أكد قائد انصار الله السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن طول فترة العدوان في اليمن لن يؤثر على صمود شعبنا وثباته، لافتا إلى أن الأزمات في المنطقة لها فترة طويلة. وذكر السيد عبدالملك في أول حوار تلفزيوني أجرته معه قناة المسيرة مساء اليوم الإثنين أن تحالف العدوان وصل إلى أفق مسدود في هذه المعركة، ونحن أمامنا أفق مهم نتيجة صمودنا في المواجهة، لافتا إلى أن المنطقة بكُلها تشهد مخاضًا عسيرًا وأحداثًا كبيرة مرتبطة بالتدخل الأمريكي والإسرائيلي في صناعة هذه الأحداث.
واعتبر تشابك الأهداف بين القوى الإقليمية واستغلال مشاكل موجودة بالفعل داخل الساحة اليمنية ساهم في تعقيد المشكلة أكثر فأكثر، قائلا “لدينا أهداف استراتيجية وحيوية وحساسة ومؤثرة يمكن استهدافها في حال القيام بأي تصعيد في الحديدة، وقوى العدوان تفهم ماذا نعني”. وأضاف” الأفق بالنسبة لنا موجود بإصرارنا على تحقيق الحرية والاستقلال والوصول إلى حرية تامة من التبعية الأمريكية والقدرة على مواجهة العدو الإسرائيلي”.
وتابع: لو نجحت السعودية والإمارات في تنفيذ أجندة أمريكا وإسرائيل في اليمن لكانت طامة على بقية شعوب المنطقة والخليج والعالم العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن نجاح السعودية والإمارات في اليمن في تنفيذ الدور الأمريكي والإسرائيلي في اليمن كان سيدفعهم لنقل المعركة إلى بلدان أخرى في المنطقة.
المفاوضات واتفاق السويد
وأوضح السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن الحضور في المفاوضات والحوارات إقامة للحجة وكشف للعدو وتفنيد لادعاءاته بأننا لا نريد الحل والسلام. واضاف: لم يدخل العدو في أي حوار بجدية للوصول إلى حلول منصفة ومنطقية للأزمة. وقال إن العدو يحرص على إرسال المرتزقة والخونة للحضور في الحوارات ليقدم العدوان على اليمن على أنه مشكلة داخلية بين اليمنيين، لافتا إلى أن جمال بن عمر يشهد أمام مجلس الأمن أننا كيمنيين كنا على وشك التوقيع على اتفاق قبل حصول العدوان. وذكر: الأمريكيون والبريطانيون وسفراء دول أخرى يشاركون في بعض الجولات التفاوضية من بعيد، لكن توجههم هو إظهار المشكلة أنها يمنية داخلية”.
وأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن كل الجولات الماضية كان الوفد الوطني يقدم خلالها رؤية واضحة قائمة على أساس الشراكة، والطرف الآخر كان يتعنت دائمًا، مشيرا إلى أن هناك تعقيدات من جانب العدوان والمرتزقة ومحاولة للتهرب من اتفاق السويد. ولفت إلى أن اتفاق السويد قام على أساس إعطاء دور رقابي للأمم المتحدة في ميناء الحديدة وتحييد الحديدة عسكريًا مع بقاء وضعها الإداري والأمني مرتبطًا بصنعاء وفق القانون اليمني وأن وجود دور رقابي للأمم المتحدة يشهد على حقيقة اتفاق السويد ببقاء الحديدة مرتبطًة بصنعاء إداريًا وأمنيًا. وقال قائد الثورة: تحالف العدوان حاول أن يتلف على الموضوع الإداري والأمني في اتفاق الحديدة، وهو يتحمل المسؤولية في إعاقة التنفيذ.
واضاف: قدمنا عروضًا للأمم المتحدة بتنفيذ الخطوات الأولى المتعلقة بالموانئ، لكنها كانت تريد التأخير كي لا تظهر محرجة أمام تعنت الطرف الآخر وإظهار خطوة متقدمة لصالح الطرف الوطني. وأشار إلى أن هناك فرصة الآن لتنفيذ الخطوة الأولى في اتفاق السويد والوصول إلى تفاهمات بمفهوم عمليات مرتبطة بالموانئ تعتمد على تنفيذ انسحاب أولي من الإماراتيين والخونة من بعض المناطق.
الأسرى وتعاطي العدوان
وحول ملف الأسرى، ذكر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن الملف إنساني بالدرجة الأولى وكنا نسعى بجهد حثيث إلى معالجته ونقدم كل العروض. وقال: قلنا للطرف الآخر أننا جاهزون لتنفيذ اتفاق الأسرى على قاعدة الكل مقابل الكل أو بشكل نسبي، فلم نجد اهتمامًا منهم في هذا الملف، مضيفا “الطرف الآخر يحاول دائمًا أن يتنصل من الاتفاقات والصيغ المتعلقة بمسألة الأسرى”. وأوضح السيد عبدالملك: هناك تفاهم تم خلال المفاوضات في الأردن حول الأسرى قائم على أساس دفعة محددة، والطرف الآخر عاد إلى العرقلة والتأخر في تنفيذ ما تم التفاهم عليه، مؤكدا”: جاهزون في ملف الأسرى وفق كل العروض سواء أرادوا دفعة واحدة أو بنسب، ولكن المشكلة هي لدى الطرف الآخر.
وأكد أن الطرف الآخر لا يبالي بأسراه عندنا، مشيرا إلى أن هذا التعامل اللاإنساني في ملف الأسرى يقدم صورة شنيعة عنه. وقال: في الكثير من الحالات يتم التعامل مع الأسرى بشكل وحشي حتى في ميدان المعركة وهناك معاملة لا صلة لها بقيم الإسلام والأخلاق يتعرض لها الأسرى. وأضاف: دول العدوان لا تتعامل مع الأسرى كدول لها التزامات أخلاقية، بل كمجرمين بكل معنى الكلمة.
تصعيد قوى العدوان
وعن خلفيات العدوان على اليمن وأبعاده في المنطقة، أوضح السيد عبدالملك أن البريطاني حاضر جنبًا إلى جنب مع الأمريكي في كل ملفات المنطقة وحاضر بشكل كبير في الملف اليمني، مؤكدا أن تحالف العدوان يريد السيطرة على اليمن أرضًا وإنسانًا وأن يجعله خاضعًا لأمريكا ومطبعًا مع إسرائيل. وأكد أن فيتو ترامب على قرار وقف دعم العدوان على اليمن ليس غريبًا، وهو يعني دعمًا لاستمرار العدوان، مشيرا على ان الأمريكي يقدم على خطوات تصعيدية خطيرة على مستوى المنطقة.
وقال السيد عبدالملك: لم تُشن حرب على السعودية يومًا ابتداءً من اليمن، وكانت السعودية دائمًا هي المعتدية، لافتا إلى أن السعودية مطالبة بتغيير رؤيتها لليمن بأن يكون ضعيفًا وممزقًا. وأضاف: مشكلة السعودية ليست في أن لديهم مخاوف من أن يشكل الوضع في اليمن تهديدًا عليهم، بل في سقف العلاقة التي ترغب بأن يكون اليمن خاضعًا وضعيفَا أمامها. وأشار إلى أن على السعوديين أن يقتنعوا أن الأمر الذي يمثل عامل اطمئنان واستقرار لهم هو قيام علاقة الاحترام المتبادل وحسن الجوار مع اليمن.
وتابع: هناك إمكانية لإيصال الرسائل بيننا وبين السعودية، ولكن هذا يتطلب إرادة جادة منهم في تعديل الرؤية تجاه شكل العلاقة معنا، معتبرا أن الإصرار السعودي على إخضاع اليمن بكل التفاصيل غير مقبول، ونحن لن نقبل بأن نكون لا موظفين ولا وكلاء عندهم. وحول الإمارات، ذكر قائد الثورة أن الإماراتي يحشر نفسه في المشكلة في اليمن، وهذا سيشكل مخاطر حقيقية على الاقتصاد عندهم في المستقبل، متوعدا: إذا استمر العدوان فإن الاقتصاد الإماراتي والاستثمار هناك سيكون معرضًا لمخاطر حقيقية.
الأداء الحكومي ومكافحة الفساد
داخليا وبشأن أداء حكومة الإنقاذ، قال السيد الحوثي إن العمل الحكومي فيه إخفاقات وقصور وهذا له عدة اعتبارات، لكن الأمور تبعث على التفاؤل في المستقبل، لافتا إلى أن أهم نقطة حصلنا عليها في الموضوع الحكومي هي التحرر من النفوذ والتدخل الخارجي في مسار بناء الدولة وهذا يعد فرصة جيدة. وأعرب السيد عبدالملك عن أمله في أن يكون هناك دور إيجابي في المستقبل لمجلس النواب ومجلس الشورى في تحسين عمل الأجهزة المعنية في مكافحة الفساد.
الأمريكي وأدواته
إقليميا قال السيد عبدالملك إن قوى المقاومة في المنطقة العربية والإسلامية لديها خطوات قوية ومهمة جدًا في مواجهة القرارات الأمريكية مؤكدا أن الأمريكي وأدواته سيفشلون في مشاريعهم في المنطقة. وقال: نحن في مرحلة في تاريخ المنطقة وهي مرحلة تكشف الحقائق، مضيفا أن ورطة السعودية والإمارات في اليمن أفشلت دورها وقللت فاعليتها في “صفقة ترامب”.
وذكر أن السعودية والإمارات ليستا إمبراطوريتين في المنطقة، فترامب يقول إن السعودية لا تبقى لأسبوعين بدون دعمه، معتبراً أن هناك مسؤولية مشتركة تجاه أي خطوة معادية من أمريكا أو إسرائيل ضد أي بلد من بلدان المنطقة.
المنطقة ومحور المقاومة
وأكد السيد عبدالملك أن الشعب اليمني ينطلق في علاقاته في الساحة الإسلامية مع حزب الله ومحور المقاومة ككل تقوم على أننا مسلمون أخوة نسعى لأن نكون أمة واحدة تتعاون فيما بينها، وقال: نحن حاضرون لأن يكون لنا علاقات إيجابية وممتازة مع كل أبناء أمتنا. وقال: ننطلق في علاقتنا مع حزب الله وإيران والشعب الفلسطيني والعراقي وفق المبادئ الإسلامية والمبادئ المشتركة في مناهضة أمريكا ومعاداة إسرائيل.
واضاف: الأعداء حولوا مسألة اعتقاداتنا بالحرية والكرامة إلى مسألة أفكار إيرانية، مؤكدا: علاقتنا مع محور المقاومة هي نتيجة التقائنا معه على قواسم مشتركة طبيعية صحيحة لا غبار عليها و حاضرون لأن يكون لنا علاقات مع كل أبناء الأمة الإسلامية. وقال: نتوجه بالشكر والتقدير للجمهورية الإسلامية في إيران على المستوى الرسمي والشعبي على الموقف الإيجابي في دعم اليمن.
واضاف: نشكر ونقدر مواقف الشعب اللبناني والعراقي والسوري ونطمئن إلى وجود تعاطف مع قضيتنا في بعض الشعوب المكبلة كتونس ومصر وغيرها. ولفت إلى أن هناك شعوب كالشعب السعودي لا تتمكن حتى أن تبرز تعاطفها مع شعب فلسطين، فكيف لها أن تبرز تعاطفها مع الشعب اليمني. وقال السيد عبدالملك: الشعب السعودي مكبل لدرجة أنه لا يستطيع أن يخرج في الساحات حتى دعمًا للشعب الفلسطيني، معربا عن أمله أن تتحرر الشعوب المكبلة من قيودها وتتخلص منها في يوم من الأيام.
وعن ثورة الشع السوداني، قال توجه السيد عبدالملك بالتحية والتقدير للشعب السوداني وقال: نسأل الله أن يكتب لثورته الشعبية النجاح والنصر، لافتا إلى أن الانقلاب العسكري في السودان حظي بمساندة أمريكية واضحة وعبر أدواته في المنطقة كالسعودية والإمارات. واعتبر أن ما حصل في السودان من انقلاب عسكري هو التفاف خطير على الثورة الشعبية.
الرئيس الشهيد الصماد
وعن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد الصماد، قال السيد عبدالملك إن اغتيال الرئيس الصماد كان حدثًا مؤلمًا وصادمًا لشعبنا، لكنه كان عاملًا مهما في تعزيز صمود الشعب. وأضاف: العدو لم يحقق ما كان يصبو إليه من خلال استهداف الرئيس صالح الصماد، مشيرا إلى أن الرئيس الصماد كان له إسهامات عظيمة في مختلف مراحل النضال الثوري والتصدي للعدوان.
المحافظات الجنوبية
وعن الوضع في جنوب اليمن، أكد السيد عبدالملك أن هناك وعي يتنامى في المحافظات الجنوبية وإدراك لطبيعة الدور الإجرامي للمحتل المُصادر للحرية والمُنتهك للكرامة وأن هناك أمل في المستقبل لتحرك كبير في الجنوب يحقق الانتصار بطرد المحتل من تلك المحافظات. ولفت إلى أن أبناء الشعب اليمني متمسكون بالحرية والاستقلال والوحدة والكرامة ورفض المشاريع التقسيمية.
