضع اليوم. وهؤلاء يتصرفون، للأسف، كأنهم في فرقة كشّافة لا في حراك شعبي يستهدف تغيير سلوك أو مشاركة من يدير البلاد في السلطة.
ترك الشارع من دون وضوح يسمح للخارج
بالدفع نحو توتّرات دامية من أجل
تحقيق مكاسب سياسيّة
الخطير في ترك الحراك من دون آلية قيادية واضحة هو أن من يملك القدرات الأكبر على فرض شعارات أو تحركات غير منسّقة وتحويلها الى وجهة أو الى أمر واقع، هو الأكثر سروراً بعدم تبلور الإطار القيادي. ومن يملك هذه القدرات في الشارع، اليوم، هي القوى التي لا يمكن تحديدها بدقة. وهي القوى والمجموعات التي تملك برامج تظهر على شكل أفكار وبرامج متنوعة، لكنها تعود في النهاية لتصبّ في مكان واحد. وهو المكان الذي لا يريد فرز الأمور بطريقة سليمة، بل يريد ترك الأمور على أعلى قدر من الغموض، ما يتيح إدخال ما يجب إدخاله من عناصر على الحراك بما يتناسب مع مصالح جهات من خارج الحراك.
وفي هذا السياق، هل بين أهل الحراك من يشرح، اليوم، سبب أن برنامج قطع الطرقات مثلاً، لا يخضع لأي مجموعة من المجموعات المعلنة عن نفسها قوة أساسية في الحراك، بل هي مهمة متروكة لقوى السلطة الحاكمة أو المعارضة، من تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري الى القوات اللبنانية، الى أنصار وليد جنبلاط، الى مجموعات غاضبة لديها برنامجها المستقل. وبينها من هو متصل بمنافسين للحريري، وسط الشارع السني، أو من يعمل بالتنسيق مع أجهزة أمنية؟
ثم، من يمكنه من أهل الحراك شرح خلفية ووجهة قرارات ودعوات الى إضراب عام أو عصيان أو تظاهرات جوّالة. هل بإمكان أيٍّ من المجموعات التي تدّعي انها الأكثر فعاليةً ادّعاء أنها تعرف بالضبط من يقوم بهذه الأمور. كما هي حال من يتحكم بإدارة الساحات أو بطريقة تغطية «أعلام الانتفاضة» للأنشطة. وهل يفسّر لنا هؤلاء سبب امتناع معظم الناس عن المشاركة في التظاهرة التي دُعي إليها في مقابل السفارة الأميركية في عوكر. هل في ضعف المشاركة إشارة الى أن الجمهور عموماً غير مهتمّ بالتدخل الأميركي، أم غير معنيّ باستنكار التدخّل الأميركي أو غير مقتنع بوجود تدخل أميركي؟ وكيف سيكون الموقف لو خرج من بين أهل الحراك غداً من يطلب تحركاً ضد التدخل السعودي أو التدخل الإيراني؟ ومن يحسم لنا مسبقاً آلية الحشد وتنظيم المشاركة وتحضير الشعارات والخطابات؟
اليوم، يقف الحراك، ليس في مواجهة أسئلة صعبة عن مستقبله، بل في مواجهة الهروب المستمر من مسؤولية قوى رئيسية فيه عن الاستمرار في حالة الغموض، علماً بأن من لديه الحذر إزاء حجم التدخلات الخارجية، يزداد قلقه وخشيته وتعاظم ظنونه إزاء وجود قيادة خفية تتحكم بمفاصل الحراك الأساسية. وإذا كان الحراك كشارع غير معنيّ بالإجابة عن أسئلة القلقين، فإن القوى الرئيسية التي تدعم الحراك فكرةً ومشاركةً، لا يمكنها التصرف كأنها مجرد مجموعة مواطنين غاضبة. لأن التماهي مع الجمهور، في هذه اللحظة، يعني أنها ليست قوى مؤهلة لقيادة الشارع، وبالتالي سيكون من الصعب إقناع أحد بأنها مؤهّلة لتولّي مسؤوليات عامة في البلاد.
صحيح، أن المزاج العام الذي يشكّله الحراك قويّ، ويسود كتلةً كبيرةً من الناس سواء في الشارع أو في المنازل، لكن إبقاء الأمور على ما هي عليه، ينذر بعواقب وخيمة، وخصوصاً عندما يشعر المتفاوضون على مستقبل السلطة بالحاجة الى استثمار الحراك بأشكال مختلفة. وهنا يجب التحذير من كون اللاعبين الكبار، وخصوصاً الجانب الأميركي، يستعجلون حصاداً سياسياً لهذا الحراك، وهذا فريق حاقد وغبيّ وغير مسؤول، وقد يدفع الى توترات تسقط الناس في جحيم الفوضى والدماء. وما يمنع ذلك ليس وعي السلطة فقط، بل وعي أهل الحراك، وقدرتهم على تحمل المسؤولية.
مرة جديدة، آن الأوان لأهل الحراك للتقدم خطوة كبيرة نحو تشكيل إطار أو ورقة عمل موحّدة تمهّد لحوار لا بدّ منه مع القوى النافذة في الحكم بغية الوصول الى حلّ انتقالي يمهّد لمرحلة جديدة من إدارة الدولة.
* الجمهورية
“الثنائي الشيعي” يحاول إقناع الحريري.. وحديث عن مبادرة فرنسيّة ـ بريطانيّة
لم يطرأ أي جديد على جبهة الاستحقاق الحكومي في عطلة نهاية الاسبوع، تأسيساً على مشهد الرؤساء الثلاثة على منصة الاحتفال بعيد الاستقلال في وزارة الدفاع حيث كشف عن أجواء باردة جداً في ما بينهم، خصوصاً بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، ما دل الى انّ الاتصالات للتكليف والتأليف لم تحقق بعد اي خرق ايجابي، وانّ الانظار متجهة الى هذا الاسبوع لعله يشهد خرقاً ما في الافق المسدود، فيما ينطلق الحراك الشعبي اليوم الى جولة جديدة من الاضراب والعصيان المصحوبين بإقفال طرق ومؤسسات بدأ ليل أمس في بيروت وبعض المناطق.
علمت «الجمهورية» أنّ حركة اتصالات مكثفة تجري بين «الثنائي الشيعي» ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، في محاولة لإقناعه بالعودة الى رئاسة الحكومة.
وبحسب المعلومات، فإن لا شيء نهائياً قد تحقق حتى الآن، ولكن اجواء الثنائي توحي أنّ الابواب ليست مقفلة، وأنّ المفاوضات ستستمر لعلها تفضي الى إيجابيات خلال هذا الاسبوع.
وتشير المعلومات الى انّ صيغة حكومة التكنوقراط، وإن كانت مطروحة في الاعلام، كشرط يريده الحريري لعودته الى ترؤس الحكومة الجديدة، إلا انها في «الكلام الجدي» لا مكان لها على الاطلاق، مع التسليم بأنها صيغة هي الأعجز على إدارة دفة البلاد في ظل الأزمة المعقدة.
وكشفت المعلومات انّ هذه المفاوضات ما زالت تصطدم حتى الآن بشروط من نوع منح الحكومة الجديدة صلاحيات استثنائية لمدة 6 أشهر، تخوّلها القيام بالخطوات اللازمة على طريقة الانقاذ، ويكون في صدارتها تعديل قانون الانتخاب الحالي، تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وتقول المعلومات انّ «الثنائي الشيعي» لا يوافق على هذا الطرح.
حسم تقريبي
لكن هذه المعلومات على تفاؤلها الحذر باحتمال إقتراب الحل جاءت على نقيض مصادر مطلعة أوضحت لـ«الجمهورية» انّ الحريري «حسم موقفه تقريباً بعدم ترؤس الحكومة المقبلة بسبب عدم التجاوب مع معايير التأليف التي وضعها»، لافتة الى انّ القوى السياسية المعنية أصبحت اقرب الى التسليم النهائي بهذا الأمر.
وأشارت المصادر الى انّ الملف الحكومي هو عرضة منذ ايام لِهبّة تفاؤلية حيناً وتشاؤمية حيناً آخر، كاشفة عن انه أكثر من مرة كاد يتم التوافق على اسم محدد للتكليف لكن التحفظات أو الاعتراضات المفاجئة كانت تؤدي الى حرق الطبخة والعودة الى خط البداية مجدداً.
وأملت المصادر في ان يبقى ملف التكليف والتأليف خاضعاً للاعتبارات الداخلية، وعدم ربطه بالعوامل الخارجية التي من شأنها ان تزيد الموقف تعقيداً. ونبّهت الى أنّ استمرار الاخفاق في المعالجة المحلية سيسمح للخارج بأن يصبح أكثر تأثيراً وحضوراً، الامر الذي لا يخدم المصلحة اللبنانية.
تفاءلوا بالخير
الى ذلك، قال مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»: «حتى الآن هناك اتصالات تجري بعيداً عن الاعلام، واستمرارها بلا انقطاع خلال اليومين الماضيين، هو مؤشر ايجابي يؤمل ان تتمخّض عنه مخارج ايجابية يرجّح أن تظهر خلال الاسبوع الجاري».
وأضاف المرجع، الذي يواكب حركة الاتصالات عن كثب: «تفاءلوا بالخير تجدوه، الاتصالات ماشية، لكن لم تصل بعد الى ما ننشده من حلول، ولننتظر وكيلاً لعلنا نحصد الحمص والفول خلال ايام».
ورداً على سؤال قال المرجع: «أكبر خطأ يرتكب هو تسخيف الحراك وتجاهل ما حققه، ثمّة متغيرات فرضها ولا يمكن القفز فوقها، خصوصاً في تشكيل الحكومة الجديدة».
وأضاف: «لكن في المقابل، هناك خطأ يرتكب بحق الحراك عندما يوصَف بأنه ثورة، ذلك انّ الثورة تعني إحداث انقلاب، وهذا لم يحصل، ولا اعتقد انّ في الامكان حصوله في لبنان».
