انتهت الاربعاء الجلسة الثالثة من محاكمة ناشطات سعوديات معتقلات منذ أكثر من عام بدون صدور أي أوامر بإفراج موقت جديد بحسب حقوقيين، بعد نحو أسبوع من الإفراج الموقت عن ثلاث منهن. وتحاكم 11 ناشطة سعودية أمام المحكمة الجزائية في الرياض بعدما تم اعتقالهن في أيار/مايو العام الماضي في إطار حملة أمنية واسعة استهدفت ناشطين قبل شهر من رفع الحظر المفروض على النساء في المملكة.
وتردد أن بعضهن تعرضن للتعذيب والاساءة الجنسية خلال التحقيق معهن. وكتبت منظمة معتقلي الرأي السعودية في تغريدة على موقع تويتر الأربعاء “انتهاء جلسة المحاكمة الثالثة للناشطات الحقوقيات قبل قليل من دون صدور أية أوامر إفراج موقت جديدة للمعتقلات”. وأضافت المنظمة أنه تم تحديد الجلسة المقبلة في 17 نيسان/أبريل، ومنع الصحافيون والدبلوماسيون من حضور جلسة المحكمة.
ولم يصدر أي تعليق فوري من المحكمة في الرياض. ولكن عددا من النشطاء ومتابعي القضية أكدوا هذه الأنباء. وكانت منظمة “القسط” المستقلة لدعم حقوق الانسان في السعودية كما تعرف عن نفسها قد توقعت أن تصدر بعض الأحكام اليوم.
وكانت السلطات السعودية أفرجت موقتا الأسبوع الماضي عن ثلاث من الناشطات هن المدونة إيمان النفجان والاستاذة الجامعية المتقاعدة عزيزة اليوسف والأكاديمية رقية المحارب. وأثار الافراج عنهن التوقعات بإمكان الافراج ايضا عن المتهمات الاخريات، لكن لم يصدر أي قرار بهذا الشأن عن القضاة الثلاثة.
وخلال جلسة الأسبوع الماضي وهي الثانية، ردت 11 امرأة على اتهامات موجهة إليهن. تقول منظمات حقوقية إنها تشمل الاتصال مع وسائل إعلام أجنبية ومنظمات حقوقية. وطغى التأثر على الجلسة الثانية التي حضرها أقارب الناشطات، إذ بكت بعض المتهمات وعانقن بعضهن أمام هيئة من ثلاثة قضاة في المحكمة الجزائية بالرياض. واتهمن المحققين بصعقهن بالكهرباء وجلدهن وملامستهن أثناء اعتقالهن، وفق ما روى شخصان كانا بين الذين سمح لهم بدخول قاعة المحكمة لوكالة فرانس برس.
وقامت إحدى الناشطات على الأقل بمحاولة انتحار إثر تعرضها لسوء معاملة في السجن، بحسب ما أفاد أحد أقربائها. لكن الحكومة تنفي بشدة تعرض الناشطات للتعذيب أو التحرش الجنسي. ورفض مدع عام سعودي بشكل قاطع الاتهامات الأربعاء في المحكمة وفق شهود، وأعاد تأكيد الموقف الحكومي من هذه المسألة. وتضع هذه المحاكمة المملكة تحت المجهر بالنسبة الى قضايا حقوق الإنسان. وقال شقيق وشقيقة الناشطة الحقوقية البارزة لجين الهذلول، أنهما يتعرضان لضغوط من أشخاص قالوا إنهم مقربون من السلطات السعودية للبقاء صامتين حول طريقة معاملة شقيقتهما.
وكتب شقيقها وليد في تغريدة على تويتر “من المفارقات في المحاكمة ان هناك أشخاصا يدعون انهم مقربون من الدولة يضغطون على أهلي لإسكاتي أنا وعلياء، لا بد من التنويه الى أنه لم أكن لأصبح هنا اليوم لو لم تعتقل لجين من البداية، هم الذين فرضوا علي هذا الطريق ولم اختره شخصيا”. والهذلول (29 عاما) اعتقلت لأكثر من 70 يوما عام 2014 إثر محاولتها قيادة سيارتها من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى السعودية.
ضغوطات
ووجهت بعض الناشطات وبينهن الهذلول رسالة إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لطلب إصدار عفو عنهن، بحسب أفراد في عائلاتهن. ولكن مقربين من السلطات السعودية نبهوا الى أن الانتقادات العلنية التي يدلي بها أقارب المعتقلات قد تطيل من مدة احتجازهن. وكتب علي الشهابي مؤسس “معهد الجزيرة العربية” في واشنطن القريب من السعودية على موقع تويتر الأسبوع الماضي “أحدى القضايا التي أعتقد أنها تؤرق السعودية هي ألا تظهر كأنها تخضع للضغوطات الغربية”. وأضاف “قد يقوم ذلك بتأخير إطلاق سراحهن”.
وكانت الاعتقالات جزءا من حملة نفذتها السلطات السعودية وشملت أيضا ناشطين ورجال دين ومعارضين في السنوات السابقة، وأثارت انتقادات تحدثت عن محاولة للقضاء على المعارضة السياسية. وكان متوقعا في البداية أن تمثل النساء أمام محكمة شكلت للنظر في قضايا متعلقة بالإرهاب. لكن تم تحويل المحاكمة على المحكمة الجنائية في اللحظة الأخيرة من دون إعطاء أي تفسير. وقد أثار ذلك تكهنات بأن المحاكمة يمكن أن تمهد لإطلاق سراح النساء بعدما أثارت حملة القمع انتقادات دولية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقبيل الإفراج المشروط عن ثلاث معتقلات الأسبوع الماضي، قالت مصادر مطلعة على المحاكمة أنهن أجبرن مع كفلائهن على توقيع تعهدات بعدم الحديث الى وسائل الإعلام. والناشطات متهمات بـ “النشاط المنسق لتقويض الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي للمملكة”، وفق ما قال المدعي العام بداية الشهر ووصفهن الإعلام الرسمي سابقا بأنهن “خائنات” و”عميلات سفارات”. غير أن منظمات حقوقية اطلعت على لائحة الاتهامات قالت إنها لا تذكر التواصل مع جواسيس أجانب أو عملاء لأنظمة استخبارات خارجية.
وتأتي محاكمة الناشطات في وقت تسعى السعودية لاسترضاء المجتمع الدولي في أعقاب الانتقادات التي تعرضت لها منذ مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية المملكة في اسطنبول في تشرين الأول/أكتوبر.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية