خلف قضبان الأسر، ومقابل السجان الصهيوني، هناك رجال يمكثون، أجسادهم مثقلة بقيود سنوات الأسر، أمعاؤهم خاوية ، لكن صدورهم متخمة بالصمود والعزيمة والإصرار، وكلما زادت أجسادهم نحولاً، قابلته صلابة اكبر في قلوبهم، إنهم أسياد معارك سلاحها الجوع وتحدي السجان الثمل من فشل قبضته أمام جبروت عصيان يمارسه أصحاب الحق، ورجال الله في الزنازين.
الأسرى وما خبروه من ممارسات السجان..
ففي كل لحظة تمر، مما يقضيها بلال كايد الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني ، ومعه العشرات من الفلسطينيين الأسرى على رأسهم أحمد سعدات الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خلال معركة الإضراب المفتوح عن الطعام، يستثار في ذهن زملائه المحررين ذكريات ألم لم تغب عن أذهانهم طيلة الفترة الماضية رغم خروجهم للحرية، ست وعشرون عاما قضاها أحمد أبو السعود خلف قضبان صهيونية، وهو الأسير الفلسطيني المحرر من سجون الاحتلال، والمبعد عن وطنه بقرار احتلالي ظالم.
أثناء مراقبة مشهد الاعتصام الحاشد المتضامن مع صمود الأسرى، يقول أبو السعود لموقع المنار، ” أستحضر مع كل لحظة حالة الإضراب والتحضير للإضرابات وحالة الصراع لمدة 24 ساعة مع السجان” واصفا إياها بالمعركة الحقيقية.ومن ممارسات السجان بحق المضربين بشكل خاص أثناء الإضراب، يتم التركيز عليهم في أساليب التعذيب، وزجهم في زنازين منها انفرادي، كما يؤكد لنا من خاض التجربة ويقول “في أبسطها يتم شواء اللحم والباذنجان وغيرها بجانب غرفة المضرب عن الطعام” وهذا ما يثير إفرازات المعدة لدى الشخص المضرب، ويستفز جسده، وهنا يضطر بذل جهد وطاقة أكبر بكثير ليقاوم هذه العوامل في جسمه.
بالإضافة إلى ما قاله “حرمان من كل شيء منها الاحتكاك مع الآخرين وحرمان من التدخين، ومن الراحة الجسدية” ، حيث أن المضرب عن الطعام يعاني بشكل روتيني مصاحب لحالة إضرابه من آلام في الراس والمفاصل والعظام، فيدعونه واقفا لوقت طويل ويستفزونه بالتفتيش اليومي الممل لعدة مرات.
كل هذه الاجراءات وإجراءات أصعب، يواجهها المضرب عن الطعام، يمارسها السجان الصهيوني بحق الأسير لكسر إرادته وصموده، خاصة أثناء الإضراب الذي هو من أصعب المعارك التي خاضها الفلسطينيون في تاريخ اختلاق الكيان، ولكن كما أكد صاحب التجربة الطويلة، لا ينجح الصهيوني بوقف الإضراب المفتوح عن الطعام إلا عندما ينال جميع مطالبه المحقة او أن يستشهد جراء ما أقدم عليه من نضال.
جاء هذا الحديث للأسير الفلسطيني المحرر أحمد ابو السعود، خلال اعتصام في العاصمة السورية يستمر لعدة الأيام، وبعدد معتصمين بلغ المئات، حيث تدفقوا إلى خيمة بالكاد اتسع محيطها لهم، بعد أن اعتلى المكان علم فلسطين وصور الاسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال.
حشود دخلت المكان بالهتاف لاستنهاض عزيمة كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، وهي الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، منظم الاعتصام، داعين إلى تكريس العمل الجماهيري ليكون انتفاضة غضب عارمة.
أبو أحمد فؤاد يشدد على محاكمة العدو…
أبو أحمد فؤاد نائب الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أكد من دمشق خلال حديث خاص لموقع المنار، ان الاعتصام إنما هو لدعم كافة الأسرى وليس فقط المنتسبين للجبهة الشعبية، وتحدث عن أن الكيان الصهيوني منذ اللحظة الاولى لاعتقال الأسرى قد وضع خططا للتعذيب والتنكيل بالأسرى وعائلاتهم، كما وضع الاحتلال أساليب فاشية في كيفية ابتزاز الأسرى، أو تقدم تنازلات واعترافات لها علاقة بالمبادئ والمعتقدات،
يضيف فؤاد، أن الكيان وضع لجاناً للتحقيق والتعذيب تدربت بشكل رئيسي لدى أجهزة الاستخبارات الأوروبية بشكل عام والمخابرات الالمانية بشكل خاص، إضافة إلى جهاز “السي آي إي” ، لكن بالمقابل وحسب نائب أمين عام الجبهة الشعبية فإن الأسرى صمدوا وتعلموا من التجارب السابقة ، لأن الأسرى على حق و العدو هو الغاصب الذي لا يملك أي حق.
ودعا إلى محاكمة العدو الصهيوني من قبل المؤسسات الدولية ومن قبل هيئة الامم، لأنه لم ينفذ أي قرار من القرارات الصادرة لا بحق الأسرى ولا الذين يعذبون من قبل الكيان وحتى القرارات المتعلقة بالشهداء، إضافة إلى اعتقال الأطفال والتنكيل بهم.
وقد شارك في الاعتصام المتضامن مع الأسرى ، عدد كبير من كل الفئات العمرية والمجتمعية للفلسطينيين المقيمين في المخيمات ، في العاصمة دمشق وضواحيها. جنبا إلى جنب مع ممثلين للمجتمع السوري من احزاب وفعاليات شعبية.
لم يكن الاعتصام مجرد مهرجان خطابي، أو منبر للمسؤولين، إنما كان تفاعلاً للجميع، بإحياء تراث الأهازيج الثورية الفلسطينية، والشعر المقاوم، أراد منه المعتصمون المتضامنون في دمشق أن يصل صيحة عزيمة وشد أزر الأسرى في الضفة الأخرى من الحدود عبر تلك المسافات الشاسعة التي قربتها الخيمة التراثية الفلسطينية.
المصدر: موقع المنار