كثيرة هي المهن اليدوية المعروفة التي انتقلت بالتوارث، من الجد إلى الأبناء فقسم من الاحفاد، ومع مرور الزمن، أخذت تضيق دائرة الممتهنين لحرفة معينة، إلى أن اشتعل الضوء الأحمر معلناً التهديد بالزوال لمهنة يدوية في حال وفاة آخر من يعمل بها.
ومن المعروف أن دمشق تحديداً وبقية المدن السورية بشكل عام، اشتهرت بالمهن اليدوية النادرة، تلك المهن التي بقيت محط أنظار العالم الغربي، وانتشرت بشكل كبير لكنها وصلت الى التراجع نتيجة للصناعات الحديثة.
الملكة اليزابيث الثانية، وقصة ثوب زفافها، هي واحدة من أبرز الشواهد التاريخية عن تسليم الغرب لجودة وجمالية وندرة المنتج الدمشقي، حيث أرسلت عام 1947 من يأتيها بثوب زفافها الشهير، هذا الطلب أتى عبر القنوات الديبلوماسية الرسمية زمن الرئيس الأسبق شكري القوتلي.
اليوم ومع ندرة أهم الصناعات السورية اليدوية والتراثية، ومنها البروكار والموزاييك الدمشقي والزجاج اليدوي، وبقية الصناعات الشرقية التي لم تكن تصنع إلا في العاصمة السورية، ومع دق ناقوس خطر انقراضها، التفتت الدولة السورية عبر حزب “البعث العربي الاشتراكي”، إلى خطة إنقاذ هذه المهن، وعددها كبير جداً من خلال بحث تقدم به الباحث السوري لؤي شكو، وتم اعتماد نتائج هذا البحث والبدء بتطبيقه بشكل تنفيذي، ليكون الباحث لؤي شكو مديراً تنفيذياً لحاضنة دمّر الحرفية، هذه الحاضنة تضم أكاديمية الأسد للصناعات الحرفية، والمركز التجاري السوري وهي أكاديمية مستحدثة تهدف لنقل الموروت التراثي السوري إلى الأجيال القادمة وفق أسلوب تعلمي صحيح ومنتج، ليكون اول مشروع تنموي متكامل في بالبلاد حسب ما صرح لموقع قناة المنار، ويضم حوالي 35 حرفة، وتم جذب ما يعرف بـ “شيخ الكار” لكل من هذه الحرف بعد التأكد من الأهلية المهنية لكل منهم.
شيوخ الكار هؤلاء وجدوا أنها خطة مناسبة لاستمرارية حرفهم وعدم زوالها مع الزمن، فأوكلت لكل منهم مهمة تعليم من له موهبة أو هواية أو لديه مقومات الإبداع المهني في أي من المهن الموجودة، وخصص لتلك الحاضنة معمل الزجاج وهو تابع للقطاع العام، بعد إعادة تأهيله، وحسب البرنامج التأهيلي للمكان سيكون خلال أشهر قليلة ضمن الخدمة والإنتاج، حيث وصل إلى مراحل متقدمة من العمل التنفيذي لتأهيل موقع الحاضنة بمساحة جيدة تتناسب والمهن، مقسمة إلى محال داخلية لكل من واحدة منها، حيث سيبدأ خلال فترة قليلة جلب المعدات اللازمة لإقلاع هذا المشروع بشكل رسمي.
ومن ضمن الخطط الرديفة في هذا المشروع، لوحظ وجود نزار جبان ممثل غرفة التجارة والصناعة الأبخازية في سورية، لتكون هذه الدولة الصديقة لسورية أول دولة تشارك في الحاضنة السورية لشيوخ الكار، حيث سيتم تبادل الخبرات بين الجمهوريتين الصديقتين، حسب اتفاقية وقعت بين رئيسي غرفتا التجارة والحرف بين البلدين، وهذا ما يضمن عدة الصناعة السورية التراثية إلى دول أوروبا من خلال البوابة الأبخازية.
هذا المشروع القائم في منطقة دمر الدمشقية، سيكون حسب ما هو مخطط؛ ويتم تنفيذه في الواقع، أحد الدعائم الهامة للاقتصاد السوري، لما لهذه المهن من دور كبير في إنعاش جانب مهم من اقتصاد البلاد في حال عودتها إلى قوتها المعروفة عبر الزمن كمهن تراثية نادرة عالمياً، وذات مردود مالي كبير.
المصدر: موقع المنار