اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “هذه الانتفاضة المطلبية الهائلة والعابرة للطوائف، وحدت شعب لبنان بكل طوائفه ومذاهبه وأفكاره، وحدتهم بخلفية أن الظلم والفساد والنهب والسلب والاحتكار والابتزاز لا دين له ولا طائفة، وأن الفاسد والخائن والحرامي والمتسلط لا محل له في دولة الناس ومشروع عيشها المشترك وسلمها الأهلي، وضمانات قطاعاتهم المالية والاقتصادية والنقدية”.
ولفت إلى أن “هذا البلد تم تحريره وحمايته بالدم والجنائز والإمكانيات الهائلة طيلة ما يقرب من أربعين سنة، مرة في وجه الإسرائيلي، ومرة في وجه التكفيري الإقليمي والدولي، وأن النظام الطائفي القذر شكل أكبر خنادق هذه الطبقة السياسية وأفتك أسلحتها، لذا كان هم طائفة السلطة وزعامة الطوائف المحتكرة، تسخير النزاعات الطائفية والمذهبية، وتمزيق ناس هذا البلد بخلفية نفاق سياسي مقصود، وسواتر دينية وطوائفية لا محل لها في دين أو طائفة”.
وقال قبلان: “إن البناء على هذا الحشد المطلبي الهائل هو ضرورة وطنية وإنسانية وأخلاقية تاريخية، ما يفترض حمايته وضبطه ومنع توظيفه في عناوين خارج وظيفته كشعب ثائر ومطالب عادلة وحشود لاطائفية، تريد بلدا لاطائفيا، وبخاصة أنه حشد بلا هوية طائفية، وناس يجمعهم العدل وكره الظلم والاضطهاد والفساد والخيانة، وهو أكبر مطالب الله وعنوان كل الأديان وضرورة فطرية بروح وعقل كل إنسان، ما يفترض تنظيم الساحات والحشود وحمايتها من الاستثمارات السياسية وأفاعي السفارات وإدارة الشاشات المرتزقة لتأكيد الشعار الوطني والمصلحة الشعبية، بعيدا عن لعبة التجيير المدمر، أو التوظيفات التافهة مثل الإباحية والرقص والسكر والسمسرة اللاأخلاقية وغيرها”.
وشدد “على أن المشكلة تكمن في السلطة نفسها، بنظامها، بهياكلها المرقعة، بآلية اتخاذ القرار في الوزارات وباقي السلطات، بنظام الرقابة والمحاسبة، بالهيمنة الموزعة على مراكز جماعة السلطة، بالهوية الدستورية الطائفية، بالنظام الطائفي الفاسد، الذي يتعامل مع الناس، على طريقة غنم وإقطاع…”، لافتا إلى “وجوب تزخيم الخطاب وإسقاط النظام الطائفي كضرورة تاريخية، ومشروع ضامن لأجيالنا، لأنه إسقاط للوحشية الفاسدة التي حولت نظام لبنان وسلطته إلى سرطان يفتك بالشعب والدولة والثروات”.
وقال الشيخ قبلان: “لأننا أمام مرحلة جديدة ومعادلة جديدة، نؤكد أننا كنا وما زلنا في الصف الأول لمصلحة البلد وناسه، وهو يعني أننا مع مصالح ناسنا وشعبنا، على طريقة حماية البلد وهويته، وعلى طريقة تأكيد حقوق شعبنا وناسنا، وتقييم المخاطر. وهو ما يفترض الانتصار للمظلوم، والوقوف في وجه الظالم، مع الأخذ في الاعتبار الحيثية اللبنانية ومخاطر المنطقة، وطبيعة الظروف التي أنتجتها التجربة الليبية والمصرية والتونسية والسورية والعراقية، وهذا خطابنا وموقفنا وسياستنا الثابتة دون حاجة لدعاية أو ترويج أو إعلام”.
وتابع: “نجدد تأكيد حقوق شعبنا بدولة ضامنة، وسلطة عادلة، ومحاسبة الفاسد، واسترداد المال العام، وحق التغيير المضمون ضمن تسوية تحفظ شعبنا ومشروع دولتنا من المخاطر الهائلة المحيطة بنا. وهذا يفترض مناقشة تسوية قوية، مع المعنيين، وأعتقد أن السيد حسن نصر الله أكثر شخصية وسطية كحيثية ربط نزاع في الوقت الراهن يمكن اعتمادها كضامن لتمرير تسوية وطنية تستعيد الدولة والوطن والشعب والمال العام ومحاسبة حيتان السياسة والمال، وتؤكد مبدأ حقوق المواطنة بعيدا عن لعبة المخاطر وأزمة الطائفية والنظام أو الدخول في المجهول”.
ووجه المفتي قبلان خطابه الى اللبنانيين بالقول: “بادروا ولا تتأخروا، لأن ظروف البلد والمنطقة لا تسمح بحرق الوقت وإغلاق الأبواب، لأن قضية البلد أكبر منا جميعا، لذلك يجب المسارعة إلى البدء بورشة حوار وطني سريع، لإنجاز تسوية تاريخية تؤكد مبدأ دولة وطنية لا طائفية، دستوريا وسياسيا وأخلاقيا، كي نحمي لبنان وشعبه وحراكه ومشروع دولته وهويته الضامنة حتى لا يضيع”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام