خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش 13-9-2019 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خطبة الجمعة للشيخ علي دعموش 13-9-2019

خطبة الجمعة 6-9-2019 043

 

نص الخطبة

احد الاهداف التي يركز عليها أعدائنا لضرب مجتمعنا أخلاقيا وسلوكيا واجتماعيا في اطار الحرب الناعمة التي يشنها علينا هو ضرب العفة وفي الحد الادنى اضعاف حالة العفة في مجتمعنا وفي اجيالنا لدى شبابنا وفتياتنا خصوصا لدى الفتاة والمرأة المسلمة.

العفّة هي صفة وقوة نفسيّة داخلية تجعل الإنسان يصون نفسه وشخصيته وينزهها عن كلّ أمرٍ دنيّ وحقير وعن كل أمر غير مناسب ولا ينسجم مع مكانة المؤمن وسمعته وشخصيته، وهذا ما أكده الامام علي(ع) بقوله: العفاف يصون النفس وينزهها عن الدنايا.

وهي صفة يجب ان يتحلى بها الانسان المؤمن والانسان العاقل والمتزن وان يحولها الى جزء من شخصيته واخلاقه وسلوكه في الحياة.

ولعل من ابرز بركات وثمرات العفة هي صيانة الشخصية  المؤمنة عن الوقوع فيما لا يناسبها فهي تصون النفس والعرض والشرف، وتحفظ سمعة ومكانة الانسان، وترفع من اوصافه وأخلاقه الحسنة ، وتنزهه عن ممارسة الأمورالحقيرة والدنيئة.

وهذا ما اشارت اليه الروايات عن ائمة اهل البيت(ع)، فعن عليّ عليه السلام: “من عفّت أطرافه حسنت أوصافه” وعنه عليه السلام ايضا:: “ثمرة العفّة الصيانة.

ويمكن التعرّف إلى العفة أكثر من خلال التعرف على مفرداتها ومصاديقها وعلى الامورالتي ينبغي التعفف عنها ، فان من الامور التي ينبغي ان نتعفف عنها :

اولا: العفّة عن إظهار الحاجة الماديّة امام الاخرين، اي ان يتعفف الانسان عن مدّ يده للآخرين والطلب منهم والتذلل اليهم ليقضوا له حاجته، وعندما يتعفف الانسان عن اظهار حاجته أمام الناس فإنه حتى لو كان فقيرا فان الناس يظنونه غنيا ومستغنيا عنهم، فالقير يبدو غنيا من التعفف، وهذا هو حال اهل الصفة في زمن النبي(ص) فهؤلاء كانوا مجموعة من المهاجرين الفقراء الذين كانوا يعيشون في محيط مسجد النبي(ص) لانه لم تكن لديهم بيوت تأويهم، وكان النبي(ص) والمسلمون يطعمونهم ويساعدونهم، ولكن بالرغم من فقرهم كان الناس يحسبونهم أغنياء من التعفف، لانهم كانوا يتعففون عن اظهار فقرهم وحاجتهم امام الناس.

وقد تحدث الله عنهم بقوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ...﴾.

وعن عليّ عليه السلام: العفاف زينة الفقر.

ثانيا: العفّة عن الشهوات والملذات والوقوع في الحرام والفاحشة: يقول تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ.﴾ فمن لا قدرة له على الزواج عليه ان يستعفف ويصبر عن الوقوع في الحرام نتيجة ضغط الشهوة، وعليه ان يضبط شهواته وغرائزه حتة لا يقع في الفاحشة والحرام، فعن عليّ عليه السلام: الصبر عن الشهوة عفّة.

وهذه العفّة يجب أن تزداد كلّما ازدادالرجل او المرأة جمالاً، فعن عليّ عليه السلام:  زكاة الجمال العفاف .

ثالثا: العفّة عن أكل الحرام والاعتداء على اموال الناس وسلب حقوقهم:عن علي عليه السلام: إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أعفّ بطنه وفرجه.

رابعا: العفّة عن إظهار المفاتن والمحاسن او اي شيء من جسد المرأة، من شعرها او صدرها، والحفاظ على الحجاب الشرعي والتشدد فيه، فان الله فضّل حتى للنساء العجائز اللاتي لا يلفتن النظر ولا يثرن الغرائز، فضّل لهن ان يستعففن عن نزع حجابهن بالرغم من ان الله أجاز لهن ذلك، يقول تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم﴾.

خامسا: العفّة عن كل شيء لا يتناسب مع طبيعة وشخصية المرأة المؤمنه والمحجبة والمحتشمة وفي مقدمة ذلك:

اولا: العفة عن الاختلاط بين الرجال والنساء ، فالاختلاط يتنافى مع العفة، لانه من يضمن ان لا يؤدي الاختلاط الى الوقوع في الحرام او فيما لا يناسب المؤمن او المؤمنة؟.

