أكد رئيس وفد الجمهورية السورية إلى محادثات أستانا بشار الجعفري أن النظام التركي لم يلتزم بتنفيذ تعهداته بإخراج التنظيمات الإرهابية من إدلب ولا باتفاق سوتشي حولها ويستمر بدعم تنظيم جبهة النصرة الإرهابي الذي يسيطر على معظم مساحة المحافظة، مشدداً على أن سورية لن تسمح بالنيل من سيادتها ووحدة أراضيها، وأنه على جميع القوات الموجودة على أراضيها بشكل غير شرعي الخروج فوراً.
وقال الجعفري خلال مؤتمر صحفي في ختام الجولة الثانية عشرة من محادثات أستانا حول تسوية الأزمة في سورية: أنهينا الجولة الثانية عشرة من محادثات أستانا وتضمن البيان الختامي نقاطا مهمة وإيجابية بعضها يأتي للمرة الأولى في البيان الختامي ولا سيما الإشارة إلى رفض المجتمعين إعلان الإدارة الأمريكية بشأن الجولان السوري المحتل والذي يخالف القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة مشيرا إلى أنه عندما يؤكد الحاضرون في أستانا سورية الجولان المحتل فهذا الكلام لا ينسحب فقط على الإدارة الأمريكية وإنما ينسحب على “إسرائيل” كسلطة قائمة بالاحتلال.
جدول أعمال المحادثات كان غنياً وتضمن البند الثابت الذي دأبنا على التعامل معه باستمرار منذ الجولة الأولى ألا وهو بند مكافحة الإرهاب حيث يفرض نفسه حتى في صفوف من كان ينكر لسنوات وجود إرهاب في سورية
وبين الجعفري أن جدول أعمال المحادثات كان غنيا وتضمن البند الثابت الذي دأبنا على التعامل معه باستمرار منذ الجولة الأولى ألا وهو بند مكافحة الإرهاب حيث يفرض نفسه حتى في صفوف من كان ينكر لسنوات وجود إرهاب في سورية ويوصف هذا الإرهاب بتعابير منمقة كاذبة مثل “المعارضة المعتدلة” و”المعارضة المسلحة المعتدلة” لكن اليوم سقطت هذه المكابرة أمام الأمر الواقع وصار هناك إقرار بوجود إرهاب في سورية مدعوم من جهات دولية وهذا الكلام صدر في تقارير أعدتها لجان فرعية خاصة بمجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب.
وأوضح الجعفري أنه حتى أعضاء مجلس الأمن بمن فيهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرهم أقروا بوجود إرهاب في سورية وكان ذلك سببا في اعتماد مجلس الأمن منذ بداية ما يسمى الأزمة في سورية، وأقول هنا ما يسمى لأن التسمية الحقيقية هي الحرب الإرهابية التي شنت على سورية وفرضت عليها، ما لا يقل عن سبعة قرارات حول مكافحة الإرهاب سبعة منها ذات صلة مباشرة بالوضع في سورية وقراران اثنان آخران يكتسيان طبيعة عامة إذا هناك تسعة أو عشرة قرارات في مجلس الأمن تتعلق بمكافحة الإرهاب، هذا لم يأت من فراغ بل يؤكد وجهة نظر سورية التي دأبت على نقلها لمحادثات أستانا وكذلك للمبعوث الخاص للأمم المتحدة ولأعضاء مجلس الأمن وفي اتصالاتنا الثنائية مع الدول.
وأشار الجعفري إلى أن بند مكافحة الإرهاب كان ثابتا في جدول أعمال الجولة الثانية عشرة من محادثات أستانا وفي الجولات السابقة وهذا الإرهاب يكتسي اليوم صفات عدة أولاها الإرهاب المسلح الذي ما زال نشطا في العديد من البقاع الجغرافية السورية وخاصة تنظيم “داعش” الإرهابي رغم ادعاء الأمريكيين وغيرهم بأن “داعش” قد انتهى وهذا الكلام غير صحيح فالجيش العربي السوري والقوات الحليفة مستمرون بمكافحة بقايا التنظيم في سورية مع ما ترتب على ذلك من أزمات أخرى تتمثل في رفض الدول الغربية استقبال رعاياها ممن كانوا يقاتلون في صفوف تنظيم “داعش” الإرهابي وهكذا فإن الحكومات الغربية تريد أن تجعل سورية ضحية مرتين أولا لإرهاب العناصر الإرهابية التي أرسلوها وثانيا لإرهاب بقايا هؤلاء الإرهابيين من زوجات وأطفال بمعنى أن من صدر “داعش” إلى سورية أول مرة مازال يصدر “داعش” لكن بنسخة محدثة.
الجميع يعلم أن النظام التركي هو من يدعم تنظيم جبهة النصرة والمجموعات الإرهابية الأخرى المرتبطة به في إدلب
وبين الجعفري أن هناك إرهابا مسلحا آخر في إدلب وهو إرهاب يعرفه الجميع ويقر به حتى من حضر اجتماعات أستانا بما في ذلك الوفد التركي لأن الوفد التركي يعترف بأن 85 بالمئة من الإرهابيين في إدلب هم من تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والجميع يعلم أن النظام التركي هو من يدعم هذا التنظيم والمجموعات الإرهابية الأخرى المرتبطة به في إدلب وهذا شكل آخر من أشكال الإرهاب مشيرا إلى وجود إشكالية كبيرة في اجتماعات أستانا ألا وهي أن ما نسمعه من كلام منمق في البيان الختامي ويوافق عليه الوفد التركي لا يطبق على أرض الواقع والدليل أننا في اجتماع أستانا 4 اتفقنا على خطة عمل تقضي بأن يضمن الجانب التركي أولا الفصل بين المجموعات الإرهابية و”المجموعات المسلحة المعتدلة” وأن يلتزم بإخراج المجموعات الإرهابية من إدلب.
ولفت الجعفري إلى أن اتفاق سوتشي نص بشكل واضح على تعهد الجانب التركي بسحب المجموعات الإرهابية إلى الغرب بعمق 15 إلى 20 كم بحيث تتم إعادة فتح الطريق الدولي بين حلب وإدلب ودمشق وإفراغ هذه المنطقة من الإرهابيين لكن الجانب التركي لم ينفذ هذا الكلام وأيضا لم ينفذ أيضا تعهده في الجولة الحادية عشرة لأستانا حول إخراج الإرهابيين من إدلب فهو يوافق على البيانات الختامية لاجتماعات أستانا لكنه لا يطبق شيئا على أرض الواقع.
وأوضح الجعفري أن هناك شكلا آخر من أشكال الإرهاب وهو الإرهاب الاقتصادي الذي يأخذ أشكالا عدة أولها التصعيد في فرض ما يسمى الإجراءات القسرية الاقتصادية أحادية الجانب وأكرر هنا اللغة المعتمدة في الأمم المتحدة لأن كلمة عقوبات تخالف أحكام الميثاق ميثاق الأمم المتحدة ما لم يفرضها مجلس الأمن، وسورية ليست مدرجة على قوائم العقوبات في مجلس الأمن مؤكدا أن كل ما تقوم به الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هو إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب وغير قانونية.
الإجراءات التي تفرضها الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على سورية هي إرهاب اقتصادي يوازي الإرهاب المسلح
وشدد الجعفري على أن فكرة فرض إرهاب اقتصادي على الدول مرفوضة بالمطلق من قبل القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ولذلك نقول إن العقوبات أو الإجراءات التي تفرضها الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على سورية هي إرهاب اقتصادي يوازي الإرهاب المسلح لافتا إلى وجود إرهاب دبلوماسي وسياسي أيضا يتمثل في الدعوة إلى عقد عشرات الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية حول سورية في مجلس الأمن شهريا ما يمثل شكلا من أشكال الضغط الدبلوماسي والسياسي ولذلك أصر وفد الجمهورية العربية السورية في هذه الجولة على أن تكون مسألة الاستمرار بمكافحة الإرهاب بندا أساسيا في جدول الأعمال ونجح في ذلك حيث أخذ حيزا لا بأس به من البيان الختامي ونأمل في أن يترجم هذا الكلام إلى أفعال وخاصة من الجانب التركي لأن المعضلة في محادثات أستانا تتمثل بعدم جدية الطرف التركي في تنفيذ تعهداته والتزاماته حيال الدولة المضيفة كازاخستان والدولتين الضامنتين الأخريين روسيا وإيران.
وجدد الجعفري التأكيد على أن كل القوات الأجنبية الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية الموجودة على الأراضي السورية دون طلب من الحكومة السورية هي قوات غير شرعية ويجب أن تخرج فورا وهذه نقطة واضحة جدا في أذهان السوريين وفي أذهان من يحضر محادثات أستانا ومن يستمع إلينا في مجلس الأمن أيضا والحكومة السورية تكرر على مسامع زائريها باستمرار هذه النقطة.
وقال الجعفري: اليوم السلطات التركية تحتل نحو ستة آلاف كيلومتر مربع من الأراضي السورية في شمال سورية أي عفرين وجرابلس ومدن أخرى علاوة على إدلب وتقوم الآن بإنشاء جدار بطول 70 كيلومترا جنوب منبج لفصلها عن حلب وتفرض التتريك في المدارس السورية أي أن تركيا اليوم في توصيف مساحة الأراضي التي تحتلها من أراضينا هي أسوأ من “إسرائيل” بأربع مرات حيث تحتل أربعة أضعاف مساحة الجولان الذي تحتله “إسرائيل” وبالتالي فإن سلبية تركيا تجاه الشعب السوري هي أسوأ أربع مرات من سلبية الاحتلال الإسرائيلي للجولان فتركيا و”إسرائيل” على نفس المستوى لكن تركيا تحتل مساحة أكبر من المساحة التي تحتلها “إسرائيل” في الجولان.
وأكد الجعفري أنه ليس هناك حسم تركي حقيقي تجاه مسألة الإرهاب في شمال سورية وفي إدلب حيث أدخل النظام التركي إلى الإرهابيين في إدلب عشرات راجمات الصواريخ علاوة على تكديس مواد كيميائية لاستخدامها ضد الجيش السوري والمدنيين ومن ثم اتهام الحكومة السورية بأنها هي التي فعلت ذلك وهو مسلسل يقومون به منذ سنوات حيث يخزنون حاليا مواد كيميائية في بعض المناطق في إدلب بقصد استخدامها في حال قرر الجيش العربي السوري وحلفاؤه تحرير إدلب من الإرهاب بالقوة العسكرية والقصد طبعاً هو تحريك مجلس الأمن وإثارة الرأي العام وتكرار ما حدث في الغوطة الشرقية وخان العسل وخان شيخون وغيرها وهذا جزء من الإرهاب السياسي والدبلوماسي الذي تحميه قوى عالمية دولية معروفة.
وأشار الجعفري إلى أن اجتماعا للتنظيمات الإرهابية المنتشرة في إدلب عقد قبل أيام في بلدة أطمة الحدودية بتوجيهات وحضور من استخبارات النظام التركي التي أعطت تعليمات لهم بشأن كيفية التصرف في حال تحضير الجيش العربي السوري وحلفائه لتحرير إدلب من الإرهاب. وأوضح الجعفري أنه على الرغم من كل ما يقال عن وجود خلافات بين السياستين الأمريكية والتركية إلا أنهما تكملان بعضهما بعضا فيما يتعلق بالوضع في سورية وهذا الموضوع استحوذ على جانب من محادثات أستانا 12 وكان هناك تجاوب كامل من الجانبين الروسي والإيراني لافتا إلى أن سورية حذرت مرارا من التلاعب الأمريكي في شمال سورية وهي لن تسمح بأي شكل ولأي كان بالعمل على تقسيم سورية فهذا خط أحمر ولن تنجح هذه السياسات المخالفة للقانون الدولي على الأراضي السورية في أي ركن كان وفي أي بقعة كانت.
وبالنسبة للوضع في مخيم الركبان قال الجعفري: عندما أدخلت الحكومة السورية القافلة الثانية للمساعدات الإنسانية إلى المخيم قبل نحو شهرين قام ممثلو مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” بإجراء استبيان حيث قابلوا المهجرين المحتجزين فيه والذين كان يقدر عددهم يومها بخمسين ألفا وأكد أكثر من 95 بالمئة ممن سبرت آراؤهم في المخيم أنهم يريدون العودة إلى منازلهم بمعنى أن 95 بالمئة من المدنيين في الركبان هم رهائن للاحتلال الأمريكي الذي لا يسمح لهم بالخروج من الركبان لاستخدامهم رهائن ولابتزاز الحكومة السورية في الموضوع الإنساني.
المصدر: وكالة سانا