التقدم الميداني وإخفاقات السعودية
قال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي إن العمليات في الحدود حققت نجاحات كبيرة أدت لانهيار الجيش السعودي في هذه الجبهات وأن الأداء القتالي في الحدود كان أداءً فاعلًا حتى اضطرت السعودية لأن تأتي بجيش بديل بعد انهيار كل ألويتها ومواقعها في الحدود. ولفت إلى أن السعودية أتت بمقاتلين مرتزقة من الخونة في اليمن والمرتزقة السودانيين وآلاف العناصر التكفيرية التي شاركت في سوريا إضافة لمناطق أخرى.
واعتبر السيد عبدالملك أن التصعيد العسكري في الحدود كبير، وأن هناك عمل ضاغط على النظام السعودي وقوى العدوان، مشددا بالقول: علينا أن نتحرك بشكل أكبر لتتحول كل إجراءات العدوان الظالمة بحق شعبنا دافعًا للتصدي للعدوان.
وسائل الردع وأهداف استراتيجية
وعن خيارات الرد، ذكر السيد عبدالملك أنه إذا استمرت ممارسات العدوان الظالمة فإن لشعبنا الحق في تطوير وسائل الردع سواء على مستوى القوة البحرية أو القوة العسكرية بشكل عام. وقال: لدينا أهداف استراتيجية وحيوية وحساسة ومؤثرة يمكن استهدافها في حال القيام بأي تصعيد في الحديدة، وقوى العدوان تفهم ماذا نعني. واضاف: صواريخنا قادرة على الوصول إلى الرياض وما بعد الرياض، إلى دبي وأبوظبي وأهداف حيوية وحساسة لدى قوى العدوان، مؤكدا: نسعى لتوفير المزيد من التطوير للقدرة الإنتاجية في مختلف الوحدات العسكرية.
ولفت السيد عبدالملك إلى أن هناك سعي حثيث لدى الخبراء العسكريين في اكتساب الخبرة والمعرفة في مجال التقنيات العسكرية رغم الحصار والوضع الاقتصادي الصعب. وأكد أن هناك إنتاج لأسلحة مهمة وفعالة في السلاح البحري إضافة لوسائل مؤثرة باتت جاهزة للاستخدام عند الحاجة.
دور القبيلة اليمنية وحضور الشعب
واعتبر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن الشعب اليمني حاضر للنفير العام وتأمين الزخم البشري بالشكل الممكن في مواجهة أي حرب مع الكيان الإسرائيلي، مشيرا إلى أن دور القبيلة اليمنية مشرف عبر التاريخ في التصدي للغزو الأجنبي، ودورها في مواجهة العدوان اليوم هو امتداد لهذا الدور التاريخي. وقال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي: أقدر شعبنا العزيز الذي فيه الكثير الكثير من الأحرار الأعزاء.
وأضاف أن الحضور في المولد النبوي الشريف كان حضورًا مميزًا لا مثيل له في العالم، لافتا إلى أن أكبر فعاليات المولد النبوي الشريف على مستوى العالم كانت في اليمن بالرغم من كل التحديات، وهذا له دلالة إيمانية معبرة. وطمأن السيد عبدالملك الشعب اليمني بالقول: نطمئن إلى ما نراه من شعبنا من عطاء وتضحية وصبر على مختلف الصعوبات والتضحيات. وأضاف: نخاف من التقصير، لكن لدينا تفاؤل وإيمان بالعاقبة المرجوة التي وعد الله بها عباده المستضعفين والمتحملين للمسؤولية.
وأكد السيد عبدالملك أن شهر رمضان يمثل فرصة عظيمة لتنمية العامل الإيماني المعنوي الذي يمثل سندًا أساسيًا لنا في مواجهة العدوان، مؤكدا: يجب أن يستمر الجميع برفد الجبهات بالمال والسلاح وتعزيزها بالرجال الأبطال والمجاهدين. وأهاب القول: العناية بالتكافل الاجتماعي والتفاعل مع هيئة الزكاة مسألة مهمة جدًا يمكن أن يكون لها أثر في التصدي للفقر.
الحياة الشخصية للسيد القائد
وفي جوانب حياته الشخصية، قال السيد عبدالملك: أعيش في وضع طبيعي لم يتغير إلا في بعض التفاصيل عن الوضع الذي كنت أعيشه قبل العدوان. وأضاف: وضعي في الحياة والنشاط العملي طبيعي جدًا لم يتغير إلا في بعض التفاصيل.
المصدر: المسيرة نت