من يضمن عندما ترفع الحواجز والحدود في العلاقة بين الشاب والفتاة بحيث تصبح الفتاة لا تتحرج في الحديث مع الشاب وجها لوجه او عبر وسائل التواصل ولا تتحرج في الخروج من بيت اهلها لتمضي اوقاتا مع شباب في رحلات او في سهرات او ماشاكل ذلك بحجة ان هؤلاء رفقة ويريدون ان يتسلوا (وشو فيها اذا ضهروا وانبصتوا) من يضمن ألا يؤدي مثل هذا الانفتاح والسلوك الى علاقات غير شرعية والى مصائب وويلات كما نشاهد في مجتمعنا؟؟.    هذه امور لا تتناسب مع طبيعة الفتاة التي ينبغي ان تكون لديها عفة وحياء يمنعانها من الاختلاط ومن سلوك لا يحمي شخصيتها وشرفها وقدسيتها.

اليوم عدم التعفف عن الاختلاط وعدم التورع عن التواصل وتبادل الاحاديث غير الضرورية مع الرجال الاجانب خصوصا عبر الواتس والفايس بوك،  بات يورط حتى المحصنات المتزوجات بعلاقات غير شرعية تؤدي الى خراب البيوت وتدمير العائلة.

العفة تصون الشرف وتحفظ السمعة وتحمي العائلة وتضمن مستقبل الفتاة .الفتاة التي لا تتعفف من الذهاب مع الشباب وتبادل الاحاديث غيرالضرورية معهم والتحرك بميوعة وغنج ودلع، منْ يجروء بعد ذلك على الزواج منها ويبني لها مستقبلها؟.

هذه امور يجب الالتفات اليها ومسؤولية الأهل هنا كبيرة جدا لان عليهم ان يحافظوا على عفة بناتهم وان لا يسمحوا باي شيء يتنافى مع عفتهن.

ثانيا: العفة عن تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: “لعن الله المتشبّهات بالرجال من النساء ولعن الله المتشبّهين من الرجال بالنساء.

ومن أوضح نماذج التشبّه هو التشبه باللباس، بحيث تلبس المرأة لباس الرجل أو يلبس الرجل لباس المرأة!.

ولا يصح تقليد الغرب في اشكال الثياب وفي انماط السلوك ، فاليوم هناك موديلات تفد الينا من الخارج وحجاب موضة وهناك دعوات غربية لقيم وسلوك بعيد عن قيم مجتمعنا ويجب ان ننتبه لذلك لان المطلوب تدمير مجتمعنا اخلاقيا واجتماعيا بعدما عجزوا عن تدميره عسكريا وامنيا.

هناك استهداف مركز لحجاب المرأة فهم لا يقولون للمرأة ابتداء انزعي حجابك ولكن يدخلون الى الاسواق موديلات من الحجاب لا تتناسب مع الحجاب الشرعي وبالتدريج عن طريق هذه الموديلات يصلون الى  اللاحجاب وتاليا الى ضرف العفة والحشمة وصولا الى انحلال المجتمع .

كما ان هناك اليوم دعوات غربية خطيرة بدأنا نسمع بها من نوع الدعوة الى المثلية والى الحرية الجنسية ومساواة المرأة بالرجل والحجاب على الموضة وكل ذلك تحت عنوان حرية المرأة والحرية الفردية وحقوق الانسان وغيرها من العناوين التي يراد بها الباطل.

لذلك يجب رفض كل هذه الاشكال والدعوات وتحصين مجتمعنا واجيالنا من هذه الاستهدافات حتى لا يقع شبابنا وفتياتنا فريسة هذا الافساد الممنهج.

اليوم عدم التبعية للغرب في عاداته وسلوكه واخلاقه هو تثبيت لهويتنا وشخصيتنا وأخلاقنا المستقلة الاصيلة التي ان عملنا بها حصلنا على السعادة والفوز في الدنيا والاخرة.

اليوم رفض الاملاءات الامريكية علينا وعلى بلدنا هو أحد اشكال التعبير عن استقلالنا واستقلال بلدنا وسيادته.

ان زيارات المسؤولين الامريكيين الى لبنان هدفها بالدرجة الاولى التحريض على حزب الله ومحاصرة المقاومة ومحاولة اضعاف قدراتها وتقييدها حركتها، ليعود لبنان الى زمن الضعف الذي كان فيه العدو الاسرائيلي يعتدي على لبنان من دون ان يلقى الرد المناسب والرادع.

كل المحاولات الامريكية السابقة لتطويق المقاومة واضعافها فشلت وعملية افيفيم كما اسقاط المسيرة الاسرائيلية قبل ايام فوق رامية دليل أضافي  واظهار عملي لفشل كل والمحاولات والمساعي الامريكية لاضعاف قدرات حزب الله وتقييد حركة المقاومة

لقد نجحت المقاومة الاسلامية في لبنان من خلال اسقاط المسيرة الاسرائيلية فوق راميا في تثبيت مرحلة جديدة من التعاطي مع الخروقات الاسرائيلية للبنان وهي مرحلة توثيق عدد المسيرات التي سيتم اسقاطها بعدما كان لبنان يكتفي بتوثيق عدد انتهاكات اسرائيل للسيادة اللبنانية فقط.

اسقاط المسيرة هو تاكيد عملي على وفاء سماحة الامين العام حفظه الله لوعده واعلان قوي عن مدى جهوزية واستعداد المقاومة للقيام بكل ما تقتضيه حماية لبنان والشعب اللبناني من العدو الاسرائيلي.

 

المصدر: بريد الموقع