شدد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة على اهمية إحياء يوم القدس العالمي هذه السنة نظرا لما تتعرض له فلسطين والقدس في اطار ما يسمى بصفقة القرن التي هي مشروع أمريكي اسرائيلي لانهاء وتصفية القضية الفلسطينية.
واعتبر ان القمتين الخليجية والعربية اللتان عقدتا بالامس في مكة جاءتا في سياق التمهيد لاطلاق الصفقة، لان المطلوب المزيد من المساندة العربية والخليجية لهذا المشروع الأميركي الإسرائيلي الذي يقف ضده الشعب الفلسطيني وترفضه حركات المقاومة ودول محور المقاومة وفي مقدمتهم ايران.
ورأى ان الرهان في اسقاط هذه الصفقة هو على موقف الشعوب وحركات المقاومة وليس على موقف الانظمة ولا على القانون الدولي والمؤسسات الدولية، فالمنظمات الدولية لم تستطع ان تفعل شيئا بالرغم من وجود عشرات القرارات الاممية حول فلسطين .
ولفت الى ان الرهان الاكبر والاساسي هو على موقف الشعب الفلسطيني ورفضه للصفقة ، واليوم كل فلسطين بسلطتها وشعبها وفصائلها وحركاتها ومنظماتها وقواها الحية على اختلافها، تُجمع بشكل حاسم وقاطع على رفض هذه الصفقة ، وعلى رفض المشاركة في المؤتمر الاقتصادي في البحرين الذي يعتبر الخطوة الاولى من خطواتها، ولذلك طالما أن الفلسطينيين يجمعون على رفض هذه الصفقة، فان هذه الصفقة لا مستقبل لها وستفشل وتسقط كما سقط غيرها من المؤامرات على القضية الفلسطينية.
وحذر الفلسطينيين مما يحاك ضدهم بسبب موقفهم الموحد الرافض للصفقة وقال: عليهم ان لا يسمحوا لأحد ان يشتت موقفهم او ان يفرقهم ويمزق صفوفهم، لأن هناك دولاً وجهاتٍ عربية وغير عربية تضغط على السلطة والقوى الفلسطينية للتوقيع والقبول بصفقة القرن، وتعمل على شرزمة الموقف الفلسطيني الموحد الرافض للصفقة، وستضغط أكثر في المرحلة المقبلة ، فاذا بقي الموقف الفلسطيني موحدا فلن يستطيع احد أن يفرض عليهم الصفقة ولا يمكن لهذه الصفقة أن تتحقق حتى لو أجمع عليها كل العالم.
نص الخطبة
(وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ۚ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) الاسراء 4-8
المعنى الاجمالي لهذه الايات:ان الله سبحانه وتعالى اخبر بني اسرائيل في الكتاب الذي انزله على نبيهم وهو التوراة انهم سيرتكبون فسادين كبيريين يقود كل منهما الى الطغيان والعدوان والاحتلال والاستكبار في الارض، وان الله سينتقم منهم في الدنيا قبل الاخرة فيسلط عليهم بعد كل افساد واحتلال عباداً لنا مؤمنين وصادقين ورجالا اشداء اولى بأس شديد يذلونهم بالقتل والاسر ويذيقونهم جزاء فسادهم واستكبارهم ويجبرونهم على دفع ثمن اعتداءاتهم واحتلالهم للارض والمقدسات.
وهذا الإخبار هو اخبار غيبي يدخل في جملة إخبارات القرآن الغيبية..هو اخبار غيبي من الله ليبين للناس إحدى الآيات الكبرى التي تدل على صحة ما جاء في القرآن وعلى أنه وحي إلهي ومعجزة خالدة.
هذا الخبر الغيبي هو دليل على صحة الإسلام ,وصدق النبي (ص) ,وحقانية القرآن.
هذا الخبر يُفهمُ الناس أن عليهم أن لا يصابوا باليأس والإحباط وهم يواجهون الجبروت الإسرائيلي والإفساد الإسرائيلي في الأرض والقتل والمجازر التي يرتكبها الصهاينة بحق الناس الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ.
هذا الخبر يُفهمُ الناس أن عليهم أن لا يتأثروا بكل هذا العدوان والطغيان والاستكبار والعتو والإرهاب والوحشية الإسرائيلية التي يشاهدونها في فلسطين وخارج فلسطين، وأن لا يرعبهم ولا يخيفهم جبروتهم العسكري والأمني والسياسي والإعلامي وكل أشكال الظلم والطغيان الذي يمارسونه.
هذا الإخبار هو دليل حسي ملموس على صحة القرآن, وصدق القرآن وأنه وحي إلهي, لأنه خبر صدر عند نزول القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة وأربعين سنة وسيتحقق وسنعاين ونشاهد ويشاهد العالم كله تحققه وصدقه.
لقد أكد الله في هذه الآيات على حصول (الإفسادين والعلو الكبير) من قبل الاسرائليين في أكثر من سيعين مؤكداً.. والسبب في كل هذه التأكيدات هو أن الله يريد أن يقول بأن هذا الأمر حتمي وهو واقع لا محالة وهو غير قابل للتشكيك, بل هو وعد الهي والله لا يخلف وعده .
وفي هذه الآيات العديد من الحقائق اذكر بعضها باختصار:
أولاً: المقصود من الإفساد : (لتفسدن في الأرض مرتين) كل أنواع وأشكال الإفساد, الافساد الاخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والامني، فهم يفسدون عقول الاجيال والشباب ويفسدون وأخلاقهم، وقيمهم، ويفسدون المؤسسات والمدارس والجامعات وأمن الناس واستقرارهم وممتلكاتهم ومزروعاتهم وكل شيء يقدرون عليه, فإن اطلاق كلمة الافساد (لتفسدن) من دون تقييدها بإفساد معين يدل على أن المقصود هو المعنى الأوسع.
ثانياً: إن إفساد بني إسرائيل سوف لن يقتصر على الأرض التي يتواجدون فيها ويعيشون عليها وهي أرض فلسطين فقط، وإنما إفسادهم سيطال الأرض كلها , فلسطين وغيرها, وذلك استناداً إلى إطلاق كلمة الأرض في قوله تعالى: [لتفسدن في الأرض] التي توحي بأن إفسادهم سيشمل الأرض والعالم كله.
يفسدون الشعوب والحكومات والأنظمة والمؤسسات.
يفسدون عندما يحيكون المؤامرات، ويثيرون الفتن والحروب بين الشعوب والطوائف والمذاهب.
يفسدون عندما يُسخّرون أدوات وجماعات تعمل على إثارة الفتنة وتمزيق الأمة.
يفسدون عندما يجندون عملاء ومرتزقة لهم للتجسس وللقيام بعمليات إغتيال وقتل لشخصيات ولرموز معينة.
يفسدون عندما يحرفون القيم والمفاهيم ويشوهون الحقائق والقناعات لدى الناس.
يفسدون عندما يستخدمون بعض الجماعات لإفساد المجتمعات بالمخدرات وإشاعة الدعارة والفاحشة، وإفساد أخلاق الناس بالشهوات والأهواء والملذات.
يفسدون عندما يمزقون الناس والشعوب بالعداوات والحروب والعصبيات.
وكل هذه الأشكال من الفساد والإفساد مارسته إسرائيل وتمارسه في فلسطين وفي خارج فلسطين وعلى امتداد العالم, تمارسه في دول عربية وفي دول إسلامية وفي دول العالم حتى المتحالفة معها, حتى أمريكا وأوروبا لم تسلما من فساد وإفساد إسرائيل.
ولذلك في كل فترة يكتشف العالم جواسيس لإسرائيل حتى في الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها, وبين الحين والآخر نسمع عن عمليات تهريب أموال وترويج مخدرات وجرائم واغتيالات تحصل في العالم ثم نكتشف ويكتشف العالم أن الإسرائليين أو أدوات إسرائيلية هي التي تقف وراء ذلك.
فالفساد والإفساد الإسرائيلي في العالم بلا حدود..وإسرائيل تمارسه على كل صعيد وفي مختلف المجالات وفي كل العالم حتى في الدول الحليفة والداعمة لهم .
الافساد الاخلاقي والسلوكي لمجتمعاتنا الحرب الناعمة التي تشن على مجتمعاتنا انا هي بتخطيط امريكي صهيوني لافساد مجتمعاتنا.
ثالثاً: العلو الكبير [ولتعلن علواً كبيرا) هو الهيمنة والسيطرة والنفوذ الذي يؤدي إلى إستضعاف الآخرين واستعبادهم واذلالهم واهانتهم واضطهادهم وقهرهم وظلمهم.
العلو الذي يهيمن على كل شيء ويسيطر على إرادات الآخرين ويتفرد بالتصرف في أنفسهم وأموالهم وممتلكاتهم وأشياءهم من دون قانون ولا ضابطة وإنما انسياقاً مع الشهوات والأهداف والمصالح واللآمال والطموحات, تماماً كفرعون ومن هم على شاكلة فرعون.
[إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم] القصص/ 4.
وهذا العلو لا يتكرر مرتين كما يتكرر الإفساد مرتين وإنما هو علو واحد متواصل يبدأ من حين شروعهم بالإفساد الأول وإلى أن ينتهي الإفساد الثاني.
رابعاً: إن العباد الذين يبعثهم الله لمواجهة بني إسرائيل فيطهرون الأرض من رجسهم (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً) هم أهل قم ومن سار على نهجهم.
روى أحد أصحاب الإمام الصادق (ع) قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) جالساً إذ قرأ هذه الآية (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً) فقلنا: جعلنا فداك من هؤلاء؟1
فقال ثلاث مرات: هم والله أهل قم.
وقد قال الإمام (ع) هذا الكلام قبل قيام إسرائيل في فلسطين بحوالى ألف وماءتي سنة.
أهل قم بما لهم من رمزية دينية وصفة دينية,وبما يمثلون من شريحة مؤمنة صادقة ومخلصة بكل امتدادتها, هم من يقودون اليوم حملة الدفاع عن فلسطين وشعب فلسطين ويدعون إلى إخراج المحتلين منها، وهم من أشد الناس حرصاً على تطهير فلسطين والقدس من رجس بني إسرائيل وهم يبذلون ويقدمون كل الدعم والمساندة والإمكانات للشعب الفلسطيني ولفصائل المقاومة في فلسطين من أجل تحرير فلسطين والقدس, وهم يتحملون في سبيل ذلك الكثير من الضيم والحصار والعقوبات والعداوات، ويواجهون على هذا الطريق الكثير من الكيد والتواطؤ والتآمر.
اليوم ايران تحمل لواء القدس وفلسطين، وتدعو الى احياء اليوم العالمي للقدس لتبقى القدس حية في وجدان الامة وفي اولوياتها، وقد اعتبر الإمام الخميني (قده) يوم القدس أنه: يوم الإسلام.. يوم حياة الإسلام.. يوم امتياز الحق عن الباطل.. يوم امتياز المنافقين عن المستكبرين.. ويوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين.
وانطلاقاً من هذا فإن القدس وفلسطين في فهم الإمام الخميني قده هي قضية الإسلام ، وقضية حق في مقابل باطل، وقضية المستضعفين في مواجهة الطغاة والمستكبرين ، هي قضية مبدئية تتجاوز الأشخاص والجماعات والفئات والحركات والأحزاب والشعوب لتكون قضية التزام بالإسلام والحق والمقدسات ولتكون قضية أمة بأكملها.
واليوم يتأكد هذا الاحياء لما يحضر لفلسطين والقدس في اطار ما يسمى بصفقة القرن التي بحسب المتداول والمعروف والذي بات واضحا من خلال التسريبات انها مشروع امريكي صهيوني كامل لانهاء وتصفية القضية الفلسطينية بحيث لا لا تبقى لا قدس لا شرقية ولا غربية،، وانما القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ولا عودة للاجئين الفلسطينيين، وانما توطينهم في البلدان المتواجدين فيها، و الدولة الفلسطينية هي غزة، والضفة الغربية ربما تلحق بها ، وعلى كل الدول العربية والاسلامية أن تعترف بإسرائيل وأن تقيم علاقات مع إسرائيل، وأن تطبع مع إسرائيل، ومن لا يقبل، يحاصر وتفرض عليه العقوبات، ويهدد وتمارس الضغوط المختلفة عليه، وحتى يفرضوا هذه الصفقة وينجحوا فيها لا بد من الضغط على الفلسطينيين معنويا، ونفسيا، وماليا، ومحاصرتهم وتجويعهم حتى يقبلوا ويوقعوا.، والضغط على حركات المقاومة في المنطقة ودول محورالمقاومة وبالاخص على إيران، وتشديد العقوبات عليها وتهديدها بالحرب وعقد القمم ضدها كما شاهدنا بالأمس في القمتين الخليجية والعربية، لان أساس المشكلة مع ايران وجوهر الصراع القائم بين ايران واميركا وحلفائها هو فلسطين والقدس ووقوف ايران الى جانب القضية الفلسطينية ودعم حركات المقاومة في المنطقة، ودعم كل من يؤمن بخيار المقاومة في فلسطي، هذا هو جوهر الصراع .
والقمتان الخليجية والعربية اللتان عقدتا في مكة بالأمس جاءتا في هذا السياق لان المطلوب المزيد من المساندة العربية، والخليجية، لهذا المشروع الأميركي الإسرائيلي المسمى صفقة القرن.
اليوم الرهان في اسقاط هذه الصفقة هو على موقف شعوبنا وموقف بعض الدول وموقف حركات المقاومة وليس على موقف الانظمة و لا على القانون الدولي والمؤسسات الدولية ، فالمنظمات دولية لم تستطع ان تفعل شيئا لفلسطين بالرغم من وجود عشرات القرارات الصادرة عن الامم المتحدة ومجلس الامن وغيره.
والرهان الاكبر والاساسي هو على موقف الشعب الفلسطيني ورفضه للصفقة واليوم كل فلسطين بسلطتها وشعبها وفصائلها وحركاتها ومنظماتها ورجالها ونسائها ونخبها وقواها الحية على اختلافها، تُجمع بشكل حاسم وقاطع على رفض صفقة القرن، وعلى رفض المشاركة في المؤتمر الاقتصادي في البحرين الذي يعتبر الخطوة الاولى من خطوات صفقة القرن، ولذلك طالما أن الفلسطينيين يجمعون على رفض هذه الصفقة، فان هذه الصفقة لا مستقبل لها وستفشل وتسقط كما سقط غيرها من المؤامرات على القضية الفلسطينية.
وعلى الفلسطينيين ان يتنبهوا مما يحاك ضدهم بسبب موقفهم الموحد الرافض للصفقة، وان لا يسمحوا لأحد ان يشتت موقفهم او ان يفرقهم ويمزق صفوفهم، لأن هناك دولاً وجهاتٍ عربية وغيرعربية تضغط على السلطة والقوى الفلسطينية للتوقيع والقبول بصفقة القرن، وتعمل على شرزمة الموقف الفلسطيني الموحد الرافض للصفقة، وستضغط أكثر في المرحلة المقبلة ، فاذا بقي الموقف الفلسطيني موحدا فلن يستطيع احد أن يفرض عليهم الصفقة ولا يمكن لهذه الصفقة أن تتحقق حتى لو أجمع عليها كل العالم.
المصدر: موقع المنار