ولفت المرجع الى «مبالغة غريبة في دعوة بعض الحراك الى إسقاط النظام واتفاق الطائف». وقال: «هذا كلام عشوائي أقصى ما يمكن ان يحققه هو وضع البلد على سكة الانهيار، وخصوصاً الانهيار الاقتصادي».
إستياء من المصارف
الى ذلك، ما زالت اجواء عين التينة تعكس استياء بالغاً من اداء المصارف في هذه الفترة، حيث ترتكب جريمة بحق المودعين، فهناك ما يزيد على 10 مليارات من الدولارات للمصارف خارج لبنان، فليؤت بهذه الاموال الى لبنان، وليحلوا المشكلات الكبرى مع الناس. إنّ اموال المودعين يجب ان يحصلوا عليها، لأنّ حجبها عنهم يؤدي الى انفجار.
إضراب وعصيان
تتالت الدعوات مساء أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى الإضراب العام وإقفال الطرق اليوم في مختلف المناطق اللبنانية، وكذلك تصاعدت دعوات من ساحة الشهداء عبر مكبّرات الصوت إلى العصيان المدني.
وصدر بيان عن الحراك في طرابلس وعكار وصيدا ومناطق أخرى طلب من اللبنانيين في مختلف مناطقهم إغلاق كل مؤسسات الصيارفة وأن يكون صباح اليوم الاثنين «يوم الغضب»، وإقفال كل المؤسسات حتّى تأليف حكومة اختصاصيين.
وعلى وقع هذه الدعوات، بدأ ليلاً اقفال الطرق في عدد كبير من المناطق، وأفادت غرفة «التحكم المروري» عن توقيف السير عند تقاطع برج الغزال في اتجاه جسر «الرينغ» في بيروت، حيث وصل عدد من الشبان على الدرجات الناريّة الى مكان الاعتصام في جسر الرينغ، فوقعت إشكالات عدّة، تدخّلت على أثرها القوى الأمنية وشكلت حاجزاً بشرياً بين الطرفين. فيما أغلق في البقاع الاوسط مفترق المرج ـ برالياس في كل الاتجاهات، وجرى إقفال طريق تعلبايا ـ سعد نايل في الاتجاهين، كما تم قطع السير على طريق عام المرج – البقاع الغربي.
وفي ساحل المتن الشمالي اقفل عدد كبير من المتظاهرين اوتوستراد جل الديب، وقطع السير على اوتوستراد انطلياس في الاتجاهين. امّا في الشمال، فتمّ إقفال طريق العبدة – عكار، والبداوي.
وتزامناً، نفّذ عدد من المعتصمين مسيرة أمام منزل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في البياضة – المتن، حيث ردّدوا قائلين: «فِل.. فِل.. فِل.. بَيّك منّو بيّ الكلّ».
وجاءت وقفة المتظاهرين امام منزل باسيل خلال مسيرة سيّارة انطلقت من مزرعة يشوع، وجابت بلدات المطيلب والرابية فقرنة الحمرا وبيت شباب، صعوداً إلى بكفيا، لتتجه بعدها إلى المحطة الأخيرة في انطلياس، مروراً بقرنة شهوان وبيت الشعّار والنقاش.
في عوكر
وكانت مجموعات من الحراك تظاهرت أمس أمام السفارة الاميركية في عوكر، مؤكدة رفضها «اعتراضها على كلام السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان».
وأحرق المتظاهرون العلمين الاميركي والاسرائيلي وهتفوا للمقاومة، كذلك أحرقوا صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وحاولوا قطع الأسلاك الشائكة المحيطة بحرم المربّع الامني للسفارة.
الراعي وجنبلاط
وفي المواقف الداخلية، رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «أنّ شجاعة القرار الحر السيّد المستقل نفتقدها عند أصحاب القرار السياسي عندنا في لبنان، غير القادرين على اتخاذ القرار الشجاع، لمصلحة لبنان وشعبه، لأنهم ما زالوا أسرى مصالحهم ومواقفهم المتحجرة وارتباطاتهم الخارجية وحساباتهم، لكنّ الشجاعة نجدها عند شعبنا، بكباره وشبّانه وصباياه، في انتفاضتهم السلمية والحضارية منذ 37 يوماً».
وتطرّق الراعي في عظة الأحد الى المنتفضين، فقال: «هؤلاء من كل المناطق اللبنانية والطوائف والمذاهب والأحزاب، من دون أن يعرفوا بعضهم بعضاً، التقوا واتخذوا قرارهم الشجاع والحر. فطالبوا بإجراء الاستشارات النيابية وفقاً للدستور، وتشكيل حكومة جديدة في أسرع ما يمكن، توحي الثقة وتباشر الإصلاح ومكافحة الفساد وإدانة الفاسدين، واستعادة المال العام المسلوب إلى خزينة الدولة، وإيقاف الهدر والسرقات. حكومة تبدأ بالنهوض الاقتصادي بكل قطاعاته، من أجل خفض العجز، وتسديد الدين العام المتفاقم، ورفع المالية العامة. قرارهم رفض أنصاف الحلول، والوعود الكلامية، لأنهم شبعوا منها، وقد بلغت بالدولة إلى حد الإفلاس، وبالشعب إلى الفقر والجوع، وبالشباب والأجيال الطالعة إلى الهجرة بحثاً عن أوطان بديلة. أما اليوم فقرارهم هو البقاء على أرض الوطن، ووضع حد للذين أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه اليوم».
وأضاف: «حقق هؤلاء المنتفضون اليوم ما قاله المكرّم البطريرك الياس الحويك، رئيس البعثة اللبنانية إلى مؤتمر الصلح في فرساي سنة 1919 ومهندس قيام دولة لبنان الكبير: «لا يوجد في لبنان طوائف، بل طائفة واحدة إسمها الطائفة اللبنانية. لبنانيون نحن وسنبقى لبنانيين متحدين في وطنية واحدة. لذلك ما يهمنا، في الذي يدير شؤون وطننا، تعلّقه بالعدالة والرأفة، لا بمعتقداته الدينية. فليبارك الله كل الذين يريدون خير لبنان، إلى أي طائفة انتموا».
ومن جهته إتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «بعض السفراء ووزراء الخارجية» الأجانب، بالتدخل في تشكيل الحكومة.
وكتب جنبلاط عبر «تويتر»: «حتى بعض السفراء الفاعلين وبعض وزراء الخارجية دخلوا على خط تشكيل الوزارة لزيادة التعقيد إلى جانب الطبقة السياسية الرافضة للتنازل والمتمسّكة بالبقاء».
وأضاف: «ولكي لا يزيد التنظير والتأويل حول ما سبق وقلته، أتمنى أن يتوافق السفراء والخبراء وكبار القوم بسرعة لتشكيل الوزارة وكلهم بلا استثناء يؤيّد استقرار لبنان وفق ما يقولونه».
موفد بريطاني
وفي ظل الجمود الحكومي قالت مصادر ديبلوماسية أوروبية مطلعة لـ«الجمهورية» انّ موفداً بريطانياً يصل الى بيروت في الساعات المقبلة، هو مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية البريطانية ريتشارد مور، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، ومجموعة من المسؤولين اللبنانيين لم يحدد عددهم بعد.
وفي المعلومات المتداولة انّ بريطانيا، التي وفّرت دعماً قوياً للبنان في السنوات الأخيرة في المجالات العسكرية والتقنية واللوجستية وتعزيز الوحدات البرية وافواج الحدود خصوصاً وقطاعي التربية والصحة، تستعد لتوسيع هذه المبادرة ديبلوماسياً ودولياً، وهو ما يعد أول تحرك بريطاني على هذا المستوى.
وربطت المصادر بين هذه الزيارة ونتائج اللقاء الثلاثي الأميركي ـ الفرنسي ـ البريطاني الذي عقد في باريس الثلاثاء الماضي في ضيافة الموفد الفرنسي الى بيروت مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، وحضور معاون وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، والمسؤولة في وزارة الخارجية البريطانية ستيفاني القاق والسيد مور.
وقالت مصادر مطلعة انّ بريطانيا ترغب في توسيع واستثمار اللقاء الثلاثي الباريسي وتحويله مبادرة بريطانية – فرنسية مباشرة، لمعاونة لبنان على الخروج من الأزمة الحالية وطريقة تطويق ذيولها بدعم اميركي، تمهيداً لعرضها على مؤتمر دول الأطلسي الذي تستضيفه باريس نهاية الأسبوع الجاري.
روسيا والصين
وفي المواقف الدولية أيضاً، برزت برقيتا التهنئة بعيد الاستقلال اللتين تلقّاهما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، شدّدتا على «دعم لبنان وشعبه، وتعزيز العلاقات الثنائية في كل المجالات».
وجاء في برقية بوتين: «انّ العلاقات الديبلوماسية الروسية – اللبنانية، التي احتفلنا هذا العام بالذكرى الخامسة والسبعين على إنشائها، لطالما ارتدَت طابع الصداقة البنّاءة. وانني لمقتنع بأنّ جهودنا المشتركة ستواصل تطوير تعاوننا الثنائي في مختلف الميادين، لِما فيه خير شعبَينا. وأغتنم المناسبة لأجدد دعم روسيا المتواصل لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه».
وشدد جين بينغ على انّ «الصين ولبنان بلدان صديقان منذ القدم، والصين تواصل دوماً دعم جهود لبنان في صَون سيادة الدولة والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي ودفع التنمية الاقتصادية قدماً». مشيراً الى أنه «يعلّق بالغ الاهمية على تطوير العلاقات الصينية – اللبنانية، ومستعد للعمل مع فخامتكم من أجل دفع علاقات التعاون بين الصين ولبنان الى مستوى أعلى، بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين بالصورة الفضلى».
* اللواء
بعبدا لكسب الوقت: متى الإفراج عن حكومة اللون الواحد؟
موفد بريطاني اليوم.. وبعده روسي.. وأسبوع المواجهة يبدأ من «الرينغ»
مع اقتراب الأزمة الكبرى من نهاية اسبوعها السادس، تشكّل الموقف السياسي على نحو خطير، من شأنه ان يُفاقم التأزم الحاصل:
1- حسم الرئيس سعد الحريري خياره بعدم القبول بتشكيل حكومة، يرأسها هو، وتدار على نحو ما كانت تدار فيه «الحكومة المستقيلة» والتي أدّت إلى ما أدّت إليه، وهذا القرار أبلغه لمن يلزم، سواء الثنائي الشيعي، والذي نقل هذا التوجه إلى قصر بعبدا.
2- وعليه، سارع الثنائي الشيعي، على لسان وزير المال في الحكومة المستقيلة علي حسن خليل إلى نفي عقد اجتماع في بيت الوسط مع الرئيس الحريري، بعد ما تردّد انه مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، واللذين كانا التقيا الرئيس نبيه برّي، قبل الذهاب إلى بيت الوسط، للتباحث حول ما يمكن قوله بالصلاحيات الاستثنائية، وفقاً للمعلومات التي راجت، وجرى نفيها من دون تأخير.
ومن الاقتراحات التي جرى تداولها بين الحريري وخليل أمس الأوّل، وتتعلق بأن يكون الوزراء الأربعة، الذين سيعينون وزراء دولة، ليسوا من الصف الأوّل، بل سياسيون من الصف الثاني، لكنها لم تلق استحساناً أو قبولاً.
3- تزايد الاتجاه لدى الحكم إلى السير بخيار غير الرئيس الحريري، والذهاب إلى حكومة اللون الواحد، أي من فريق 8 آذار، بعد إعلان اللقاء الديمقراطي عدم مشاركته في الحكومة.. بالإضافة إلى «القوات اللبنانية»..
4- وتأتي هذه التطورات السياسية البالغة الخطورة، بعد الوجوم الذي ساد مشاركة اللقاء في العرض العسكري الذي اقامته قيادة الجيش اللبناني في مبنى وزارة الدفاع في بعبدا يوم الجمعة الماضي، وبالكاد سجل سلام بين عون وبري والحريري، كمؤشر على اتساع الهوة ووجود أزمة حقيقية، وحافظ الرئيس الحريري على تعبير صارم خلال العرض العسكري، بينما تبادل الرئيسان عون وبري الابتسامات. وتبادل القادة بضع كلمات خلال العرض الذي استمر 30 دقيقة للجنود. ولم يكن هناك عرض للدبابات أو المروحيات ولم يكن هناك شخصيات أجنبية حاضرة.
وغادر الرئيسان بري وعون على الفور بعد انتهاء العرض العسكري، في حين أن الحريري كان يتجول لمدة أطول بتبادل الكلمات مع قائد القوات المسلحة اللبنانية.
5- وفي ساحتي رياض الصلح والشهداء أحيا عشرات آلاف اللبنانيين الجمعة الذكرى السادسة والسبعين لاستقلال الجمهورية بتنظيم «عرض مدني» بدلا عن العرض العسكري التقليدي الذي بقي هذه السنة محصورا في وزارة الدفاع. وواكبت التحركات المدنية أجواء احتفالية وحماسية.
وتوزع العرض المدني على عدد من الافواج، كفوج الأمهات، فوج الأطفال، فوج الطناجر، فوج العسكريين المتقاعدين، فوج العمال، فوج الموسيقيين، فوج الأطباء، فوج الطلاب، فوج الطيران، فوج الرياضة، فوج المهندسين وفوج الإرادة الذي يمثل ذوي الحاجات الخاصة، وغيرها من القطاعات، مع تجهيز رايات باسم كل فوج.
6- وعليه افادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الأمور لا تزال مكانها وانما الجديد في هدا الأمر هو الإهتمام الخارجي بالموضوع حيث عاد يأخذ مداه بعد اجتماع باريس بين فارنو وشينكر والمسؤولة البريطانية وهناك اجتماع آخر سيعقد بداية الشهر المقبل واليوم يصل الموفد البريطاني الى لبنان ريتشارد مور وهو يشغل منصب الشؤون السياسية في الخارجية البريطانية في زيارة استطلاعية استكمالا للقاء باريس وقبل اجتماع الشهر المقبل.
وسيجري مور مباحثات مع المسؤولين اللبنانيين حول تطورات الوضع في لبنان والمنطقة، ويلتقي تباعاً الرئيس عون، والرئيس بري، والرئيس الحريري ثم وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل عند الساعة الثالثة بعد الظهر على ان يغادر بيروت مساء.
وتوقع مصدر مطلع وصول موفد روسي إلى بيروت بعد الأربعاء.
وعلمت «اللواء» ان هناك اجتماعات مكثفة يشهدها قصر بعبدا مع السفراء الأجانب والموفدين وان مور الذي يصل اليوم يوازي فارنو اهمية وموقعا في المملكة البريطانية ويتوقع ان يكون الحديث معمقا.
ورأت المصادر ان الآجواء الأميركية اصبحت واضحة مع السفير جيفري فيلتمان وحنين غدار ومارون الحتي انما الرئيس مصمم على اللجوء الى الآليات والمؤسسات الدستورية.
واعتبرت المصادر ان رئيس الجمهورية ليس بإمكانه ان يبقى مكتوف الايدي.
ورأت ان الخوف من الصراع لا سمح الله يبرر اخذ الحيطة ولكن لا يبرر الاحجام عن اللجوء الى المؤسسات والآليات الدستورية وقد يتظهر هذا الرأي في الأيام المقبلة وقالت انه ليس المقصود بذلك حكومة مواجهةِ.
واليوم، يناقش مجلس الأمن الدولي في جلسة مشاورات، تقرير الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس بشأن تنفيذ القرار الرقم 1701 الذي رفعه الخميس الفائت إلى رئيس المجلس والأعضاء، ويقدم خلاله المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ملخصا للمشاركين في الجلسة من مندوبي الدول الأعضاء عن الأحداث التي شهدها لبنان في الفترة ما بين الخامس والعشرين من حزيران الماضي إلى آخر تشرين الأوّل الفائت. وتتضمن بحسب المعلومات الأحداث التي حصلت في الجنوب وعلى طول الخط الأزرق، وتشمل ايضا التطورات الخاصة بالاحتجاجات التي حصلت في كل المناطق اللبنانية.
وكانت الاتصالات السياسية لم تتوقف خلال الايام الثلاثة الماضية وبعد عرض عيد الاستقلال، لا بين الاطراف المعنيين في الداخل، ولا من الجهات المعنية بالوضع اللبناني في الخارج، حيث بات الحل بحكم التدويل بعد عجز الاطراف اللبنانية عن التوافق على حل للأزمة.
وأشارت هذه المصادر إلى وجود اتصالات لإقناع الرئيس سعد الحريري بقبول حكومة تكنو- سياسية مطعّمة بعدد قليل من السياسيين وتضم ممثلين عن الحراك الشعبي مقبولين من الحراك نفسه اولاً، نظراً لتركيبة لبنان السياسية التي لا تحتمل إبعاد اي طرف سياسي عن مركز القرار، ونظراً لطبيعة الملفات التي ستناقشها الحكومة على المستويات السياسية والاصلاحية والاقتصادية– المالية والانمائية، والتي سبق وكانت عرضة للتجاذب بين القوى السياسية قبل الاتفاق على السير بها في اخر ايام الحكومة المستقيلة، وهي لا زالت بحاجة لمناقشة الآليات التنفيذية لها. اضافة الى ان وضع المنطقة الساخن من حول لبنان يفرض وجود طاقم سياسي يتابع ويعالج ويتخذ المواقف اللازمة بلا تردد ومراجعة المرجعيات عندكل كبيرة وصغيرة.
وكان النائب السابق وليد جنبلاط علق عبر التويتر موضحا على ما سبق وقاله: كي لا يزيد التنظير والتأويل حول ما سبق وقلته أتمنى أن يتوافق السفراء والخبراء وكبار القوم بسرعة لتشكيل الوزارة وكلهم بلا استثناء يؤيد استقرار لبنان وفق ما يقولونه.
إضراب عام..
الحراك، على الوجه الاعم، دعا إلى إضراب عام اليوم الاثنين 25 ت2، في إطار دعوة إلى العصيان المدني، وتحت شعار «البلد مقفل حتى تشكيل حكومة.. والأبرز في التحركات أمس، كانت التظاهرة الضخمة التي طافت شوارع بيروت، من فردان إلى الحمرا وقريطم، مروراً بساقية الجنزير.
وبالتزامن تحرك فريق من الحراك المدني إلى مقر السفارة الأميركية في عوكر، حيث هتف المتظاهرون ضد «التدخلات الأميركية في الشؤون اللبنانية»، وكانت القوى الأمنية اللبنانية أوقفت خمسة شبان بينهم ثلاثة قاصرين مساء السبت الماضي لإزالتهم لافتة للتيار الوطني الحر، قبل أن تعود وتفرج عنهم لاحقاً وفق محامين، إثر موجة انتقادات غاضبة. وأفادت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين في لبنان على صفحتها على فيسبوك أنه جرى «توقيف خمسة شبان من ضمنهم ثلاثة قاصرين في حمانا من قبل النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان على خلفية ازالة لافتة لمركز للتيار الوطني الحر».
ووصل ليلاً عناصر حزبية إلى «الرينغ» لمواجهة الأشخاص الذين عمدوا إلى قطع الطريق، وذكرت «الجديد» ان العناصر الحزبية مؤيدة لحركة «امل». بعد ذلك تدخلت قوى الأمن، وذكر ان العناصر استولت على الهاتف الخليوي للاعلامية في LBCi ديما صادق، وهو سبب الإشكال.
وفي السياق، أفاد التحكم المروري عن قطع طريق جسر الرينغ بالاتجاهين.
وليلاً قطعت طريق جل الديب بالاتجاهين، فضلا عن قطع الطرقات في طرابلس وعكار والبقاع، وتجمع متظاهرون امام منزل الوزير في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في الرابية، هاتفين: «يا عيب الشوف عليك يا فاسد، فل يا حرامي». كما هتفوا الأغنية الشهيرة الـ «هيلا هو».
* البناء
جلسة مجلس الأمن حول لبنان وتظاهرة عوكر تدفعان المتلاعبين بالحراك للاستنفار
عودة لقطع الطرقات والإضراب بالقوة… والجيش والقوى الأمنية أمام الامتحان
اتصالات غير مباشرة ترجّح سمير الجسر تفادياً لمتلازمة الحريري – باسيل
كتب المحرّر السياسي
مع موعد انعقاد جلسة اليوم لمجلس الأمن الدولي مخصصة لمناقشة الوضع في لبنان، وما ستشهده من مواقف أميركية وغربية يتوقع أن تركز على التحريض ضد حزب الله، مقابل تمسك روسي صيني بالتحذير من خطورة التشجيع على الفوضى والتدخلات الخارجية لفرض مكاسب على حساب سيادة لبنان، بدلاً من التشجيع على حلّ سياسي سريع ينتج حكومة توافقيّة تلاقي المطالب الإصلاحية. وبعدما نجحت الأطراف الوطنية في الحراك بفرض حضورها عبر التظاهرة التي توجّهت أمس، نحو السفارة الأميركية في عوكر تنديداً بالتدخلات الأميركية السافرة التي عبرت عنها مواقف الدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان أمام الكونغرس ومواقف معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر بعد اجتماع فرنسي أميركي بريطاني حول لبنان، تضمنت جميعها تحريضاً على المقاومة وسلاحها ودعوة لفرض المصالح الإسرائيلية في ترسيم حدود لبنان النفطية، أدّت اجتماعات الأطراف التي نجحت بالسيطرة على الحراك وتوجيهه نحو تخديم جدول أعمال تقوده قوى الرابع عشر من آذار، عنوانه تسريع الاستشارات النيابية لقطع طريق التفاوض الذي يجري بين فريقي الرابع عشر من آذار والثامن من آذار كشرط مسبق لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، إلى تشاور لا يبدو بعيداً عن ملاقاة ما ينتظر في جلسة مجلس الأمن ويضمن استرداد زمام المبادرة في قيادة الحراك، وانتهى ليلاً بالدعوة إلى قطع الطرقات، وفرض الإضراب بالقوة، تحت شعار الاستشارات فوراً.
مصادر متابعة حذرت من خطورة الموقف مع العودة لقطع الطرقات، وقالت إن الاحتقان السياسي بلغ مداه والغضب الشعبي من قطع الطرقات وفرض الإضراب سينتجان ردود أفعال تصعب السيطرة على تداعياتها، ما لم تتحمل القوى العسكرية والأمنية مسؤولياتها وتنفذ التزاماتها بمنع قطع الطرق وتأمين حرية التنقل التي كفلها القانون للبنانيين.
اليوم سيحمل أجوبة حاسمة على الأسئلة التي حملتها وقائع الجلسة التشريعية، لجهة تجيير تعطيلها لمجموعات تحاول السيطرة على الحراك الشعبي وأخذه إلى زواريب اللعبة السياسية من موقع الرابع عشر من آذار، بالتطابق مع وصف الديبلوماسي الأميركي جيفري فيلتمان للحراك، كنسخة منقحة عن الرابع عشر من آذار لتحقيق الأهداف ذاتها.
على الصعيد السياسي وملف التفاوض حول تسمية رئيس مكلف تشكيل الحكومة الجديدة، حملت اتصالات غير مباشرة بين ثلاثي التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، والرئيس سعد الحريري، طرح اسم الوزير السابق سمير الجسر لرئاسة الحكومة، تفادياً لما وصف بمتلازمة الحريري باسيل، كإشارة إلى ترابط عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة، بعودة الوزير جبران باسيل إلى اي تشكيلة حكومية برئاسة الحريري، خصوصاً بعدما تركز كلام فيلتمان على الحرص الأميركي على توظيف الوضع الراهن لتدفيع التيار الوطني الحر والوزير باسيل خصوصاً فاتورة دعمه للمقاومة ووقوفه مع سلاحها.
وتوقعت مصادر متابعة للشأن الحكومي أن يكون الأسبوع الحالي حاسماً على الصعيد الحكومي، ولفتت المصادر لـ»البناء» الى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سينتظر مساعي الثنائي الشيعي أمل وحزب الله مع الرئيس سعد الحريري للبناء على الشيء مقتضاه وحسم موقفه من التكليف رغم تكوّن قناعة لدى عون بحكومة الأكثرية بعد سقوط جميع المبادرات وتصلّب موقف الحريري». ولاحظت المصادر انسداد أبواب الحلول من مشهد وزارة الدفاع في العرض العسكري بمناسبة عيد الاستقلال، حيث ظهر التوتر والجمود في علاقة الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، حيث لم يعقدوا أي اجتماع او حتى محادثات حول الحكومة، علماً أن مناسبة اللقاء شكلت فرصة للتواصل الرئاسي».
الى ذلك نشطت الاتصالات بين الحريري وثنائي أمل وحزب الله خلال عطلة نهاية الأسبوع، في محاولة حثيثة للتوصّل الى تسوية ترضي الجميع، إلا أن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل نفى عقد أي اجتماع مساء أمس في بيت الوسط مع الرئيس الحريري.
من جهته، رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، أن «التواصل مستمرّ، والمشاورات قائمة، والتنسيق بيننا وبين حلفائنا على قدم وساق من أجل أن تكون هناك إمكانية لإنجاز تكليف تمهيداً للتأليف، بما يتلاءم مع الظروف الاستثنائية والخاصة للمرحلة الحالية، ونحن نريد لهذا التواصل أن يؤدي إلى نوع من التفاهم، فالبلد يحتاج إلى جميع المخلصين، وإلى الكتل الأساسية التي عليها أن تتشارك في حمل العبء، خصوصاً أولئك الذين كانوا في السلطة من التسعينيات إلى اليوم».
وتابع: «هناك حوار نساهم فيه مع رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من أجل أن نصل إلى أرضية مشتركة، نتمكن فيها من تكليف رئيس للحكومة وتأليف حكومة، التي عليها أعباء ومهمات إصلاحية بعضها موجود في الورقة الإصلاحية، وبعضها الآخر نحن حاضرون وجاهزون كي نقدّمه للحكومة الجديدة من أجل أن تنهض بالبلد، وهناك فرص، فلا يهولنّ ويحبطن أحد الشعب اللبناني، لأن جزءاً من هذه الأزمة هو سياسي وليس مالياً واقتصادياً، وحتى ما يحصل في المصارف اليوم، فالإجراءات التي قامت بها المصارف زادت من الهواجس عند اللبنانيين، وهذا القطاع الذي كانوا يتغنون به بأنه عنوان الثقة، هم بأدائهم هزوا الثقة به، وعليه، يجب أن تكون أموال اللبنانيين محفوظة، ولا يفكرنّ أحد أنه بإمكانه أن يضيع على اللبنانيين أموالهم بأي إجراءات وسياسيات يتخذها».
وشهد يوم أمس، تظاهرة نفذتها مجموعات من الحراك أمام السفارة الأميركية في عوكر، رفضاً للتدخلات الخارجية بشؤون لبنان، وأبرزها بحسب المتظاهرين التدخل الأميركي الأخير الذي عبّر عنه السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان واعتراضاً على الدور الأميركي الفاعل في تعميق الأزمة الاقتصادية اللبنانية. وأحرق المتظاهرون العلمين الأميركي و»الإسرائيلي» وهتفوا للمقاومة، كما أحرقوا صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وحاول بعض المتظاهرين أمام السفارة قطع الأسلاك الشائكة.
وجدّدوا تأكيدهم أنّ دعوتهم للتظاهر أمام السفارة الأميركية «ليست لإثبات وطنيتهم أمام جمهور المقاومة بل جاءت رفضاً للسياسة الأميركية في لبنان ولكلّ السياسيين الذين يتظاهرون بمعاداة الولايات المتحدة».
وسُجّل انتشار كثيف للجيش عند المداخل المحيطة بمنطقة عوكر، وقطع الطريق أمام السيارات على مسافة بعيدة نسبياً من ساحة الاعتصام.
وعاد مشهد قطع الطرقات الى الواجهة بعد أيام من الهدوء في الشارع وتراجع كبير في الحشود في الساحات، وعمد بعض المواطنين أمس، على إقفال عدد من الطرقات منها اوتوستراد جل الديب – طريق سعدنايل – طريق عام المرج في البقاع الغربي – طريق عام تعلبايا بالاتجاهين – طريق العبدة – طرابلس بالاتجاهين – تقاطع برج الغزال باتجاه جسر الرينغ – الرينغ باتجاه الحمرا..
ودعت مجموعات من الحراك إلى إضراب عام وعصيان مدني من اليوم.
وشكل كلام المستشار السابق للحريري العميد المتقاعد مارون حتي عن الجيش اللبناني والمقاومة صدمة لدى الأوساط المحلية، بقوله إن الجيش كان يخطط منذ ستة أشهر لضرب حزب الله، لا سيما أن حتي كان مرشح الحريري لقيادة الجيش في العام 2015، ووضعت مصادر مطلعة هذا الكلام في «إطار المحاولات الدؤوبة لشق الوحدة والتنسيق والتكامل بين الجيش والمقاومة في إطار ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، ويأتي في إطار محاولات جهات سياسية وخارجية كف يدّ الجيش عن ضبط الأمن في الشارع وحماية التظاهر وحرية تنقل المواطنين معاً كما سبق واعلن قائد الجيش العماد جوزاف عون، مذكرة بالتهديدات الأميركية للجيش بوقف المساعدات المالية عنه اذا عمل على فتح الطرقات والاعتداءات على المواطنين أثناء تنقلهم».
المصدر: صحف