رعى رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان، إحياء مراسم اليوم العاشر من محرم في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس، في حضور حشد من علماء الدين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين. وعرف بالمناسبة الشيخ علي الغول وتلا المقرىء أنور مهدي آيات من الذكر الحكيم.
وألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان كلمة قال فيها: “العزاء، كل العزاء، للنبي الأعظم محمد، لأمير المؤمنين علي، لفاطمة الزهراء، لآل محمد، للقائم المهدي، بمصاب سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين، وأهل بيته، وأصحابه ونسائه…عظم الله لكم الأجر جميعا، بمصاب إمام التقى ومصباح الدجى، وعميد كلمة الله، الإمام الحسين. إنه اليوم الذي عز على الله ونبيه وأوليائه ما جرى فيه، إنه اليوم الذي تضرج فيه القرآن بدماء أهل بيت، أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، إنه يوم الله الأكبر، يوم الإمامة الذي روى الفرات من دماء الحقيقة، وأشبع كربلاء من وريد فاطمة وسبطيها، إنه اليوم الذي بكاه إبراهيم الخليل ونوح النبي، وتهيبه موسى وعيسى، وأنت له روح أعظم الأنبياء محمد.
وأضاف “يوم صدره الله بمواثيق الأنبياء، ومنازل العلماء، وتلاه على الخليقة كلها، يوم أخذ الميثاق الأول، ميثاق (ألست بربكم)، وهو نفسه ما يؤكده الله يوم القيامة، حين ينشر الصحف والكتب، وينصب الميزان، ويجمع الخلائق والأنبياء والأولياء، فيقيم الإمام الحسين ذبيحا خضيبا، قطيعا، ورأسه فوق موازينها. ففي مثل هذا اليوم زحفت جيوش النفاق والكفر لقتل ابن بنت رسول الله، سيد شباب أهل الجنة، وفيما كان أمير القوم يعاقر الخمرة، بطبله وأغانيه، كانت زينب الكبرى ترفع أكف قرآنها إلى الله، تقول يا رسول الله هذا وديعة الله جثة بلا رأس، هذا حسينك ذبيح من القفا، هذا سبطك تحت سنابك الخيل، هذا قرآن تأويلك وحجة كتابك ومركز دينك، وثاني ثقلك وسفينة نوح، وباب حطة، ومصباح الهدى وسفينة النجاة، ممزق الأشلاء، وبناته سبايا”.
وتابع “في مثل هذا اليوم كررت أمية مطلبها ببيعة الإمام الحسين، مقابل إعطائه نفوذا واسعا في السلطة، والحسين يمتنع، لم تترك أمية وسيلة ترهيب أو ترغيب، إلا واعتمدتها لتأخذ الحسين بها مقابل صفقة يكون القرآن والنبي والدين ضحيتها، والحسين يأبى ذلك بشدة، وقد قام فيهم خطيبا في مواطن كثيرة، وفي كل موطن كان يهزمهم بحجته، ويحطمهم بلسانه، وقبيل يومه الأخير، قال فيهم: أما بعد، فقد علمتم أن رسول الله قال: “من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغير عليه بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله، وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتولوا عن طاعة الرحمان، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وإني على عهدي هذا، لا أغير ولا أبدل، حتى ألقى الله مخضب بدمي، مغصوب علي حقي”، فما كان من ابن سعد إلا أن أمر بضرب الطبول، حتى لا يسمع الجيش ما يقوله سيد الشهداء”.
وقال “معها بدأت المعركة الأكثر تأثيرا بالتاريخ، كان شعارها يؤكد على معنى الإنسان، ومحله من الله، ومعه أصر الإمام الحسين على أن السلطة والدولة والموارد والإمكانيات يجب أن توظف لصالح خلق الله وناسه، ومعه لا يجوز أن تتحول السلطة منجم ذهب أو فرصة للتجار، أو ميزة للنخبة وحواشيها، بل كفالة للانسان، لقلقه، لجوعه ووجعه، لآماله وأهدافه، لأن مبدأ الله بالسلطة أن تكون مركز أمان الإنسان، وضماناته المختلفة، بعيدا عن لعبة المال والمقامرة والابتزاز وسلب المال العام، خاصة أن مركز بعثة الأنبياء دار مدار هوية الإنسان وحقيقته من عالم السماوات. وعليه، في نظر الإمام الحسين لا يكفي أن تؤمن للانسان رغيف خبزه وضمانة جوعه ووجعه وضعفه، بل أن تبدأ بإنسانه بقلبه بروحه، بما ينتظره من العوالم، لأن قيمة الإنسان بحقيقته، لا بلونه وعرقه ولغته، وما يملك ويجمع. فكيف إذا كنا في بلد كلبنان، الإنسان فيه بلا ضمانات، متروك للفقر والبؤس والضعف، دون ضامن؟”
وأضاف “لذلك في يوم الإمام الحسين نصر على تطوير دور الدولة بالصيغة والإجراءات، لأن المشكلة في هذا البلد بطريقة الحكم وليس بإمكانيات الحكم. لذلك، نطالب الجميع بضرورة تحمل المسؤولية الوطنية لإنقاذ دور الدولة ومشروع السلطة، وخاصة أن الفقر والجوع والطبقية ولعبة الامتيازات وغيرها تكاد تختصر مشهد هذا البلد المهدد بالسقوط. نجدد في يوم الإمام الحسين، التزامنا النهج المقاوم والمحور القادر، والدولة العادلة والسلطة المسؤولة والعيش المشترك، لأن حماية البلد والمنطقة تحتاج وحدة وطنية، والتزامات أخلاقية، وجهودا كبيرة لمنع حرائق تجار الحروب، ووكلاء الأباطرة الذين يعيشون على الدمار والخراب.ومعه، نطالب العرب والمسلمين وقوى المنطقة بمنع تهويد القدس، ووقف حمام الدم في دول العالم العربي والإسلامي، وترك سوريا والعراق بعيدا عن لعبة خفافيش الليل. في الوقت الذي نؤكد فيه التزامنا بقضايا الأمة بعيدا عن لعبة الأنظمة والسماسرة، لأن المنطقة تعيش الآن لحظة مصير، لن نقبل لها أن تكون ضحية تجار صفقات سواء من قبل سماسرة وكلاء، أو أنظمة غارقة بالتبعية، أو باعة أوطان”.
وختم المفتي قبلان “عظم الله تعالى أجوركم وجعلنا وإياكم أيها الإخوة المؤمنون من أنصار سيد الشهداء الإمام الحسين، ومن أنصار مولانا حجة الله الأعظم، الإمام المهدي، ومن المستشهدين تحت رايته ولوائه”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام