أظهرت نتائج التقرير الوطني الأول المقدم لسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أن مؤشرات التصحر تظهر في أكثر من 50 في المئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، والتي تحتاج إلى جهد كبير لإعادة تأهيل هذه الموارد الطبيعية المتدهورة، وما يقارب 15 في المئة منها في حالة تدهور فعلي.
وكشف التقرير الذي صدر عن الإدارة العامة للغابات والمراعي والحياة البرية في وزارة الزراعة، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر، الذي يصادف غدا الإثنين، أن أحد أهم مسببات حالة تدهور الأراضي في الضفة الغربية هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يقوم بتجريف الأراضي الزراعية، والقطع الممنهج للأشجار (أكثر من مليون شجرة مختلفة منذ عام 2000) على يد المستوطنين، او من خلال قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تجرف مساحات شاسعة من أراضي المزارعين الفلسطينيين، وتنشئ عشرات المعسكرات والمستوطنات على أراضي الغابات بعد قطعها.
ويذكر أن التصحر هو تدهور الأراضي في المناطق القاحلة، وشبه القاحلة، والجافة شبه الرطبة، والسبب الرئيسي في ذلك هو الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية. ويحدث ذلك لأن النظم الإيكولوجية (البيئية) للأراضي الجافة، التي تغطي أكثر من ثلث مساحة العالم، معرضة للاستغلال المفرط والاستخدام غير الملائم. ويمكن للفقر، ولعدم الاستقرار السياسي، ولإزالة الأحراج، وللرعي المفرط، ولممارسات الري السيئة أن تتلف جميعها إنتاجية الأرض، وتزيد من تصحرها.
ويتم إحياء اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف سنويا، بهدف تعزيز الوعي العام بالجهود الدولية المبذولة لمكافحة التصحر. ولذلك يعد هذا اليوم لحظة فريدة لتذكير الجميع بأن هدف الحد من تدهور الأراضي ممكن التحقيق من خلال حل المشاكل، والمشاركة المجتمعية القوية والتعاون على جميع المستويات.
ووفق ما جاء في تقرير وزارة الزراعة، تعتبر الدول العربية من أكثر المناطق بالعالم المتأثرة بظاهرة التصحر، حيث أن قارتي إفريقيا وآسيا الأكثر تضررا بهذه الظاهرة من حيث كثافة المساحة المتأثرة، وتعتبر الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، واحدة من المناطق العربية المتأثرة بهذه الظاهرة التي نتجت عن عوامل بشرية وعوامل طبيعية، أدت إلى تدهور واضح في الغطاء النباتي والتربة وتراجع الإنتاجية، ونسبة الكربون المخزن بالتربة، علما بأن أكثر من ربع الكرة الأرضية تعاني من خطر تدهور الأراضي، والذي يؤثر على ما يقارب 110 دول، ما يقارب مليار ونصف من سكان العالم.
وانضمت فلسطين منذ عام 1994 حتى عام 2017 لتكون عضوا مراقبا في إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وتحولت إلى عضو دائم منذ عام 2017، وتم إعداد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر في عام 2012، وحددت أربعة أهداف استراتيجية للحد من أثر التصحر، وتدهور الأراضي في فلسطين والحد من الفقر.
وأشار التقرير إلى أن العديد من مؤشرات التصحر وتدهور الأراضي تظهر في الأراضي الفلسطينية، والتي تم رصدها في مساحات كبيرة، حسب ما ظهر في تقرير تم إعداده في شهر تموز/ يوليو 2018، أي بعد أشهر من انضمام فلسطين لهذه الاتفاقية، بالاعتماد على المعلومات الافتراضية المتوفرة من وكالة الفضاء الأوروبية، والتي تعتمد على ثلاثة مؤشرات رئيسية موحدة كأساس للإبلاغ من خلال التقارير الوطنية لجميع دول العالم وهذه المؤشرات هي: الغطاء النباتي، والإنتاجية، والكربون المخزن.
وعلى الرغم اعتماد تقسيمات الأراضي الموحدة المعتمدة في سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، لكن هناك تدهور بنسبة 15 في المئة من أراضي الضفة الغربية، رغم ان هناك مشاريع وبرامج في وزارة الزراعة لزيادة الغطاء النباتي وتأهيل الأراضي وزيادة الإنتاجية.
وأكد التقرير على ضرورة الاستمرار والتعاون والتنسيق ما بين الوزارات الحكومية، والمؤسسات المدنية، والجامعات العاملة بذلك المجال، من خلال اللجنة الوطنية لمكافحة التصحر، لأجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية للقطاع الزراعي، وهي الصمود والتنمية المستدامة.
وشدد التقرير على ضرورة استمرار مشاريع مكافحة التصحر، خصوصا من قبل وزارة الزراعة وسلطة جودة البيئة والتي تحقق مفهوم مكافحة التصحر وتعزيز صمود المزارع الفلسطيني في أرضه، والذي يقف في خط المواجهة للدفاع عن هذه الأرض، رغم محدودية التمويل اللازم لهذه المشاريع.
وهناك جهود مستمرة لوقف وزيادة أو عكس تدهور الأراضي في فلسطين، وزيادة الغطاء النباتي والإنتاجية، من خلال زراعة غابات ومراعٍ جديدة، وزيادة المساحة المؤهلة والمزروعة بأشتال البستنة الشجرية، وتحسين طرق الحصاد المائي ومنع انجراف التربة، إلا أن تأهيل هذه الموارد الطبيعية التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي تحتاج إلى جهود وميزانيات كبيرة، في ظل العجز الكبير في خزينة السلطة الفلسطينية.
المصدر: عرب 48