أزمة الكهرباء في لبنان اصبحت ازمة تاريخية تسجل في “تراثه” السياسي والاقتصادي لاستمرارها لعشرات السنين دون حلول ناجحة ، في بلد خرج من الحرب منذ عقود، بينما نرى دولا مجاورة وفي خضم الحرب لا زالت تؤمن الكهرباء. وعند بداية كل صيف تحل “ازمة ضمن الازمة” فيصبح “التقنين” وهو العبارة التي تكيّف معها اللبناني غصبا عنه، تقنينا مضاعفا يؤثر على الحياة اليومية وعلى اعمال المواطن وليكتوي بحرّ الصيف بعد اكتوائه بنار الازمات المتلاحقة، وهو تقنين يطال خاصة بعض المناطق التي بات وضعها معروفا في اهمال الخدمات الاساسية البديهية من كهرباء ومياه.
هذا العام وقبل ان يحل الصيف باسبوعين سبقه تقنين قاس جدا في الضاحية والعديد من المناطق حتى باتت ساعات التغذية لا تتجاوز عشر ساعات يوميا . ودوما يتحمل المواطن اللبناني تبعات تقصير واهمال وهدر اموال اما في موضوع الكهرباء فتعددت الاسباب والنتيجة واحدة: حرمان المواطن من ابسط حقوق خدماتية مثل الكهرباء فاذا اختلف السياسيون كان الضحية المواطن واذا حلت عاصفة شتوية كان الضحية هو واذا زاد الضغط على الكهرباء والطلب بسبب الحر ازدادت اعطال الشبكات والمحولات بسبب قلة الصيانة والمواطن الضحية، اضافة الى ما يتردد ان من اسباب تقنين الصيف الاضافي تحويل التغذية الى مناطق الاصطياف والسياحة في بلد لا خطط سياحية حقيقية فيه اصلا تعود بالنفع الكبير على الدولة ليبقى التساؤل المر: ما ذنب بقية المواطنين وهل هم مواطن درجة ثانية؟
في نيسان الماضي اقرت الحكومة خطة الكهرباء بالاجماع، وعلى امل ان لا يكون مصيرها كسابقاتها وان تطبق دون تأخير على صعيد بناء المعامل وتوسيع شبكات التغذية ودعم شبكات التحويل وتفادي الاعطال لا سيما ان هناك اجماعا على هذه الخطة بين الاطراف السياسية ولا سيما ايضا ان رئيس الجمهورية كان حريصا منذ بداية عهده على السعي لتأمين حلول كهرباء للمواطن.
واذا كان السؤال الاساسي الكبير بلا جواب حول اموال ضخمة صرفت على الكهرباء ليبقى الحال من سيء الى اسوأ فإن السؤال المتفرع منه هو حول سبب تكرر التقنين القاسي في الصيف منذ سنين طويلة دون حلول، واذا كانت المولدات الكهربائية تجعل جزءا من المواطنين لا يشعر بقساوة التقنين وهو الذي تكيف مع هذا الوضع لسنوات فانه يفترض ان لا يغفل عن المطالبة بحقه في الخدمات المختلفة البديهية بل ان المولدات ليست بديلا عمليا في كل الامور بالنسبة للحياة اليومية عدا عن ان الكثيرين من المواطنين ليسوا قادرين على تحمل فاتورتين كهربائيتين.
المصدر: موقع المنار