لا يناقش عاقل ان العدو الاسرائيلي يعتدي على سيادة وأمن لبنان بصورة شبه يومية عبر خرقه حدوده بحرا وجوا واحيانا في البرد خارقا كل أعراف وقواعد القانون الدولي والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة لا سيما القرار رقم 1701 الذي صدر عقب العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف العام 2006، فهذا القرار كما غيره لم يمنع العدو الصهيوني من مواصلة خروقاته وخاصة الجوية على لبنان وهي اعتداءات اكثر من ان تعد وتحصى ولم تتوقف في يوم من الايام سواء بعد او قبل الـ2006، ناهيك عن توظيف عملاء وجواسيس.
والخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية كثيرا ما تتكرر عدة مرات في يوم واحد، فعلى سبيل المثال يمكن الاشارة الى يوم الخميس 5-6-2019، حيث لفتت قيادة الجيش اللبناني – مديرية التوجيه الى ان طائرات الاستطلاع الاسرائيلية خرقت الاجواء اللبنانية اكثر من مرة في هذا اليوم، وقالت قيادة الجيش في بيان لها “خرقت طائرة استطلاع تابعة للعدو الإسرائيلي، بتاريخ 5/9/2019 الساعة 11.05، الأجواء اللبنانية من فوق بلدة كفركلا، ونفّذت طيراناً دائرياً فوق مناطق الجنوب، ثم غادرت الأجواء عند الساعة 18.10 من فوق البلدة المذكورة”، وتابعت “عند الساعة 11.50، خرقت طائرة عدوّة مماثلة الأجواء اللبنانية من فوق بلدة كفرشوبا، ونفّذت طيراناً دائرياً فوق مناطق رياق وبعلبك، ثمّ غادرت الأجواء عند الساعة 21.40 من فوق بلدة كفركلا”، واضافت انه “عند الساعة 15.00، خرقت طائرة عدوّة مماثلة الأجواء اللبنانية من فوق بلدة الناقورة، ونفّذت طيراناً دائرياً فوق مناطق بيروت وضواحيها، بعبدا، عاليه، رياق وبعلبك، ثمّ غادرت الأجواء عند الساعة 21.45 من فوق بلدة كفركلا”، ولفتت الى انه وعند الساعة 18.10، خرقت طائرة عدوّة مماثلة الأجواء اللبنانية من فوق بلدة كفركلا، ونفّذت طيراناً دائرياً فوق مناطق الجنوب، ثمّ غادرت الأجواء بتاريخ 6/9/2019 عند الساعة 01.05 من فوق البلدة المذكورة”، واوضحت انه “عند الساعة 22.40، خرقت طائرة عدوّة مماثلة الأجواء اللبنانية من فوق بلدة رميش، ونفّذت طيراناً دائرياً فوق مناطق الجنوب، ثمّ غادرت الأجواء عند الساعة 23.20 من فوق البحر غرب بلدة الناقورة”.
هذه الخروقات هي عمل عدواني لناحية خرق السيادة او جمع معلومات تفيد العدو في اي اعتداء مقبل وصولا الى تنفيذ اعتداء فعلي كما حصل في الضاحية، شكلت منحى تصاعديا وخصوصا في الآونة الاخيرة ، وبحسب وزارة الخارجية اللبنانية، فإن الخروق الإسرائيلية زادت وتيرتها في الأشهر الأخيرة، حيث بلغت أكثر من 481 خرقا في شهرين فقط.
واليوم باتت مسيّرات العدو تحت المجهر خصوصا بعد الاعتداء الفاضح على حي سكني في منطقة معوض بالضاحية الجنوبية لبيروت، وخاصة بعد الكلام الصريح الذي أطلقه مؤخرا الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حيث قال إنه “من اليوم هناك ساحة عمل جديدة وكنا نتجنبها خلال السنوات الماضية وهي موضوع حركة المسيرات الاسرائيلية في السماء اللبنانية”، وأكد “من حقنا ومن حق اللبنانيين ان يدافعوا عن أرضهم وسندافع وسنواجه المسيرات الاسرائيلية في سماء لبنان”.
وهذا الحق بالمقاومة والدفاع عن سيادة لبنان أمام أي اعتداء او خرق اسرائيلي معادٍ تكفله كل المواثيق والأعراف الدولية، كما تؤكده البيانات الوزارية اللبنانية وتدعمه المواقف الرسمية والشعبية والسياسية المختلفة والتي تجلت بأوضح صورها بعد الاعتداء الاسرائيلي الأخير على لبنان حيث تجلت عناصر قوة لبنان المتمثلة بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة التي حمت الوطن ورسمت معادلات الردع وتوازن الرعب مع العدو الاسرائيلي.
والرد على الخروقات الجوية سيكون وفقا لما تقرره حركة الميدان وقيادة المقاومة التي تقدر كيف وأين ومتى سيتم هذا الرد، فالسيد نصر الله في حديثه خلال احد المجالس العاشورائية أوضح ان الرد على الاعتداءات الاسرائيلية لن يكون بالضرورة عبر استهداف كل طائرة تدخل الاجواء اللبنانية، ما يعني ان الرد سيكون وفقا لتقديرات المقاومة، بما يجعل الاسرائيلي يدرك حجم المخاطر التي ستتعرض لها طائراته في كل مرة يفكر فيها بالمغامرة او تحليق الطائرات المسيرة فوق الاراضي اللبنانية، فالخطوة الاولى من معادلة الردع الجديدة رسمها السيد نصر الله عندما أعلن عن وجود ساحة جديدة للرد على العدوان الاسرائيلي المتمثل بإرسال المسيرات الى سماء لبنان، وقد تكون الخطوة التالية قابلة للتطبيق في أي لحظة تقرر المقاومة ضرورة القيام بها لحماية الوطن من العربدة الاسرائيلية المستمرة منذ عشرات السنوات.
وهنا تجدر الاشارة الى ان لبنان الرسمي والشعبي طالما أعلن التزامه بالقانون الدولي وبقرارات مجلس الأمن، بينما العدو الاسرائيلي هو من يضرب بالقوانين والأعراف والمبادئ عرض الحائط ولا يقيم أي وزن للمؤسسات الدولية وعلى رأسها الامم المتحدة على الرغم من وجود قوات دولية مؤقتة عاملة في جنوب لبنان(اليونيفيل) ومهمتها الأساس مراقبة تنفيذ القرار رقم 1701، ومع ذلك تواصل قوات العدو خرقها للسيادة اللبنانية سواء بهدف الاعتداء على لبنان او لتنفيذ اعتداءات ضد دول اخرى كسوريا حيث يستخدم العدو الاسرائيلي سماء لبنان لتنفيذ ضرباته العدوانية هناك.
وبهذا الاطار سبق ان أكدت “الممثلة الدائمة للبنان في الأمم المتحدة” السفيرة أمل مدللي خلال مناقشة مفتوحة لمجلس الأمن في شهر آب/اغسطس الماضي انه “على النقيض من الالتزام اللبناني بالقرار 1701، تواصل إسرائيل انتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية دون عقاب”، واضافت “اتخذت هذه الانتهاكات منعطفا خطيرا، لأن إسرائيل تواصل استخدام المجال الجوي اللبناني للقيام بعمليات عسكرية ضد سوريا”، وأشارت ان “الحكومة تبذل قصارى جهدها للحفاظ على الاستقرار والأمن في لبنان، لا سيما على الحدود الجنوبية بمساعدة المجتمع الدولي والأمم المتحدة… لكن الوضع لا يزال هشا طالما استمرت إسرائيل في احتلالها للأراضي في جنوب لبنان ومياهه الإقليمية”، وكانت مدللي اشارت اواخر العام الماضي في مداخلة بمجلس الامن الدولي ان الخروقات المُرتكبة من قبل الجانب الإسرائيلي تصل إلى حد الـ ١٨٠٠ خرق سنوياً.
وما سبق ذكره يؤكد ان الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان مستمرة لا سيما في الجو والبحر، وان الصرخة اللبنانية ترتفع في المحافل الدولية لردعه من دون أي إجابة من قبل المجتمع الدولي الذي يتغنى بشعارات احترام سيادة الدول والقوانين وقرارت مجلس الامن، بينما يقف العالم عاجزا عن حماية لبنان من العدوانية الاسرائيلية المتواصلة، ما جعل المقاومة تتخذ القرار بإغلاق باب الاستباحة بالمسيرات التجسسية والعدوانية وتبقى في جعبتها الكثير من المفاجآت التي يأتي وقتها.
المصدر: موقع المنار