رحل الروائي والكاتب الاميركي الكبير جيم هاريسون (78 عاماً) بحسب ما أعلنت دار النشر المسؤولة عن إصدار أعماله: «غروف اتلانتيك» في نيويورك وقد نشرت في تغريدة لها على «تويتر» ما يلي: «فقدت اميركا واحداً من كبار كتابها، ونحن فقدنا أحد افراد عائلتنا (…).
ولد هاريسون عام 1937 في ميتشيغان في عائلة متواضعة. والده كان يعمل في الزراع ما يشرح عودته الى عالم الارض للعيش في ميتشيغان في المرحلة الأخيرة من حياته بعد سنوات طويلة امضاها في الصحافة وكتابة السيناريوات والنقد الأدبي والرواية: بعد مرحلة الشعر منذ منتصف الستينات وأبرز دواوينه: «العودة إلى الأرض» بدأ بكتابة القصة القصيرة والرواية.
عام 1979 كتب أجمل رواياته وأولاها: «اساطير الخريف» واستلهم معظم أعماله الأدبية من الطبيعة والبرية الاميركية وعالم الهنود الحمر وحياة رعاة البقر من القرون القديمة، فغذت خياله اساطير الهنود الحمر وأظهرهم في مؤلفاته في صورة انسانية عميقة بعيدة كل البعد عن الأفكار النمطية التي ظهرت عنهم في أفلام رعاة البقر التقليدية التي صورتهم على شيء من البربرية والوحشية. وقد ظهر ذلك بداية في روايته الأولى «أساطير الخريف» التي تحولت فيلماً سينمائياً عام 1994 وشارك في بطولته انطوني هوبكينز وبراد بيت وتدور احداثه في مزرعة ريفية قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى. كل ابطال هاريسون يمجدون فكرة البطولة وقد جعل احد ابطاله ينطق بالتالي: «الرجال الذين يستحقون الموت هم قليلون في النهاية».
كتب هاريسون 14 رواية وعشرة دواوين شعرية و3 سيناريوات لأفلام سينمائية وهي «كولد فيت» و «ثأر» و «ذئب»، كما تم اقتباس ثلاثة كتب من مؤلفاته للسينما: «أساطير الخريف» و «كارييد اواي» و «دالفا»، كما كتب سيرته الذاتية «على الهامش» عام 2002 وكتاباً للأطفال ومذكرات..
عرف جيم هاريسون انه لم يكن سريعاً في الكتابة، فكان يمضي في كل فترة وقتاً طويلاً في التفكير في كل ما سيكتبه، ويقوم بنزهات طويلة في الغابات البعيدة، أو يقود سيارته لساعات وهو يفكر، ثم يتوقف ويدون ملاحظات ويغير في معالم شخصياته، وبعد سنة أو سنتين يبدأ بالكتابة. فكان يقول: «عندما أعثر على الايقاع يستطيع هذا الايقاع بالذات ان يحرر شخصياتي». وقد رحل جيم هاريسون صاحب كتاب «يوم جميل للموت» اثر نوبة قلبية مفاجئة في منزله، وهو الذي كان ينظر الى العالم بعين واحدة إذ انه فقد البصر في واحدة من عينيه في سن السابعة بسبب حادثة اثناء اللهو واللعب: «حين تكون صغيراً، فان اعاقة كهذه تجعلك ترتاح الى العزلة. كما تشعر بأنك مميز فتخرج للبحث عن عالم مريح لوضعك (…) فخرجت الى الغابات بالقرب من البحيرات والسواقي، وبعيداً عن الناس… ثم اصبحت فناناً». لكن والده المزارع كان الأول الذي شجعه على الكتابة: «ما ان صرحت له برغبتي في الكتابة حتى خرج الى المدينة ليشتري لي آلة كاتبة بمبلغ ثمين على عكس ما توقعت، فكنت اظن انه سيغضب ويطلب مني ان اختار مهنة تدر الأموال سريعاً كونه ينتمي الى عائلة مزارعين متواضعة وفقيرة…».
عاش جيم هاريسون كاتباً ومات ولم يزل يبحث لنفسه عن اسم «من مناخات الهنود الحمر لكنه لم يعثر عليه«، بحسب اصدقائه المقربين، وصاحب الكتب «الاوديسية الاميركية» و»ألعاب الليل» و»الخطايا الأساسية» و»طريق العودة». كتب شعراً ايضاً جاء فيه: «قبل ولادتي كنت ماءً»… ولدت رجلاً، ولداً للإنسانية، ثم رجلاً مغنياً، راقصاً، عشيقاً، عجوزاً، مائتاً. انها ساقية مياه دائرية ونحن السمك فيها، نحن سمكها الذي عاد وصار ماءً..»
المصدر: جريدة المستقبل