لفت نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة الى ان فيلتمان قدم دليلا اضافيا بعد كلام بومبيو على حجم التدخل الامريكي السافر بالشأن اللبناني، وقال بالحرف ما يحدث مرتبط بالمصالح الامريكي،ة ولم يخف ان اهداف اميركا في لبنان هي محاصرة المقاومة، وتعطيل النهوض الاقتصادي الا بدفع أثمان سياسية، وهدد اللبنانيين اما ان ينصاعوا للارادة الامريكية واما عليهم ان يواجهوا الفوضى والانهيار.
وقال: لقد فشلت في السابق كل المحاولات الامريكية لجر اللبنانيين الى الفتنة بفعل وعي اللبنانيين وتمسكهم بالوحدة الوطنية ورفضهم للتدخلات الخارجية، واليوم اللبنانيون جميعا وخاصة من هم في الساحات مدعوون للتعبير عن رفضهم للتدخل الامريكي بشؤون بلدنا.. وعلى المتظاهرين الصادقين ان لا يدعوا اميركا واتباعها في لبنان ان يسرقوا حراككم ويحرفوا مساره الحقيقي، ويضيعوا صرخاتكم ومطالبكم المحقة.
وشدد على ان لعبة الايقاع بين المقاومة والجيش وبين المقاومة وحلفائها انتهت، وجُربت سابقا وفشلت.
وأضاف في يوم الاستقلال الوطني لا بد من التأكيد على ان تجسيد الاستقلال الحقيقي يكون برفض اللبنانيين للتدخلات الامريكية في لبنان، وتشكيل حكومة سيادية بعيدا عن الاملاءات الخارجية، ولا تشبه ولا تنفذ ما يريده فيلتمان ، حكومة يؤلفها لبنانيون، وتنفذ ما تمليه مصلحة لبنان والشعب اللبناني، وتضع في أولوياتها تلبية صرخات الناس ومطالبهم المحقة.
نص الخطبة
يقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾آل عمران:31.
في هذه الآية دعوة ضمنية لكل من يدعي محبة الله، ويقول بأنه يحب الله، الى تجسيد هذه المحبة بالعمل، من خلال اتباع رسول الله(ص) والايمان به والتصديق برسالته الالهية.
وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أن اليهود كانوا يقولون: (نحن أبناء الله وأحباؤه) (المائدة: 18) فنزلت هذه الآية.
ويروى أنه (ص) وقف على قريش وهم في المسجد الحرام يسجدون للأصنام فقال: يا معشر قريش والله لقد خالفتم ملة إبراهيم، فقالت قريش: إنما نعبد هذه حبا لله تعالى ليقربونا إلى الله زلفى، فنزلت هذه الآية.
ويروى أن النصارى قالوا: إنما نعظم المسيح حبا لله، فنزلت هذه الآية.
فالآية تقرر أنّ حبّ الله لا يكون بمجرد الارتباط العاطفي والقلبيّ والنفسي بالمحبوب فقط، بل يجب أن تظهر آثاره في عمل الإنسان وفي سلوكه، ويجب ان يتجسد في الفعل والممارسة، فإنّ دعوى محبة الله إذا كانت صادقة ينبغي أن تظهر في أعمال الشخص الّذي يدّعيها، هل يتبع النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حقّاً أم لا؟ هل يلتزم بما جاء به النبي(ص) من عند الله من مبادىء وتعاليم وأحكام وتشريعات وقيم أخلاقية وسلوكية أما ان محبته لله مجرد لقلقة لسان وادعاء فارغ لا يتجاوز الميل القلبي الداخلي ولا يدفع الانسان نحو الايمان والالتزام بما جاء به النبي(ص): ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾.
الحب الصادق الحقيقي يتجسد باتباع النبي(ع) والالتزام بما جاء به والانقياد لاوامره واجتناب مخالفته ، فإنّ من آثار الحبّ واقعاً ميل وانجذاب المحبّ نحو المحبوب في أقواله وأفعاله وأعماله، بحيث يستجيب المحبّ للمحبوب في كلّ أوامره ونواهيه، وإلّا لو كان المحبّ للمحبوب عاصياً ومخالفاً ومتمرّداً، فهذه علامة على أنّ حبّه غير حقيقيّ بل هو مجرد ادعاء فارغ لا يتجاوز اللسان.
وهذا ليس خاصّاً بمن نزلت فيهم الآية، بل يعمّ جميع العصور والشعوب، فإنّ الذّين يدّعون محبّة النبيّ (ص) والأئمّة (ع) والمجاهدين والشهداء والصالحين والمتّقين، ولكنّ أعمالهم أبعد ما تكون عن مشابهة أولئك، هم كاذبون.
وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: “ما أحبّ الله عزّ وجلّ من عصاه”. ثمّ قرأ هذين البيتين من الشعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبّه هذا لعمرك في الفعال بديع
لو كان حبّك صادقاً لأطعته إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع1
والحبّ له درجات ومراتب متفاوتة عديدة:
الدرجة الأولى: ادعاء الحبّ على مستوى اللسان. وهذا ليس حبّاً حقيقيّاً، وليس درجة أو مرتبة حقيقيّة.
الدرجة الثانية: الحبّ بمعنى التعلّق القلبي والميل النفسيّ، وهذا قد يكون منشؤه العصبيّة والشعور بالانتماء، وليس هذا هو الحبّ المطلوب.
الدرجة الثالثة: الحبّ القلبيّ الحقيقيّ، بحيث يسري الحبّ من القلب إلى سائر الجوارح، فتظهر آثار هذا الحبّ في عمل الإنسان وأخلاقه وسلوكه ، وهذا هو الحبّ المطلوب.
