جاءت الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة والخطيرة على لبنان لا سيما في الضاحية الجنوبية لتعيد التهديدات الصهيونية المتواصلة الى طليعة المشهد العام في المنطقة، مع ترقب العدو للرد الذي وعد به الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير يوم الاحد 25-8-2019.
وطرحت الكثير من التساؤلات عن طبيعة العملية التي قام بها العدو وعن الاسباب التي دفعته للقيام بها في هذا التوقيت لا سيما قبل الانتخابات وفي ظل تصعيده في سوريا والعراق عبر مواصلة الاعتداءات هناك، خاصة ان العدو يعرف ان الاعتداء على حزب الله والمقاومة لن يمر مرور الكرام فلماذا أقدم على ذلك؟ هل هو يريد تمرير معادلات جديدة ام انه سوء تقدير من القيادة العسكرية والامنية الاسرائيلية؟ وأي رد سيكون من قبل المقاومة وكيف سيتعامل العدو مع هذا الرد وكيفية تقبله وتعاطيه معه في الفترة المقبلة؟
حول كل ذلك، قالت مصادر متابعة للوضع الاسرائيلي إن “العدو يحاول تأجيج الصراع والنار على امتداد المنطقة في محاولة منه لعرقلة او للحد من قدرة محور المقاومة عن تطوير إمكاناته ورفع مستوى الجهوزية وامتلاك القدرات البشرية والتسليحية النوعية المطلوبة”، ولفتت الى ان “العدو انطلاقا من ذلك وسع دائرة عدوانه من سوريا الى العراق لاستهداف شبكة المواصلات والعلاقات التي تطورت مع اندحار وتقهقر العدو التكفيري الذي كان دوره فكفكت الترابط الذي كان قائما بين دول وفصائل محور المقاومة”، وأوضحت ان “ما يحصل اليوم هو ان العدو بدأ يعمل مباشرة بدون واسطة بعد انهزام مشروعه باستخدام الادوات التكفيرية”.
ورأت المصادر ان “العدو يحاول تغيير قواعد الاشتباك من فلسطين الى لبنان الى سوريا والعراق في محاولة منه لاحداث تغييرات في الستاتيكو القائم لا سيما في مواجهة المقاومة في لبنان”، وتابعت “تحت هذا الاطار تأتي الاعتداءات الاخيرة التي حصلت في لبنان وبالتحديد على الضاحية الجنوبية عند استهدافه احد مركز العلاقات الاعلامية في حزب الله”.
وأكدت المصادر ان “قرار حزب الله في هذا الإطار واضح وحاسم بأن الرد واقع ولا تردد فيه لان السكوت عن الرد سيعني تغيير المعادلات وكسر الواقع القائم لصالح ما يريده العدو”، واضافت ان “كلام السيد نصر الله بهذا المجال واضح وضوح الشمس خاصة في الحديث الاخير يوم الاحد الماضي عندما وعد الصهاينة بالرد ودعاهم لانتظاره وان يقفوا على الحيط وعلى رجل ونص بانتظاره”.
ولذلك كل العالم يدرك مدى حجم الارباك الذي يعيشه كيان العدو جراء التهديد الذي أطلقه السيد نصر الله، خاصة ان هذا العدو يدرك مدى صدق قائد المقاومة في تنفيذ وعوده وتهديداته، ولذلك رفع العدو مستوى التحذيرات والاجراءات الامنية في الكيان الغاصب لا سيما في منطقة الشمال وعلى الحدود مع لبنان، خاصة في ظل الغموض التام لكيفية ونوعية وأسلوب الرد القادم، فالعدو قد ارتكب عدوانا على سوريا ارتقى فيه شهيدين لحزب الله ومن ثم بعد ساعات ارتكب العدو عدوانا سافرا وصارخا على الضاحية الجنوبية ناهيك عن العدوان على بلدة قوسايا البقاعية مستهدفا موقعا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة في انتهاكين واضحين للسيادة اللبنانية وللقرار رقم 1701، كل ذلك يجعل العدو في حيرة من أمره عن الرد القادم لا محالة بسواعد المقاومين من أبناء حزب الله، وعن زمانه ومكانه وكيفيته.
كل هذه التساؤلات وغيرها تطرح في هذه الساعات في كيان العدو، سواء من قبل القيادات الامنية والعسكرية والسياسية الصهيونية او من قبل المحليلين في وسائل اعلام العدو، وفي هذا المجال قيل وكتب الكثير من التحليلات منها ما ورد في صحيفة “يديعوت احرونوت” حيث قالت “في اسرائيل يحاولون الدخول الى رأس نصرالله من أجل الاستعداد للرد المتوقع”، وتابعت “مختلف الجهات تعتقد أن الأمين العام لحزب الله الذي قارب الستين من عمره ليس كاذبا: اذا وعد بالرد فإن هذا الرد سيأتي بشكل مؤكد والسؤال متى سيكون هذا الرد واين؟”.
واعتبرت “يديعوت” ان “على إسرائيل الاستعداد لكل سيناريو.. ومن المحظور أن ننسى دروس العام ٢٠٠٦ عندما نجح حزب الله بمفاجأة الجيش الإسرائيلي مرات عدة”، وتابعت “الصحيح أن القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية تطورت لكن أمرا واحدا لم يتغير وهو أن نصر الله بقي خصما ذكيا”، ولفتت الى “التحدي الجديد أمام الجيش الاسرائيلي هو المحافظة على مستوى التأهب والجهوزية على طول الحدود لوقت طويل من دون توفير اهداف لحزب الله مثلما حصل في السابق”.
أما صحيفة “هآرتس” الصهيونية فقد أكدت ان “حزب الله سيرد على الهجومين المنسوبين لإسرائيل في سوريا ولبنان”، وتابعت “هذا هو التقدير الواضح لدى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذي عرض امام المستوى السياسى بالامس، التقدير في اسرائيل هو أن نصر الله سينفذ ما وعد به”، واعتبرت ان “التطورات ستكون مرتبطة الى حد كبير بمستوى رد حزب الله.. بمعنى آخر أن النتائج التكتيكية هي التي ستملي الأمور على المستوى الاستراتيجي”.
من جهتها، نقلت صحيفة “معاريف” عن مصدر امني اسرائيلي قوله “على خلفية الوضع المتوتر المتصاعد على الجبهة الشمالية يتم التعامل بجدية مع تهديدات الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بأنه سيثأر قريبا على هجوم الطائرات المسيرة في بيروت وايضا هجوم الطائرات المسيرة الإيرانية في سوريا”، وأضاف “وفق التقديرات فإن الحزب سيحاول ضرب اهداف عسكرية في الجليل وعلى الرغم من ذلك فإن الهجوم سيكون مدروسا حتى لا يتم إشعال المنطقة”.
أما صحيفة “اسرائيل اليوم” فقد قالت “من الممكن الافتراض أن حزب الله سيبحث عن هدف لضربه في اسرائيل من أجل اذلالها وديمومة هذا الإذلال لكن من دون حشر اسرائيل في الزاوية تجنبا لرد يؤدي إلى حرب لا يريدها حزب الله الان”، واكدت انه “لا توحد حماسة لدى أحد في اسرائيل للقيام بحرب واسعة النطاق في الشمال”.
أيا كانت التحليلات فالقول الفصل أكده السيد نصر الله الأحد الماضي حيث قال “نحن في المقاومة الإسلامية لن نسمح بمسار من هذا النوع مهما كلف الثمن، انتهى الزمن الذي تأتي فيه طائرات إسرائيلية تقصف في مكان في لبنان ويبقى الكيان الغاصب لفلسطين آمنا في أي منطقة من مناطق الكيان … أنا أقول للجيش الإسرائيلي على الحدود من هذه الليلة قف على الحائط على رجل ونصف وانتظرنا، يوم، إثنان، ثلاثة، أربعة، انتظرنا…”.
المصدر: موقع المنار