وقد يشتدّ هذا الحبّ من خلال المتابعة والالتزام بالتعاليم النبويّة، حتّى يصير المحبوب مقدمّاً على الأولاد والعائلة والعشيرة والحزب والممتلكات والتجارات والمصالح والمناصب وغير ذلك، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾، وقال تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾..
وهذا هو الحب المطلوب لرسول الله(ص) الحب الحقيقي والحب الشديد والعميق الذي يتقدم على حب كل شيء عزيز لدى الانسان.
وحب النبيّ (ص) الحقيقي هو متابعة طريقه ونهجه، والعمل بأخلاقه وسيرته، ولا تصدق المحبّة إلّا بهذا, فمن لم يكن له من أخلاقه وسيرته (ص) نصيب، لم يكن له من المحبّة نصيب.
ومن مظاهر حبّ رسول الله (ص) طاعة الله والعمل الصالح الموصل لمحبّة الله والعمل بتعاليم الإسلام.
يقول الله تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾3.
أي ما دمتم تدّعون الحبّ لله، إذاً اتبعوا أمر الله ورسوله، وإن لم تفعلوا فلستم تحبّون الله، والله لا يحبّكم ﴿فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.
ويستفاد من الآية أنّ إطاعة الله وإطاعة رسوله لا تنفصلان، وأن إطاعة الرسول (ص)هي إطاعة الله، وإطاعة الله هي إطاعة رسول الله (ص).
ولمحبّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واتباعه آثار ونتائج عديدة، منها:
1- محبّة الله
النبيّ الأكرم (ص) هو مظهر المحبّة الإلهيّة، فيلزم أن يكون للمتابع والمطيع للنبيّ (ص) قسط من محبّة الله تعالى بقدر نصيبه من المتابعة والطاعة، فيلقي اللّه تعالى محبّته عليه بواسطة محبّة النبيّ (ص) ، فيصير محبوباً لله، ومحبّاً له، ولو لم يتابع النبيّ (ص) بل خالفه، ابتعد عن وصف المحبوبيّة وزالت المحبّة عن قلبه، إذ لو لم يحبّه اللّه تعالى لم يكن محبّاً له، فيقع في الكفر: ﴿فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: “من سرّه أن يعلم أنّ الله يحبّه فليعمل بطاعة الله وليتّبعنا، ألم يسمع قول الله عزّ وجلّ لنبيّه (ص): ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾؟، والله لا يطيع اللهَ عبدٌ أبداً إلّا أدخل الله عليه في طاعته اتباعنا، ولا والله لا يتبعنا عبد أبداً إلّا أحبّه الله، ولا والله لا يدع أحد اتباعنا أبداً إلّا أبغضنا، ولا والله لا يبغضنا أحد أبداً إلّا عصى الله، ومن مات عاصياً لله أخزاه الله وأكبّه على وجهه في النار”.
وعنه عليه السلام: “فمن أحبّ الله أحبّه الله عزّ وجلّ، ومن أحبّه الله عزّ وجلّ كان من الآمنين”.
2- غفران الذنوب، فان من آثار محبّة النبيّ (ص) غفران الذنوب ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾.
وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾3.
إذا أحبّ الله عبداً غفر له ذنوبه وشملته رحمته، لأنّ محبّة الله عبده رضاه عنه، وهو سبب لغفران ذنوبه ، فإذاً من آثار محبّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم غفران الذنوب.
3- دخول الجنّة، الفوز في الاخرة، قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. وقال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾3.
4- مرافقة النبيّين عليهم السلام والصدّيقين والشهداء، قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ﴾.
بالامس انبرى فيلتمان من الكونغرس الامريكي وقدم دليلا اضافيا بعد كلام بومبيو على حجم التدخل الامريكي السافر بالشأن اللبناني وقال بالحرف ما يحدث مرتبط بالمصالح الامريكية ولم يخف ان اهداف اميركا في لبنان هي محاصرة المقاومة، وتعطيل النهوض الاقتصادي الا بدفع أثمان سياسية، وهدد اللبنانيين اما ان ينصاعوا للارادة الامريكية واما عليهم ان يواجهوا الفوضى والانهيار.
لقد فشلت في السابق كل المحاولات الامريكية لجر اللبنانيين الى الفتنة بفعل وعي اللبنانيين وتمسكهم بالوحدة الوطنية ورفضهم التدخلات الخارجية واليوم واليوم اللبنانيون جميعا وخاصة من هم في الساحات مدعوون للتعبير عن رفضهم للتدخل الامريكي بشؤون بلدنا.
على المتظاهرين الصادقين ان لا يدعوا اميركا واتباعها في لبنان ان يسرقوا حراككم ويحرفوا مساره الحقيقي ويضيعوا صرخاتكم ومطالبكم المحقة.
اما لعبة الايقاع بين المقاومة والجيش وبين المقاومة وحلفائها فهي لعبة انتهت، وجُربت سابقا وفشلت.
في يوم الاستقلال الوطني لا بد من التأكيد على ان تجسيد الاستقلال الحقيقي يكون برفض اللبنانيين للتدخلات الامريكية في لبنان، وتشكيل حكومة سيادية بعيدا عن الاملاءات الخارجية، ولا تشبه ولا تنفذ ما يريده فيلتمان والادارة الامريكية، حكومة يؤلفها لبنانيون وتنفذ ما تمليه مصلحة لبنان والشعب اللبناني، وتضع في اولوياتها تلبية صرخات الناس ومطالبهم المحقة.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام